آخر الأخبار

ملفات عالقة أمام مجلس مفوضي البترا

راصد الإخباري :  


بقلم : صالح أبو طويلة
مجلس مفوضين جديد للبترا تسلم مهامه قبل أيام، ونقاشات تدور هنا وهناك حول مستقبل العملية السياحية في البترا، والسيناريوهات المحتملة لتنظيم تلك العملية التي باتت تعاني من تحديات كبيرة، تشكلت نتيجة  تراكمات معقدة منذ سنوات، فالمجلس الحالي أمام ملفات معقدة ومتشابكة، وهو أمام خيارين؛ فإما أن يعمل على ترحيل الأزمة وإجراء تدخلات مؤقتة لا تعالج  جذر المشكلة بل تفاقمها، وإما أن يسير نحو الحلول الجذرية وفق استراتيجية طويلة الأمد من أجل حل تلك العقدة.
 إننا أمام هدف عام يتمثل بتنظيم العملية السياحية بشكل يليق بالبترا كإحدى الواجهات السياحية العالمية في ظل تنامي الميزات التنافسية للمواقع السياحية في الدول المجاورة، وتهيئة البيئة العامة لجذب الاستثمار، وتحقيق هذا الهدف يفترض البحث عن حلول إبداعية تراعي مصالح الجميع وتحمي خصوصية الموقع الأثري.
يعاني الموقع الأثري في الوقت الراهن من تحديات عدة تعيق تنظيم العملية السياحية، وهذه التحديات تسهم في انخفاض مستوى جودة التجربة السياحية وتخفض من مدة إقامة السائح، وهي تعمل على استنزاف موارد الموقع الأثري وتؤثر على خصوصيته بشكل كبير، ورغم الاقبال الكبير الذي تشهده البترا من قبل الزوار، الا أن استمرار الأوضاع الحالية يحمل في طياته مخاطر محتملة، لذلك فإن الحفاظ على هذا الإرث العالمي وضمان استدامته؛ يستلزم مزيدا من التخطيط والتنظيم والإدارة الكفؤة ضمن رؤية استشرافية دقيقة.
 إن خطط إدارة البترا التي تمت صياغتها وتطبيقها خلال مراحل متفاوتة؛ لم تتمكن من تحقيق أهدافها بشكل كاف، نظرا لعوامل عدة، من ضمنها ضعف عملية اشراك المجتمعات المحلية في عملية التخطيط التنموي، وغياب روح الحكم المحلي والعمل المشترك، والقيود البيروقراطية التي تحد من استثمار الأراضي بشكل أمثل، كما أن مجمل إدارة العملية السياحية في البترا لا تضع في حسبانها عنصر الاستدامة، حيث أن ظاهرة موسمية السياحة تحتاج الى مزيد من الخيارات والبدائل المستقبلية تلافيا للأزمات والتقلبات في السوق السياحي. 
إذن يجب علينا إعادة النظر في خطط إدارة المحمية السابقة ودراستها والتعرف الى مكامن الضعف فيعا ومعالجتها، بحيث تضمن الحفاظ على خصوصية الموقع الأثري، والحد من استنزاف الموارد الطبيعية والسياحية، كما تتطلب معالجة مشكلة اكتظاظ البائعين ومقدمي الخدمات في الموقع خصوصا قرب الخزنة والسيق، وتوزيعهم  داخل الموقع بشكل ملائم وإدماجهم في العمل السياحي المنظم، وإعادة بناء تجربة سياحية رائدة تعكس روح الحضارة النبطية، وذلك لا يتحقق إلا من خلال رؤية تنموية شمولية تنظم العلاقة بين الموارد السياحية و أصحاب المصلحة وفقا لمبدأ العدالة والإنصاف. 
ان الصراع القائم في المحمية الاثرية على الموارد له ابعاده التاريخية، واستطاعت الحكومة في عقود مضت إيجاد معادلة عادلة لتوزيع الموارد والمكتسبات وتنظيم عملية الوصول اليها، غير ان ازدياد السكان وضعف البنية التحتية خصوصا بمنطقة أم صيحون والاكتظاظ السكاني وضعف الخدمات العامة سيقود الى مزيد من التناقضات في جوهر العملية التنموية.  
ومنا هنا فإننا نقترح على مجلس المفوضين الجديد ما يلي:
1- العمل على إعداد استراتيجية طويلة الأمد لتنظيم الموقع الأثري تكون مرتبطة تمام الارتباط بحل مشكلة البدول في أم صيحون، وأعني بذلك الضغط السكاني وضعف الخدمات التعليمية والصحية، فلا يمكننا فصل المشاكل عن بعضها أو التعامل مع جزئيات بشكل مؤقت، وهذه الاستراتيجية ينبثق عنها خطط تنموية وسياحية تعمل بداية على تنظيم العمل في الموقع الاثري بشكل عاجل ومؤقت، والتخفيف من الضغط الواقع على الموارد السياحية، وترتكز تلك الخطط على المقاربة التنموية وتحدد طبيعة التدخلات في الموقع.
2- تخفيف الازدحامات القائمة قرب الخزنة والمواقع القريبة منها، وانشاء مسارات سياحية جديدة يتم توزيع المشتغلين في الخدمات السياحية على تلك المسارات، إذ ان المحمية الاثرية تضم مواقع تاريخية وسياحية كثيرة ضمن مساحات ممتدة، تكفي لاستيعاب مئات فرص العمل دون أية مشاكل تذكر.
3- فتح قنوات الحوار مع السكان المحليين والعاملين في القطاع السياحي المنظم وغير المنظم وبناء شراكات مجتمعية معهم، إذ أن العملية التنموية لا تنجح الا من خلال التخطيط والعمل المشترك وتوجيه الموارد بشكل يضمن العدالة والاستفادة لجميع المكونات بحسب مستوى اشتباكها مع العملية السياحية.
4- اتاحة الفرصة لممثلي وسائل الإعلام الوطنية لتسليط الضوء على الإيجابيات في البترا من أجل تعظيمها، وعلى السلبيات من أجل معالجتها، ومراعاة احتياجات المجتمعات الستة وتمثيلهم في المجال الإعلامي، ويكون ذلك من خلال انفتاح سلطة البترا على وسائل الاعلام وتسهيل مهامها.
5- إنشاء مجالس محلية للمجتمعات الستة لتعظيم التشاركية، ورفع مستوى فاعليتها وصلاحيتها عملا بتوصيات خطة إدارة البترا لعام 2019 والتي أعدتها منظمة اليونسكو.
6- دعم وتعزيز استقلالية مؤسسات المجتمع المدني في البترا، وتخصيص مبالغ مالية سنوية لها لكي تقوم بدورها المجتمعي والتوعوي المطلوب.
7- العمل على تدريب وتأهيل الجمعيات السياحية والتعاونية في البترا وتعزيز حوكمتها بما يسهل على منتسبيها الانخراط في الأنشطة السياحية بشكل قانوني.
8- مراجعة كافة الأنشطة والفعاليات التي كانت تقام في المحمية الأثرية ودراسة تأثيرها على سلامة الموقع الأثري وخصوصيته، واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك.
9- تعزيز دور ديوان المحاسبة في الرقابة المالية والإدارية لكافة برامج وأنشطة وقرارات سلطة إقليم البترا التنموي السياحي.
10- معالجة ملف المطلوبين قضائيا من سكان أم صيحون، وإفساح المجال لتصويب أوضاعهم، مراعين الواقع الاجتماعي والسياق التاريخي المعقد الذي مرت به تلك المنطقة وسكانها.
11- اتاحة الوصول الى المعلومات والبيانات والبرامج والمشاريع المتعلقة بإقليم البترا، من خلال الموقع الالكتروني للسلطة، وتحديث تلك البيانات لتسهيل الوصول الى المعلومة من قبل المختصين.