آخر الأخبار

لا عهد لهم .. ديمقراطية ضد الحرية

راصد الإخباري :  



 عمان – كتب : اشرف محمد حسن 
     استطاعت المقاومة الفلسطينية ومنذ بداية معركة طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر من العام المنصرم إعادة الوعي لجيل الشباب الذي عملت كافة الوسائل الإعلامية العالمية والعربية وعلى مدار عقود تفريغ الأجيال من ثقافاتهم حتى الشعوب العربية والإسلامية منها وتغييب القيم الاخلاقية والدينية وحتى القناعات بجدوى المقاومة  ونشر ثقافة  مشوهة لدى كافة الشعوب وقيمهم استهلاكية استعمارية وتغييب القضية الفلسطينية تماماً عن اذهان المجتمع الدولي وكافة شعوب الأرض والتي هي أساس وسبب كافة الإشكاليات في مجتمعاتنا العربية والتي تنعكس بشكل او بآخر على باقي المجتمعات بالإضافة الى تسليط الضوء على قضيتها عالميا كما استطاعت كشف جرائم الاحتلال الصهيوني وزيف ادعاءاته بسبب تطور وانشار وسائل الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها ، مما جعل المواطن الأوروبي او في كافة الدول المتقدمة مشاهدة الجرائم بشكل مباشر ودون تدخل سواء من وسائلهم الإعلامية المسيطر عليها أصلا من الصهاينة او من حكوماتهم التابعة للإدارة الصهيوامريكية الامر الذي اكسب القضية الفلسطينية الكثير من التعاطف من قبل المواطنين في تلك الدول بالإضافة الى الكثيرين من النجوم العالميين والمؤثرين من شتى بقاع الارض ، وقد أدى ذلك الى تحركات في الشارع من خلال تظاهرات في تلك الدول وتحديدا فئة الشباب والذين لا تربطهم المصالح مع اية فئة ، في محاولات للضغط على حكوماتها التي يبتزها الكيان الصهيوني منذ عقود بحجة المحرقة " الهلوكوست " والتي لا وجود لها في الأصل ولم يقدم دليل واحد منطقي على وقوعها من خلال الدعاية الصهيونية الامريكية حتى بات من ينكرها يوصف ب المعادي للسامية ذلك المصطلح الذي بات يوصف به من يحاول كشف الحقيقة او يعارض الكيان الصهيوني ورغم ذلك ، تنساق إدارات تلك الدول وراء الإدارة الصهيوامريكية تماماً كالخراف وراء مرياعها وتدعم الكيان الصهيوني كون الفية التي تتحكم باداراتها ترتبط مصالحها الشخصية مع مصالح حركة الصهيونية العالمية، تهدف تلك التظاهرات الى وقف الحرب الصهيوامريكية ومجازر الإبادة الجماعية على قطاع غزة وفلسطين دون جدوى حتى الان فدعمها وتأييدها المطلق لا يزال مستمرا للصهاينة .  بل وان تلك الدول تساعد في ارسال السلاح المتطوعين " المرتزقة " لدعم جيش الاحتلال الصهيوني . فجيش الاحتلال الذي تنفق عليه أمريكا والدول الأوروبية وأصحاب رؤوس الأموال هو المافيا التي تحقق لهم الحماية لمصالحهم من وجهة النظر الرأسمالية الصهيونية واصحابها . 
مع اتساع رقعة الاحتجاجات الطلابية الرافضة للحرب الصهيونية على غزة، في عدة جامعات أميركية، وسط غضب في داخل الكيان الصهيوني تجاه هذه الاحتجاجات التي وُصفت بأنها معادية للسامية، ومطالب بالتصدي لها ففي جامعة كولومبيا في نيويورك يواصل الطلاب اعتصامهم المفتوح في مخيم نصبوه بالجامعة منذ 8 أيام احتجاجا على ما يعتبرونه إبادة جماعية للشعب الفلسطيني وقد أمهلت إدارة الجامعة الطلاب المعتصمين 48 ساعة لإنهاء اعتصامهم داخل الحرم الجامعي وكانت شرطة نيويورك اعتقلت يوم الجمعة الماضي أكثر من 100 متظاهر في المخيم في خطوة غير معتادة أثارت غضب بعض من أعضاء هيئة التدريس. وجرى وقف الطلاب عن الدراسة وتفكيك الخيام لكن طلابا آخرين نصبوا منذ ذلك الحين أكثر من 100 خيمة وفي جامعة ولاية تكساس اعتقلت الشرطة ما لا يقل عن 10 طلاب احتجوا داخل حرم جامعة أوستن، بينما قامت قوات مكافحة الشغب بالتصدي للمتظاهرين الغاضبين، واستخدم بعضهم الهراوات لتفريقهم وقد تلقى المحتجون تهديدات بمواجهة تهم جنائية بالتعدي على ممتلكات الغير في حال إصرارهم على التظاهر وكان طلاب جامعة جنوب كاليفورنيا في لوس أنجلوس قد اشتبكوا مع عناصر الشرطة خلال محاولتهم إزالة الخيام التي نصبها المحتجون وسط الحرم الجامعي، وتم اعتقال عدد منهم وقد تعرضت رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لانتقادات من بعض الجهات المانحة البارزة للجامعات ومجموعات الخريجين وأعضاء في الكونغرس الأميركي معظمهم من الجمهوريين وطالبها بعضهم بالاستقالة لعدم قدرتها على إنهاء الاحتجاج واصفين المخيم بأنه معاد للسامية وطالب رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون وعدد من أعضاء المجلس نعمت شفيق بالاستقالة ما لم تتمكن على الفور من إنهاء ما وصفه بالفوضى الجارية في حرم الجامعة وقال جونسون إن الكونغرس الأميركي لن يقف صامتا إزاء التهديدات التي تستهدف الطلبة اليهود ومن جهته قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه يؤمن بأن حرية التعبير والنقاش وعدم التمييز أمور مهمة في الحرم الجامعي . وهذا ما يتناقض تماما مع كافة الأعراف والمواثيق الدولية والاعلان العالمي لحقوق الانسان بل وايضاً الإعلان الأمريكي لحقوق وواجبات الإنسان في قرارها رقم 30 الذي اتخذه المؤتمر الدولي التاسع للدول الأمريكية عام ( 1948 ) ومواده حيث نصت المادة 4 منه على ان لكل شخص الحق في حرية البحث والرأي والتعبير ونشر الأفكار بأي وسيلة أياً كان نوعها اما المادة 24 فقد اكدت على انه لكل شخص الحق في التجمع سلمياً مع الآخرين في اجتماع عام رسمي، أو تجمع غير رسمي بشأن المسائل ذات الاهتمام العام أياً كان طبيعتها فيما نصت المادة 22 على ان لكل شخص الحق في الاتحاد مع الآخرين من أجل تعزيز وممارسة وحماية المصالح الشرعية لأي اتحاد سياسي أو اقتصادي أو ديني أو اجتماعي أو ثقافي أو مهني أو عمالي، أو أياً كانت طبيعته في حين ان المادة 25 من نفس الإعلان على الحق في الحماية من الاعتقال التعسفي حيث لا يجوز حرمان أي شخص من حريته إلا في الحالات وطبقاً للإجراءات الثابتة في القانون القائم سلفاً ولا يجوز حرمان أي شخص من الحرية لعدم الوفاء بالتزامات الشخصية المدنية المجردة ولكل فرد حرم من حريته الحق في التأكد من شرعية احتجازه دون تأخير، عن طريق المحكمة، والحق في المحاكمة دون تأخير له ما يبرره، وإلا يتم إطلاق سراحه، وله الحق كذلك في المعاملة الإنسانية أثناء التحفظ عليه بل ان ما تفعله الإدارة الامريكية علنا يخرجها وبشكل نهائي من مصاف الدول الديمقراطية بل ويخالف حتى الدستور الأمريكي ففي ديسمبر/كانون الأول 1791 تم اعتماد عشر مواد سميت "وثيقة الحقوق" أضيفت إلى الدستور الأميركي صاغها جيمس ماديسون المعروف باسم "أبو الدستور" وهي تحمي حق التعبير عن الرأي، وحرية الصحافة، و( حق التظاهر ) .
تسوق نفسها الولايات المتحدة بانها تعمل على تعزيز احترام الحريات الأساسية على مستوى العالم من خلال وضع حقوق الإنسان في صلب سياستها الخارجية، وتؤكد دوماً على أن احترام كرامة الإنسان وحقوقه أمران أساسيان لاستدامة السلام والحفاظ على الازدهار وتستخدم هذا المصطلح بالإضافة الى ما تسميه بالمساعدات كأداة للتدخل في شؤون الدول وكافة شعوب الأرض حتى وبعد اكتشاف العالم لكذبها بقي الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش مُـصرا على أن قواته لن تترك العراق قبل تحقيق المهمة، وهي مهمة تتغير مع تغيير الظروف، من مهمة نزع أسلحة الدمار الشامل والتي اتضح بانها مجرد اكذوبة إلى مهمة منع العراق من أن يتحوّل إلى مرتع لعناصر (الإرهاب الدولي)، ومهمة تحويل العراق إلى نموذج يحتذى ل (الديمقراطية في الشرق الأوسط). فما الذي جنته أمريكا من غزو العراق حتى بعد تلقيه الضربة بواسطة حذاء الصحفي منتظر الزيدي عام 2008 م وفي مصر وخلال فترة رئاسة الدكتور محمد مرسي ليتم الانقلاب على أول رئيس شرعي منتخب في انتخابات شهدت رقابة من المجتمع الدولي لتبارك الولايات المتحدة الأمريكية لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي انقلابه على الرئيس الشرعي وتبارك الديمقراطية في مصر. ويخرج عضو مجلس النواب النائب في الحزب الديمقراطي الأمريكي آدم شيف منتقدا التهاني التي تلقاها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد انتخابه رئيسا في 24 يونيو 2018 ليغرد على حسابه في تويتر انذاك : أردوغان نجح في الانتخابات عبر اعتقال المعارضين واستخدام العنف والحد من حرية الإعلام .
المشاهد للاحداث ودون أي تحيز يستنتج ان الديمقراطية الامريكية ومن والاها لا وجود لها وانما هي مجرد قناع يخفي الوجه الحقيقي الاستعماري لها وانها فقط تستخدم لاجل مصالحها ومصالح الصهيونية العالمية والتي تسعى لاستعباد كافة البشر في شتى بقاع الارض وان ما يهمها فقط هي المكاسب المالية والمباشرة دون الالتفات الى حياة البشر فالديمقراطية تضمن الحرية ولا تصادرها كما فعلت أمريكا والعديد من دول الغرب فهم من لا امان .. ولا عهد لهم ..