آخر الأخبار

هموم في وسادة السنونه على منصة السلع الثقافية

راصد الإخباري :  

السعودية - راصد
كتب عبدالله الحميدي

الوسادة البيضاء، نص قصصي للادب حسين السنونة، كتبها على منصة السلع الثقافية. 

والقصة فيها من تداخلات مفاجئة، تحوي لفيفا من الاعتقادات والمشاعر والآنطباعات، التي تخلص الى نتيجة غير متوقعة

صدرت له مجموعة قصصية بعنوان *أخرون كانو هنا و ثرثرة خلف المحراب واقنعة من لحم ونساء قريتي لا يدخلن الجنة
 
ويعمل الآن على رواية له بعنوان " *عبدالناصر والخميني في جزيرة تاروت"* "*

وتاليا النص:



أنهيت إجراءات الإقامة في الفندق الفخم؛ استلمت كارت الغرفة وتوجهت نحو المصعد، الروائحت العطرية والموسيقى الهادئة تملأ الأجواء، ما إن دخلت الغرفة حتى وضعت حقيبة ملابسي على الطاولة القريبة من الباب، قمت بطقوسي المعتادة عند دخولي أي غرفة جديدة، تفقدت الحمام، الثلاجة، التلفزيون، القنوات الهندية التي اعتدت على متابعتها، ، حسنا.. ثلاث قنوات لعرض الأفلام الهندية على مدار الساعة، فتحت النوافذ التي تشاركني الغرفة، النافذة الأولى تطل على بحر وإن كان بعيدا، وبالقرب منه مسجد الأمر الذي يعني أن صوت الأذان سيكون قريبا من أذني صباحا ومساء. النافذة الثانية تطل فيما ما يبدو على مقبرة "إنا لله وإنا إليه راجعون".
وزعت ملابسي على الدولاب، وبعض الملابس الخاصة أدخلتها الحمام مع قنينة العطر وملطف الجسد وأشياء أخرى. بعد أن عانق جسدي الماء بشكل سريع؛ شربت شيئا من الماء البارد، ورميت بجسمي على السرير أحاول النوم، الريموت كنترول بين يدي أنتقل من قناة الى أخرى، توقفت عند القناة الخاصة بالأفلام الهندية.
آه لقد شاهدته من قبل وتكرر الأمر مع كل قنوات الأفلام الهندية، رميت الريموت على الطاولة الصغيرة القريبة من السرير.
أخذت أتلمس السرير، الفراش يبدو رائقا وجميلا، ولكن أغطيته تبدو صيفية، ربما لا يكفي للصمود في الليل لبرودة التكييف، هناك أربع وسادات وأخرى تبدو مختلفة صغيرة الحجم، كيسها له جانب أحمر والآخر أبيض، أما أكياس الوسائد الأخرى فمزدحمة بالرسومات: الأهرامات ،برج إيفل ،الأوبرا الإيطالية، المتحف البريطاني، لاعبي كرة القدم، أشهر نساء العالم، وحيوانات صغيرة وكبيرة وألوان وأشكال وصور مختلفة.
اخترت الوسادة الصغيرة وبمجرد أن لامستها رأسي حتى طوقتني منها روائح ، مزيج من العود العربي و العطر الفرنسي، و رائحتي عندما أخرج من الحمام، غريب أول مرة أرى وسادة بهذا الرقة والنعومة والروائح، كأنها زجاجة عطر انفتحت، اللون الأحمر هو الغالب في الفندق الذي يبدو أن إدارته تشجع فريق ليفربول.
أخذت أمرر يدي عليها، رقيقة وناعمة نعومة الحرير، مررت أكثر من مرة وفي عقلي تتردد أشياء كثيرة، وفي جسدي تتحرك أشياء كثيرة، توقفت وسحبت يدي ووضعتها في مكانها تحت رأسي، وأخذت أبحلق إلى أعلى الغرفة، رأسي على الوسادة، وعيني معلقة بالسقف، وفجأة تساءلت: من الذي وضع رأسه على هذه الوسادة قبلي؟..
آلاف أو مئات وربما عشرات، لا أعتقد، فهيئة الوسادة والملمس يوحيان بجدتها، ربما فتاة رقيقة من عائلة غنية تتميز ببشرة حريرية فلم تتأثر الوسادة برأسها وخديها، ولا شعرت الفتاة بأن أحدا سبقها، ولو نطقت الوسادة لأكدت ذلك؛ وسادة على وسادة.
من كان قبلي في هذه الغرفة ووضع رأسه على الوسادة الحريرية ذات اللونين الأحمر والأبيض والرسومات الطريفة والروائح السحرية، فتاة هاربة من أهلها بعد قصة حب عاصفة يحرمها المجتمع والعادات والتقاليد من الارتباط بحبيبها، فقررت الهروب هنا والتواعد مع الحبيب للتفكير في مخرج للحب الكبير، ماذا كان الحل؟ الزواج السري ووضع الأهل في مواجهة أمر واقع وليحدث ما يحدث، أم الهروب الى دولة تدافع عن حقوق الحب، ونشر قصتهما عبر الإعلام المرئي والمسموع أو الاكتفاء بفيديو على موقع اليوتيوب، ووضع العالم تحت الأمر الواقع.
رجل أعمال خسر صفقات وتوقعات ومخططات، فأراد أن ينسى ولو لوقت قصير هزائمه المالية، فقرر أن يجلس في الغرفة ويضع رأسه على الوسادة وينسى قليلا قليلا قليلا.
شاب هارب من كل شيء بات فيها ليلة كمحطة سرعان ما يغادرها ليستكمل الهروب إلى دولة يرى أن بإمكانه أن يحقق فيها طموحاته بعيدا عن الموت عاريا أو الجوع الفكري والعطش الأخلاقي، بلد لا أحد يسأله فيها عن اسمه واسم عائلته والمنطقة التي يعيش فيها، بلد لا تطارد مواطنيها باتهامات الوطنية والهوية والتهديد...، هنا تلقفته الوسادة؛ أعطته بعض الحنان والتفاؤل والأمل المفقود وإعادة التفكير في عائلته وصنع مستقبل جديد.. ربما.
صرخ هاتف الغرفة
ـ نعم
ـ مراحب يا سيدي عفوا على الازعاج
ـ أبدا عزيزي.. تفضل
ـ فقط وددت أن أخبرك بأنه عليك مغادرة الغرفة.. سنوفر لك غرفة أخرى..
ـ لماذا يا سيدي
ـ نعتذر.. بالخطأ أعطينك غرفة خاصة لمن يصطحب معه كلب أو قطة وأعتقد أنك رأيت الوسادة الصغيرة؛ إنها خاصة بالحيوانات الأليفة التي ترافق أصحابها.