كتب د. انور دبشي الجازي
في حضرة مدرسة الأخلاق العظيمة.
فقدنا قبل أيام شيخنا وكبيرنا الشيخ ابو جمال (بركات ممدوح العودات الحويطات) رحمة الله عليه، الرجل الذي تفرّد بتأسيس وصنع مدرسة عظيمة في الصفات الجليلة والاخلاق العظيمة، نعم، فلربما تجد الكثير من الرجال يتصفون بالعديد من الصفات والاخلاق المعروفة للجميع، الا انه من النادر ان تجد رجل حاز وتفرّد وصنع صفات اختص بها واختصت به، حتى انك لتقول ربما من الصعب أو المستحيل ان نجد مثل هذا الرجل، هذا الرجل هو الشيخ ابو جمال، فليس من السهل أن تجد رجل كرّس جل حياته من أجل الاخرين، وبالاخص تلك الاستمرارية منقطعة النظير بنفس النمط ونفس الاسلوب، على مدى 34 سنة وهي سنين تبوّئه المشيخة عام 1986 وبالتأكيد من قبل، ومن هذه الصفات الفريدة التي اختص بها أبو جمال انك تجده دائم الابتسام دائم البشاشة في وجه الاخرين وفي كل حالاته، خاصية أخرى، مضياف، كريم، جواد وطيّب، فعبر هذه السنين الطويلة من النادر جدا ان يغادر ديوانه، منتظراً مجيء صاحب الحاجة، ومن النادر جدا أيضاً أن تجد ديوانه يخلو من الضيوف أو المعازيب، واذا طُلب يقدم أعز ما يملك، حتى لينطبق عليه قول ابي تمام: " هُوَ اليَمُّ مِنْ أَي النَّواحي أتيتَه....ُ فلُجَّتُه المعروفُ والجُودُ سَاحِلُهْ،،،، تعوَّدَ بسط الكفِّ حتى لو أنَّه ....ثناها لقبضٍ لمْ تُجبهُ أنامِلُهْ"، أما اصلاح ذات البيّن والحل بين الناس والجمع بينهم على الخير، فتعجز الكلمات عن ذكرها ووصفها في هذه السطور القليلة، فكم وكم سعى في هذا الموضوع بلا كلل ولا ملل ولا منّة، وفي هذا الجانب اختص أبو جمال بخاصية فريدة فلا يملك صاحب الحق الا الصفح عن من أخطأ بحقه بمجرد أن يدخل ابو جمال بيته متزعماً وكبيراً لجاهة الصلح ولا تجد امامه الا أن يقول: " مشان خاطرك وجيّتك علينا يا ابو جمال انا اعفيت وصفحت عن فلان"، وابو جمال دائم الحضور والمشاركة في كل المناسبات مهما بَعُدت المسافات، ولا يأتي إلا أولاً ولا يخرج إلا أخيراً احتراماً واجلالاً لمن يزوره، أما حفظ اللسان وعدم الاساءة للاخرين فهو دائب المحافظة عليها، فدائماً لا تخرج منه الا الكلمة الطيّبة الخيّرة، وأما خاصية احترام الاخرين صغيرهم وكبيرهم فهي عظيمة عند أبو جمال، فعند دخولك ديوانه وفي أي وقت فلا يقابلك الا بالترحيب والتهليل والبشاشة مهما كان سنك ومهما تكررت زياراتك، واذا تحدثت يصغي اليك مهما كانك موضوعك حتى لتجد أن الموضوع البسيط يجعل منه كبيراً، ليشعرك بما يمتلك من خاصية فريدة في احترام الاخرين بقيمة حديثك وموضوعك صغرت سنك أو كبرت، كثيرة هي الصفات العظيمة التي اختص بها الشيخ ابو جمال رحمه الله حتى أنك لتجد أن الكثير من الرجال يغبطه عليها ويتمنى أن يتصف بها أو حتى ببعضها، وانا أشهد بهذا الكلام وكثير من الناس والله خير الشاهدين، وجعل الله ما قدم من خير في ميزان حسناته، وأدعو الله أن يلهمنا وعطوفة ابن العم الدكتور جمال بركات الجازي واشقائه وابناء العم الشيخ ممدوح وأبناء العمومة جميعاً ومحبيه ومعارفه الصبر والسلوان على فقده وخسارته.