افتتح الوزير المهندس خالد الحنيفات ندوة ملتقى السلع العاشرة عن مئوية الدولة.
وقال في كلمته التي بثها على منصة السلع، ان ظروف تأسيس الدولة تثبت انها كانت نواة لمشروع عروبي
وقال ان الاردن استمد شرعيته من شواهد دينية وتاريخية صنعت تلاحما بين الاردنيين والهاشميين.
وتاليا نص كلمة
الافتتاح:
بسم الله الرحمن الرحيم
فيضٌ من التحايا انثره عبر اثير ملتقى السلع الثقافي املا ان يخص كل قامه من هذه القامات وللوطن سلام ومباركات،
السيدات والسادة،
لعل المتتبع لتاريخ الاردن خلال القرن المنصرم و عبر محطات مفصليه عصفت باركان دول الاقليم وعبثت بتركيبته الجيوسياسيه والديمغرافيه يلحظ هذا الكم الهائل من التحديات والصعاب التي رافقت نشوء كيان جديد محدود الموارد، فما ان قررت الدول المنتصره في الحرب العالميه الاولى تقسيم المنطقه حسب مقتضيات مصالحها مغتنمة إنهيار الدوله العثمانيه بعد انشطارها عن معاني الحكم العادل وعسفها بالعرب إثر تحول قيادتها الى الانكفاء والتتريك مما اثار العرب وجعلهم يخرجون لطلب الحريه والانعتاق بقياده الشريف الهاشمي الحسين بن علي الذي لم يساوم على ثوابت الامه فتنادي ابناء شرق الاردن لنصره الثوره العربيه الكبرى والتفوا حول رايتها مؤمنين باهدافها وقيادتها الهاشميه وما تلا ذلك من مخطط استعماري تقسيمي (سايكس بيكو ) بدأ باخراج الملك فيصل من سوريا متزامنا مع تزايد الهجره اليهوديه الى فلسطين تنفيذا لمخطط صهيوني مدعوم من قبل قوى الغرب المنتصره.
في ظل هذه الظروف برز كيان عروبي بقياده الامير عبد الله بن الحسين اسماه امارة شرق الاردن استمد شرعيته من شواهد دينيه وتاريخيه صنعت نسيجا متناغما ولحمة لا تنفصل بين سكان شرق الاردن والهاشميين.
السيدات والسادة،
هذه الظروف والمساقات التاريخيه المصاحبه لنشوء الدوله الاردنيه تثبت انها كانت نواة لمشروع عروبي لمواجهه اغراق المنطقه في مشاريع غريبه عليها كما هو الحال اليوم وهو تنبؤ ذكي لقادة الامه لتجنب استعمار اخر ، بيد ان منطق القوه و الادوات المتاحه آنذاك لم تسعف حملة المشروع لتجاوز الواقع الصعب في ظل اعاده تشكيل جغرافيا العالم وانهيار دول وامبراطوريات.
اسمحوا لي بمرور سريع على تلك المحطات التاريخيه الهامه على طريق المئويه بدءا من التاسيس عام 1921 ثم الاستقلال والمملكه الاولى فتوحيد الضفتين واستشهاد الملك عبدالله الاول على ثرى القدس وتسلم الملك طلال الحكم ،طلال الدستور ثم اعتلاء الملك الباني الحسين بن طلال سلطاته الدستوريه مرورا بالنكسة عام 1967 و إستئناف الديمقراطيه عام 1989 وانتقال الحكم السلس لعهد جلاله الملك عبد الله الثاني ابن الحسين عام 1999، خلال تلك المراحل كافه راهن الكثير على ضحالة هذا الكيان وقدرته على البقاء في منطقه تعاني عصفا رهيبا على مدار التاريخ غير ان هذه الدوله كانت الاعمق والارسخ وقد تجاوزت كل الصعاب واصبحت انموذجا لحسن الاداره والتصرف وملاذا لكل منكوب ومكروب في المحيط لا بل و بلسم تداوي جراحات الكثير ممن استضعفوا في الارض، وهي سباقه حيث بدات في خمسينيات القرن اولى خطى الديمقراطيه التي حالت دون استمرارها ظروف الاقليم والحروب التي عصفت به وعادت تستأنف من جديد عام 1989 وحتى يومنا هذا ،وكان الاردن مثالا حيا للدولة العصرية الناشئه التي تحدت الصعاب وتطورت بموازاه ذلك مشاريع البنيه التحتيه والخدمات والصحه والتعليم فأصبح الانسان الاردني مثالا في العطاء والتطور والتقدم وقدم كل طاقاته وامكاناته خدمة لاخوانه في الدول المجاوره وغيرها من دول العالم التي كانت تؤمن بان الاردن قد احسن الاستثمار في بناء الدوله والانسان. فكان للدستور الاردني
والقوانين المنبثقة عنه دور كبير في ترسيخ نهج الدوله وتثبيت اركانها وتنظيم العلاقه بين الدوله والمواطن ، ونستمد من المئويه الاولى بكل عزم عناصر القوه لانطلاقة جديده تعتمد الرفاه والحريات و كرامه الوطن والمواطن في ظل معادله الحقوق والواجبات.
وهنا لا بد من الاشاره الى بعض ملامح هذه الانطلاقه :
أولا : العمل على صياغه مشروع عربي متكامل يلبي طموحات المواطن العربي بالتعاون مع كافه الدول العربيه وخصوصا الفاعله منها لمواجهه المشاريع الغريبة المتزاحمه في محيطها والتحديات الوجوديه الناجمه عن غياب مثل هذا المشروع.
ثانيا : الاصلاح السياسي
ان ثوره المعلومات و التغيرات المعاصره لأسس الرقابه والتواصل بين مختلف الفئات يستوجب تغيير ادوات الحكم بما يتواءم و تطلعات الشعب وهذا يتاتى من خلال ثلاثه قوانين تصوغ العلاقه بين المواطن والمسؤول في اعاده احياء الثقه المفقوده بفضل الفساد و تارة والضعف تارة اخرى ويمكن تلخيص متطلبات الاصلاح السياسي في ثلاثة تشريعات :
أ- قانون الاحزاب، فكما هو معلوم ان العشيره منظومه اجتماعيه تمدنا بالعادات والتقاليد والقيم النبيله وان توظيف هذه المنظومه لاهداف سياسيه هو تشويه لدورها ومنتجها وعودة لمربعات يفترض ان الدوله الاردنيه غادرتها منذ عقود وان المنظومه السياسيه هي الحزب لذا لابد من قانون احزاب يوجه الفكر نحو الانجاز من خلال البرامج القابله للتنفيذ على ارض الواقع وهنا اعتقد ان لا يقل عدد اعضاء الحزب عن 500 عضو ممثلين بما لا يقل عن 7 محافظات وكوتا للنساء لا تقل عن 25 بالمئه و حتى نتجنب الايدلوجيا وتوظيفها سياسيا فانا مع مشاركه اخوتنا وشركائنا في الوطن من الطائفه المسيحيه بكوتا قد تصل ل10% من منتسبي كل حزب.
ب- قانون الانتخاب،حيث ان الناس كتله سائبه تشكلها القوانين والانظمه لا بد من اعطاء الحقوق كامله للفرد لانتخاب ممثليه بعيدا عن الوصايه والتوجيه وهنا ينبغي ان يكون الفكر هو الاساس وليس الهوى او المصلحة او النسب بأبعاد تراعي الحغرافيا والديموغرافيا والتنميه مع ضمان ما لا يقل عن 50% للقوائم الحزبية شريطة حل الحزب الذي لم يصل مرشحيه للبرلمان وبهذا نحفز التوجهات السياسيه المختلفه للانضمام و تشكيل تيارات سياسيه تتنافس على اصوات الناخبين من خلال برامج واضحه وقابله للتقييم والمساءله ضمن ثلاثه او اربعه تيارات من اقصى اليمين الى اقصى اليسار.
ج- قانون الادارة المحليه، انه بالرغم من سوداويه البعض تجاه مشروع اللامركزيه في المحافظات الا ان المتابع للبعد التنموي ورغم حداثة التجربة يجد ان مجالس المحافظات قدمت الكثير ونجحت في ضمان حقوق الاطراف والمحافظات في الخدمات والبنى التحتيه المختلفه لكن لابد من تجويد بنود القانون للحد من التداخلات بين مكونات الحكومه المحليه مع التشديد على تقديم الموارد اللازمه لإدامة عملها وادائها على احسن وجه.
ثالثا - لا يخفى على احد ان التحدي الاكبر يكمن في النسب العاليه للبطاله وهذا ناجم عن خلل هيكلي نتج عنه تشكل الهيكل الهرمي للاقتصاد على نحو خاطئ ومقلوب وتضخم القطاع العام الغير منتج و تهميش قوه المرأه العامله بحيث اننا نخسر 80 بالمئه من هذه الطاقه الانتاجيه للمرأه وتضاؤل حجم القطاع الخاص بما لا يتجاوز 60000 رب عمل تثقل كاهلهم متطلبات ضريبيه لا تنتهي علاوه على استنزاف الموارد المحدوده بأكثر من مليون وافد.
جميع هذه العوامل تدفع بصانع القرار للبحث الحثيث عن المنح والمساعدات لاحداث التوازن المطلوب وهذا له تاثير مباشر على سياده القرار الوطني لذا فالواجب الاسراع بخطوات تتجاوز كل الاجراءات البيروقراطيه التاليه :
أ- خلق بيئه جاذبه للاستثمار من خلال تجاوز كل العوائق التشريعيه والاداريه ومنح المستثمر تسهيلات كبيره منافسه لدول الجوار وضمان حقوقه وامنه من خلال سهوله التقاضي وسياده القانون.
ب- وقف استقدام العماله الوافده والتضييق على الموجود منها بالتدرج والاحلال الاجباري للعماله المحليه في كافه القطاعات وهنا لا بد من تشجيع القطاع الخاص لانشاء شركات تنظم قطاع الخادمات المنزليات الاردنيات عبر تقديم دعم الضمان الاجتماعي والتامين الصحي وخلافه.
ج- دعم القطاع الزراعي لمضاعفه مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي عبر خارطه طريق واضحه تبدا بمدخلات الانتاج والارشاد الزراعي ثم النمط مما يفضي الى التصنيع الغذائي والتسويق ضمن معادلة توازن بين حقوق المنتج والمستهلك.
د- دعم القطاع الصناعي من خلال توظيف علاقاتنا السياسيه المختلفه مع مختلف الدول لتسويق المنتج الاردني علاوه على التسهيلات التي تخفض كلف الانتاج.
ه- ان قطاع الخدمات هو اكبر مشغل للعمالة المحليه اذا لابد من دعم المشاريع الرياديه والافكار التجاريه والعمل على زياده صادراتها واستقطاب رواد السياحه التاريخيه والبيئيه والعلاجيه.
و- توجيه المسؤوليه المجتمعيه للدولة والقطاع الخاص لمشاريع انتاجية متوسطة وصغيره مع ضمان تسويق منتجاتها محليا ودوليا عبر جمعيات تعاونية وخيرية .
خامسا - التربية والتعليم ،
لابد من ايلاء الاهميه القصوى لتنشئة الجيل وتربيته وصقل شخصيته ضمن الثوابت الوطنيه والدينيه ومن الضروري بمكان ان تتلاءم المناهج الدراسيه مع متطلبات العصر بالبعد عن التلقين وان تراعي متطلبات السوق والاهتمام بالتعليم التقني كمدخل لمحاربه الفقر والبطاله.
سادسا : الصحه،
تقديم الخدمات الصحيه المواطن في ضمن تامين صحي شامل وتفعيل دور المراكز الصحيه للحد من الضغوط على المستشفيات. وهنا نوجه رساله شكر وعرفان للكوادر الطبيه التي لم تألوا جهدا في مقارعه وباء كورونا الخطير عافانا الله واياكم من شروره .
سابعا :إيلاء وزارة الثقافه الاهتمام والدعم للمواهب الادبية والفنيه وابراز منتجها الفكري محليا وعالميا.
ثامنا: ان قواتنا المسلحه والاجهزه الامنيه هما سياج الوطن و الحاضنه الاهم للعيش و كافة أشكال الحياة فاستوجب دعم هذه الحصون تسليحا وتمكينا وتحديثا وتوجيهها للمهنيه والاحترافيه العاليه.
السيدات والسادة،
حظيت بشرف اللقاء بكم قلوبا وعقولا في هذا المساء واننا جميعا نستمد العزم من هذه المسيره التي سطرت اسمى معاني الإباء في اردن الشموخ وما كان ملتقاكم هذا الا كل اضافه جميله وراقية الى مكتبة الوطن الذي نسال الله له التوفيق وان يمكننا الله سبحانه وتعالى من هذا الوباء الذي ترك اثرا واضحا في مسيرة كل الدول وتركها تقف صامته امامه بالرغم من الجهود الحثيثة للتخلص منه حماكم الله جميعا ووفقكم في ظل حضره صاحب الجلاله الهاشميه الملك عبد الله الثاني بن الحسين.