آخر الأخبار

أشباح الشتاء

راصد الإخباري :  


د. خليل ةلرفوع

وقعت أحداث هذه القصة في بلدة صغيرة قرب مدينة معان- الأردن
هذه القصة كقصص الخيال لكنها حقيقية بشهادة شهود....حتى لو بدت أحداثها غامضة غريبة دالة..
تقول القصة: 
إن رجلا كان واقفا على جانب الطريق..
ينتظر سيارة عابرة توصله إلى بلدته المجاورة في ليلة كانونية ماطرة عاصفة شديدة الظلام..
يمرّ الليل وسط العاصفة ببطء مقيت ولمّا تأت سيارة تقله.. 
مرت ساعات وهو واقف ينتظر..
العاصفة شديدة والليل حالك..لا يستطيع المرء فيه أن يرى مكان قدميه...وإذا أخرج يده لم يكد يراها
وأخيراً ....
جاءت سيارة تسير ببطء شديد
مثل الشبح..
شبابيكها سود
بلا أضواء...
اقتربت ببطء متجهة إليه...
إلى أن توقفت أمامه...
ورغم توتره وخوفه الشديدين اللذين يعتريانه
ركب السيارة باندفاع..حامدا شاكرا
وأغلق الباب خلفه... وألقى السلام...
ثم راح يصطنع ابتسامة ليقدمها لصاحب السيارة مجاملةً لمعروفه ..
فكانت الصدمة
التي ألجمت لسانه عن النطق .
شاهد ما لم يتوقعه قط
لا يوجد سائق في السيارة، نظر إلى الخلف، تحسس بيده كرسي السائق، لا أحد.. يا الله.... يا الله. تمتم بلسان مرتجف. 
بدأت السيارة تتحرك..
وببطء مرة أخرى ..
بدأ الرعب يهزّ وجدان الرجل ويتسلل إلى قلبه ويدب في أوصاله...
أخذت سرعة السيارة تتزايد رويدا رويدا ..
ومعها يتعاظم  الرعب والهلع في قلب المسكين وجسده؛ فارتعدت فرائصه وتغير لونه...إذْ أخرست الصدمة لسانه وعطلت حواسه  ..
فجأة ...
اقتربت السيارة من منعطف خطير جدا...
بدأ الرجل يدعو ربه من أجل السلامة والنجاة...
لا محالة السيارة سوف تخرج عن مسارها...
وسوف يواجه الموت...
يا رب... يا ستار 
يا الله...ياااااااا اللـــــه...
وقبل الوصول إلى المنعطف بأمتار ...وبشكل مفاجئ ... دخلت يد من النافذة... وأمسكت مقود السيّارة...
فحركته إلى أن عبرت المنعطف بأمان....
وضع رأسه بين يديه، أغمض عينيه
صرخت حواسه كلها .....
إنها إرادة إلهية أنقذتني من الموت المحقق !همس لنفسه مناجيا. 
حمد الله على النجاة من موت مؤكد...
لكنّ الخوف والرهبة ظلا يسكنان  قلبه وجوارحه..
اليد أخذت تدخل وتخرج من النافذة مرة تلو الأخرى...لتوجه مقدمة السيارة
فالطريق وعرة، كثيرة المطبات شديدة الإنحناءات..
اختلطت في أذنيه أصوات الرعد، الريح، المطر. 
أخيرا أخذ الرجل قراره وحسم أمره بالهروب ( فالهروب ثلثا المراجل فما بالك بهروب من أشباح وعتمة وموت منتظر) ..
استجمع كل ما بقي في قلبه من شجاعة وتصميم...
فتح باب السيارة....
قفز منها ...وقع أرضا، انطلق يسابق الريح  
لاذ بالفرار إلى أقرب بلدة ...
كان مبتلا فزعا...
دخل إلى أحد المطاعم القريبة من الطريق...
وهناك ..
بدأ يخبر قصته المخيفة الغريبة جميعَ من في المطعم..
كان يلهث من فرط الانفعال والرعب
تأكد الجميع من هيئته وكلامه أنه غير مجنون وليس بسكران   ...
أنصتوا للقصة في حيرة واستغراب وخوف ...
وبعد أن أتم رواية قصته ..
دخل رجلان يلهثان إلى المطعم 
وحالتهما مزرية جدا ..
والشحوب على وجهيهما يدل على أنهما قد قضيا ليلة ليلاء !!
نظرا في الحاضرين، شاهدوا ذلك الشخص المرعوب...
أشار أحدهما إليه وصااااح:
(هاظ الأهبل اللي ركب بالسيارة واحنا بندفشها!!؟؟!!!)