حرب المخدرات أم حرب النفوذ؟ إيران في خاصرة واشنطن والكاريبي على حافة الانفجار
راصد الإخباري -
بقلم: نجوى صالح الشناق
في الوقت الذي تروّج فيه واشنطن لرواية "حرب المخدرات” في المحيط الكاريبي، تبدو الصورة على الأرض أكثر تعقيدًا من مجرد مكافحة تهريب أو ملاحقة عصابات. فالكاريبي، الذي لطالما اعتُبر منطقة النفوذ الطبيعي للولايات المتحدة، يشهد اليوم إعادة تموضع إيرانية لافتة، تمتد من الدعم السياسي لفنزويلا إلى إنشاء قنوات اقتصادية وعسكرية غير معلنة. وبينما تتحدث أمريكا عن "أمن حدودها الجنوبية”، تتعامل طهران مع المشهد بوصفه فرصة للاقتراب من الخاصرة الحساسة لخصمها الأكبر.
إيران وفنزويلا… شراكة تتجاوز الاقتصاد إلى النفوذ
العلاقة بين طهران وكراكاس لم تعد قائمة على النفط والعقوبات المشتركة فقط، بل تطورت إلى منصة نفوذ إيرانية في منطقة تعتبرها واشنطن امتدادًا مباشرًا لأمنها القومي. من شحنات الوقود إلى التعاون الأمني ونشاطات يُشتبه بأنها استخبارية، بات الحضور الإيراني جزءًا من معادلة الصراع في البحر الكاريبي.
التحرك الأميركي يتصاعد: من اعتراض القوارب إلى عسكرة الكاريبي
منذ سبتمبر، كثّفت الولايات المتحدة عملياتها البحرية ضد قوارب تقول إنها مرتبطة بشبكات تهريب الكوكايين، فيما اعتبرت فنزويلا ذلك غطاءً للتدخل في شؤونها الداخلية. وجاء التصعيد الأكبر عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب توسيع حرب المخدرات، مؤكّدًا أن الحصار البحري "لم يعد كافيًا”، ومُلوّحًا بعمليات برية محدودة داخل الأراضي الفنزويلية. كما كشف ترامب عن إنشاء وتوسيع قواعد بحرية متقدمة قرب الممرات الحساسة، في خطوة تعكس انتقال واشنطن من ملاحقة المهربين إلى فرض رقابة عسكرية مباشرة على البحر الكاريبي.
هذا التحرك لم يُقرأ كخطوة تقنية، بل كإعادة رسم لخريطة النفوذ في نصف الكرة الغربي، مع احتمال احتكاك مباشر بين الولايات المتحدة وحلفاء فنزويلا—وفي مقدمتهم إيران.
الكاريبي بين نفوذٍ يتمدد وحصارٍ يتشدد
فنزويلا ترى أن واشنطن لا تحارب المخدرات، بل تحارب النظام نفسه. بينما تنظر إيران إلى الساحة الكاريبية كامتداد لمعركة النفوذ مع الولايات المتحدة، وتستغل علاقتها مع كراكاس للاقتراب من أهم نقطة جغرافية في الخاصرة الأميركية.
ومع عسكرة الممرات البحرية، وتزايد التحالفات المضادة، يصبح البحر الكاريبي مساحة اختبار مفتوحة بين قوتين تتبادلان الضغط ورسائل الردع.
وفي النهاية، يبدو أن "حرب المخدرات” مجرد ستار رقيق يغطّي صراعًا أعمق على النفوذ. فالحدود الجنوبية لأميركا لا تهددها القوارب الصغيرة بقدر ما يقلقها تمدد خصومها في مياه اعتادتها مجالًا مغلقًا. ومع استمرار لعبة الأعصاب بين واشنطن وطهران، يصبح السؤال الحقيقي: من يرسم ملامح القوة في الكاريبي قبل أن ينفجر المشهد؟







