آخر الأخبار

نسرين الطويل تكتب قصتها الاولى على راصد

راصد الإخباري :  

سان فرانسيسكو - راصد
من عبدالله الحميدي


ولدت نسرين الطويل في دمشق بسوريا وانتقلت إلى سان فرانسيسكو بكاليفورنيا في سن مبكرة.  

ولطالما كان حلمها العمل مع الأطفال والعائلات ، وبدأت رحلتها كمعلمة بعد أن أكملت تعليمها.  بعد العمل كمدرس لعدة سنوات ، أدركت أنها تريد العمل مع أولياء الأمور ، لأنهم جوهر الأسرة.  

فعادت لتعميق تعليمها وتلقت تدريبًا كمستشارة في الصدمات ، ومتخصصة في إدارة الغضب ، ومستشارة اجتماعية.  بعد سنوات من العمل بشكل رئيسي مع الأطفال والبالغين الذين يعانون من الطلاق ، اكتسبت نسرين خبرة من منظور مختلف حول الأسباب والقضايا الكامنة وراء الطلاق.  

أدت تجربتها إلى كتابة كتابها الأول "ٱدم وحواء الحبيبان المختلفان" حيث أرادت مشاركة ما تعلمته مع العالم.

ونسرين التي التحقت قبل ايام بمنصة السلع الثقافية، اخذها البوح لنشر قصتها الاولى، على الموقع، واهدتها لصحيفة راصد، كما يلي


‎على النافذة كانت
 للأفق البعيد حيث الأمل الغائر بين  التلال، والأشجار المتعالية كما أيام العمر التي مرت دون أن تتمهل ولو لقليلاً، ذهبت في شرودٍ أتلف مهجتها وهي تطفئ عشر شموع سوداء انتصبت أمامها برجفة وقد تمايل معها الضوء كلما أرتجف اللهب، كخيط واهنٍ وجدت نفسها على مقصلة الإعدام تدفع بإقدامها موتها الحتمي، نظرت إلى أصابع يدها وكأنها نسيت أو تناست خاتم الزواج المسبوك بعقيق أسود.
 
‎  هدوء قاتم جعلها لا تلفت إلى ما يدور حولها وكأن انفصاماً قد أصابها، عادت مرة اخرى إلى خاتمها الصغير وأخذت تحدق في إبداعات الصائغ والتفاصيل المتناهية في الصغر  وما لها من جمال أخاذ، قالت في نفسها - حقا إنها تحفة فنان – عادت كما يعود الغريب إلى مسقط رأسه وأخذت تلتقط صوراً لليوم الذي ألبسها فيه خاتم الخطبة حين قررت أنه لن يفارق اصبعها وأنه سيدفن معها إن قضي أجلها وأن لا فراق.

‎  على بلور النافذة تركت ابتسامة حزينة ودمعة بحجم الفراق لمن زين يدها بأحلى الأمنيات وقالت مودعة له وهي تنزعه من كف الحنان :
‎-يا خاتمي العزيز انتهت صلاحيتك ولن تنام على وسادة اصبعي، هيا انهض يا أميري الذهبي بتاجك الأسود، حان الفراق بيننا وليس بعده من لقاء 
‎نزعته برفق وحنان، قربته من شفتيها، أرادت أن تقبل جسداً ميتاً، هي لا تدري.... أتدفنه في التراب هناك في مقبرة العظماء، أم تلقيه بعيدا في الهواء حيث لا ذكرى تعود بالأماسي ولا صدى يردده الأثير بالأمنيات،  دسته برفق في جيب ردائها 
‎-سوف أحتفظ بك في  عمري القادم هو فقط ذكرى ليوم الغباء 

‎  ضوء يدور أمامها بشموعٍ كانت مرصوفة ومتقدة على قالب الكيك الأبيض الذي وضع على الطاولة المنضّدة بقماش أبيض - كأن القالب كان سيد الدار- ابتسامة ساخرة بزفرة خرجت من مبسمها الصغير
‎-كل شيء قد انتهى وأنا لست عائدة  لسنوات العذاب، إلى خيانته التي استمرت لعشرٍ من الأعوام التي كنت أبحث فيها عن حقيقة وجوده في البارات، إلى الغرف الحمراء، إلى كل المركبات المركونة  في الغابات وقد هزت رياح الشيطان من بداخلها.
‎كنت أسأل نفسي في كل ليلة من ليالي وحدتي:
‎-ألست امرأة كباقي النساء تحب (هو)  وهو يحب (هي)
‎فأنا على قدر من الجمال ومن الليل كان شعري له سجادته السوداء وجسمي الأنيق الذي تنظر إليه النساء قبل الرجال، لا أعرف أي انهيارٍ  لتاريخ النساء وقد كنت خارج دائرة زوجي؟ كيف حدث هذا؟ وأنا من كانت تنال حبات الكرز من جائع أراد أن يفتتح الصباح ويبقيني بخمرته سكرى حتى المساء.
‎  الشفاه تشتاق من يزورها ولو حلماً أو في يومها الثاني لانتصار الحق وهي من أبدلت البيت، الأثاث، السيارة وحتى الطريق.
‎-أنا في هروبي وليس لي عودة إلى سجن الشقاء، ولو جاء بشلالات من دمع، ولو قدم مع الانحناء ألف اعتذار.

‎  اطرقت رأسها للحزن وانحنى هيكلها أكثر مما يجب ومن ثم رفعت هامتها لتصطدم بصورة صديقتها التي تركتها في رفوف مكتبتها، كانت في حفل تخرجها وقد تأطرت ببرواز داكن اللون كما حياتها المتلفة، غاصت في الصورة وتناولت صديقتها 
‎عانقتها ضمتها إلى صدرها وقد تأخرت بتخرجها لعشرٍ من شموع الاحتراق، وكأن طلاقها ميثاق شرف لا يباع بكل مال الدنيا، والقبلات وضحكات الفرح شاهدة مع الموسيقى الرومنسية على هذا النجاح
‎تابعت صديقتها بالقول :
‎-مبارك هذا النجاح والانتصار، تاريخ صلاحيته انتهت منذ أن عرفتيه في يومه الأول من الزواج، أي أرض أنتِ حملت على رأسك ثقلها مثل هذه الجبال
‎  لا عزاء لها وقد نزعت الشموع المتهالكة من القالب وقد نزعت معها ما كان من خيانة، من جفاء، من قهر، من اللامبالاة، ومن ضياع. 
‎    كيف كانت أيامها وانتقالها ببن أرجاء مدينتها في الصيف الحارق وحتى تحت ثلج أيام الشتاء، حملت شمعتها المسكينة البيضاء تبحث عن الحقيقة  في كل مكان، المكان الذي لا يدخله الصدق ولا ينفذ من سور حديقته الشرف، حتى أنه خشي على ما في قلبه من عفاف.
‎  كان من الصعب عليها أن تمسك وهج النار وقد نفخت على الشموع بقوة واستطاعت أن تخمد نيران دواخلها، أرادت أن تتأكد أن كل شيء بين (هو) و (هي) قد دفن وراء تلك الأيام، فتحت الباب بالقوة وألقت وراء ظهرها دون أنت تلتفت إلى جثث الشموع القاتمة لتلقي أصابع النيران وتكون نهايتها المرة على العشب الأخضر.


‎كانت المرة الأولى التي تغلق على نفسها بابها وقلبها ولمدة ثلاثة أيام، قامت بأسدال الستائر مسرعة خشية أن تدخل الذكرى ولو من ذاكرتها المثقوبة وتطل من النوافذ، لتقطع عودة  ليالي الموت البطيئة بعد أن أمسكت سكين القاتل، القاتل الذي ليس من أخلاقه أن يقدم للقتل اعتذاراً، حيث ابتسامته سم زعاف، وقبلاته ألسنة من نار تحرق العروق وتسري بطريقها على استعجالٍ لتحرق حتى الدماغ.

‎في الوحدة لم تتلذذ بحفلة الشواء داخلها، وفكرت بالاتصال بصديقتها ولكن ماذا سوف تخبرها؟
‎هل أقول لها انتهى كل شيءٍ ليبدأ كل شيء! ما زلت أنا على قدرٍ من الجمال ولم أنهي بعد ثلاثين عاماً من عمر الزمان! 
‎فهل نسافر معاً وقد وهبني الله أرصدة من المال والحياة لن تتوقف والأمل لا ينام، هل نهرب إلى الشواطئ الدافئة وقد حل المساء في الشرق الأقصى ؟ لنغسل  ما بقي من آهات ساكنة.
‎هل أخبرها بأنني سوف أكل بنهم دون اعتبارات (زاد الوزن أو نقص العمر) هناك حيث الموائد المفتوحة، أكل ما لذ لي وطاب، لن أترك أي التقاطه  لصورة الأفراح وأنا من سوف أكون الأميرة فيها فأنا ملكة الأقمار الزرقاء.
‎سوف أقول لها:
‎هو قد مات، سوف أترك الغربان تدفنه ففي قلبي لن أدفن سوى النبلاء، ستكونين معي سنلبس نفس فستان الفرح، وننتعل نفس الأحذية، فأنت من سبقتني إلى حريتك بثلاث سنوات، احزمِ حقائب الحرية معي من الغد، فليس لدينا الوقت الكافِ قبل هذا المساء، هاتِ حقيبة صغيرة وضعي فيها أحمر الشفاه وفرشاة الأسنان ووردة يابسة من دفتر طفولتنا فهي ما زالت صامدة  رغم الأيام.
‎فالفرح لا ينتظر عمراً ضاع بعد أن أوصدتُ الباب على عقرب الثواني أن يعود إلى الوراء 
‎سوف أقول لها:
‎- أتعلمين سأمشي حافية حتى على الاشواك في أي طريق لا يكون لذكراه من أثر ...هو طريق السعادة، سيكون الأسفلت الحارق هو عشب أخضر رطب، وكأني أنا الملكة التي سوف تستقبلني الحياة القادمة بسجادتها الحمراء.
‎  باقات الورد، وضحكات الأطفال، والأكف المستقبلة لي، وأنا ألوح لهم بوثيقة الطلاق سوف أضعها للتاريخ بإطار من ذهب 
‎حديث النفس كان مشبعاً بالقوة، يزهو بالكرامة وقد أخذت قرارها أن ترفع سماعة الهاتف وتتحدث مع سعاد.
‎-آلو ..سعاد .. أنا لست بخير