آخر الأخبار

الكاتبة ربيحات تؤطر للربيع وللطفولة على منصة السلع

راصد الإخباري :  


عمان - راصد

نشرت الكاتبة اسمهان ربيحات موضوعات ادبية على منصة السلع. 

وكان من ابرز تلك النصوص "ها أنت 
أيها الربيع،" و " مرحلة الطفولة، في شبه دراسات تؤشر لعلاقة الربيع بالحياة. وللطفولة بمستقبل الانسان. وتاليا النصوص

ها أنت ايها الربيع

أقبلت ، فأقبلت معك الحياة بجميع صنوفها وألوانها : فالنبات ينبت ، والأشجار تورق وتزهر ، والهرة تموء ، والقمري يسجع ، والغنم يثغو ، والبقر يخور ، وكل أليف يدعو أليفه . كل شيء يشعر بالحياة وينسي هموم الحياة ، ولا يذكر إلا سعادة الحياة ، فإن كان الزمان جسدا فأنت روحه ، وإن كان عمرا فأنت شبابه .

ها أنت بسحرك العجيب ، استطعت أن تجعل من الشمس حائكا نساجا يحوك أجمل الروض ويوشِّيه ، ويُبدع في النقش والألوان والتصوير ، فإذا الدنيا كلها جمال ألوان ، وجمال تصوير ، يقلده أكبر فنان فيفشل ، ويُحاكيه أكبر مصور فيعجز ، جعلت الدنيا ملء العيون بما أبدعت من ألوان وما مايلت من أغصان وما حِكت من وشي وما صُغت من جمال : فأبيض ناصع ، في أخضر ناضر ، وتعاريج سوداء ، في زهرة صفراء أو بيضاء ، وأشكال مهندسة تأخذ باللب .

وكما جعلت الدنيا ملء العين ، جعلتها ملء السمع ، فرأت الأطيار ما وشَّيْتَه في أرضك ، فحرك أشجانها ، وأطلق أصواتها ، وجعلت منها موسيقى مختلفة النغمات ، متعددة الأصوات : هذا البلبل يُغني ضاحكا ، وهذا الحمام يُغني باكيا .

كانت عجماء فأفصحت في أيامك ، وكانت خرساء فأنطقها جمالك ، فوقفت على السرو والدَّوح من خطبائك ، فلما غنت حركت أشجان الإنسان ، وأوحت إليه بالمعاني الحسان ، فأفاض الشعراء في وصفها ، وبكوا لبكائها ، وتغنوا من غنائها .

ثم ها أنت ملأت الجو عطرًا بأزهارك الطيبة ، وثمارك العطرة ، فأنعشت النفوس ، وبعثت الأمل ، فلما خاف الناس من غيبتك ، وانقطاع شذاك ، أمعنوا الفكر في الاحتفاظ برائحتك ، فاستخرجوا الروائح من أزهارك ، وتحايلوا للانتفاع بها في غيابك .

لقد اعتدلت في حرارتك فلم تغلُ في بردك غلو الشتاء ، ولا في حَرِّك غلو الصيف ، فكنت جميلا في جوّك ، كما كنت جميلا في كل شيء من آثارك فليت الزمان كان ربيعا كله

"مرحلة الطفولة" 

إن أجمل مرحلة يعيشها الإنسان هي مرحلة الطفولة ، فهي تتميز بالبراءة ، والإنسياق مع الحلم ، وبتوهج الروح ، فتقبل على الحياة إقبال الطير على التحليق لتنهل من معين جمالها وفيض سحرها .

لكن الآباء دائما يعتقدون أن هذه المرحلة هي قبل كل شيء للإعداد ، ولتهييء الإنسان الصغير للمستقبل الذي ينتظره ، ليسهم في بناء الحضارة وتقدم المجتمع . فكيف ينظر الشاعر ( علال ابن الهاشمي ) في قصيدته إلى هذه المرحلة ؟

طلعت مع الفجر يا ( خالدي )    لتغمرني بالسنا والضياء

ستحمل اسمي .. تجددني   كأنك جئت لعمري ابتداء

تمثلني يوم كنت صغيرا   تهدهد . أمي .. طيوف الرجاء

لأول يوم أحب الحياة    لأجلك ؛ يصبح عمري عطاء

أبوك الذي جئته شاعر   يغني مجيئك أحلى غناء

يرفّ صلاة تناجي الإله    ويضرع في خشية ودعاء

لئن جئتني في ربيع حياتي   وما في يدي ثروة أو غناء

فإني وهبتك مجد الحياة  ضميرا سليما .. وعز أباء

وعشا من الفن .. رطب الظلال   يشع عليه صباح الصفاء

أتيت الحياة على موعد   لماذا تحريت عصر الفضاء .. ؟

إذا المركبات ترود الفضاء  فعما قريب سيبدو الخفاء

سيبلغ عصرك ما لم نصله  وكل ارتقاء يليه ارتقاء

ولكن ستعلم زور الحياة  وما ابتكرت من صنوف الرياء

يباع الضمير ، ويهدر حق    ويسفك ظلما دم الأبرياء

فأوصيك ( يا خالدي ) أن تكون    مع الحق في شدة ورخاء

يداك وفكرك سر غناك    حذار الخنوع .. ومص الدماء