كتب د. عبدالمهدي القطامين
انهيت اليوم قراءة مذكرات مضر بدران تحت عنوان ...القرار...وهذا الكتاب مرجعية مهمة لتاريخ الاردن الحديث في عهد الملك الراحل الحسين طيب الله ثراه .
عدة وقائع واحداث جديرة بالاهتمام اوردها بدران وبعضها ما زلنا نعيشها حتى اليوم يورد ابو عماد في مذكراته ان الاردن كان مستهدفا من القريب والبعيد بوجوده كدولة لكن الراحل الحسين كان بارعا في تجاوز التحديات عنيدا جسورا غير هياب ويعرف توازنات العالم القائمة ويدرس تبعات اي قرار قبل اتخاذه وهي سمة من سمات القائد .
يقول بدران في كتابه ان الضغوطات اشتدت على المملكة اقتصاديا وسياسيا وكان الهدف واضحا من ذلك هو الدخول بتسوية مع الكيان الصهيوني على حساب الحق العربي في فلسطين ويؤكد ان الدولة كانت عاجزة عن دفع رواتب موظفيها عام 1978 ولم تنفع جولاته المكوكية على الاقطار العربية الغنية في دعم الموازنة ووجه بالصدود من كل الدول النفطية وكانت اميركا وراء كل ذلك ويسترسل توجهت الى العراق وكان الراحل صدام حسين نائبا للرئيس وادرك صدام ان وضعنا المالي ليس على ما يرام فوقع شيكا بقيمة ثلاثين مليون دينار وهو يقول لن اترك الاردن وحيدا وبالفعل انقذ ذلك المبلغ الدولة من مأزق كبير انذاك .
الملاحظة الثانية التي اوردها بدران ان الدول الخليجية الشقيقة كانت تخاف من ان تصلها عدوى الديموقراطية الاردنية وحين عاد مجلس النواب بعد هبة نيسان المجيدة كانت ديون المملكة تبلغ 8 مليارات دينار وكانت الدولة على حافة الافلاس ..يقول بدران ذهبت الى الملك فهد ملك العربية السعودية عارضا حالنا الاقتصادي فبادرني بالسؤال بتهكم عن مجلس النواب والديموقراطية العائدة في بلادنا متساءلا عن ثمن العودة عن تلك الديموقراطية فقلت على الفور ثمنها مديونيتنا كاملة مشيرا الى نقطة مهمة ان دفع المديونية من قبلنا نحن سيكلف خمسة مليارات لحصولنا على اعفاءات في حال السداد المباشر اما ان دفعت من قبل السعودية فستكون كاملة اي ثمانية مليارات ...يقول بدران صادف العرض موافقة الملك فهد وطلب من وزير ماليته البدء بدراسة العرض وتنفيذه ..مؤكدا انه عرض الامر على مجلس النواب فوافق على العرض معتبرا ان تسديد المديونية اهم من استمرار المجلس لكن هذا العرض احبط بعد ان دارت رحى حرب الخليج الثانية .
الملاحظة الثالثة وهي التي ما زلنا نعاني منها حتى اليوم هي قانون الصوت الواحد ويشير بدران الى ان السفير الامريكي في عمان سأله عن موضوع الانتخابات واهمية انجازها وفق الصوت الواحد لكن بدران رفض ذلك فيما اكد له السفير ان القانون سيمر وسيطبق وهذا ما كان.
كنز معلومات يشكل كتاب القرار لمضر بدران لكن اهم مايؤكده الكتاب ان الحسين رحمه الله كان بارعا في كل شيء وكان انسانا قبل ان يكون ملكا وان الامة لو استمعت الى مشورته لن تكون كما هي حالها اليوم مثل الايتام على مائدة اللئام .
ملاحظة اخيرة ...الكتاب موجود في مكتبات عمان كافة وعند كشك ابو علي لمن شاء الاطلاع.