آخر الأخبار

ليمون بَطعمِ ( أحمد ) ونكهة " رَمون "

راصد الإخباري :  



بقلم : ايمن بدر 

ما بين بلدة  " أبوديس "  شرقي القدس وبلدة "  رَمون  "   شمال شرقي مدينة رام الله قصة عشقٍ بنكهة  أحمد وكوب ليمون 
مخزون كبير من الذكريات وأحداث جليلة وجسيمة تَحتلُ حيزاً كبيراً من الفكر والقلب إستباحت  الواقعَ  وارتسمت ثلاثة عقودٍ ونيف من 
الزمان وكأنها واقعٌ أعيشه الآن حين نُعِيّ الي رحيل أحمد. وكأن زمناً كاملاً تلاشى وذهب بغيابه .
يتغنى الكثير بالزمن الجميل ، ويسقطون من حساباتهم أن الزمن ثابتٌ لا يتغير ، فجمال الزمان لا يَكمُنُ  بالماضي القريب أو السحيق 
فما يزين الزمان والمكان هم الأشخاص الذين يعايشونه.
 فأي جمالٍ هذا لزمانٍ ومكانٍ قد خلا من  الأب والأم والأحبةِ والخلان ؟؟ 
كلمّا غاب خِلٌ تَقَلَصت وتناقصَت جماليةُ الأشياء والأماكن والأسماء ، ومع صفائها فكأنما تلبدت من فوقك السماء 
، وحتى وان كانت مُخصبةً تغدوا الأرضُ في محيطك قاحلةٌ جراداء . ما عدت أرى التكوين المادي والروحي للأنسان كما يراه جُلُهُم ،
 فقد غدا المكون الأنساني عندي هو مجموع الأحبة والأهل والخلان ، كلما غادر احدهم ذهب بعضي. 
يصعب تجَرُعَ فكرةَ ان أحدهم قد غادر ولن تستطيع رؤيته ، ويتمنى المرء ان يعود قليلاً للوراء ليحتضن ويعانق أٌناسٍ كُثُر لم يخبروه 
بموعد رحيلهم . 
تتضائل حدة الخوف من الموت كلما فقدت حبيب أو عزيز ، فأحد اسباب الخوف من الموت هو الخوف نفسه من فراق
 الأحبة ، فكيف حين يغدو الموت هو السبيل لِلَمِ الشمل بأمك وأبيك وأحبابك . 
هناك أمام بيت أحمد وبيت أبيه كنا نجتمع وننتظر أحمد يأتي لنا بكوب الليمون  ليروي ظمأنا مع انه لم يكن بنا العطش ، انما الظمأُ 
لجمال الزمان والمكان الذي يتلألأ بِأٌناسٍ يختصره أحمد ببشاشة وجهه وطلاقة مُحياه وطفولة قلبه الذي كلما تقدم في العمر زاد هذا القلب 
طفولةَ ونقاء .
 ومع كوب الليمون من يديه كنا نرتوي رضاَ وسكينةَ ومحبةَ وأُلفة ، فهو لم يكن كوباً  من العصير من بين يدي أبو تيسير 
  بل كان مذاقاً لألفةٍ وصُحبةٍ وكان شراباً بنكهةٍ  لزمنٍ جميلٍ. 
رَحَلَ أحمد الرموني ، وحَطَ الرحال بباب ربٍ جوادٍ رحيمٍ كريم ، غادر الأسقام والألآم والأوجاع ، وخلفنا ورائه نتجرع مرارة فقد الأب 
والأم والأحبة . وكأني به يردد قوله تعالى ( وما عند الله خيرٌ للأبرار )