آخر الأخبار

قصائد تصدح بجماليات اللغة في بيت الشعر بالشارقة

راصد الإخباري :  


-استقطبت حشدأً كبيراً امتلأت به ساحة البيت
قصائد تصدح بجماليات اللغة في بيت الشعر بالشارقة 


ضمن برنامجه السنوي للاحتفال بالمناسبات التي ترتبط بالشعر واللغة العربية، نظَّم "بيت الشعر" بدائرة الثقافة في الشارقة يوم الثلاثاء 20/ ديسمبر/2022 أمسية شعرية احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، أحياها الشعراء: د. حسن الرفاعي من الإمارات، وفاء جعبور من الأردن، حسن المطروشي من سلطنة عمان، و د. أسامة تاج السر من السودان، بحضور مدير البيت الشاعر محمد عبدالله البريكي. وقدمها الشاعر عبدالله الهدية، الذي حيا الحضور، وأشاد بجهود البيت وانتظام برنامجه السنوي المواكب لأهم المناسبات والمتمثلة في اليوم الوطني، يوم الشعر العالمي ويوم اللغة العربية وغيرها، مشيرا إلى احتفاء البيت الدائم باللغة العربية عبر ما يقوم به من جهود تعنى بالشعر الفصيح وأهله، كما هنأ بفوز بيت الشعر بالشارقة بجائزة الأمير عبدالله الفيصل في دورتها الرابعة عن أفضل مشروع لخدمة الشعر العربي. وحظيت الأمسية بحضور كبير احتشدت به ساحة البيت، تنوع بين الشعراء والمثقفين والإعلاميين، ومحبي الشعر.
تغنى الشعراء بجمال اللغة العربية، لغة القرآن ومعين البلاغة الذي لا ينضب، حيث تنوعت اشتغالاتهم بين الإشادة بجماليات اللغة و كنوزها الأدبية، و بيان أهمية دورها في إثراء الشعر، حارسها الأمين، و في الحفاظ على الهوية العربية، إضافة للدفاع عنها، حبا فيها و اعتزازا بها. حلقت فيها قصائدهم بأجنحة الخيال و اللغة العالية.

افتتح القراءات الشاعر الدكتور حسين الرفاعي الذي أشاد بخلود و اخضرار شجرة اللغة عبر العصور، وجزيل عطائها، و عمق جذورها الذي زاده ارتباطها بالقرآن رسوخا ومجدا، يقول فيها:

تَمُرُّ بِهَا الْأَحْقَابُ وَهْيَ أَبِيَّةٌ
وَيَبْقَى طَوَالَ الدَّهْرِ يُوْرِقُ عُوْدُهَا

أَيَا مَنْ لُغَاتُ الْعَالَمِيْنَ عَنَتْ لَهَا
ويا مَنْ مِنِ (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) عِيْدُهَا

وَيَا مَنْ إِذَا أَعْطَتْ أَفَاضَتْ وَأَدْهَشَتْ
وَيَا مَنْ إِذَا أَلْقَتْ أَصَابَ سَدِيْدُهَا

ثم رد على من عاتبه على غلوِّه في حب اللغة و مديحها، معلنا عن حبه لها حد الجنون بها، و عن تقصيره رغم وفائه لها، قائلا:

وَاللهِ مَا وَفَّيْتُ بَعْضَ حُقُوْقِهَا
دُوْنَ الْوَفَاءِ بِذَاكَ تَنْهَدُّ الْقُوَى

وَلَقَدْ سَقَتْ شِعْرِيْ عُذُوْبَةَ مَنْطِقٍ
مِنْ كَفِّهَا ؛ حَتَّى تَمَلَّأَ وَارْتَوَى

وَيَكَادُ حَرْفِي أَنْ يُجَنَّ بِحُبِّهَا
كَجُنُوْنِ قَيْسٍ مِنْ تَبَارِيْحِ الْهَوَى

تلته الشاعرة وفاء جعبور التي ابتدأت قراءتها بالشدو للغة العربية، بلسان الأنثى/ القصيدة التي تدلل اللغة وتؤنسها ملبسة عباراتها أرق اثواب المجاز ، جاء فيها: 
لغةٌ تلمّ الشملَ لو عصفت بنا
 ريح التّفرّقِ والغيابِ الموجِعِ 
فبأي آلاء الكلامِ سنحتفي
جئناكِ عطشى في الهوى لا ندّعي 
يامن على أرض القصيدِ تضمنا
اليوم عيدك يا حبيبة فاسطعي

ثم أطلقت العنان لفرس قصيدتها لتنطلق حاملة هشاشة الأنثى، راكضة بها عبر دروب المجاز، يحدوها الحزن و يثقلها الجرح، قائلة:

بي شُبهةُ الألوانِ حُزن مدينةٍ
و بياضُ أسئلةٍ تُسدّدُ رُمحها

بي ألفُ خذني فالهوامشُ بِدعتي
سنظلُ نسقطُ إذ نحاولُ شرحها

بي ألفُ خذني فالجهاتُ غريبةٌ
و لَكَم خسرنا مذ نوينا رِبحها

ثم شدت للحب، ابن اللغة المدلل، بقصائد قصيرة ختمت بها قراءاتها، تميزت بعذوبة اللغة، و جمال التعبير.

تلاها الشاعر أسامة تاج السر الذي يحدق في مرايا اللغة، فيبصر هويته و انتماءه، وملامح حضارة وتاريخٍ أورثاه العلم والحكمة، يقول فيها: 

لغتي مرايايَ انعكاسُ هُويتي
وكأنّ أخيلتي غصونُ الماءِ

رتّقتُ ثوبي بالفنونِ جميعِها
وخُصِصتُ من كُلّ الورى بِرَوائي

كلُّ الحضارات القديمة في يدي
وحدي ورثتُ حضارة القدماءِ

ثم واصل شدوه للغة، حاملة ضياء الوحي، و كنوز المعاني، قائلا:

نفثةُ الوحيِ أرضعتني المعاني
فرَّدتني، فبصْمتي في لساني
 
غرَّدَ الحبُّ في فؤاديَ سِربًا
عبقريَّ الشذا، لذيذَ الأماني
 
عصرَ العطرَ من ورودٍ عذارى
و سقاني من بوحِها ما سقاني

قرأ بعدها نصوصا شدت للحب والوطن في ثوب لغة رشيق أنيق، ولافت.

تلاه الشاعر حسن المطروشي الذي شدا للغة، أنثى الضياء، أمه التي لقنته الحكمة، و أنارت طريقه، ليصبح قدوة تُتَّبع، يقول:

أمّي الفصيحةُ والبليغةُ بِاسْمِها
لُقِّنْتُ طفلاً حكمةَ الأشياءِ

مَلِكٌ أنا في عَرْشِها ومُتَوَّجٌ
بالكبرياءِ، أُطِلُّ مِنْ عَليائي

أنا مُذْ حَمَلْتُ الضادَ قنديلَ المدى
أمضي ويمضي الآخرون ورائي

ثم وقف على "تخوم الهديل" باكيا على الأطلال، شاديا للذكريات المقيمة على ضفاف قلبه، قائلا:

أمُرُّ على الديارِ فلا جداراً
أُقّبِّلُه، وإني قد أطيلُ

وَيَبْقى البحرُ مشدوداً بقلبي
ويَكْبُرُ في شُجَيْراتي الهديلُ

صباحٌ للجيادِ وللسواقي
ولي في ضفةِ الذكرى مَقيلُ

هذا وقد قرأ المطروشي عدة نصوص أخرى تنوعت مواضيعها بين الحب و الألم و الخسارة، عزفت أجمل الألحان على وتر اللغة.

ونالت مشاركات الشعراء استحسان الحضور و تفاعلهم الكبير بالتصفيق و الإشادة.

في الختام كرَّم الشاعر محمد عبدالله البريكي الشعراء المشاركين ومقدم الأمسية.