خلاصة مؤتمر "مستقبل الاعلام والاتصال "

{title}
راصد الإخباري -


جلسات موازية في "مستقبل الاعلام والاتصال " حول الذكاء الاصطناعي والبودكاست والصحافة الورقيّة

الذكاء الاصطناعي بين الفرصة والخطر 
البودكاست.. الخلل ليس في الجمهور أو المحتوى
الصحف الورقيّة وضرورة التغيير في المحتوى

انطلقت في أروقة ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال، المنعقد اليوم السبت في عمّان تحت شعار الإعلام من الحرية والحماية إلى التمكين والتغيير، جلسات موازية متزامنة سبقت الجلسة الافتتاحية الرسمية؛ إذ وفّرت مساحة واسعة للحوار وتبادل الرؤى حول قضايا متخصّصة شملت الصحافة الورقية والذكاء الاصطناعي والبودكاست.
الذكاء الاصطناعي حرب تهدد نزاهة المحتوى
وتحدث في جلسة بعنوان "الذكاء الاصطناعي حرب تهدد نزاهة المحتوى .. تجارب في  تدقيق المعلومات" كل من الخبير الإعلامي خالد برماوي، ومديرة شركة الحلول الرقميّة للتصميم عبير أبو طوق، ويسّرت الجلسة انتصار كريشان.
وتناولت مديرة شركة الحلول الرقميّة للتصميم عبير أبو طوق ضرورة الاطلاع على التجارب وإسقاطها على الواقع واستغلال الذكاء لاصطناعي وعدم المبالغة في المخاوف، مشيرةً إلى أهمية الوعي والتدريب سواءً على مستوى الأفراد أو المؤسسات، ومعرفة الجوانب السلبية، منوهةً إلى أنها باتت أقل في الوقت الحالي. 
وقالت إن هناك أدوات لتدقيق المعلومات والتحقق منها غير أنها بحاجة لتطوير أكبر كما أن هناك حاجة ملحة للصحفيين والإعلاميين للتحقق كونهم معنيين بالحقيقة أكثر، مضيفةً أنَّ على المؤسسات توفير هذه الأدوات وتأهيل العاملين، موضحةً ضرورة الحرص على زيادة الوعي والثقافة مع الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي، ومع ذَلك لا يمكن الاستغناء عن العنصر البشري مقابل التكنولوجيا.   
واختلف الخبير الإعلامي خالد برماوي معها بأن الجوانب السلبيّة باتت أكثر في الوقت الحاضر، وأصبح من الضروريّ الخوف أثناء التعامل مع الذكاء الاصطناعي والحذر في التعامل معه خاصةً مع عدم القدرة على توقع مستقبله؛ إذ توقع أن يكون هناك ما وصفه بالانفجار بسبب مضاعفة قدرات الذكاء الاصطناعيّ وتدفق  البيانات بالتوازي مع إمكانيات المهندسين والمطورين. 
وأضاف إلى أن مرحلة التطور تمر بثلاث مراحل  وهي استخدام الذكاء الاصطناعي المحدود " Naro AI  " والتي تعني قدرة الاداة على مواكبة  مهارة واحدة  وهو لا يحاكي المهارات البشرية، أما المرحلة الثانية القادمة وهو الذكاء الاصطناعي العام "   General AI " والتي تتطلع لمحاكاة اعلى من الذكاء البشري، ومع التطور ستظهر مرحلة   " Super AI  "   والتي قد تؤدي لعدم القدرة على السيطرة نتيجة السباق المحموم بين الشركات.  
وعن الامان والخصوصية في استخدام الذكاء الاصطناعي أشار البرماوي إلى وجود مخاوف من استخدام البيانات وبيعها، لافتًا إلى غياب القيم والرغبة لدى المطورين في السيطرة على الانفلات نتيجة توجههم نحو الربح مع عدم وجود ضوابط أو قوانين ناظمة رغم وجود جهد من الاتحاد الاوروبي لإيجاد تشريع رغم أنه غير كاف، على حدّ وصفه. وشدد على وجود تراجع واضح لبعض الوظائف  مع وجود أُخرى قابلة للاستبدال، وهو ما أدى لزيادة أرباح الشركات. 
 وحول الصحافة التقليدية مثل الصحافة الورقية والتلفزيون اتفق المتحدثان على  تراجع دورهما أمام الصحافة الرقمية؛ إذ أن محور الصحافة هو ايصال المعلومة  وليست الأدوات  وأن على المؤسسات الإعلامية في الوطن العربي مضاعفة الجهود لمواكبة  التطور التقني في العمل الصحفي  وكذلك تطوير قدرات العاملين فيها.   

البودكاست يكتسح
وناقشت جلسة متخصصة موضوع "البودكاست يكتسح.. فن جديد أم موضة زائلة؟"، وتحدث فيها مقدّم برنامج صوت المملكة عامر الرجوب، والرئيس التنفيذي لصدى بودكاست محمد العموش، ويسّرتها الصحفية هبة جوهر.
وانتقد مقدّم برنامج صوت المملكة عامر الرجوب واقع البودكاست في الأردن، معتبرًا أنه أصبح أقرب إلى "موضة" منتشرة، وليس صناعة حقيقية ناضجة. وقال إن كل من يمتلك "ميكروفونات" بات بإمكانه دعوة شخصية والتحاور معها، إلا أنَّ ما يُقدّم غالبًا لا يتجاوز كونه حلقةً تلفزيونيةً تقليديةً، تهيمن فيها شخصية المقدم على المشهد، بينما من المفترض أن يكون الضيف هو نجم الحلقة.
وأضاف أنَّ "المحاور يجب أن يكون حضوره بسيطًا، لأن الهدف هو الاستفادة من الضيف. متابعًا "نحن نقلد البودكاست ولا ننتجه، وغير قادرين على صناعته حتى الآن، وإن كنت لا أعمم." مشيرًا إلى تحوّل البودكاست من كونه محتوىً صوتي إلى ما يُعرف اليوم بـ"فودكاست" -أي بودكاست مصوّر- يعتمد على لقطات جذابة وموسيقى خفيفة لجذب الانتباه. لكنه تساءل عن مدى فعالية هذه الطريقة في إيصال المحتوى، متسائلًا "عندما يشاهد أحدهم مقطعاً قصيراً (ريل)، كم شخصا منهم يكمل الحلقة كاملة؟ لقد أصبحت الحلقات أشبه ببرامج تلفزيونية"، وأن الجيل الحالي لا يهتم بفتح القنوات التقليدية، بل يريد الوصول إلى المحتوى الذي يختاره، وفي الوقت الذي يناسبه.
وأوضح الرجوب أن الفرق الجوهري بين البودكاست ووسائل الإعلام التقليدية يكمن في طبيعة التمويل والمحتوى؛ فبرامج التلفزيون ترتبط بالإعلانات، فيما تُقيَّد البرامج الإذاعية بالأوقات الزمنية والرعايات، أما البودكاست، فلا يخضع لأي من هذه المحددات. مبينًا أن الشباب في الأردن بدأوا بتشكيل مبادراتهم الفردية؛ إذ يجتمعون لشراء آلات تصويرٍ، وإضاءة، و"ميكروفونات"، وينتجون محتوىً خاصًا بهم على منصات التواصل الاجتماعي، مدفوعين بأمل تحقيق مشاهدات عالية تفضي إلى دخل بسيط لهم.
ويرى أن أحد أبرز التحديات التي تواجه انتشار حلقات البودكاست هو غياب ثقافة الاستماع لهذا النوع من المحتوى، مؤكدًا أن كثيرين لم يكونوا ليتابعوه لولا انتشاره الواسع وفرضه نفسه على الجمهور. قائلًا "أنا شخصيًا من جيل الإعلام التقليدي، أتابع الأخبار صباحًا في وقت محدد، وأطّلع على الأخبار العاجلة عبر المواقع، بينما الجيل الحالي - خاصة الطلاب - يملكون مهارات رقمية وتكنولوجية لم نمتلكها نحن، وهم قادرون على إنتاج المحتوى بأنفسهم".
وفيما يخص أدوات الترويج، شدد على أهمية المقاطع القصيرة (الريلز) بوصفها وسيلة فعالة لجذب المشاهدين؛ لأنها تعرض أجمل ما جاء في البودكاست". وردًا على سؤال من الجمهور حول مستقبل البودكاست، قال إنَّ البودكاست الحقيقي سيبدأ عندما تنحسر موجة "التريند". لافتًا أنَّ الذي يقرأ لا يقع، في إشارة إلى أهمية التحضير الجيد، وفهم المحتوى قبل التقديم.
وفي سياق متصل، أكد الرئيس التنفيذي لمنصة "صدى بودكاست"، محمد العموش، أن الأرقام وحدها كفيلة بتوضيح أهمية صناعة البودكاست عالميًا، مشيرا إلى أن القيمة السوقية للبودكاست في العالم بلغت 30 مليار دولار في عام 2024. مضيفًا أنَّ البودكاست بدأ فعليا في الولايات المتحدة عام 2004، ومنذ ذلك الحين تطورت هذه الصناعة حتى أصبحت ناضجة ومتقدمة.
وأشار إلى أن نسبة النمو السنوي في هذا القطاع تبلغ نحو 27%، ومن المتوقع أن تصل قيمة سوق البودكاست إلى 131 مليار دولار بحلول عام 2030، مما يدل على أنه ليس "تريندًا مؤقتًا"، بل سوق ضخم قائم على المعرفة والمحتوى النوعي.
وحول تجربة "صدى بودكاست"، أوضح العموش أن المنصة انطلقت قبل خمس سنوات إدراكًا لحجم النقص الكبير في المحتوى العربي، قائلًا "الشعوب العربية لا تملأ الفراغ، لكنها تحتاج من يُكمل هذا الفقد عبر إنتاج محتوى حقيقي". فيما أنتجت المنصة خلال هذه السنوات ملايين الساعات من البودكاست، سعيًا لسد الفجوة في المحتوى الصوتي العربي، على حدّ قوله.
وبيّن أن الفارق بين صانع المحتوى في الوطن العربي ونظيره في الولايات المتحدة لا يكمن فقط في الأدوات، بل في العائدات أيضا. فسواءً كان لصانع البودكاست في العالم العربي مستمع واحد أو مليون، فهو في الغالب لا يحقق دخلًا يذكر، موضحًا أن جمهور اليوم لا يتفاعل بناءً على الإعجاب بالشخص أو المؤثر، بل يبحث عن محتوى قادر على شد انتباهه. 
ورداً على أسئلة الحضور، أكد العموش، أن جوهر البودكاست يكمن في كونه مساحة حرّة، بلا ضوابط أو سياسات تحريرية صارمة، وهو ما يجعله أكثر راحة وانفتاحًا للمشاركين والمستمعين على حدّ سواء. قائلًا "البودكاست وُجد ليكون بلا تحفظ، لكن لو خرج أحد ليقدّم معلومات مغلوطة، يمكن لآخر أن يقدّم البديل الصحيح. الفرصة والمساحة متاحة للجميع، ولا يشترط أن تكون إعلامياً".
ونوّه إلى أنَّ البودكاست يمثّل "خدمة حسب الطلب"، أي أن الجمهور هو من يختار ماذا يشاهد ومتى، دون أن يُفرض عليه محتوى لا يرغب به. لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن الاستدامة في البودكاست صعبة للغاية، وأنَّ من الضروري أن تحقق الحلقات الأولى تفاعلًا وجمهوراً واضحاً، ولا يمكن لصانع البودكاست أن يتوقع الربح السريع، أو أن يصبح غنيًا من خلاله مباشرة.
وعن التحديات التي تواجه صناعة البودكاست، شدد العموش على أن الخلل لا يكمن في الجمهور أو المحتوى، بل في التجربة بحد ذاتها، وأن من اجتهد وأخطأ فله أجر، ومن اجتهد وأصاب فله أجران. وعند سؤاله عن مستقبل الإذاعات، رد "لا أعرف إن كانت ستنتهي، لكن بالتأكيد شكلها تغيّر. ومع ذلك، الإذاعات تمتلك كل المقومات التي تؤهلها للتكيّف مع البودكاست".

الصحف الورقية والتحولات الرقميّة

فيما تحدث في جلسة "الصحافة الورقية والتحولات الرقمية.. حقيقة أم شراء للوقت قبل الوداع؟" رئيس تحرير صحيفة العربي الجديد معن البياري، رؤيس تحرير جريدة الغد مكرم الطراونة، ورئيس تحرير جريدة الرأي خالد الشقران، ويسّرتها كاثي فراج. 
وتحدث ا رئيس تحرير صحيفة العربي الجديد معن البياري عن واقع الصحافة الورقية الذي يشهد تراجعًا ملموسًا في الانتاج اليومي وتراجعها في أن تكون مصدر أولي لأخذ الأخبار المستجدة وآخر الأحداث، لا سيما وأن آخر الدرسات التي اطلع عليها أكدت أن في بحث حول مصادر الأخبار المعتمدة لدى المتلقي بينت تراجع الصحف الورقية إلى آخر المصاف بنسبة 1% وانها لم تعد تشكل مصدراً رئيسي للأخبار، على عكس المواقع الإخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي. 
وتابع أن الصحف الورقية بات لديها جيل محدد يحب الجلوس صباحًا واحتساء فنجان القهوة وبيده صحيفة ورقية، إلا أنَّ هذا لا ينطبق على الجيل الجديد والشباب، ما يعني أن قيمة الصحف المهمة موجودةٌ في أماكن مخصصة لشخصيات محددة مثل؛ مكاتب الوزارات، والرؤساء، والطيارات، وجيل قديم من الآباء والأجداد. 
وأكد البياري أن الدفاع عن الصحف الورقية لوحدها، حالة انتحارية بالكامل لا سيما وأن العصر يمشي سريعاً والرقمنة أصبحت واقعاً لا بد منه ويجب مواكبته والتطور معه والتماشي بأحدث الإمكانيات والقدرات. 
فيما لفت رئيس تحرير جريدة الرأي خالد الشقران إلى أن التحول الرقمي أصبح أمرًا ضروري، قائلًا إنَّ هذا ما سعت إليه صحيفة الرأي فتقدمت بأولى الخطوات بإمكانياتها وقدراتها، غير أنَّ هذا لا يعني أن الصحيفة الورقية انتهت، وإنما تراجعت لأسباب عديدة أمام الوضع المالي الصعب الذي تعانيه الصحف كافة، مؤكداً أن الصحيفة لديها القدرة على المواكبة والتحول رغم المعيقات. 
وأضاف أن المشكلة التي تعانيها الصحف بالعموم هي الإعلانات الحكومية والقضائية وأنها أساس عمل الصحف وانقطاعها يشكل تحدي وصعوبة كبيرة، موضحًا أن الصحف الورقية أصبحت جزءًا من مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي. 
في المقابل أكد رئيس تحرير صحيفة الغد مكرم الطراونة أن السؤال الأبرز يجب أن يكون، "هل هو اختفاء الورق أم اختفاء المحتوى؟"، لأن ما يغذي الصحف الورقية، المحتوى حسب قوله. 
وأضاف أن الصحيفة قامت بعمل دراسة وتبين أن انتاج الصحيفة للصحف أكبر منه للمواقع وصفحات التواصل الاجتماعي ما دعا الصحيفة إلى التطوير والعمل على الإندماج في الرقمنة والتحول، مبينًا أنه تم استدعاء واستقطاب جيل جديد من الصحفيين وأصحاب الاختصاص وكان هذا يشكل تحدي كبيراً، خاصة وأنه ما زال هناك عدد كبير من الصحفيين ذوي الخبرة لم يتأقلمو مع الرقمنة وضرورة التحول وإنما كان إيمانهم بالكامل في قيمة الصحف الورقية.
وتابع الطراونة أن الثورة التي حدثت في "البودكاست" شكلت تحديًا كبيرًا أمام صنع ما هو مميز خاصة وأن المعظم يعتقد أن وجود "كاميرا، أريكة، وكوب قهوة" يعطيه الأحقية في البدء ببرنامج خاص للبودكاست، خاصة وأن المواطن الصحفي شكل حالة فوضوية لكثرة من اعتقد نفسه صحفي لمجرد حمله أحدث الأجهزة والتصوير. 
فيما أبدى الشقران رأيه مؤكدًا أن التغيير في المحتوى أصبح ضرورة، ووضعنا ليس سليمًا كإعلام عربي مع صفحات التواصل الاجتماعي خاصة وأننا نعاقب على نشر خبر معين، أو مواقف سياسية أو آراء. قائلًا إن أكبر مثال هو سياسات فيس بوك التي تمنع نشر ما شاءت الصفحة من أخبار، ما يجعل نشر الخبر محدود ويتم تقليله ويصعب نشره. 
من جانبه أوضح الطراونة أن السياسة التحريرية تختلف من صحيفة لأخرى وهذا ما يميز واحدة عن أخرى أو يجعلها أكثر قراءة من غيرها، فالصحيفة التي تقدم مادة صحفية دسمة كاملة تختلف عن الصحيفة التي تقدم مادة سطحية، مؤكداً أن الملكية الفكرية إحدى الاسباب التي تضر الصحف. 
وأكد رؤساء التحرير في إجاباتهم على مشاركات الحضور أن الدعم الحكومي كان لا بد منه في الاعلانات القضائية والحكومية، وبحاجة الصحف إلى ربط اجتماعي حتى تظل الصحف تعبر عن حالة الشعب، موضحين أن الثقة في صفحات التواصل الاجتماعي لا يجب أن تكون كبيرة وعمياء إلى هذا الحد خاصة وأن المواقع والتواصل الاجتماعي مليئة بالاشاعات والأخبار المغلوطة

وبدأت فعاليات الملتقى في دورته الثالثة بمشاركة أكثر من 750  إعلاميًا وإعلامية وناشطًا وصانع محتوى وخبيرًا إلى جانب ممثلين عن مؤسسات دولية من مختلف أنحاء العالم.
الملتقى الذي أطلقه مركز حماية وحرية الصحفيين قبل عامين، يطرح هذا العام عبر جلساته الممتدة على مدار يومين قضايا محورية تتعلق بحماية الصحفيين وواقع الحريات الإعلامية، إلى جانب التحديات التي تواجه المهنة في ظل النزاعات والأزمات. كما يناقش سبل بناء القدرات والاحتراف المهني في زمن أصبحت فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي جزءًا رئيسيًا من صناعة الإعلام، فضلًا عن قراءة تحولات المشهد السياسي في المنطقة وانعكاساتها على الساحة الإعلامية.


جلسات ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال من حرب غزة إلى الذكاء الاصطناعي والتحديات القانونية في الفضاء الرقمي

بعد حرب الإبادة على غزة إسقاط حكومة نتنياهو هدف رئيسي
فضائيات المستقبل بين الذكاء الاصطناعي والإبداع البشري
التحديات القانونية في الفضاء الرقمي.. بين حماية الحقوق وتقييد حرية التعبير

تواصلت في ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال المنعقد في عمّان جلسات نقاشية متزامنة، سلّطت الضوء على ثلاثة محاور محورية؛ السيناريوهات المحتملة لمستقبل الداخل الفلسطيني بعد حرب الإبادة على غزة، والتحديات القانونية المتنامية في الفضاء الرقمي، والبحث في آفاق الفضائيات في زمن الذكاء الاصطناعي.

بعد حرب الإبادة
عُقدت جلسة بعنوان "سيناريوهات الداخل الفلسطيني بعد حرب الإبادة على غزة" شارك فيها المحاضر في العلوم السياسية جمال زحالقة والباحثة في التغيير الاجتماعي في المجتمع الفلسطيني بالداخل مها كركبي، وأدارتها الإعلامية هديل النماس.
أكدت الباحثة مها كركبي أن الحركة الصهيونية فشلت في بناء كيان يتجاوز حدوده الداخلية، مشيرةً إلى أن التحدي الأكبر يكمن في كيفية التعامل مع الفلسطينيين الذين بقوا داخل ما يُسمى بدولة إسرائيل. وقالت إن المشروع الصهيوني ارتكز منذ بداياته على إقامة دولة يهودية خالصة، ما جعل مسألة المواطنة إشكالية بنيوية، إذ تأسست الدولة على صراع قومي عميق ومتصاعد مع الشعب الفلسطيني.
وبيّنت أن هذا الصراع انعكس مباشرة على الفلسطينيين في الداخل الذين جُرّدوا من أراضيهم وممتلكاتهم عبر منظومة القوانين الإسرائيلية؛ فخسرت عائلات بأكملها كل ما تملك، فيما حُوِّلت قرى كاملة إلى مناطق عسكرية مغلقة. وأضافت أن هناك فارقًا صارخًا بين المواطنة الشكلية الممنوحة للفلسطينيين داخل إسرائيل، وبين واقعهم الفعلي القائم على التمييز والإقصاء.
وفي سياق تداعيات الحرب الأخيرة على غزة، أوضحت كركبي أن العدوان غيّر جذريًا مفهوم المواطنة الإسرائيلية؛ فبينما كان الداخل الإسرائيلي منشغلًا سابقًا بقضايا "الانقلاب القضائي" وحدود الديمقراطية، جاءت الحرب لتُعمّق الانحيازات البنيوية في الدولة. مشيرةً إلى أن مجرد إبداء التعاطف مع الفلسطينيين بات يُجرَّم ويؤدي إلى الفصل من العمل، ما يكشف عن انكماش واسع في الفضاء الديمقراطي، وترسيخ متسارع لمنطق قومي يحدد مكانة الأقلية الفلسطينية داخل إسرائيل.
وأضافت أن الفلسطينيين فقدوا بعد الحكم العسكري مواطنتهم العملية، إذ حُرموا من الأرض والهوية والقيادة التقليدية، وتحولت عائلات بأكملها إلى حالات من التجريد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. واستُخدمت القوانين والمؤسسات لانتزاع الملكيات، وتحوّلت قرى إلى مناطق مغلقة، فيما جرى تقليص الاقتصاد الفلسطيني المستقل وتشكيل طبقة وسطى محدودة مرتبطة بالسوق الإسرائيلي، ما أضعف قدرة المجتمع على الحفاظ على استقلاله وهويته. وخلصت إلى أن هناك سياسة منهجية لتقويض التجذّر الفلسطيني عبر أدوات قانونية واجتماعية واقتصادية تُكرّس واقعًا يصعب معه تحقيق الاستقلال الاقتصادي وصون الهوية.
أما المحاضر جمال زحالقة فشدّد على أن التهجير هو جوهر الحرب الإسرائيلية، معتبرًا أن العدوان على غزة يستهدف فرض واقع جديد يقوم على منع السكان من العودة إلى بيوتهم. موضحًا أن إسرائيل حشدت ما يقارب مئة ألف جندي ليس فقط لمواجهة المقاومة، وإنما لتنفيذ سياسة التهجير القسري ومنع أي إمكانية للعودة.
وأضاف أن الخطاب الإسرائيلي يتجاهل تمامًا حق العودة وينحصر في العمليات العسكرية الميدانية، مؤكّدًا أن ما يجري هو إبادة جماعية ممنهجة وتهجير منظم ضد سكان غزة، بما يحمله من تداعيات بعيدة المدى.
وأكد زحالقة أن الحركة الفلسطينية في الداخل المحتل ستشهد تحوّلًا دراماتيكيًا في دورها السياسي خلال المرحلة المقبلة، بحكم موقعها الاستراتيجي داخل الكيان. مبينًا أنَّ تجزئة الشعب الفلسطيني تبقى العقبة الأخطر، الأمر الذي يجعل من توحيد الصف الوطني وبناء قوة سياسية موحّدة قادرة على تحويل التمثيل الشعبي إلى تأثير مؤسسي ضرورة ملحّة، بما في ذلك انتزاع عدد وازن من مقاعد الكنيست لمواجهة سياسات اليمين المتطرف. وقال إن إسقاط حكومة نتنياهو أصبح هدفًا رئيسيًا على أجندة العمل الفلسطيني.

فضائيات المستقبل

فيما ناقشت جلسة بعنوان "تعالوا نتخيل.. فضائيات المستقبل في ظل الذكاء الاصطناعي"  التحولات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي على الإدارة الإعلامية، والسلبيات، والتحديات التي تواجه الإعلام. وشارك فيها المدير العام لقناة المملكة جعفر الزعبي، ومدير برامج قناة الغد هادي جعفر، ويسّرتها الإعلامية روز السوقي.
وقدّم هادي جعفر للحضور رؤيته استنادًا إلى خبراته الطويلة في تطوير البرامج الإعلامية وإدارة المحتوى على المنصات الفضائية، موضحًا أن الفضائيات تواجه اليوم خطرًا كبيرًا، لكنه ليس الأول من نوعه، فقد سبق أن واجهت موجة منصات التواصل الاجتماعي التي شكلت تهديدًا لصورة الفضائيات، باعتبار أن تنافسها يعتمد بشكل كبير على قوة الصورة. قائلًا "اليوم مع وجود الذكاء الاصطناعي، الخطر أصبح في الإنتاج وتخصيص الصورة، وبالتالي نحن نواجه تهديدًا جديدًا، وتواجهه جميع الفضائيات العالمية".
وأكد أن قدرة الفضائيات على التكيف هي العامل الحاسم، فالمشكلة ليست في الذكاء الاصطناعي نفسه، بل في قدرة المؤسسات الإعلامية على التكيف مع هذا "المخلوق الجديد"، كما وصفه. وبيّن أن استخدام الذكاء الاصطناعي بدأ قبل عام 2010، لكن قدرة الفضائيات على التكيف معه في عمليات التحقيق والتوزيع هي ما سيحدد ميزتها التنافسية.
وأشار جعفر إلى أن الميزة التفاضلية للفضائيات تكمن في المهنية والاحترافية، مؤكّدًا ضرورة الاستثمار في الطاقة التحريرية المتميزة والمهارات البشرية، التي تمنح الفضائيات القيمة سواء على الشاشات أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وأضاف أن التحديات المقبلة ليست بعيدة المدى، فهناك استثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي على مستوى الدول العربية والأجنبية، بما في ذلك الولايات المتحدة، بينما تختلف التقديرات حول تكلفة بناء نماذج متقدمة، ما يزيد من حالة التخبط في آليات الاستثمار وسبل الاستفادة الفعلية.
وأوضح جعفر أن الذكاء الاصطناعي يمتلك مزايا عملية للقطاع الإعلامي، فهو يسرّع عمليات الإنتاج ويخفض زمن تنفيذ مهام كانت تستغرق أيامًا أو أسابيع لتصبح ممكنة في ساعات، ما يعزز قدرة الوسائل التقليدية على المنافسة مع ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي ويفتح آفاقًا جديدة لصناعة المحتوى. وأضاف أن الذكاء الاصطناعي يتعلم منّا، فكلما كان أداء الصحفيين أذكى وأكثر وعيًا، كانت النتائج أفضل. والهدف هو تطوير مزيج متكامل من أدوات ذكية مدعومة بالمهارات البشرية لضمان الاستفادة من الإمكانيات دون فقدان المصداقية أو سلامة المحتوى، مؤكّدًا أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل الصحفيين.
وشدّد على أن الذكاء الاصطناعي لن يلغي التحقق البشري أو دور الإنسان، بل سيختفي الصحفي التقليدي غير المبتكر، الذي يكتفي بنقل الأخبار كما هي من الوكالات. مضيفًا أنَّ الصحفي الشامل هو من يحضّر ويحرر ويوزع المحتوى، ومع إمكانية تقليل عدد الأشخاص في غرف الأخبار، يبقى المطلوب ارتفاع الكفاءات.
وبيّن جعفر أن بعض الوظائف قد تختفي لصالح الذكاء الاصطناعي، مما يثير التساؤل حول "من سيعمل؛ الإنسان أم الروبوت؟"، لكن التطور يفرض السرعة والدقة في التعامل مع الأدوات، ويظل دور الصحفي أساسيًا في التحرير والتحقق من المصادر والتقصي، وهي مهام لا يمكن للذكاء الاصطناعي استبدالها.
من جانبه، قال المدير العام لقناة المملكة جعفر الزعبي إن قدرة التكيف تختلف من وسيلة إعلامية إلى أخرى؛ فالتلفاز يمتاز بصعوبة إنتاجه مقارنة بالصحيفة أو الراديو، لكنه أصبح أسهل وأسرع بفضل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. مضيفًا أن النجاح يعتمد على عاملين أساسيين؛ المحتوى والتكنولوجيا، فالمؤسسة أو القارئ القادر على الدمج بينهما يحقق الاستمرارية، وكلما زادت مهارات الصحفي وخبراته، زادت فرصه في التوظيف والنجاح، إلا أن المحتوى يبقى هو الأساس.
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يقدم إمكانيات واسعة، لكنه يحمل مخاطر كبيرة، إذ يمكن لأي شخص الحصول على إجابة جاهزة من النظام وتقديمها على أنها نتاج أبحاثه دون معرفة مصدرها أو مدى مصداقيتها. موضحًا أن العالم يشهد سباقًا هائلًا في الاستثمار بالذكاء الاصطناعي، مع اختلاف التكاليف والتقديرات بين الدول، مثل الصين التي أعلنت أن تكلفة تدريب أحد أنظمة التعلم العميق لم تتجاوز 300 ألف دولار، ما يعكس تفاوتًا عالميًا في آليات الاستثمار.
وأكد الزعبي أن الهدف الأهم هو الاستفادة الإيجابية من الذكاء الاصطناعي، فهو قادر على تلخيص المحاضرات، وإنتاج المحتوى، ومساعدة المؤسسات الإعلامية على تطوير عملها، مع التأكيد على أن المحتوى هو الملك، وهو ما يصنع الفارق مهما تقدمت التكنولوجيا. وبيّن أن الذكاء الاصطناعي بدأ بتجارب مذيعين يقرؤون أخبارًا بلغة ركيكة، ثم تطوّر ليصل اليوم إلى مستويات تفوق قدرات بشرية معروفة، وفق قوله.

التحديات القانونيّة
وانعقدت جلسة حوارية بعنوان  "التحديات القانونية في الفضاء الرقمي" وشارك في النقاش المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبد العزيز، والمحامي المتخصص في القوانين السيبرانية والحقوق الرقمية عمرو نزال، ويسّرت الجلسة المحامية نور الإمام.

واستعرضت المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبد العزيز تجربة مركز العدل في إعداد دراسة بالتعاون مع مؤسسات مجتمع مدني قبل إقرار قانون الجرائم الإلكترونية عام 2023؛ إذ أُطلقت حملة واسعة للتحذير من المخاطر حول القانون، ومع ذلك لم تنجح هذه الجهود رغم العمل التعاوني مع أحزاب ونقابات وأفراد. 
وأشارت إلى أن القانون تضمن نصوصًا فضفاضة وانتقائية في التطبيق، إضافة إلى عقوبات وغرامات غير مسبوقة مستوحاة من التجربة الإماراتية، مع فارق كبير في مستويات المعيشة والدخل. ورغم توجّه الأردن نحو تقليل العقوبات السالبة للحرية والحد من الاكتظاظ في السجون، جاء القانون مبالغ في العقوبات، بل وأدخل نصوصًا جديدة مثل محاسبة مديري الصفحات على التعليقات أو تجريم جمع التبرعات إلكترونيًا. 
ووصفت عبد العزيز التعديلات التي أُدخلت لاحقًا على القانون  بالـ"محدودة"، إذ ظل القانون يغلّظ العقوبة على انتقاد السلطة العامة ولا يميز بين الشخص العام والعادي، مما يترك مساحة واسعة للانتقائية. مضيفةً أن الممارسات على الأرض عززت القلق، خصوصًا مع التوسع في التوقيف قبل المحاكمة.
كما شددت على أن منصات التواصل الاجتماعي بخوارزمياتها تعزز خطاب الكراهية والمحتوى المثير للغضب، ما يستدعي تنظيمًا يحد من الممارسات الضارة دون تقييد الحق في التعبير، وفي الوقت نفسه، دعت إلى تجريم أشكال الإساءة مثل الابتزاز واغتيال الشخصية. ذاكرةً ضرورة التركيز على  الحق المجتمعي في المساعدة القانونية، وأن مركز العدل يسعى لتوفير هذه المساعدة لجميع الفئات، خصوصًا في مرحلة ما قبل المحاكمة التي تعتبر  هي الأهم. .

من جانبه، أكد المحامي المتخصص في القوانين السيبرانية والحقوق الرقمية عمرو نزال أن قانون الجرائم الإلكترونية جاء ليقيد حرية الرأي والتعبير، وهو ما أثبتته الممارسات بعد سنتين من تطبيقه، إذ سادت حالة من الرقابة الذاتية لدى النشطاء والصحفيين نتيجة غموض النصوص وتوسعها التجريمي. 
وأوضح أن بعض الجرائم صُنّفت كـ"جنح" لا تخضع لرقابة محكمة التمييز، ما يعني غياب ضمانة رقابية عليا. كما بيّن أن الإشكالية الأساسية تكمن في غياب معايير واضحة تحدد ما هو النقد المباح، خصوصًا فيما يتعلق بمصطلحات مثل "الأخبار الكاذبة" أو "اغتيال الشخصية"، التي ما زال القضاء عاجزًا عن وضع ضوابط دقيقة لها. 
وأضاف نزّال أن الخطابات ليست كلها مباحة، فالدول ملزمة بموجب الاتفاقيات الدولية بمنع خطاب الكراهية ووضع حدود له. لكن هذا المنع يجب أن يستند إلى معايير متوازنة تحافظ على الحقوق الأساسية ولا تتحول إلى أداة لتقييد حرية التعبير. وأكد أن أي تشريعات محلية يجب أن تعكس المعايير والممارسات الدولية، وأن تضع حدودًا واضحة بين ما يعد خطابًا يهدد السلم المجتمعي وما يدخل في إطار النقد المشروع. 

وبدأت فعاليات الملتقى في دورته الثالثة بمشاركة أكثر من 750  إعلاميًا وإعلامية وناشطًا وصانع محتوى وخبيرًا إلى جانب ممثلين عن مؤسسات دولية من مختلف أنحاء العالم.
الملتقى الذي أطلقه مركز حماية وحرية الصحفيين قبل عامين، يطرح هذا العام عبر جلساته الممتدة على مدار يومين قضايا محورية تتعلق بحماية الصحفيين وواقع الحريات الإعلامية، إلى جانب التحديات التي تواجه المهنة في ظل النزاعات والأزمات. كما يناقش سبل بناء القدرات والاحتراف المهني في زمن أصبحت فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي جزءًا رئيسيًا من صناعة الإعلام، فضلًا عن قراءة تحولات المشهد السياسي في المنطقة وانعكاساتها على الساحة الإعلامية.



جلسة الافتتاح: مؤتمر الإعلام والاتصال

المومني: ضرورة مواجهة التضليل الإعلامي دون تقييد الحريات
منصور: الصحافة بين الخطر الرقمي والعدوان الميداني
الداوود: الأردن يخوض معركة إعلامية
سفير الاتحاد الأوروبي: الملتقى فرصة للحوار وعرض الحقائق
رئيس اتحاد الصحفيين العرب: الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي غائبة عند العرب
النسور: الإعلام الحر مرآة المجتمع 
 الاتحاد الدولي للصحفيين: حرية الصحافة لا تتحقق من دون حماية الصحفيين



انطلقت الجلسة الافتتاحية لملتقى مستقبل الإعلام والاتصال في عمّان اليوم تحت شعار الإعلام من الحرية والحماية إلى التمكين والتغيير قدّمها الإعلاميان سارة دراوشة ومحمد الحتاملة. وافتُتح الحفل بعزف السلام الملكي الأردني وعرض فيلم قصير عن شهداء الصحافة في غزة، أعقبه وقوف الحضور دقيقة صمت حدادًا على أرواح الصحفيين الذين استشهدوا أثناء تغطيتهم العدوان على غزة.

منصور: الصحافة بين الخطر الرقمي والعدوان الميداني
وفي كلمته الترحيبية، أكد مؤسس مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور أثر العدوان على غزة وما تعرض له الصحفيون من مخاطر؛ إذ أصبح أكثر من 250 صحفيًا وصحفيًة أهدافًا مباشرة، ما أدى إلى استشهادهم، مشيرًا أيضًا إلى ما يحدث في دول الجوار مثل سوريا ولبنان، داعيًا للتساؤل حول حرية الصحافة واستقلالها في ظل فشل المؤسسات الدولية في حمايتها. وأعرب منصور عن أسفه لعدم حضور الوفد الفلسطيني للملتقى بسبب الظروف الراهنة.
وتحدث عن الإعلام والتطور التكنولوجي من ذكاء اصطناعي وربوتات  وتهديد النزاهة الصحفية أمام "الترند"، وللسبب ذاته اشتمل تنظيم الملتقى على ثلاثة محاور وهي تمكين الصحفيين والحماية والسلامة المهنية  والإعلام الجديد، والتي سيعقد من خلالها 33 جلسة بمشاركة 98 شخصية  و 32 ميسرًا  وستركز على اهمية الأمان المعيشي بالإضافة للتحديات الأخرى مثل التمويل. معلنًا عن إطلاق مبادرة بالتعاون مع قناة المملكة لطلبة الجامعات وصناع المحتوى لإنتاج محتوى رقمي وكذلك عقد برامج تدريبية. 


المومني: ضرورة مواجهة التضليل الإعلامي دون تقييد الحريات
وقال وزير الاتصال الحكومي، محمد المومني، إن الأردن ماضٍ في ترسيخ بيئة إعلامية قائمة على الاعتدال والاستقرار، وتمكين الصحفيين من أداء رسالتهم النبيلة في البحث عن الحقيقة ونقلها بمهنية واحتراف. موضحًا أن حرية التعبير حق أساسي من حقوق الإنسان وجزء من معادلة أمن الوطن الأردني، مشددًا على أن حق الناس في التعبير والنقد محفوظ تحت مظلة القانون.
وأشار إلى الدور المحوري للإعلام في تشكيل الوعي العام وصناعة القرار المبني على الحقيقة، مؤكدًا أن حرية الإعلام ركيزة لأي مجتمع ديمقراطي مزدهر، وأن الأردن يعمل على توفير بيئة حاضنة ومسؤولة لذلك. وحذّر من التحديات التي تواجه المشهد الإعلامي، وفي مقدمتها التضليل الإعلامي والأخبار الكاذبة، واصفًا مواجهتها بأنها ضرورة لحماية المجتمعات والأمن الفكري.  قائلًا إنَّ "حرية بلا مسؤولية تعني فوضى، ومسؤولية بلا حرية تعني ديكتاتورية".
وبيّن الوزير أن الأردن اتخذ خطوات عملية لمواجهة هذه الظواهر، ليس عبر تقييد الحريات، بل عبر تعزيز الشفافية، ونشر المعلومة الصحيحة، وتشجيع مبادرات التحقق، مؤكدًا أن تجربة الأردن في التربية الإعلامية والمعلوماتية أثبتت فعاليتها كنموذج وطني في مواجهة الأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية.

الداوود: الأردن يخوض معركة إعلامية

من جانبه، رحّب نائب نقيب الصحفيين الأردنيين، عوني الداوود، بالحضور والمشاركين من الأردن ومختلف الدول، ومن نقابة الصحفيين العرب واتحاد الصحفيين الدوليين، مؤكدًا على التحديات الإقليمية، وخاصة في غزة، وما أسفر عنه العدوان من استشهاد الصحفيين والصحفيات. 
وأوضح أن الأردن يخوض معركة إعلامية في المحافل الدولية بقيادة الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا، مشددًا على دور النقابة في مواجهة محاولات التشويه والتشكيك.
 وعرج على استراتيجية النقابة 2026-2028 وخططها لحماية المهنة والتصدي لمنتحلي صفة الصحفي، لافتًا إلى تحويل أكثر من 200 شخص للقضاء بسبب مزاولة المهنة دون ترخيص. كما أكد ضرورة مراجعة قانون نقابة الصحفيين، مع تشكيل لجنة لوضع مشروع قانون متوافق مع التطورات، وتوسيع التعاون مع المؤسسات والاتحادات المحلية والدولية في مجالات التدريب ورفع كفاءة الصحفيين، خاصة في الإعلام الرقمي.

كريستوف: الملتقى فرصة للحوار وعرض الحقائق

أما سفير الاتحاد الأوروبي في الأردن، بيير كريستوف تشاتزيسافاس، فقد عبّر عن موقف الاتحاد الثابت تجاه الأردن وفلسطين، مؤكدًا دعم المؤسسات الفلسطينية والأونروا، ومشيرًا إلى إعلان خمس دول أوروبية اعترافها بدولة فلسطين، وما يترتب على ذلك من آثار اقتصادية وسياسية إيجابية.
 ودعا إلى محاسبة مرتكبي الجرائم في غزة، مشيرًا إلى فرض عقوبات ستدخل حيز التنفيذ فورًا، مع إعادة النظر في التعاون مع إسرائيل. مشددًا على أن الملتقى يمثل فرصة للحوار وعرض الحقائق، مثنيًا على جهود القائمين عليه.

اللامي: الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي غائبة عند العرب

ونوّه رئيس اتحاد الصحفيين العرب، مؤيد اللامي، إلى أهمية محاور الملتقى، مشيرًا إلى أن موضوعات مثل الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي تُدرس عالميًا لكنها غائبة في الوطن العربي، وأن مخاطر الذكاء الاصطناعي أكبر من أن تُعتبر قضية إعلامية فقط، بل هي قضية شاملة. 
واختتم كلمته بتحية لفلسطين والصحفيين في غزة، مشيدًا بجهودهم لنقل الحقيقة رغم الصعوبات والمخاطر الكبيرة التي يواجهونها.
من جانبه 
النسور: الإعلام الحرّ مرآة المجتمع
في حين قال مدير مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان للشرق الأوسط وشمال أفريقيا محمد النسور إن الإعلام الحر هو مرآة المجتمع وصوته، وبدونه تغيب الحقيقة، وتستحيل المحاسبة، ويبتعد تحقيق العدالة.
 وأوضح أن تقارير مؤسسات دولية موثوقة مثل "مراسلون بلا حدود" و"اللجنة الدولية لحماية الصحفيين" تظهر أن المنطقة العربية ما زالت تسجل أدنى المراتب عالميًا في مؤشرات حرية الصحافة، وأن الصحفيين العرب يدفعون ثمنًا باهظًا في سبيل كشف الحقيقة من خلال الملاحقات والتضييق والاستهداف، خاصة في مناطق النزاع، وهو ما يشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان. 
وشدد النسور على أن للشعوب الحق في معرفة الحقيقة، مؤكدًا التزام المفوضية بدعم حرية الإعلام وحماية الصحفيين.

بيلانجي: حرية الصحافة لا تتحقق من دون حماية الصحفيين
بدوره، أوضح الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين، أنطوني بيلانجي، أن الصحافة ليست مجرد وسيلة للتنبؤ، بل تقوم على الحقائق ونقلها بدقة. 
وأكد وقوفه ضد الطغيان والمجازر، مشيرًا إلى المأساة التي تعرض لها الصحفيون في غزة، داعيًا المؤسسات والحكومات إلى التحرك لمواجهة هذا الواقع. وشدد على أن حرية الصحافة لا تتحقق من دون حماية الصحفيين، معربًا عن أسفه لمقتل 225 صحفيًا في غزة.

 ويُعقد الملتقى في نسخته الثالثة بمشاركة أكثر من 750 إعلاميًا وإعلامية وناشطًا وصانع محتوى وخبيرًا، إلى جانب ممثلين عن مؤسسات دولية من مختلف أنحاء العالم. وعلى مدار يومين، يناقش المشاركون قضايا محورية تتعلق بحماية الصحفيين وواقع الحريات الإعلامية، والتحديات التي تواجه المهنة في ظل النزاعات والأزمات، إلى جانب سبل بناء القدرات والارتقاء بالاحتراف المهني في زمن أصبحت فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي عنصرًا رئيسيًا في صناعة الإعلام، مع التوقف عند تحولات المشهد السياسي في المنطقة وانعكاساتها على الساحة الإعلامية.



الشرق الأوسط الجديد صراع السياسات وتحولات الهوية والمشروع الصهيوني

زحالقة: الشرق الأوسط الجديد يُعيد تشكيل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
جول : تركيا بعد 2020 عادت لسياساتها الخارجية الراسخة
البراري : أكتوبر أعاد تشكيل الواقع الفلسطيني وطرح التهجير

استكملت جلسات ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال فعالياتها بمناقشات متخصصة تناولت أبرز الملفات الإقليمية والدولية الراهنة، مع التركيز على التحولات السياسية والإعلامية في الشرق الأوسط. ومن ضمن هذه الجلسات، جاءت جلسة بعنوان "الشرق الأوسط الجديد.. العرب ما بين إيران وتركيا وإسرائيل.. مقاربات إعلامية"، التي قدّمت منصة للحوار بين خبراء في العلوم السياسية والإعلام والشؤون الإيرانية.
وشارك في الحوار المحاضر في العلوم السياسية جمال زحالقة، ورئيس تحرير الإندبندنت والشرق الأوسط التركية محمد جول، وأستاذ العلاقات الدولية حسن البراري، ورئيس قطاع الأخبار للشركة المتحدة سمير عمر، والباحثة المتخصصة في الشأن الإيراني فاطمة الصمادي، وأدارت الجلسة الإعلامية ميرنا إيهاب.
وتمحورت المناقشات حول رؤية القوى الإقليمية الكبرى لمستقبل المنطقة، بما في ذلك الصراعات المفتوحة والتحديات السياسية والاستراتيجية، ودور المقاومة الفلسطينية في تحديد موازين القوى، فضلاً عن التحولات المرتبطة بالملف النووي الإيراني والصعود القومي في طهران، ضمن سياق محاولات إعادة رسم خريطة المنطقة بما يعرف بـ"الشرق الأوسط الجديد".
سمير عون: اسرائيل نجحت ... 
بدوره، قال رئيس قطاع الأخبار في الشركة المتحدة، سمير عمر، إن مصطلح "الشرق الأوسط الجديد" يعد تسمية استعمارية ذات طابع عنصري صاغها الغرب، مؤكدًا أن استخدامه يعني استجابة وتطبيعًا مع الرؤية الإسرائيلية.
وأوضح عمر أن هذا المصطلح بدأ تداوله حتى قبل طرحه من قِبل شمعون بيريز، مستشهداً بتصريح لرئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة جولدا مائير بعد حرب 1967، حين قالت إن التسوية بالنسبة لها تعني أن تتمكن من التسوق في سوق الحميدية بدمشق دون أن يثير ذلك استغرابًا، أي أن تصبح إسرائيل جزءًا طبيعيًا ومقبولًا من المنطقة.
وأشار إلى أن مصر وقّعت معاهدة سلام مع إسرائيل، إلا أن الوعي الجمعي العربي ظل رافضاً لفكرة السلام أو التعامل الإيجابي معها، ما جعل القيادة السياسية العربية تنجح بقيادة المشهدين بكفاءة، حيث استمر الشعب بنبذ كل محاولات التطبيع ومعاقبة من يتورط بها، في ما يشبه "حركة مقاومة داخلية".
وبيّن عمر أن الحديث عن "شرق أوسط جديد" يعني عمليًا إعادة رسم الحدود وفق الرؤية الإسرائيلية؛ إذ نجحت إسرائيل في فرض معايير مقلوبة يُوصم فيها اليهودي الذي يعارض سياسات الدولة العبرية بأنه "معادٍ للسامية" أو حتى "كاره لنفسه".
ولفت إلى أنَّ  آليات إسرائيل في فرض هذا المشروع لا تقتصر على البعد السياسي والاقتصادي، بل تتعداه إلى محاولات جذرية لإعادة رسم الخرائط وتغيير بنية المنطقة برمّتها.
د. جمال زحالقة: هدف اسرائيل في المنطقة نشر الخوف أيضا 
في السياق ، أوضح محاضر في العلوم السياسية الدكتور جمال زحالقة أن مصطلح "الشرق الأوسط الجديد" ليس جديدا وإنما يُستخدم ضمن مجموعة مفاهيم مختلفة بين التحليلات الأمريكية والسورية والإسرائيلية، ورغم أن هناك اختلافات في التسمية والمقاربات فإن الفكرة الأساسية هي أنه إذا لم يتم مواجهة السياسات الإسرائيلية، فإنه ستتشكل خطوط جديدة في المنطقة تؤدي إلى تغييرات جذرية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والعلاقات العربية الإسرائيلية. 
وأشار إلى أن السلام الاقتصادي والسياسي الذي رافق عملية السلام سابقا كان قائما على مصالح إقليمية واقتصادية إسرائيلية، بما في ذلك فتح الأسواق العربية أمام المنتجات الإسرائيلية، وفق معادلة شيمون بيريس التي مزجت المصالح الإسرائيلية بالاعتبارات الاقتصادية، مضيفا أن هذه السياسات كانت جزءًا من جهود إسرائيل للسيطرة على القرار الاقتصادي والسياسي في المنطقة بعد الانتصارات العسكرية خصوصا في مصر. 
وشدد زحالقة على أن الهدف الإسرائيلي في المنطقة لا يقتصر على الجانب العسكري وإنما يشمل أيضا نشر الخوف وتقويض الروابط بين الدول العربية والفلسطينيين، من خلال التحكم في التعليم والوعي السياسي وإضعاف قدرة الفلسطينيين على الارتباط بالمدن والمجتمعات العربية المجاورة، مؤكدا أن هذا المنطق يمتد إلى محاولات التأثير على سوريا والمنطقة بشكل أوسع حيث تُستخدم أدوات سياسية واقتصادية وأمنية لتحقيق السيطرة الشاملة ونشر حالة من الرهبة بين السكان.
محمد جول: هدف تركيا في سوريا لم يكن تغيير النظام 
وفي ما يتعلق بالسياسة الخارجية التركية، أشار رئيس تحرير الاندبندت والشرق الاوسط التركية محمد جول إلى أن التوجه التركي شهد انحرافا بعد الربيع العربي حيث اتضح أن السياسات التي انتهجتها تركيا حتى عام 2020 لم تكن متوافقة مع مصالحها الاستراتيجية، ومع ذلك عادت تركيا بعد 2020 إلى سياساتها الراسخة القائمة على عدم التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للدول العربية، مع الحفاظ على موقف متوازن تجاه إسرائيل إذ لم يتم التطبيع الكامل رسميا إلا بعد اتفاق أوسلو وتطبيع بعض الدول العربية لاحقا. 
وبالنسبة للتدخل العسكري التركي في سوريا أوضح أن الهدف لم يكن تغيير نظام دمشق وإنما التعامل مع التحديات الأمنية وحماية الحدود التركية من تنظيم داعش وما شابه بهدف حماية الأمن القومي التركي،مشيرا الى المشهد السياسي قبل الربيع العربي كان يقوم على شبكة اقتصادية متكاملة بين دول الجوار، رغم وجود العديد من الإشكالات التي تحدّ من المشروع التنموي الإقليمي وذلك تأكيدا لفرص تكامل عربي تركي متصالح مع ايران لمواجهة اسرائيل. 
فاطمة الصمادي: حماس لا تعد ذراعا لإيران 
وعلى صعيد إيران والصراع مع اسرائيل، قالت الباحثة المتخصصة في الشأن الإيراني، فاطمة الصمادي، إن المقاومة الفلسطينية، وتحديدًا حركة حماس، لا تُعد ذراعًا لإيران في المنطقة، موضحة أن العلاقة بين الطرفين لطالما شابها خلافات جوهرية، أبرزها الموقف من الملف السوري.
وأشارت إلى أن التحول في سوريا كان بمثابة خسارة استراتيجية كبيرة لإيران، مؤكدة أن تدخل طهران هناك كان خطأ استراتيجيًا كلّفها أثمانًا باهظة على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأخلاقية، ما انعكس بوضوح على الداخل الإيراني.
وأكدت الصمادي أن الصراع مع إسرائيل يحتل موقعًا مركزيًا في تشكيل الرؤية السياسية الإيرانية، خاصةً أن تل أبيب تسعى لفرض "شرق أوسط جديد"، في حين تتبنى إيران تصورًا مختلفًا للمنطقة.
وفي ما يتعلق بالملف النووي، حذّرت من أن اقتراب نهاية الاتفاق النووي الإيراني، مع اتجاه الغرب نحو استئناف العقوبات عبر مجلس الأمن، قد يدفع طهران إلى إعادة النظر في عقيدتها النووية وربما الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، معتبرة أن امتلاك إيران للسلاح النووي بات مسألة وقت.
ولفتت الصمادي إلى صعود التيار القومي داخل إيران، خاصة بعد المواجهة مع إسرائيل، وهو ما يشير إلى تراجع الفكر الإسلامي التقليدي لصالح تيار يمزج بين القومية والإسلام السياسي.
ومن جانب البنية المجتمع الصهيوني أكد البراري أن الخطة الإسرائيلية واضحة وأن أحداث أكتوبر شكلت نافذة لإعادة تشكيل الواقع الفلسطيني بحيث يبقى التهجير أحد السيناريوهات المطروحة بقوة ، لافتا الى أن هوية الدولة أمام الفلسطينيين تطرح ثلاثة مسارات محتملة أولها دولة ثنائية القومية تحكمها أغلبية فلسطينية وفق معادلات ديمقراطية، وهو مسار صعب القبول أما الثاني فهو دولة ثنائية القومية تحكمها أقلية يهودية وهو خيار مرفوض كليا فيما يتمثل الثالث في ضمان التفوق الديموغرافي الإسرائيلي، وهو ما يعكس الاتجاه الغالب في السياسات الإسرائيلية.  

وأوضح أن المسألة لا تتعلق بـ مجرد تغيير تسمية "الشرق الأوسط الجديد" وإنما الخطورة الحقيقية تكمن في تقسيم الشعب الفلسطيني وتجزئته، كما تساءل عن إمكانية أن تبقى إسرائيل دولة منبوذة ومعزولة، مشيرا إلى أن الدعم الأمريكي ليس مطلقاً أو شاملا وأن هناك استطلاعات رأي حديثة تكشف عن تحولات لافتة داخل المجتمع اليهودي حيث تشير بعض النتائج إلى أن 60% من الشباب اليهودي يؤيدون حركة حماس، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤل أكبر حول ما إذا كان المشروع الصهيوني يمتلك القدرة على التكيف مع هذه المتغيرات.




جلسات موازية 3.. عن الفن وسلامة الصحفيين والتمويل وتطوير القدرات

الفن الأردني بين سيف السوشال ميديا ومساحات الحرية
حماية الصحفيين وانتهاكات إسرائيل المتكررة ناسفة المعايير الدولية 
فرصة متاحة أم زمن انتهى؟

عقب الجلسة الافتتاحية، تواصلت فعاليات الملتقى من خلال جلسات موازية ناقشت محاور حيوية تمس واقع المهنة وتحدياتها؛ فقد تناولت إحداها قضايا التمويل والدعم لتطوير قدرات الإعلاميين وتعزيز فرص الاستدامة، فيما ركزت جلسة أخرى على سلامة الصحفيين في أعقاب الحرب على غزة وما أفرزته من مخاطر غير مسبوقة على الميدان. كما خُصصت جلسة لبحث العلاقة بين الفن والإعلام ودور منصات التواصل الاجتماعي في تشكيل الخطاب العام وصناعة الرأي.


الفن الأردني بين سيف السوشال ميديا ومساحات الحرية

ناقشت جلسة بعنوان "الفن والإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.. ماذا صنعت؟ تجارب تُروى" تأثيرات مواقع التواصل الاجتماعي على الدراما والسينما الأردنية، وكيف يتعامل معها الوسط الفني المحلي. شارك في الجلسة المخرجة والمنتجة والممثلة تيما الشوملي، والممثلة تارا عبود، والمخرج والكاتب أمجد إرشيد، وأدارها صانع المحتوى أحمد السرور.
قالت الشوملي إن شهادتها "مجروحة" بوسائل التواصل الاجتماعي، إذ انطلقت بداياتها الفنية من خلال منصة "يوتيوب"، مؤكدة أن هذه المنصات فتحت المجال أمامها وأمام غيرها لإبراز مواهبهم. وأشارت إلى أن السوشال ميديا كسرت احتكار المحتوى الفني العربي وسمحت بالخروج عن القوالب التقليدية، مضيفة "كان هناك محدودية في الأفكار، والسوشال ميديا فتحت أبوابًا جديدة وأعطت المبدعين مساحة أوسع".
وبيّنت أن بدايتها بتقديم محتوى ترفيهي على المنصات الرقمية واجهت صدمة كبيرة من التعليقات السلبية والمؤذية، ما جعلها تتساءل إن كانت ستكمل الطريق أم لا. لكنها استطاعت بفضل إصرارها وتغيّر ردود الفعل مع الوقت أن تستمر، منوهةً إلى أن أي تجربة جديدة تبدأ بصدمة، لكن الجمهور مع مرور الوقت يميّز التفرد.
وتطرّقت الشوملي إلى تسليط الضوء على قضية التنمر في أعمالها، وعلاقتها المباشرة بمواقع التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى الأثر الكبير لهذه التجربة على صحتها النفسية سواء للأطفال أو الكبار، ولافتةً إلى أهمية زيادة الوعي المجتمعي. وأوضحت أنها تعمل حاليًا على مجموعة من الأعمال الجديدة، لكنها انتقائية، مضيفة أنَّ "نجاح مدرسة الروابي لا يعني أن أقبل بأي مشروع. الشغل النظيف يحتاج وقتًا، وأفضل أن أركز على النوعية لا الكمية".
وأكدت أن الجمهور الأردني لا يُلام على انتقاداته، لأنه ببساطة لا يجد تنوعًا كافيًا في الأعمال الدرامية الأردنية، مبيّنةً أن ما يُقدَّم اليوم لا يروّج للبلد بقدر ما يعكس شريحة معينة من المجتمع قد يتفق معها البعض أو يختلف. وتابعت أنه في الموسم الأول من مدرسة الروابي، كثير من الأهالي لم يرغبوا أن يشاهد أبناؤهم العمل، قائلةً "هذا يذكّرنا بقوة تأثير الفن على المجتمع، وبالضغط الكبير الذي نعيشه كفنانين، وهو أمر قد لا يكون صحيًا، لكن علينا أن نتذكر لماذا نفعل ذلك، وأن نكون لطفاء مع أنفسنا".
وأضافت الشوملي أن الأهم في الفن أن يرفّه عن الجمهور، وفي الوقت نفسه يلامس بعض مشكلات الواقع حتى وإن قُدمت بقالب ترفيهي، مشيرةً إلى أنها تحب أن تصل أعمالها إلى أوسع شريحة ممكنة، حتى لو كانت تجارية، شرط أن تحمل رسائل توعية.
من جانبه، أكد المخرج والكاتب أمجد إرشيد أن للسوشال ميديا محاسنها وسلبياتها، فهي تتيح مساحة لأعمال تخاطب أجيالًا وأفكارًا مختلفة. وبيّن أن السينما بطبيعتها تسعى لطرح أسئلة تناسب المجتمع وتثير النقاش حول قضاياه، مضيفًا أن تنوع الأعمال بين الترفيهية والتجارية لا يُعد سلبيًا، بل يلبي تطلعات الجمهور، وأن منصات التواصل أصبحت عنصرًا مساعدًا في انتشار السينما.
وأشار إلى أن الهجوم الذي يطال بعض الأفلام الأردنية يعكس وعي الجمهور الأردني، لكنه جمهور حساس، لذا يحتاج العمل الفني أن يطرح القضايا بطريقة تراعي المجتمع. واستشهد بفيلمه الأخير "إن شاء الله ولد"، موضحًا أن ردود الفعل كانت إيجابية عمومًا رغم انزعاج البعض، لكنه شعر أن الجمهور الأردني تقبّل الفيلم.
كما لفت إلى تراجع الثقافة السينمائية والدرامية في الأردن مقابل توجه الجمهور إلى الدراما العربية والتركية التي لا تعكس واقع المجتمع المحلي، مبينًا أن صناع السينما الأردنيين يحاولون تقديم صورة المجتمع الأردني وطبقاته المختلفة بصدق.
أما الممثلة تارا عبود، فأوضحت أن السوشال ميديا "سيف ذو حدين"، فهي تتيح القرب من الجمهور ومشاركة الأعمال أولًا بأول، لكنها تفرض أيضًا ضغوطًا كبيرة وقلقًا متزايدًا خاصة بين المراهقين بسبب حجم الانتقادات المستمرة.
وأشارت إلى أنها شخصيًا مرّت بتجربة صعبة مع التعليقات السلبية التي أثّرت على ثقتها بنفسها لسنوات، لكنها استطاعت لاحقًا أن تبني ثقتها وتتجاوز تلك المرحلة، مضيفةً "خمس سنوات كانت صعبة جدًا، لكني تعلمت أن أتعامل مع النقد وأحوّله إلى فرصة للتطور".
وتحدثت عن دورها في مسلسل "مدرسة الروابي" بشخصية "سارة"، التي حظيت بتعاطف واسع من الجمهور، مؤكدة أن النقد الذي تلقته كان في معظمه بنّاء، وساعدها على تحسين أدائها في أعمالها الجديدة.

حماية الصحفيين وانتهاكات إسرائيل المتكررة ناسفة المعايير الدولية 

فيما عُقدت جلسة "بعد الحرب على غزة.. سلامة الصحفيين على المحك الدروس المستفادة" مع المتحدثين مدير الأخبار في قناة الغد يوسف الأستاذ، والمراسل الميداني في مناطق النزاع والحرب ويسلون فاش، وأدارت الجلسة الإعلامية إسراء طبيشات.
وفي السياق تحدث مدير الأخبار يوسف الأستاذ أنه وفي ظل المقتلة والمجزرة الكبرى التي تحدث في غزة لا بد للصحفيين والمؤسسات من خلق فرص جديدة وتجنب العوائق في الصحافة قدر الإمكان، وضرورة التحقق من المعلومات في العمل الصحفي التحريري، ما يعني أهمية الملتقى لا سيما وأن الصحفيون يعانون من الاستهداف الممنهج؛ إذ أشارت آخر الاحصائيات أن 75% من الوفيات للصحفيين هم في غزة. 
وأكد أنه منذ بدء السابع من أكتوبر تم استهداف ما لا يقل عن 250 صحفي وتدمير 43 مؤسسة إعلامية، بمعنى أنه تدمير ممنهج أرادت به إسرائيل إيصال رسالة أن الصحفيين تابعين لجماعات، ذريعة لأن يكون سببا لقتلهم واستهدافهم، عدا عن منعهم من التغطية ونقل الصورة سواء الصحفيين الفلسطينيين والغزيين والصحفيين الغرب، موضحاً أن إسرائيل "شيطنت" الصحفيين الفلسطينيين وأنهم من جهات معينة. 
واستذكر الأستاذ القصف الذي حدث في البث المباشر لقناة الغد ونقلته مباشرةً وكيف أن أمراة صحفية فذة مثل مريم أبو دقة هدم القصف رسالتها وآمالها في لحظة وهي تساعد المصابين والعالقين، بعد أن كانت قد تبرعت لوالدها بكليتها وحاولت إنقاذ ابنها وأجلتُه إلى الإمارات لتكمل هي التغطية والمسيرة بيد أن العدوان الإسرائيلي لم يستثني صحفيًا واحداً. 
وبيّن أن جزءًا من الصحفيين الغزيين يعملون في مؤسسات كبرى بالعالم ما يعني أنهم خضعوا لتدريب وتغطية الحرب والحماية وجميع الحقوق ومع ذلك ما يزالون ضمن نطاق الخطر، إلا أنَّ الأسوأ هم الصحفيين الذين يعملون في مؤسسات محلية لم يخضعوا لتدريبات أو السلامة أثناء تغطية الحرب، ما يعني أن الصحفي يُستهدف ويُقتل ولا تستطيع مؤسسته التصرف سوى بنقل الحقيقة وهذا هو التطرف الذي تقوم به إسرائيل، منوهًا لو أن الصحفي الذي استهدف كان غير فلسطيني لـ"قامت الدنيا ولم تقعد". 
وأشار إلى أن الحرب في أوكرانيا استثنى فيها الصحفيون، أي أن الصحفي يتمتع بحقوقه والسلامة والحماية لكن في غزة يقتل ولا يسأل عنه أحد، لافتًا إلى أن الصحفي الغزي لا يريد أن يكون بطلاً وإنما أن يعيش حياة كريمة. 


من جانبه تحدث المراسل الميداني ويسلون فاش عن عمله في تغطية الحروب والنزاعات وتواجده في فلسطين عام 2019 لتغطية الحرب، إضافةً إلى أنه كان متواجداً في غزة قبل السابع من أكتوبر بثلاثة أشهر، مبيناً أنه يريد يشدة أن يغطي الحقيقة وما يحدث في غزة، وهذا شيء مستحيل ولا تريده إسرائيل. 
وأوضح أن الصحفيين الغرب سُمح لهم بأن ينقلو ما يحدث في غزة شريطة أن يكونوا مع الجيش الإسرائيلي فقط في تحركاته وعدم التحدث مع الفلسطينيين بتاتًا، مشيراً إلى أنه رفض ذلك لأنه من غير العادل عدم السماح للصحفي بالتحدث مع الفلسطينيين وغير مهني.
وتحدث فاش أن المنصات الإعلامية العالمية لا تستطيع استخدام مصطلح "الإبادة الجماعية" لكن الجميع يدرك أن ما يحدث في غزة ليست حرب وإنما إبادة جماعية، موضحًا أنه قام بتغطية ما حدث في العراق مع الجماعات الإسلامية وكان في مناطق العراق وشهد محاولات الجماعات الإسلامية بقتل الصحفيين واستهدافهم، وأيقن أن هذه الجماعات ليست خطراً فعليا على الصحفيين بقدر إسرائيل. 
وفي إجابات المتحدثين على اسئلة الجمهور أكد فاش أن الصحافة الغربية فعلياً لم تدعم غزة وفلسطين بالشكل الكافي، لكن على المستوى الشخصي كان دائما ما يسأل نفسه ما الذي يمكنه فعله. 
وتابع أن الإعلام الإسرائيلي لا يظهر الحقيقة وما يحدث بالفعل وأنهم متواطئون، مبيناً ضرورة أن يدين العاملين في الصحافة أنفسهم وليس على الصحفي الغربي الاعتماد على الدول العربية، لأن الواضح عدم وجود عدالة لديهم، قائلًا "علينا حماية المزيد من الصحفيين الفلسطينيين ومساعدتهم هم وعائلاتهم". 
وأشار فاش إلى أن المنطقة بحاجة لحراك على مستوى عالمي وهذا ما كان يجب أن يحدث منذ زمن طويل، والمفارقة أنهم فرضوا عقوبات على روسيا بينما للآن لم يستطع أحد فرض عقوبات على إسرائيل، مشددًا على ضرورة الأرشفة وفهم ما يحدث وما يمكن استخدامه مستقبلا للمحاكمات ضد إسرائيل في جميع المؤسسات الصحفية.

فرصة متاحة أم زمن انتهى؟

وانعقدت جلسة حوارية بعنوان "جلسة التمويل والدعم لتطوير قدرات الإعلاميين: فرص متاحة أم زمن انتهى؟" بمشاركة مدير عام ورئيس تحرير شبكة وطن الإعلامية معمر عرابي، ونائبة مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الصندوق الوطني للديمقراطية كارين فارين، وأدارت النقاش تمارا خزوز.
وأكد مدير عام ورئيس تحرير شبكة وطن الإعلامية معمرعرابي أن قضية التمويل والاستدامة بالنسبة للمؤسسات الإعلامية المستقلة باتت أكثر تعقيدًا من الماضي، نتيجة التحولات السياسية والاقتصادية في المنطقة والعالم. وأوضح أن التمويل الأميركي والأوروبي، الذي شكّل موردًا أساسيًا قبل عقدين، تراجع بشكل ملحوظ بفعل تغير السياسات والإدارات، ما انعكس سلبًا على الإعلام المستقل في دول عدة، من بينها فلسطين.

وشدد على ضرورة أن تفكر المؤسسات الإعلامية في بدائل جديدة خارج إطار التمويل التقليدي، بعيدًا عن الأجندات السياسية التي قد تفرضها بعض الجهات المانحة. وقال "نحن أمام مرحلة جديدة تتطلب حلولًا مبتكرة لضمان الاستدامة بعيدًا عن الاعتماد على التمويل الخارجي المشروط."
وأشار إلى تجربة شبكة وطن الإعلامية في فلسطين، التي تمكنت خلال 30 عامًا من تحويل التحديات إلى فرص، حيث يأتي نحو 70- 80 %  من دخلها من مصادر متنوعة بعيدة عن التمويل التقليدي. واعتبر أن هذه التجربة دليل على إمكانية بناء نموذج استدامة مختلف يصلح للمنطقة بأكملها.

من جانبها، رأت نائبة مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الصندوق الوطني للديمقراطية كارن فارين أن التحدي الأكبر أمام الإعلام المستقل يكمن في كيفية تحقيق الاستدامة مع المحافظة على التوازن بين تلبية حاجات المجتمع وتفادي التدخلات الحكومية.
 وأكدت أن توطين الإعلام المحلي تحت المظلة الحكومية يضعف استقلاليته ويحد من قدرته على خدمة المواطنين بموضوعية.
وشددت فارين على أهمية بناء برامج للتبادل والحوار وتعزيز مشاركة المجتمع في دعم الإعلام المستقل. 
وأشارت إلى أن التمويل المجتمعي يمثل أحد النماذج الواعدة التي حققت بعض النجاحات في المنطقة، لكنه يحتاج إلى تحديد أولويات واضحة من المؤسسات الإعلامية نفسها. مضيفةً أن على المؤسسات أن تحدد بدقة ما هي حاجاتها الأساسية، وأولويات مجتمعاتها، وما الذي تركز عليه لإقناع الممولين.
 وأكدت أن دعم الإعلام المستقل لا يقتصر على التمويل المالي فقط، بل يشمل أيضًا بناء القدرات، وحماية البيئة المهنية للصحفيين، وفيما يتعلق في البيئات الشبابية أكدت على حضور الفعاليات والندول وبناء العلاقات للحصول مصادر تمويلية. 
وبدأت فعاليات الملتقى في دورته الثالثة بمشاركة أكثر من 750  إعلاميًا وإعلامية وناشطًا وصانع محتوى وخبيرًا إلى جانب ممثلين عن مؤسسات دولية من مختلف أنحاء العالم.
الملتقى الذي أطلقه مركز حماية وحرية الصحفيين قبل عامين، يطرح هذا العام عبر جلساته الممتدة على مدار يومين قضايا محورية تتعلق بحماية الصحفيين وواقع الحريات الإعلامية، إلى جانب التحديات التي تواجه المهنة في ظل النزاعات والأزمات. كما يناقش سبل بناء القدرات والاحتراف المهني في زمن أصبحت فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي جزءًا رئيسيًا من صناعة الإعلام، فضلًا عن قراءة تحولات المشهد السياسي في المنطقة وانعكاساتها على الساحة الإعلامية.




الجلسة الموازيّة 4.. تتناول أسئلة النقابات لتنظيم المهنة أم الحماية و"ترند" هل هو على حساب المصداقيّة ومستقبل الصحافة الخليجيّة


الصحافة الخليجيّة تواجه صعوبة في المواكبة
منصات التواصل الاجتماعي والترندات على حساب المصداقيّة والثقة 
النقابات ما يزال دورها يتأرجح بين أسئلة تنظيم المهنة أم حماية الصحفيين


انطلقت عقب الجلسة الافتتاحية، فعاليات الملتقى من خلال جلسات موازية ناقشت محاور حيوية تمس واقع المهنة وتحدياتها؛ حيث تناولت إحداها مستقبل الصحافة الخليجيّة، فيما ركزت جلسة أخرى على النقابات بين التنظيم وحماية الصحفيين، كما خُصصت جلسة للحديث عن منصات التواصل الاجتماعي.

الصحافة الخليجيّة تواجه صعوبة في المواكبة
وعقدت جلسة بعنوان "مستقبل الصحافة الخليجية: أسئلة التمكين والاستقلالية والتحولات الرقمية"، شارك فيها المستشار في جريدة القبس داهم القحطاني ومقدمة البرامج في قناة الحدث تهاني الجهني و الكاتبة الصحفية وصانعة المحتوى ريم خلف، وأدارتها قادسية الضمور.
وأكد المستشار في جريدة القبس داهم القحطاني أن الصحافة العربية تواجه صعوبة في مواكبة السوق وفهم متطلباته حتى تتطور عكس ما يحدث في الإعلام الغربي، مشيرًا إلى أن المشكلات الرئيسية تكمن في عدم إعطاء المشاريع الإعلامية حقها وعدم تسويقها إلكترونيًا، وأن الصحف إما أن تواكب التقدم أو تواجه خطر الانتهاء. 
وأوضح بما يخص خطر مواقع التواصل الاجتماعي على الإعلام أن هناك فرقًا كبيرًا بين الكتالوج و"الحكاواتي" والصحافي، وصانع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، وأن العمل في الصحافة خطر ودقيق ويحتاج لتنظيم وترخيص من الدولة، وليس أي صانع محتوى بإمكانه أن يتقن كيف يمارس المهنة، حيث يمكن أن يؤدي عدم التنظيم إلى مشاكل عند نقل الأحداث.
وأشارت مقدمة البرامج في قناة الحدث تهاني الجهني إلى الدور المهم للإعلام الخليجي في ظل التغيرات الجيوسياسية، لافتةً إلى أن الصحف في دول الخليج بدأت تتحول إلى المنصات الرقمية مثل صحيفة عكاظ التي تقدم محتوى رقميًا وتواكب التطور.
 وقالت إن رؤية السعودية 2030 تطلب من الإعلام خدمتها داخليًا وخارجيًا، كما أشارت إلى أن المرأة في السعودية تعيش أفضل فترات التمكين في بعض المجالات، غير أنها ما تزال تواجه تحديات في الإعلام بعض الأحيان، مشددة على أن مواقع التواصل الاجتماعي تحتاج إلى تنظيم.
وركزت الكاتبة الصحفية وصانعة المحتوى ريم خلف على أن الجمهور في الوقت الحالي يفضلون المشاهدة والاستماع على القراءة، وأن الفيديو أصبح الوسيلة الرئيسية لنقل الأخبار، فيما تشكّل مواقع التواصل الاجتماعي بديلًا لإيصال أصوات المواطنين، خاصة في بعض الدول التي تحد من حرية التعبير. 
وأضافت أن الحاجة للترفيه جعلت مواقع التواصل الاجتماعي أكثر حضورًا في منطقتنا العربية، وأن التحدي القادم يكمن في كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في الإعلام، فهو التحدي الأخطر الذي يواجه العمل الإعلامي.

منصات التواصل الاجتماعي والترندات على حساب المصداقيّة والثقة 

وفي جلسة أُخرى بعنوان "منصات التواصل الاجتماعي ... الترند على حساب المصادقية" بمشاركة مديرة الأول محتوى في شبكة اغسطس الاعلامية كاسي فيتزجيرالد، ومدير الاعلام الرقمي في قناة المملكة أحمد حيمور، وإدارة رايا اليعقوب.
خلال مداخلتها، تناولت مديرة الأول محتوى في شبكة اغسطس الاعلامية كاسي فيتزجيرالد قضية انتشار الأخبار المضللة عبر المنصات الرقمية، مؤكدة أن ما يُعرف بـ "الترند" لا ينشأ تلقائيًا، بل يتم صناعته والترويج له عبر عمليات منظمة وأدوات دقيقة. 
وأشارت إلى أن الجمهور غالبًا ما ينجذب إلى ما يستهويه من محتوى، غير أن النقاشات العامة أصبحت تُوجَّه بشكل ممنهج، الأمر الذي يفرض تحديات كبيرة على المؤسسات الإعلامية في التمييز بين الحقيقي والموجَّه.
وأضافت أن المطلوب اليوم هو رفع مستوى وعي المستخدمين، مستشهدة بقدرات أدوات الذكاء الاصطناعي مثل "شات جي بي تي" في تحليل النصوص ورسائل البريد الإلكتروني والتمييز بين الحقيقي والمضلل. مبينةً أن الخطر يتضاعف مع سهولة وقوع كبار السن، فضلًا عن الأطفال واليافعين، ضحايا لتصديق هذه المضامين.
من جانبه، أوضح مدير الاعلام الرقمي في قناة المملكة أحمد حيمور أن الترندات الإعلامية لم تعد انعكاسًا طبيعيًا لاهتمامات الجمهور، بل تحولت إلى أدوات تتحكم بمحتوى الأخبار وانتشارها. لافتًا إلى أن المال لا يصنع علامة إعلامية حقيقية، بل يقتصر دوره على تعزيز الانتشار، موضحًا الفرق بين الاستثمار في المصداقية الشاملة وبين خلق مظهر إعلامي زائف. وأكد أن أي محتوى رائج قد يكون مدفوعًا بتوجيهات معينة، سواء من أدوات رقمية أو من جهات رسمية، ما يستدعي من الصحفيين التحقق المستمر قبل الانجرار وراء الموضوعات المشبوهة.
وشدد على أن الذكاء الرقمي والوعي الإعلامي أصبحا ضرورة لكل مستخدم وصحفي، مشيرًا إلى أن التحقق من النصوص أو الفيديوهات بات ممكنًا عبر أدوات بسيطة تكشف التضليل. محذرًا من خطورة اعتماد الجمهور على منصات التواصل الاجتماعي كمصدر وحيد للأخبار، إذ تُظهر الدراسات أن 45.6% من الأردنيين يعتمدون عليها لمتابعة الأخبار، في حين أن 50% منهم لا يصدقون ما يُنشر عبرها. 
ودعا منصور المؤسسات الإعلامية إلى تكريس جهودها لتعزيز المصداقية وتقديم محتوى موثوق يضع الجمهور في صميم العملية الإعلامية، مشددًا على أن الترندات لا ينبغي أن تتحكم بأولويات غرف الأخبار، بل يجب أن يظل التركيز على إنتاج محتوى حقيقي يعكس الواقع بدقة ويعزز ثقة المتلقي.

النقابات بين التنظيم وحماية الصحفيين 

وفي جلسة "النقابات بين التنظيم وحماية الصحفيين.. إخفاق أم قصة نجاح؟"، التي شارك فيها نقيب الصحفيين في كردستان آزاد الشيخ يونس ورئيسة اتحاد الصحفيين والصحفيات في لبنان إلسي مفرّج، و مؤسس مركز حماية وحرية الصحفيين في الأردن نضال منصور، وأدارت الجلسة الإعلامية رفاه جواد، وافتتح النقاش بسؤال حول ما إذا كان نجاح النقابات أمرًا محسومًا أم نسبيًا، ليجمع المتحدثون على أنه نسبي ويختلف باختلاف التجارب.
واستعرضت إلسي مفرج تجربة النقابة البديلة في لبنان التي نشأت بعد الحرب اللبنانية، مشيرة إلى أن الحكومات حينها سعت إلى تفتيت النقابات أو احتوائها، ما أدى إلى ضعفها وعجزها عن حماية الصحفيين.
وأوضحت أن الحماية يجب أن تكون شاملة، بدءًا من إصدار قوانين تكفل الحقوق، مرورًا بالتصدي للتوقيف الاحتياطي والاعتداءات والتحرش، وصولًا إلى ضمان الأمان الوظيفي. ولفتت إلى أن اتحاد الصحفيين والصحفيات في لبنان وثّق خلال العامين الماضيين استهداف ستة صحفيين لبنانيين من قبل قوات الاحتلال، مؤكدة أن المحاسبة والتوثيق من صميم دور النقابات.
من جهته، شدد آزاد الشيخ يونس على خصوصية كل تجربة نقابية، موضحًا أن نقابة الصحفيين في كردستان تضم نحو 6000 عضو وعضوة من مختلف التخصصات الإعلامية، بما في ذلك صانعي المحتوى، وتتمتع باستقلالية. 
وأكد ضرورة استبدال العقوبات السالبة للحرية بالغرامات، مشيرًا في الوقت ذاته إلى إشكالية تعريف الصحفي في ظل توسع منصات التواصل الاجتماعي وغياب تشريعات واضحة تنظمها. ورأى أن الصحفي المهني هو من يعتاش من الصحافة ويمارسها بمسؤولية ومهنية.
أما نضال منصور، فأشار إلى أن تقييد حرية الصحفيين غالبًا ما يرتبط باستبداد السلطة ورغبتها بالسيطرة، بيد أنه أكد وجود نماذج متقدمة في العالم. ورأى أن تعريف الصحفي لا يجب أن يشغل النقابات بقدر ما يجب أن ينصب تركيزها على حماية الصحفيين والدفاع عن حقوقهم، مذكرًا بأن المؤسسات الدولية تعتبر أنَّ الصحفي هو كل من ينقل المعلومات بشكل منتظم للجمهور.
وفي مداخلة لنقيب الصحفيين المصريين خالد البلشي، أكد أن التعريف يجب أن يبنى على المحتوى، وأن دور النقابات هو الحماية والدفاع عن البيئة العامة للعمل الصحفي. بينما شددت مفرج على أهمية التضامن بين النقابات، معتبرة أن الأساس هو خدمة المنتسبين في كل بلد، لكن التضامن مع النقابات الأخرى يظل ضرورة، خاصة في ظل ما يواجهه الصحفيون في فلسطين.
من جانبه، أوضح الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين أنطوني بيلانجي أن هناك معايير دولية ثابتة لتعريف الصحفيين، إلا أن بعض الدول لا تزال تحصره في العاملين بالمؤسسات الإعلامية فقط، وهو ما يخلق إشكالات خاصة مع الصحفيين المستقلين أو العاملين مع مؤسسات دولية.
أما نقيب الصحفيين التونسيين زياد دبار، فأكد خصوصية التجربة التونسية في الدفاع عن الحريات، منتقدًا وجود قوانين تتيح حبس الصحفيين في بعض الدول. ودعا إلى أن يكون الصحفيون أنفسهم شركاء في صياغة القوانين الناظمة لمهنتهم وتحديد شروط الانتساب للنقابات. كما لفت إلى تشابه قوانين الجرائم الإلكترونية في الوطن العربي، والتي أُقرت في أغلبها عقب اجتماعات وزراء الداخلية العرب.
واختتمت الجلسة بمداخلات من الحضور ركزت على أهمية إعادة تعريف الصحفي، وإيجاد إطار قانوني يحمي الصحفيين المستقلين، إلى جانب ضرورة تحديث التشريعات بما يواكب التطور التقني السريع في الإعلام.

وبدأت فعاليات الملتقى في دورته الثالثة بمشاركة أكثر من 750  إعلاميًا وإعلامية وناشطًا وصانع محتوى وخبيرًا إلى جانب ممثلين عن مؤسسات دولية من مختلف أنحاء العالم.
الملتقى الذي أطلقه مركز حماية وحرية الصحفيين قبل عامين، يطرح هذا العام عبر جلساته الممتدة على مدار يومين قضايا محورية تتعلق بحماية الصحفيين وواقع الحريات الإعلامية، إلى جانب التحديات التي تواجه المهنة في ظل النزاعات والأزمات. كما يناقش سبل بناء القدرات والاحتراف المهني في زمن أصبحت فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي جزءًا رئيسيًا من صناعة الإعلام، فضلًا عن قراءة تحولات المشهد السياسي في المنطقة وانعكاساتها على الساحة الإعلامية.




المرحلة الانتقالية في سوريا.. العدالة والحقوق والإعلام بين الفوضى والأمل

ناقشت الجلسة الختاميّة التي عقدت ضمن فعاليات ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال الذي بدأ أعماله اليوم، ملف "سوريا وأسئلة المستقبل.. تحديات.. ورهانات.. وقصص النجاح".
وتحدث في الجلسة التي أدار النقاش فيها الإعلامية سونيا الوافي، كل من مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، ورئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير مازن درويش، ومستشار مجموعة فضاءات ميديا أنس أزرق، ومدير الشرق الأوسط وشمال  أفريقيا المفوضية السامية لحقوق الإنسان محمد النسور.
وتطرق المتحدثون إلى الحالة الحقوقية في سوريا اليوم والمرحلة الانتقالية التي تشهدها البلاد، وطرحت في بدايتها السؤال الأهم في هذه الفترة على المستوى السوري والذي يتمثل في "كيف تبدو الحالة الحقوقية في سوريا اليوم؟"
بدوره، قال مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، أن الحديث الحاليَّ هو عن المرحلة الانتقالية في سوريا والشرعية الثورية التي تمر بها اليوم وكيفيّة الانتقال لتعددية سياسية تبتعد عن السلطة الثورية، مبينًا أن سوريا مكونة من طوائف وأعراق يُنظر لها كعناصر من المجتمع السوري وليس ديانات. مؤكدًا أن المرحلة الانتقاليّة يجب أن تبني على عدالة انتقالية، منوهًا أنَّ هذا المسار لم يسير في هذه الطريقة للان.
ولفت إلى وجود مؤشراتٍ جيّدة للحالة الحقوقيّة في سوريا غير أن التفاصيل معقدة وهنالك، قائلًا إنَّ هناك مؤشرات ايجابية يجب ان نبني عليها ونحسنها، بين السلطة والمجتمع. مضيفًا أنَّ الأهم هو رؤية الحكومة بالمرحلة الانتقالية في سوريا، وأن المجتمع المدني السوري تم تسييسه بطريقة يستطيع بها أن يدافع عن حقوقه وهذا بفعل الثورة السورية.
ويذكر عبد الغني أن هنالك محاسبة لسوريا لهذا السياق بالرغم من أن وضع المؤسسات السورية متهالكة، وهنالك تحديات اسطورية، ومسؤولية دور يقع على المجتمع المدني السورية ودور كبير على المجتمع الدولي إذ أن دعمه محدود ومتراجع خاصة للامم المتحدة. 
وبين عبد الغني أن هناك مؤشرات إيجابية جيدة لكن يجب العمل أكثر في ظل وجود مساحات واسعة للعمل، والمجتمع السوري يعاني من حالة تصحر دون أحزاب وسياسات وانتخابات ويجب البناء من الآن وصنعه بجهود وضغط. مضيفًا أن هنالك العديد من القضايا المعقدة، و خبرات محدودة في سورية وتحتاج الى تدريب ودعم مالي  لضبط هذّه المؤسسات.


وقال رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير مازن درويش إنَّ سوريا تشهد منذ أكثر من أربعة عشر عامًا سلسلة من الانقسامات الداخلية التي عمّقت هشاشة الوضع السياسي والاجتماعي، تسيطر الحكومة على أجزاء من البلاد، بينما تبقى مساحات واسعة خارج سيطرتها.
  وأوضح أن الواقع  في النظام السابق  أتاح الاستفادة من حالة الضعف والانقسام المستمرة، في ظل حضور جماعات متطرفة مثل تنظيم داعش، ما جعل البلاد ساحة لتعدد أشكال الصراع. مبينًا أنَّ التحديات الكبرى في استمرار النزاعات التي يتحمل النظام السوري المسؤولية الأكبر عنها، إضافة إلى انهيار البنية التحتية وتراجع التعليم والخدمات الأساسية. 
ورغم هذا المشهد، يرى درويش أن هناك فرصة أمام المواطن السوري لإعادة صياغة المواطنة، والعيش في  دوره، والمطالبة بمستقبل أكثر استقرارًا خلال السنوات المقبلة، إذا ما توفرت الإرادة والظروف السياسية الملائمة. 
وتحدث مستشار مجموعة فضاءات ميديا أنس أزرق بأن وضع الإعلام مثل باقي القطاعات والمجالات في سوريا فيه فوضى عارمة، قائلًا إنه ما دام نظام الأسد سقط فلا يجب أن ننتظر معجزات بعد بل يجب العمل أكثر والتطور، لأن ما حدث في سوريا كبير والتحديات أكبر. 
وأوضح ضرورة الانتقال من خطاب تحريضي تقسيمي اعتاده النظام السابق إلى خطاب وطني جامع، ويجب الانتقال إلى إعلام صادق، والتحول من خطاب مؤثرين وناشطين إلى خطاب مهنيين، ومن إعلام فصائل إلى إعلام سلطة، لا سيما وأن الرأي الذي كان موجود سابقاً مضلل.
وأشار أزرق إلى ان المشكلة كانت في أن السلطات الجديدة ومنظمات المجتمع المدني رفعت سقف توقعات السوريين بما يمكن انجازه في فترة محدودة جدا وهذا كان مخالفا للواقع وهو ما تسبب بالتخبط والتسرع، على حدّ تعبيره. 
ولفت إلى أن الوعي حول المعلومة وحرية تداولها أصبح اليوم أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، معتبرًا أن المقارنة بين الواقع الحالي والمرحلة السابقة "في عهد الأسد" ليست واردة، إذ أن المشهد الإعلامي اليوم مختلف تماما ويضع على عاتق الإعلاميين والفاعلين مسؤولية مضاعفة للاجتهاد والعمل بشكل أكبر.
وأوضح أزرق وجود حالة من الفوضى في المشهد الإعلامي السوري والعربي عمومًا، نتيجة غياب الضوابط وضعف التشريعات الضامنة لـ حرية التعبير، ما يفرض على المؤسسات الإعلامية والمبادرات المستقلة بذل جهد استثنائي لتقديم خطاب موضوعي وشفاف يلامس اهتمامات الناس.
وأكد أن المستقبل ما يزال مفتوحا أمام محاولات جادة لتأسيس إعلام حر ومسؤول رغم التحديات السياسية والاقتصادية، وبين أن بناء وعي مجتمعي حقيقي حول قيمة المعلومة والقدرة على التمييز بين الأخبار المضللة والحقائق سيكون أحد المفاتيح الرئيسية لعبور سوريا إلى مرحلة جديدة من التنمية والاستقرار حيث يصبح الإعلام شريكا أساسيا في عملية الإصلاح والتغيير.

وبدوره أوضح مدير الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المفوضية السامية لحقوق الإنسان محمد النسور، أن الامم المتحدة تراقب المسار السوري عن كثب، مبينًا أن سوريا مرت بـ 45 عاما من نظام الحزب الواحد و أنَّ الامم المتحدة لديها سوء فهم كبير حصل في سوريا مبنية على الشرعية السورية وأزمة الثقة بينهم، منوهًا أنهم قد يكونون الآن في مسارهم الصحيح، قائلًا "سمح للأمم المتحدة بالعودة إلى سوريا واليوم نحن داخل دمشق بعد سنوات من الانقطاع".
ويذكر النسور أنه لابد من الانتباه للموضوع الحقوقي والانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها سوريا ويجب ان يكون في الحكومة اليوم إعادة تأهيل للقضاء والأمن وإعادة هيكلة هذه الأجهزة. 
فيما قال إن الكثير يمكن أن تقدمه الأمم المتحدة، فقد قدمت خطة عمل للمرحلة الانتقالية وللبناء ومساعدة المجتمع المدني، إضافة إلى ضرورة وجود منصب رئيس وزراء ووزارات ومؤسسات فاعلة، لا سيما وأن التفاعل كبير من بعض الوزارات مثل وزارة الصحة لكن الباقي بحاجة إلى عمل أكبر. 
وأوضح النسور أن هناك عدم فهم سليم للأولويات خاصة وأن المرحلة الحالية صعبة ويجب تمكين أجهزة الدولة، ودمج الخبرات والكفاءات السورية حتى الموجودة خارج سوريا، لأن المركزية الموجودة تبطأ التطور.
وبدأت اليوم فعاليات الملتقى في دورته الثالثة بمشاركة أكثر من 750  إعلاميًا وإعلامية وناشطًا وصانع محتوى وخبيرًا إلى جانب ممثلين عن مؤسسات دولية من مختلف أنحاء العالم.
الملتقى الذي أطلقه مركز حماية وحرية الصحفيين قبل عامين، يطرح هذا العام عبر جلساته الممتدة على مدار يومين قضايا محورية تتعلق بحماية الصحفيين وواقع الحريات الإعلامية، إلى جانب التحديات التي تواجه المهنة في ظل النزاعات والأزمات. كما يناقش سبل بناء القدرات والاحتراف المهني في زمن أصبحت فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي جزءًا رئيسيًا من صناعة الإعلام، فضلًا عن قراءة تحولات المشهد السياسي في المنطقة وانعكاساتها على الساحة الإعلامية.