بالأمس أصاب الموت رمحاً من رماح البدو، هو الشيخ سالم أبو أذينة الحجايا، والموت لن يترك أحداً ولكنه يعتام الكِرام ويصطفي!
سالم واحد من وجهاء البدو الذين وسّعوا مجالسهم للإصلاح بين الناس وإطفاء نار الدم إن ثارت ثورته، يعِزّون الدخيل ويغيثون الملهوف، مجالسهم يشفى بأحلامها الجهلُ.
سالم كان قاضياً عشائريّاً، شيّال للحمول الثقال، يستر العَورة بزين المقال!!
عرفت سالم في الفيس ولم أره ولم نلتق قطُّ، هما مكالمتان بالهاتف بيننا فألِفت روحي روحه، تواعدنا على اللقاء غير أن الدنيا كانت أقصر والموت أسرع.
يا لله كيف كان سالم نابضاً بالحياة، مقبلاً غير مدبر، متفائلاً رغم عتمة الليل، مكتهل في روح الشباب، متحدّثاً ومحللاً سياسيًا، حاملاً هوى الأردن وهمّه في حناياه.
غصّ مسجد ابن عايض أمس بالرجال الذين جاءوا لوداع سالم، أحسب أن بعضهم لم يلتقِ سالم في حياته، ولكنه جاء يودّع عهداً من الشِيَم والقِيَم يمثّله سالم.
سالم، أنا كنت بين الجموع مندساً لا يعرفني منهم أحد، ما كان الحزن الظاهر بحجم غيابك يا سالم، لولا دموع غِزار رأيتها تتحدّر على وجوه فتيان أظنهم أبناءك، وآثار فَقْد وألم على وجوه أشقائك وآلك.
موت سالم مؤلم، ومرأى القبر عميقاً والتراب يُهال فوقه كان مُرعباً، فما أقصر المسافة بين الموت والحياة؟!!
لا إله إلا الله وحده، (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملاً) الصادق في وعده:
(منها خلقناكم وفيها نُعيدكم ومنها نُخرجكم تارةً أخرى).
بقلم خلف الجرادات