السياسة الصنفية لزراعة القمح والشعير في الأردن وأثره على الأمن الغذائي
راصد الإخباري -
م.ز فداء علي الروابدة
أكد وزير الصناعة والتجارة والتموين، في تصريح رسمي أن الدعم المخصص لمادتي القمح والشعير للعام المقبل سيبلغ نحو( 180 ) مليون دينار، منها( 109) ملايين لتثبيت أسعار الخبز و(71 ) مليوناً لدعم الشعير والنخالة. كما أوضح أن خطة تعزيز الأمن الغذائي تشمل رفع القدرة التخزينية للبلاد إلى 2.3 مليون طن بنهاية العام، ما يكفي لتغطية احتياجات المملكة لمدة 12 شهراً على الأقل.
في الجانب الزراعي، وعلى الرغم من الجهود الحكومية في دعم سلسلة التوريد والتخزين، يبقى الإنتاج المحلي من الحبوب محدوداً، إذ يعتمد الأردن بدرجة كبيرة على الواردات لتغطية الطلب المحلي،وتبذل الحكومة قصارى جهدها في ملف الحبوب بشراء هذة المحاصيل الإستراتيجية، وتحديد أسعار بذور القمح والشعير وبيعها للمزارعين بسعر مدعوم .وهناك جهود كبيرة ومقدرة بالتركيز البحثي والعملي على تحسين الأصناف المحلية والتعاون مع مؤسسات دولية متخصصة مثل إيكاردا وأكساد ووجود بنك البذور الوطني وعمليات حفظ الموارد الوراثية داخل المركز الوطني للبحوث الزراعية.
تُعرّف السياسة الصنفية بأنها الإطار الذي ينظم اعتماد وإستخدام أصناف القمح والشعير بما يضمن التوافق مع الظروف المناخية والزراعية وتحقيق إنتاجية وجودة عالية، وبالتالي المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي.
ومن أهم أهداف هذة السياسة، رفع الإنتاجية من وحدة المساحة من خلال إختيار الأصناف المميزة وراثياً،والعمل على تحسين جودة المنتج(مثل محتوى البروتين في القمح أو التحمل للجفاف في الشعير)، والتكيف مع الظروف المحلية من حيث المناخ والتربة، والحد من المخاطر الزراعية الناتجة عن الأمراض أو التغيرات المناخية،وتحقيق إستدامة الإنتاج الزراعي من خلال إعتماد أصناف مقاومة للأمراض والجفاف والملوحة.
وتعمل هذة السياسة في مكوناتها على تحديد الأصناف المعتمدة رسمياً للزراعة في كل منطقة زراعية حسب الظروف المناخية فيها، وإطلاق توصيات فنية حول مواعيد الزراعة وطرق الخدمة ومعدلات البذار لكل صنف بالإضافة الى منع أو الحد من زراعة الأصناف القديمة أو غير المعتمدة التي تؤدي إلى ضعف الإنتاج أو انتشار الأمراض، وتوزيع الأصناف حسب المناطق فتزرع الأصناف مبكرة النضج في المناطق الجافة أو شبه الجافة والأصناف عالية الإنتاج في المناطق المروية،وتشجيع المزارعين على استخدام البذور المعتمدة والمصدقة من المؤسسات الرسمية خاصة المركز الوطني للبحوث الزراعية.
وتتضمن السياسة الصنفية في الاردن عملياً عناصر من أهمها تسجيل الأصناف وإعتمادها حيث يوجد إطار لتسجيل واختبار الأصناف على مستوى العالم ،والأردن يتبع طرق اختبار وطنية بالتعاون مع مراكز أبحاث ، والعنصر الثاني هو إنتاج وتوزيع البذور المعتمدة فالحكومة تلعب دور الوسيط الرئيسي عبر مؤسسات الرسمية، تحدد أسعار بذور القمح/الشعير وتوزع بذوراً مُعتمدة للمزارعين، أما العنصر الثالث فهو التعاون البحثي ونقل التكنولوجيا من خلال تبني برامج أصناف محسّنة بالتعاون مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في الأراضي الجافة (ايكاردا )،والمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة (اكساد ) ومراكز بحوث محلية،والعنصر الرابع هوحفظ الموارد الوراثية ووجود بنك البذور الوطني لحفظ الطُرُز المحلية لإعادة التهجين والقدرة على التكيف مع تغيّر المناخ وهذة خطوة رائدة في القطاع الزراعي الوطني.
للسياسة الصنفية للحبوب آثار إيجابية وسلبية على الأمن الغذائي ،من الآثار الإيجابية تحسين الإنتاجية بإعتماد أصناف مقاومة للجفاف والأمراض يمكن أن يحسّن المنتج تحت ظروف مناخية صعبة، مما يرفع الإنتاج المحلي ويقلّل الإعتماد على الواردات وثبت ذلك عبر تجارب متخصصة لمنظمة إيكاردا ، ومن آثاره أيضاً زيادة الدخل واستقرار المزارع بتوفير بذور محسّنة وتقنيات حديثة تعزز إنتاجية المزارعين، وتزيد العائد وبالتالي القدرة على الإستمرار بالزراعة. أما الآثار السلبية أو المحددات الحالية تتلخص في إعتماد مرتفع على الواردات يحدّ من فاعلية السياسات المحلية وحدهاحتى مع تحسين الأصناف، وحجم الطلب المحلي يفوق إمكانات الزيادة المحلية، خصوصاً بسبب محدودية الموارد المائية والأراضي الصالحة للزراعة،بالتالي تبقى مخاطر انقطاع الإمداد أو إرتفاع الأسعار العالمية مؤثرة جداً على الأمن الغذائي، وأيضاً عملية الوصول إلى البذور المعتمدة إذا كان إنتاج البذور المعتمدة غير كافٍ أو توزيعه محدود جداً، قد يمنع تبنّي واسع للأصناف الجديدة مما يحدّ من أثر السياسة الصنفية على الإنتاج الكلّي،وتعريض التنوع الوراثي للخطر.
ومن أهم التوصيات العملية لأصحاب القرار في هذة السياسة الصنفية ضرورة العمل على زيادة إنتاج بذور مُعتمدة محلياً عبر شراكة بين القطاع العام والخاص، وتقديم حوافز للمزارع الصغير لتبنّي أصناف مقاومة للجفاف (بما في ذلك قروض مدعومة أو خصومات على بذور الموسم)، مع ضمان توريد الكميات الكافية من البذور بأسعار مدعومة. والإستثمار في الحفاظ على التنوع الوراثي من خلال دعم وتطوير بنك البذور الوطني في المركز الوطني للبحوث الزراعية، والتأكيد على تعزيز برامج الإرشاد الزراعي ونقل التكنولوجيا لرفع مهارات المزارع في إدارة المحصول والممارسات الزراعية الجيدة لأن الأصناف وحدها لا تكفي إذا لم يصاحبها ممارسات زراعية مناسبة .
في الخلاصة
إن تطوير وتنفيذ سياسة صنفية فعالة للحبوب في الأردن يعتبر أحد أعمدة الأمن الغذائي المستدام، إذ لا يقتصر الأمر على اختيار الأصناف المناسبة، بل يتطلب منظومة متكاملة تشمل البحث العلمي، وتوطين التكنولوجيا الزراعية، وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بما يضمن إستدامة إنتاج الحبوب وتقليل الإعتماد على الخارج.
#دعم المزارع الاردني واجب وطني يفوق كل الواجبات لأنه الذراع الرئيسي للأمن الغذائي#







