يواجه النظام السوري اليوم تحديات غير مسبوقة على مختلف الأصعدة، ويبدو أن عزلة النظام أصبحت واقعًا ملموسًا داخليًا وخارجيًا؛ في الداخل، تراجعت القاعدة الشعبية التي كانت تُشكّل ركيزة استمراره، بما في ذلك الحاضنة العلوية التي باتت تُظهر علامات قلق متزايدة حيال قدرتها على تحمل أعباء الصراع المستمر. أما خارجيًا، فيعاني النظام من تراجع الدعم المباشر من حلفائه التقليديين (ايران، حزب الله، وروسيا) الذين يواجهون هم أيضًا تحديات داخلية وخارجية تجعل قدرتهم على تقديم المساندة الفعالة محدودة.
تُعتبر معركة حمص مفصلية في مسار الصراع السوري، حيث ان سقوط المدينة أو خسارتها لصالح المعارضة يمكن أن يمهّد الطريق لتفعيل سيناريو التقسيم، فالمدينة تقع في موقع استراتيجي يربط العاصمة دمشق بالساحل السوري، الذي يمثل معقل النظام الأخير، والسيطرة على حمص من قبل المعارضة تعني قطع خطوط الإمداد الرئيسية للنظام، مما يُجبره على التراجع نحو الساحل، حيث يُحتمل أن يُحاول إقامة منطقة نفوذ علوية كملاذ أخير.
في ظل هذه التطورات، يبدو أن النظام بات يركز جهوده على تأمين الساحل، الذي يعتبره خط دفاعه الأخير، وهذا التوجه يشير إلى إدراك النظام لاحتمالية انهيار سيطرته على مناطق واسعة من سوريا، مما يدفعه لإعادة ترتيب أولوياته بما يضمن الحفاظ على الحد الأدنى من النفوذ الجغرافي، ومع ذلك، فإن سيناريو التقسيم لا يُعد حلاً سلميًا، بل قد يُعمّق الأزمة السورية ويزيد من معاناة المدنيين في المناطق المتنازع عليها.
تفاقم عزلة النظام السوري يُعد نتيجة مباشرة للضغوط الإقليمية والدولية، فالحلفاء التقليديون، مثل إيران وروسيا، باتوا يواجهون صعوبات اقتصادية وسياسية تقلل من قدرتهم على دعم النظام السوري بشكل مستدام، وفي المقابل، المعارضة السورية تستفيد من الدعم المستمر من قوى إقليمية ودولية تسعى لإضعاف النظام ومنع استقراره.
يُظهر المشهد السوري الحالي أن النظام بات في موقف دفاعي بحت، يحاول الحفاظ على ما تبقى من مناطق سيطرته، ومعركة حمص والساحل تمثلان نقاطًا محورية في تحديد مستقبل النظام وسوريا ككل، ومع استمرار الصراع، تبدو فرص التوصل إلى حل سياسي شامل بعيدة المنال، مما يترك الباب مفتوحًا لمزيد من التصعيد والتجزئة.