في ظلِّ تسارع الأحداث الإقليمية والداخلية، تبرز دائماً قضية الأمن الوطني كأولوية قصوى للمملكة الأردنية الهاشمية، التي تواجه تحديات متشابكة في محيط مضطرب، مؤخراً، كشفت دائرة المخابرات العامة عن عملية أمنية خطيرة كان من الممكن أن تُهدد استقرار البلاد لو نُفذت تهدف الى التخريب و اشاعة الفوضى، وهو ما يستدعي وقفة لتحليل تداعيات هذا الكشف وما يرتبط به من قرارات مستقبلية محتملة.
حيث لم تكن العملية الأمنية التي أُفشلت مجرد مخطط عابر، بل حملت في طياتها أبعاداً تعكس محاولات زعزعة الاستقرار الداخلي، خاصة في وقتٍ يشهد فيه الإقليم حالة من عدم اليقين. لقد نجحت الأجهزة الأمنية، بتضافر جهودها وتيقظها، في إحباط هذة الخطط قبل تنفيذها، وهو ما يؤكد حرفية هذه الأجهزة وقدرتها على التعامل مع التهديدات المُعقدة، ولا يمكن إغفال دور العناية الإلهية، كما يُشير الكثيرون، في حماية الوطن من شرورٍ تُحاك في الخفاء.
و بتحليلي لم يكن الموقف الشعبي بعيداً عن هذه المعادلة؛ فقد عبّر الأردنيون، بكل فئاتهم، عن رفضهم القاطع لأي مساس بأمن الوطن، مؤكدين وقوفهم خلف قيادتهم الهاشمية وأجهزتهم الأمنية والعسكرية، هذا الإجماع الوطني ليس جديداً، لكنه يكتسب أهمية استثنائية في مراحل الخطر، حيث تُترجم الكلمات إلى دعم عملي لسياسات الحماية والردع.
و في حين تثار تساؤلات حول حيثيات العملية وأطرافها، تؤكد الدولة أن القضاء الأردني هو الجهة الوحيدة المخولة بكشف الحقائق وملاحقة المذنبين، إن وصف العملية بأنها "خيانة" من قبل قطاعات واسعة ليس مُبالغةً في ظل ما تشهده المنطقة من حروب بالوكالة ومحاولات اختراق الدول عبر أدوات محلية.
ولا يمكن ان تقف تداعيات العملية عند حد الإفشال، بل يُتوقع أن تتبعها قرارات جريئة تعكس رؤية الدولة في تعزيز المناعة الداخلية، و تشير بعض التحليلات إلى أن حظر جماعات سياسية معينة، مثل "جبهة العمل الإسلامي" و ايضاً ما يُوصف بـ"جماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة"، قد يكون على رأس هذه القرارات، مع مصادرة أموالها وأنشطتها، هذا الإجراء، إن حصل، لن يكون رداً عشوائياً، بل نتاج تقييم مُطول لمخاطر تحول بعض التنظيمات إلى أدوات لتنفيذ أجندات خارجية أو إضعاف النسيج الوطني.
و من الواضح أن الأردن، بقيادته الحكيمة، لا يُقدم على مثل هذه الخطوات المصيرية إلا بعد دراسة عميقة وتستند للواقع بعيداً عن التهويل، و تُدرك أهمية دور المملكة كعامل توازن.
الأردن، بوعي شعبه وصرامة مؤسساته، يُرسل رسالة واضحة: الاستقرار خط أحمر، إن التحديات القادمة تتطلب تعزيز الوحدة الوطنية، ومراجعة السياسات التي تسمح باختراقات تحت أي غطاء، والبناء على ثقافة "المواطنة الفاعلة" التي ترفض الانقسام، ففي زمنِ الفوضى الإقليمية، تبقى المملكة حصناً منيعاً، لكن تحصين هذا الحصن مسؤولية الجميع.