عند مطالعة كتاب "نظام التفاهة" للفيلسوف الكندي "آلان دونو" ترجمة الأديبة الكويتية مشاعل الهاجري ، يصور هذا الكتاب ما وصلت اليه السلطة وأصحابها من التفاهة والسطحية، وما انحدرت اليه الأمور في معظم دول العالم ، وكيفية تحول السلطة الى نوعية معينة من البشر سماهم التافهين، وهم الشريحة الاوسع في العالم، ومن هنا تم تأسيس عالم التفاهة ، وبات هذا العالم موجودا في كل دولة او في اي نظام سياسي او اقتصادي.
ويعزو الكاتب سبب بروز عالم التفاهة والتافهين هو تحكم راس المال في حياة البشر، وشراء الذمم والأصوات للوصول الى السلطة، والفساد المالي والاداري الذي تغطيه مؤسسات ريعية وأصحاب رؤوس الاموال، والفساد الفكري والقيمي الذي أصاب حتى من يمتلك التفكير والكتابة والابداع الاصيل وحولهم الى ابواق للسلطة، وفقدوا ليس مصداقيتهم فحسب بل حتى قيمة اعمالهم الإبداعية.
ولقد بدأ المنحنى العام في عالمنا العربي يتجه بدرجة كبيرة للانحدار على المستويات كافة، حتى اصبح أغلب من يتصدرون المشهد من مشاهير او رسميين في اغلبهم اما صناعة الصدفة او الانتهازية و صناعة التملق او الفساد، والمشكلة ان هؤلاء يعتقدون أنهم رموز التقدم والازدهار .
وعندما تقارن بين سلوكات وتصرفات وعقلية وتفكير من يتصدرون المشهد ومن استلم مركزا رفيعا في ماضي الأيام كرئيس للوزراء او وزير او نائب وغيره- تدرك كم أصبحت هذه المراكز تافهة بسبب تفاهتهم، وما نشاهد ونلمسه يوميا من تصرفات وزراء يستعرضون أمام وسائل التواصل والاعلام بإنجازاتهم التافهة، أو نواب بمداخلات وطوشات واستعراضات تافهة تثير التقزز، علما بأن منظومة الاستعراض والمعارضة الكاذبة مستمرة من فترة الانحدار.