الأستاذ أحمد الزيدانيين
نارٌ.... دخانٌ.... حريقٌ.... رصاصٌ كفيف يتعانق؛ فيتصاعد صوبَ السماء، و آخر يهوي عائدًا يبادله التحية يحمل الموت و الدمار نحو عماراتٍ شاهقةٍ و شرفاتٍ تطلُّ على الحياة، و جمجمةِ طفلٍ حالمٍ " تعجز عن ردِّ الرصاص أنامله " !!
و رجلٍ عجوزٍ يمشي على ثلاثةٍ، صلى صلاة العصر الأخيرة في جامع الحي و كانت صلاته كما قال إمام الجامع: صلّوا صلاة مودع!!
فتق ذلك الجنون و الهوس مخزون ذاكرة صاحبنا الواهم قبل ثلاثين عاما خلت، حين أطلق أحد أقاربه الأحبة في حفل عرسه ثلاث رصاصات خجلى نحو الفضاء الرحب؛ فالسماء مشرعةٌ و الأرض خلاء، إلا من بضعة من المساكن المتناثرة هنا و هناك و التي كانت كأنها مستنسخةٌ، تتكون من غرفتين يتقدمهن حمام كأنه حارس مرمى ينتظر كيلًا من الضربات الترجيحية الموجعة.
تلك الرصاصات الخجلى أثارت رجال الأمن ليقتادوا العريس إلى المركز الأمني؛ ليمر بمراحل تحقيق ( ورجاوات ) و يمكث ساعات و ساعات حتى يفرج عنه بعدة كفالات.
و لكن صاحبنا لم يغضب كثيرًا.... وإن غضب!!
فلا بد من التضحية إذا كانت تلك الخجلى آخر عهد بلاده بإطلاق رصاص الموت.
ذهب في تفكيره بعيدًا بعيدًا ولكن دويَّ الرصاص أعاده إلى واقع مزعج؛ فوابل الرصاص ما زال يمطر غزيرًا.
و ما زال....
" على نشرة الأخبار في كل ليلة
نرى موتنا تعلو و تهوي معاوله"