بدأت حياتها في الاغوار قبل قرابة ٣٠ عاما، معظمها بعد وفاة زوجها. ولم ترتحل او تتنقل، بل ثبتت كالجبال المحيطة، وعكفت على تربية ولديها وست بنات، بصبر وعمل لا يتوقف.
لم تتسول نايفه الحويطي، بل عملت كالبقية من الناس على الزراعة، ليتملكوا الارض، بينما ظلت هذه المرأة، تعمل في أرضها ٣٠ عاما دونما تمليك.
ونعرف ان قصة الناس في الاغوا، كقصة التوظيف والتنفع. من حظي بالواسطة. فقد فاز، ومن خانته الحياة. فلا بد وان يخسر، خسارة ظلت نايفه تتجرعها عاما تلو عام.
زرنا السيدة الأرملة نايفه، فهي كالدينامو، تعمل ولا تتوقف، وان واجهتها معضلة. تجتازها بالصبر والحكمة، فماذا قالت،
قالت "صحيت على نفسي عام ١٩٧٤ فوجدتني في خضم عمل زراعي، لا يتوقف ليلا او نهارا.
وتقول" اواظب سنويا على زراعة البندورة والباذنجان والبطيخ، لكن المواسم تعبانة، والعام الحالي. أكثرها خسارة وتدميرا لحياتنا "
التقيناها في الغور. وبسطت لنا أكف الراحة لنستريح في جو طبيعي غير حار، وصنعت الشاي في بيت الشعر الذي تخفق فيه الارياح. قالت إنه احب اليها من قصر منيف.
(٤٦) عاما في ظلال الزراعات المروية، لكنها تؤمن ان الحياة الصعبة. لا تحتاج إلى الياس. ولا تطيق الخمول. بل ما يحتاجه الناس من خلال تجربتها هو الكد والسعي والمحاولة.
(٣٠) عاما وهي ترى الناس يستملكون الارض التي يعيشون من أجلها، باجراءات غير معقدة، لكن الحاسم فيها هو الواسطة، التي لم تتملكها طيلة الحياة.
صحيح انها متفائلة دوما، ولا تعتقد بوجود المستحيل، لكنها تضع تعبها وجهدها وتربية اسرتها وتعليمهم على طاولة الملك،،
وتقول بيقين ان ما اغلقته الايام فتحه سيد البلاد، وان قيادة ظافرة من نسل النبوة، لن تسكت على من حرمها حقها في الحياة !!!!
تخلط الأدوية وتضخها للمزروعات. كل في حينه. ويعاونها الناس، اذ تحظى بدعمهم، ووقفاتهم لجانبها، وهي صاحبة الوجه البشوش، والكلمة الرائعة.
تختزن نايفه احزانها في ملف خاص. وتبدي اللطائف والمفردات العذبة والصفاء، وتقول ان السلبية يا صاح، ما تغلغلت في الناس الا وقتلهم.
قالت "آمل أن تكون صرخة حرة، من الاغوا. لسيد الحلم والحكمة، مولاي الملك"
وهي تداري أوجاعها، اذ قالت إن عبوة الخيار التي تزن (١٣) كيلوغراما. بيعت بنصف دينار.
هي لديها (٣٠) دونما مستأجرة من الدولة، منذ (٣٠) عاما، تدفع لقاء ذلك (٣٠٩) دنانير سنويا للدولة، وتسكن مع ذلك، في بيت للشعر لا ترى ما يحوم في الارجاء الا الدجاج، والصيصان. التي تربيها للبيض والغذاء
أوقفت بيع البندورة، لان إرسالها للحسبة، يزيد في خسائرها، فتركتها لعابري السبيل، تنتظر فرجا، يرسل الطمأنينة على قلبها النابض بعشق الاردن. وعشق الحياة.
تلك هي قصة نايفه محمد علي الحويطي، تدخن الغليون في يد، وفي الاخرى، تاكل قطعة الخبز مع البندورة. وهي توزع المهام. على البنات.