البحث مستمر بين الأمل والمعاناة عن الشاب هيثم المصبحيين
الحسا، الطفيلة - في مشهد يجسد الصراع الإنساني بين بطولة الفرد وقسوة الطبيعة، لا تزال فرق الإنقاذ تمشط منطقة شرق مناجم الحسا بحثاً عن الشاب هيثم ناجح المصبحيين (19 عاماً)، والذي استمر لمدة تزيد عن اربعين يوما، الذي جرفته سيول عنيفة يوم الأحد الماضي (4 مايو 2025) أثناء محاولته إنقاذ ناقة عالقة بمجرى السيل. الحادثة التي هزت المجتمع المحلي تحولت إلى معركة ضد الزمن والتضاريس المستحيلة، حيث توظف أحدث التقنيات الروبوتية بتوجيه مباشر من الديوان الملكي الهاشمي .
وفقاً لرواية ابن خاله أمجد، الذي كان يرافقه أثناء رعي الأغنام قرب مجرى السيل، فقد هبَّ هيثم فور رؤيته ناقةً تُجرف بقوة المياه المتدفقة من سيول الحسا. وفي لحظة انعطاف حرجة نحو الساعة 6:30 مساءً، اختفى الشاب فجأة بعد أن ابتلعته المياه الجارفة التي قذفته نحو "البرك الكبيرة" القريبة من منجم الحسا، وهي برك عميقة تشكلت طبيعياً وتُعرف بخطورتها بسبب رواسب الطمي الكثيفة والتيارات المائية غير المنتظمة .
و تواجه فرق الدفاع المدني تحديات جسيمة في عمليات البحث بسبب:
- التضاريس الوعرة: حيث صخور بركانية حادة ومنحدرات شبه عمودية تعيق وصول الغطاسين.
- الطمي الكثيف: الذي يحجب الرؤية تحت الماء حتى مع استخدام كشافات القوارب.
- اتساع منطقة البحث: التي تمتد لـ 3 كم حول البرك الكبيرة.
لكن المنعطف الأبرز جاء بتدخل الديوان الملكي بإمر من جلالة الملك عند زيارته الى منطقة الجفر الاسبوع الماضي,حيث تحدث بهذا الموضوع الشيخ فواز مليحان النواصرة لينقل لجلالته رسالة من اهل الشاب المفقود هيثم ، حيث وصل الجهاز قبل ايام إلى الموقع جهاز روبوت متطور يشبه الغواصة الصغيرة، ومزود بـ:
1. كاميرات رؤية تحت الماء تعمل بالأشعة تحت الحمراء لاختراق الطمي.
2. مستشعرات للكشف عن الأجسام العضوية (اللحمية) عبر تحليل كثافة الأنسجة.
3. أذرع آلية قابلة للتمدد لاستخراج الأجسام من الأعماق.
ويعمل هذا النظام الآلي بالتزامن مع 50 غطاساً و 12 قارباً مزوداً بسونار متطور، في عملية تمشيط هي الأكبر من نوعها في المنطقة .
و شهدت منطقة الحسا - مثل معظم مناطق المملكة - حالة جوية غير مستقرة مساء الأحد الماضي، حيث هطلت أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية ورياح قوية قللت الرؤية الأفقية إلى أقل من 500 متر. وقد حذرت الجهات المختارة المواطنين من مخاطر التحرك قرب مجاري السيول في مثل هذه الظروف، لكن تقارير أولية تشير إلى أن هيثم كان يحاول إنقاذ الناقة التي تمثل مصدر رزق أساسي لعائلته .
و تحولت مواقع التواصل في معان إلى منصة للدعم، حيث انتشر هاشتاغ #الله_يحميك_يا_هيثم وتجمعت عشرات العائلات من عشيرة "المصابحة" قرب موقع الحادثة، بينما تواصل فرق الإنقاذ العمل على مدار الساعة. كما أعلنت محافظة الطفيلة عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة لتنسيق الجهود بين الدفاع المدني والقوات المسلحة والديوان الملكي .
والد الشاب المفقود هيثم السيد ناجح المصبحيين الذي لم يفارق مكان مفقد ولده منذ 40 يوما، رافضا فكرة المغادرة الا بعد ايجاد ابنه والصلاة عليه ودفنه، هذة القصة الانسانية المؤثرة التي تعاطف معها الناس من كافة انحاء المملكة وايضا الاخوة في المملكة العربية السعودية الذين قدموا للحسا بعد ان سمعوا هذة القصة وتأثروا بها ونقلوا هذة القصة عبر حساباتهم على على التواصل الاجتماعي .
> "لم نعد نبحث عن شاب فقط، بل نستعيد إنسانيتنا"
هكذا لخص قائد فريق الإنقاذ المشاعر السائدة في الموقع. فقصة هيثم المصبحيين - الشاب الذي خاطر لإنقاذ كائن لا ينطق - تذكرنا بأن البطولة الحقيقية تكمن في تلك اللحظات التي تعلو فيها الرحمة حتى على غريزة البقاء. ورغم مرور أكثر من 48 ساعة على الاختفاء، فإن الأمل لا يزال حياً بمعجزة تحققها تقنيات الملك وإرادة الرجال.







