معاذ مهيدات_ إن الوصولية الحزبية إحدى أهم الأمراض التي تعاني منها الأحزاب في عالمنا المعاصر، تلك التي يلجأ أصحابها إلى التملق لأصحاب القرار ، وتنتشر هذه الآفة لدى الفئة التي تحاول بكل جهدها الحصول على مواقع لها لدى أصحاب القرار، كي تشغلها على حساب أناس آخرين يحملون الكفاءة ويستحقونها عن جدارة، فيلجأون إلى شتى ضروب الحيل، مثل اللجوء إلى التكتلات التنظيمية والتي طالما عانت منها الحياة السياسية، بغية تصنيع قوائم مسبقة الصنع مستغلين في ذلك عواطف البعض من رفاقهم وبساطتهم.
وكمعلومة تاريخية، أن الاستخبارات الأمريكية وبحكم إمكانياتها المادية، استطاعت خرق بعض القادة السوفييت من خلال شراء ذممهم، وطلبت منهم أمراً واحداً هو: عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ضماناً لانهيار وشيك لتلك الدولة.
نحن بحاجة الى نكران الذات, والعطاء والتضحية, وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، فمقياس النضال يتمثل في مدى الاستعداد للعطاء والتضحية من أجل غد أفضل ومستقبل مشرق ومزدهر للأجيال القادمة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن مستوى الوعي والثقافة في التنظيم هو المعيار لمدى نجاح أو فشل الانتهازية لتحقيق مآربها، فبقدر ما يكون أعضاء التنظيم يمتلكون وعيا وثقافة متقدمة، بقدر ما تصعب على هذه الفئة النجاح في مهمتها، لأن الأعضاء الذين يتحلون بالثقافة، يسعون إلى بناء تنظيم حضاري يقوده أناس مثقفون، حيث الثقافة هي الركن الأساس في أي فعل سياسي، وبالتالي تحليل الواقع السياسي و الاقتصادي إلى مركباته الأساسية، وتشكيل لجان تخصصية تكون بمثابة مؤسسات تمارس مهامها لخدمة التنظيم والصالح العام.
في هذه الأجواء، يصعب على الانتهازية تمرير مخططاتها، أما في أجواء غياب الوعي والثقافة، فتكون التربة خصبة لانتعاش هذه الفئة، لتطل بوجهها تحت يافطات وشعارات براقة كبيرة، تخفي وراءها أهدافها الحقيقية المتمثلة بتحقيق مآربها الشخصية الفردية،
والتي يتم بموجبها غياب المصلحة العامة.
من هنا، تأتي الأهمية الفائقة لنشر الوعي التنظيمي والسياسي والمعرفي بين أعضاء التنظيم، ليكونوا الدرع الواقي له من أجل الحفاظ على استقراره.