آخر الأخبار

ذكريات تعليمية كتبتها د. لبنى الحجاج لحوارات منصة السلع

راصد الإخباري :  

الطفيلة - من عبدالله الحميدي

نشرت القاصة د. لبنى الحجاج. مديرة التربية والتعليم في الطفيلة قصتها مذكرات مدرسية"

ودارت نقاشات على منصة السلع، حيال الجزء الثالث من الذكريات، التي سجلتها التربوية د الحجاج، في بداياتها التعليمية. 
وتاليا الحلقة الثالثة من  مذكرات مدرسية

عم الصمت... انتقلت معلمتنا القريبة لقلوبنا، كيف سنفهم الرياضيات؟ كيف سيسهل علينا؟ قالوا حضرت المعلمة الجديدة،

 كنا لها رافضين، ولا يهمنا أننا في سنة "المترك " الحرجة، لا تهمنا العلامة بقدر الابتسامة، تعاهدنا أن نبقى صامتين وفي الحصص جاثمين على كتبنا، دخلت فرددنا السلام بفتور قبيح ولاقته بابتسامة حكيمة، 

كانت صبورة  على عبثنا تشرح وتعيد، ولفظنا واحد "مش فاهمين" وتعيد حتى ينفد صبرها، وعبثنا لم ينفد، تناور حولنا وحول السبورة "انقلوا" يابنات، "مش واضح يا مس، مش عارفين" تمسح وتكتب من جديد، ونعيد عبثنا حتى ينفذ عبثنا لقلبها،

 ويظهر الأسى على وجهها "خلص ارسموا رسم... ارسموا المكتوب" وتستمر بهدوء مخطط له، تكتب وتعيد، ترسم الخط المستقيم فنراه معوجا،

 وتبقى هي على استقامتها ونحن على جهل عبثنا، والأدهى أننا نتعاهد كل يوم على  ضلالنا، تمر الأيام وتبدو الرياضيات ممتعة، ونحبه ثم نحبها.... عندها جاء وقت العتاب المحبب اللطيف، لماذا كل هذه الشقاوة.؟ .. وكانت تدرك ما حل بقلوبنا قبل أن تسأل، واختفت ابتسامتها لوقت حتى ندرك أننا لا طاقة لنا بعصيانها، ما أروعه من عتاب! 

جعلنا لا نقوى على عتبها، وفي كل يوم يمر يظهر الخط أكثر استقامة، ونرى الدائرة طواعية لأناملها  لا تحيد، تلاعب عواطفنا الغضة وأفكارنا الطفولية على امتداد الفرجار في يدها ، أصبح البرهان بيّناً بعد أن كان في نظرنا وهما، لا تخلو حصة من قيمة حسنة وعبرة تمر بسرعة دون مساس بالخط والدائرة ، تأخرتْ في يوم على حصتنا على غير ما اعتدنا لظرف ما، عندها ظهرت مواهبنا،

 تفرقنا كما الفراش في أرجاء الصف، غنت لنا إحداهن ورددنا جميعا أغنية لعبدالحليم حافظ، وتمايلنا و حِدنا عن الخط المستقيم، وأخذتنا دائرة العبث حتى علا صوتنا، فجأة دخلت علينا دون سلام قائلة :.... مكانك "كل وحدة مكانها"..

 الجميع كان منتشرا، كانت تركز على أن تحدد أفراد الجوقة المغنية، وكان لها ذلك،حددت وقوفنا على مثلث مضطرب الضلع، كتبت أسماءنا، وليتها لم تفعل، وكنت حينها ضمن القائمة السوداء، بكيت وبكينا أن سامحينا، لم تعلّق وبدأت الدرس... 

مر اليوم ونحن بانتظار منادٍ من الإدارة، ومر اليوم بسلام ولكن زاد الرعب عندما خطر لنا أن الأسماء لابد أن تعلن في الإذاعة الصباحية، يا إلهي على الملأ، وجاء الصباح ومضت الإذاعة بروتينها المعهود، وأكرمنا الله بالستر، إذن لم أخذت الأسماء؟  أدركنا حينها لن يمر الأمر بسلام، جاءت حصة الرياضيات وكلنا شوق لما سيحل، دخلت بهدوء وسلام، بادرنا بالسؤال، لم ترد وبدأت الدرس كالمعتاد، وفي نهاية الدرس كررنا السؤال بوجل، أين قائمة الأسماء؟ حينها تبسمت وبكل رقة الكون قالت :"خلص طلعوا من ايدي، صاروا عند الإذاعة والتلفزيون، يمكن يحتاجوا في يوم ويحكوا معكم"

 كانت أجمل سخرية نسمعها ضحكت وضحكنا، ثم عدنا لخطنا المستقيم، وبدأنا بإثبات أجمل برهان بأن من تقف أمامنا معلمة من نوع فريد بإخلاصها وصبرها وحكمتها... 


معلمتي انعام حشمة بوركت خطوطك المستقيمة التي وصلت لعمق قلوبنا.. رعاك الله أينما كنت... تلميذتك التي تسير على ذاك الخط المستقيم الذي رسمته يوما. د. لبنى،،                   
وتبادل اعضاء الملتقى وجهات النظر حيال التص، اذ يرى الشاعر ايمن الرواشده ان من ثنايا المدارس تخرّجت القلوب النقية..  ومن منعطفات التعليم وُلدت الاستقامة .. ولا أخبرَ من معلمٍ كان بالأمس طالبا..  

وخاطب القاصة قائلا، بحجم عبثيات الطفولة ولهوها الماتع من أمسِكِ الفائتِ كنتِ أمّاً معلمةً ..

ويؤكد الاديب هاني البداينه ان  هذا الجزء، يزيد من متعة الذكريات في المدرسة، وتمعن الدكتورة لبنى في توصيف جميل لتفاصيل اللحظات الدقيقة. إنها تصنع وليمة باذخة، إنها عملية إنتاج وافرة وتكوين أدبي حاذق ورؤية النص من زوايا فريدة

 وكأني أستمع لمعزوفة بللت ذاكرتنا اليابسة فأينعت ،  أسلوب رقيق ومدهش، ذلك ما لفتت اليه الشاعرة نبيله القطاطشه من تميز في قدرات د الحجاج و ترى أنها استطاعت أن تبني للجميع من مخزون الذاكرة قصرا ، وحملتنا إلى التجول في أروقته المكتوبة ، وأشعلت في جنباتنا عاطفة أحسسنا لبعض الوقت أننا أصحابها ، وأنها كانت تسكننا منذ سنوات ، نقلتنا ببراعة إلى بعد آخر يبدو فيه الصف مكانا حقيقيا ، فيه تواصل بصري وعاطفي ، كنا كالمسحورين نخطو مع الكلمات نحو الدهشة 

والشاعر بكر المزايده يسترجع الذاكرة  لبدايات الحياة وأيام الدراسة دائما تجري انغاما ندية في مسامع الذكرى. حياكم الله دكتورة على هذه المخطوطات التي تُنقشُ على جدران الحياة

وفي توصيفه للقصة في جزئها الثالث قال الاعلامي د. عبدالمهدي القطامين، الخط المستقيم....ذلك ما نبحث عنه الان ...وقد قامت د.لبنى بنقلنا الى هناك ...اتساءل اهو القريب ام البعيد .. اهو الشقاء ام السعادة ...هذا النص الذي كتب بلغة واضحة ينبي عن قاصة مبدعة تؤمن بالخط المستقيم في زمن ادمنا فيه سير المتاهات والخطوط المتقاطعة ....

اما الاديبة مريم العنانزه، فخلصت للقول انه جميل ما خطت حروف القاصة د. الحجاج وما رسمت يداها... حروف قالت ازها تختزن في الذاكرة، ووصف دقيق جعلنا نعيش اللحظة بصورة أدبية واضحة، خيّل إليها وكأنها في الصف فعلا؛.

وترى د. حنان الخريسات ان هذا الخط المستقيم، اختفى، وما بقي منه الا القليل وهم كالقابضين على الجمر ..

واشار الشاعر محمد العجارمه الى انها لغة سردية شيقة تسبر مختلجات النفس بأدق حميمة وذكريات لا تنتحلها أطلال ولا ديم بالية هي ما تروي شغاف القلوب دامت هذه الخطوط المستقيمة في سيرها الأنيق والمشجي

وتعجب النقابي الاديب المهندس علي المصري مما كتبت د. الحجاج وقال ما أجمل الكلمات والسطور وما أجمل ذكريات المدرسة وما زاد جمال هذا كله الزمن الجميل الذي استوحت منه الفاضلة ام يعرب هذا النص الرائع

واستطرد قائلا الذنب بسيط بحجم براءة الطالبات والعقوبة المنتظرة عظيمة بقدر الإحساس بالذنب إتجاه المعلمة
والنتيجة صفح وتسامح بحجم الحب الذي يكنه كلاً منهما للآخر ذلك كله بأسلوب شيق عودتنا عليه عطوفة الدكتورة لبنى
واستهل الاكاديمي الاديب د. ابراهيم الياسين، الدعاء ان يحفظ الله المعلمة الراقية، التي ربت فأحسنت، وعلمت فأخرجت جيلا رائعا واعيا سار على نهجها وخطاها المستقيمة وخلقها الرفيع.. 

نعم هذا هو نسق المعلم الرسول، الذي نقوم له تبجيلا، ونتحدث عنه تقديراً، و نستذكر سيرته العاطرة تعظيما؛ لما يحمله من رسالة كبيرة، وفق ما قال د. الياسين

وزاد "ما أروع الذكريات" الجميلة عندما تصاغ بلغة سردية بليغة وبأسلوب قصصي جذاب أشبه ما يكون بالسيرة الذاتية، التي تروي حكاياتنا التي نخشى أن نبوح ببعضها أحياناً...

واشار ان  التلميذ النجيب يعد  صورة لأستاذه النموذج المعطاء دام العطاء ودام التميز بوجود المعلم/الرسول الأنموذج

ان تغير المالوف يعده الباحث محمد النعانعه  صعب لان الطلبة تعودوا على اسلوب تلك المدرسة 

لكن التغير سنة تعني التجديد في الاسلوب وتغير في نمط الحياة الغير مرغوب والمرفوض  من الغالبية 

ويقول ان المعلم الجديد رمز للتجديد والعطاء وزيادة البحث والقدرة على التفاعل الايجابي

ويرى ان  الطلبة لهم نفس الابجديات والسلوك العام فغالبا ما يميلون للفوضي والا ابالية همهم انهاء الوقت لا الاستفادة من المدرسين وزيادة التحصيل العلمي والمعرفي
اشاطركم الرأي ايها الفاضلة ان الطالب والمعلم اختلفا عن الماضي القريب

 المعلم كان رمزا وقدوة يحترمه اهل القرية او المدينة ويأخذون برأيه ويعتبر رأيه صائب لانه كان فعلا مثالا في الحياة العامة

وختم ان الحديث ذو شجون وممتع مع ابداعات واسلوب صاحبة القصة  الراقي لهذا اللون من الكتابة..

وفي عودته لما على المنصة من تفاعل ثقافي كتب د. غازي المرايات. رئيس مؤسسة اعمار الطفيلة قائلا انه استرجع ما فاته من الكلم الطيب الذي دار على رحى ملتقانا الليله
ناثرا للطيب والشذى
أتنقل بين شاعر وشاعره
وقاص وقاصه وأتنقل بين الرياحين من تعليق
إلى نقد و تعقيب... تنثر
العطر ورحيق الزهور، وقد أسرني فيض الذائقه
الرفيعه والحروف النديه،
ومع إطلالة يوم جديد
يراودني الصمت في حضرتكم على البوح
اجلالا واحتراما لشخوصكم الموقره.