آخر الأخبار

مفكرون وباحثون يناقشون الفكر التنويري في المجال العربي

راصد الإخباري :  
عقد منتدى الفكر العربي بالتعاون مع مركز حوار الثقافات (CDC)، المنتدى الأول حول "الفكر التنويري في المجال العربي والتحديات الراهنة”، شارك فيه عدد من المفكرين والأكاديميين والباحثين.

وناقش المشاركون في الندوة واقع الفكر التنويري في العالم العربي، والتحديات التي يواجها، مبينين أنه لا يزال يتأرجح بين ثلاث قضايا رئيسية، هي ضرورة التنوير، وهواجس التغريب، وطموحات التغيير والأنسنة، ومؤكدين أن مفاهيم العقلانية، والحداثة، والتعددية تشكل مرتكزات أساسية لتطوير الفكر التنويري العربي، إلا أن هذه المفاهيم تصطدم بتحديات بنوية تستدعي فهمًا عميقًا لمعالجتها.

كما ناقش المشاركون إشكالية العلاقة بين التراث والحداثة، والتجاذبات التي حدثت بين الفكر والدين آبان عصر التنوير، متسائلين عن إمكانية الحديث وتأسيس مدرسة تنوير عربية واضحة المعالم مقارنة بمدارس التنوير الغربية المختلفة، ومستقبل عقلانية الفكر التنويري العربي، وإشكالية الممانعة والنهضة.

وأشار الأمين العام لمنتدى الفكر العربي د.الصادق الفقيه إلى التحديات، التي تواجّه الفكر التنويري العربي، مبينًا أنها متعددة الرؤى ومتشعبة في ذاتها، حيث تتصارع التيارات التقليدية بشكل مستمر مع زخارف التنوير وتداعياته، التي تؤثر بشكل مباشر على مسارات الفكر والمجتمعات العربية، مؤكدًا ضرورة وجود منابر فكرية حرة للنقاش وتبادل الآراء المختلفة، الأمر الذي يسلط الضوء على أهمية العمل الجماعي والشامل لتجاوز الحدود الجغرافية والفكرية، وتشكيل رؤية مستقبلية تتسم بالشمولية والتنوع تساهم في بناء فكري عربي تنويري.

وتحدث مستشار مركز حوار الثقافات د. عامر الحافي حول الفكر التنويري العربي، وأزمة العلاقة بين الدين والعقل، موضحاً الاختلاف بين مفهوم التنوير عربياً وإسلامياً ومفهومه الغربي، ومبيناً دور السلطة السياسية في الجدل الدائر بين الدين والفلسفة، وأشار في حديثه إلى تأثير خطاب العصر في تطور المعارف الدينية المتوارثة، ودور مراجعة التراث الديني في مشروع التنوير.

وأشارت أستاذة الأدب المقارن في الجامعة الأمريكية د. وفاء الخضراء إلى صراع الثقافات والسرديات المتعلقة بها، مبينةً أن الحالة العربية تحتاج إلى فعل معرفي مبني على الخصوصية والأخلاق العربية، موضحةً أن أهم التحديات التي تواجه مشروع التنوير العربي الوصاية الخارجية، وعدم تمكين وتعزيز الحاضنة العربية، وقلة الاشتباك والحوار الثقافي، الأمر الذي يعيق تطوير الإنتاج المعرفي العربي.

وقدم أستاذ الفلسفة في الجامعة الأردنية أ. د. توفيق شومر ورقةً أكد خلالها أن التنوير متطلب سابق للحداثة، ومبينًا أن تبني النموذج الأوروبي كخيار أوحد للحداثة بين المفكرين العرب أعاق التفكير الجاد بمتطلبات التنوير عربيًا، ودعا إلى ضرورة العمل على مراجعة الموروث بغية استكشاف شروط التنوير في السياق العربي.

وتحدثت رئيسة قسم الفلسفة في الجامعة الأردنية د.عاء علي عن التحولات الفكرية التي شهدها العقل العربي في علاقته الجدلية بين الفكر الديني والفلسفة، وأسباب تعطيل المشروع التنويري العربي، مبينةً ضرورة تصور بناء جديد لحوار مثمر بين المرجعية الدينية والعقل الفلسفي، يعيد الحيوية للعقل العربية لمواجهات التحديات الراهنة.

وتناول أستاذ الفلسفة في الجامعة الأردنية د.جورج الفارّ إشكالية العلاقة بين الفكر (الفلسفي) والدين في السياق العربي، مستعرضًا تجارب تاريخية شهدت محاولات للتنوير اصطدمت بسلطة المؤسسة الدينية، وبيّن د.الفار أن المفكرين العرب، رغم محاولاتهم إحياء الفلسفة العقلانية، لم ينجحوا غالبًا في كسب وعي جماهيري واسع، مؤكدًا أن استيعاب التجارب السابقة في ضوء معطيات الواقع الراهن أمرٌ ضروري لبناء وعي فكري جديد.

وقدّمت مديرة مركز دراسات المرأة في الجامعة الأردنية د.ميسون العتوم ورقة بعنوان "قراءة نقدية معمّقة لمفهوم التقليد في السياق العربي”، تناولت فيها البعد السلطوي لمفهوم "التقليد” بوصفه أداة تُعيد إنتاج التراتبيات الاجتماعية وتخدم مصالح القوى المهيمنة، وأكدت د.العتوم ضرورة تجاوز الصراع الثنائي بين التقليد والحداثة، والدعوة إلى تفكيك الآليات الفكرية التقليدية لصالح مشروع حداثي بديل ينطلق من الواقع العربي.
وسلطت أستاذة التربية السياسية د.أماني جرار الضوء في حديثها على مسار العقلانية في الفكر التنويري العربي، موضحةً تعقيدات العلاقة بين التراث والحداثة، ومؤكدةً أهمية مراجعة المفاهيم السائدة من منظور نقدي يرفض القطيعة مع الموروث أو التبعية للنموذج الغربي، وقدمت في ورقتها رؤية تأسيسية لخطاب فلسفي عربي جديد يعيد تشكيل العلاقة بين الذات والهوية والعالم.

وتحدث رئيس قسم اللغات الأوروبية في الجامعة الأردنية د.محمود جرن حول مشروع نجيب محفوظ بوصفه تجسيدًا حيًا لإشكاليات التنوير العربي من خلال الفن السردي، مبينًا كيف تعكس أعمال محفوظ صراعات العقل والإيمان، والفرد والسلطة، في ظل تحولات المجتمع العربي، كما سلط د.جرن الضوء على دور الرواية في مساءلة البنى الجامدة وفتح أفق نقدي جديد، مؤكدًا أن الأدب يشكل ركيزة فكرية في مواجهة تحديات التنوير العربي المعاصر.

هذا، ويذكر أنه جرى نقاش موسع بين المشاركين والحضور حول القضايا التي طُرحت.