يمتلك الأردنيون المقيمون في الخارج ثروة اقتصادية ضخمة يمكن أن تسهم بشكل فعّال في دعم الاقتصاد الوطني، إذا ما تم استثمارها وتوجيهها بالشكل الصحيح. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن حجم استثمارات الأردنيين في الخارج يُقدَّر بنحو 7.2 مليار دولار موزعة على 42 دولة، وتتركز في مجالات العقارات، والصناعة، والخدمات، وتكنولوجيا المعلومات، والأسهم.
وبحسب بيانات رسمية، تستحوذ دول الخليج العربي، لا سيما الإمارات والسعودية، على النسبة الأكبر من هذه الاستثمارات، إلى جانب الولايات المتحدة . وتُظهر الأرقام أن الأردنيون في الخارج يُرسلون سنويًا تحويلات مالية تتجاوز 3.5 مليار دولار، وهو ما يشكل أكثر من 11% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي هذا السياق على السفارات الأردنية في الخارج ان تلعب دورًا محوريًا في ربط المستثمرين الأردنيين المقيمين خارج البلاد بوطنهم الأم، من خلال المبادرات التي تهدف إلى:
• استقطاب فائض استثماراتهم وتوجيهها إلى مشاريع تنموية داخل المملكة.
• تشجيع نقل نماذج أعمالهم الناجحة إلى السوق الأردنية، عبر بيئة تشريعية محفزة وإجراءات مبسطة.
• فتح قنوات لتوظيف الأردنيين في شركات المغتربين، سواء داخل أو خارج الأردن، وكذلك عبر آليات العمل عن بعد.
• تنظيم لقاءات ومؤتمرات اقتصادية دورية تجمع المغتربين مع نظرائهم من رجال الأعمال والمؤسسات الرسمية.
• تمثيل الأردن اقتصاديًا وتوفير معلومات محدثة حول فرص الاستثمار والإجراءات والتسهيلات المتاحة في الداخل.
ودوما اصر على أن تعزيز دور البعثات الدبلوماسية في الجانب الاقتصادي لم يعد خيارًا، بل ضرورة وطنية. فالسفارات يمكن أن تكون حلقة الوصل المثلى بين الطاقات والكفاءات الأردنية في الخارج وبين البيئة الاستثمارية في الداخل.
وخصوصا في التشجيع على اعتماد الكفاءات الأردنية داخل الوطن كنقطة ارتكاز لما يُعرف بـ”الواجهة الخلفية للأعمال” (Back Office Support)، حيث يمكن للمستثمرين الأردنيين في الخارج إنشاء مراكز خدمات وتطوير وتشغيل في الأردن، تستفيد من الكفاءات المحلية المتميزة والتكاليف التنافسية.
خلاصة القول أن الأردن يمتلك فرصة حقيقية لتعظيم الاستفادة من طاقات أبنائه في الخارج، إذا ما تم وضع خطة وطنية واضحة لتفعيل أدوات الدبلوماسية الاقتصادية، وتحديث التشريعات، وتحفيز الاستثمار، وتعزيز التواصل مع الجاليات.
إن تحويل المغترب الأردني من "مُحوّل أموال” إلى شريك تنموي واستثماري فاعل، يتطلب إرادة سياسية، ورؤية اقتصادية واضحة، وأدوات تنفيذية فعالة، تبدأ من السفارات ولا تنتهي في المؤسسات المحلية