إسرائيل الكبرى: من الجغرافيا إلى اللاهوت

{title}
راصد الإخباري -



إسرائيل الكبرى: من الجغرافيا إلى اللاهوت

قبل أن نلعن المسخ نتنياهو، الذي يقف اليوم ليُملي علينا مزاميره فوق أنقاض مدننا، ألا يحق للتاريخ أن يلعننا نحن؟ ألا يحق له أن يسخر من أمة باعت لحمها في أسواق التبرير، حتى رأت في الصمت سياسة، وفي الركوع حنكة، وفي الخنوع دهاء؟

أين السيوف التي كانت تصنع المعجزات؟ أين الأسود التي كانت تهدر في الميادين؟ أين الفرسان الذين صنعوا من الرمال إمبراطورية، ومن الفقر عزة، ومن الهزيمة نصراً؟ لقد ذبحناهم بأيدينا، وحولنا الخيل إلى تماثيل صامتة في متاحف النسيان.

ولذلك لم يعد غريباً أن يقف نتنياهو اليوم، غير عابئ بحدود أو معاهدات أو دول، لأنه يعلم أن الميدان خالٍ من يقف في وجه إسرائيل.

إنها لحظة السقوط الكبرى، حين تتحول الأمة من صانعة للتاريخ إلى مجرد هوامش في كتاب الآخرين، حين تصبح الجغرافيا غنيمة، والذاكرة فريسة، والهوية ظلاً يتلاشى وسط ركام الأساطير.

وحين يكتب أحفادنا تاريخ هذه الحقبة، سيقولون: أمة بكاملها نامت على وسادة الأوهام، حتى داهمها الطوفان، فلم تستفق إلا وهي رمادٌ تذروه رياح النبوءات المزيفة.

إن لم نستفق الآن، فسنجد أنفسنا بعد سنوات نقف على الأطلال، لا لنبكيها، بل لنسأل أنفسنا بدهشة: كيف كنا نظن أن الصمت طريق النجاة، وهو في الحقيقة أقصر الطرق إلى الهاوية؟

بقلم: هيثم بركات الفقهاء