فرص الإصلاح السياسي في الأردن ممكنة وإرادة "جمعية" ليست ناجزة
قال مدير مركز القدس للدراسات السياسية،عريب الرنتاوي، إن نافذة الفرص متاحة أمام الإصلاح السياسي لكنها ضيقة وتواجه تحديات جسيمة، فيما رأى الإعلامي عمر كلاب أن التجربة الحزبية ستطور نفسها بنفسها، وستسير نحو فضاءات أكثر إنتاجية، داعيًا للإصلاح التدريجي والسير مرحلةً تلو مرحلة، ومن جهته يستشعر أستاذ العلاقات الدولية، حسن البراري، نقاطا مضيئة في الحياة الحزبية لكنها من وجهة نظره ليست كافية.
وأشار الرنتاوي خلال حديثه في المنتدى الإعلامي التابع لمركز حماية وحرية الصحفيين، والذي نُظم تحت عنوان "فرص الإصلاح السياسي في الأردن.. التجربة الحزبية نموذجا"، إلى أن توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية كانت في الاتجاه الصحيح لكنها غير كافية.
وأضاف الرنتاوي أن الإصلاح السياسي يحتاج لمناخ سياسي وأمني مناسب، مبينًا أن الإرادة "الجمعية" للإصلاح ليست ناجزةً في الدولة الأردنية، بالإضافة إلى أن النخب قد أفرغت من السياسة لصالح التكنوقراط، وبقيت صناعة النخب السياسية بيد الدولة -حسب اعتقاده- .
من جانبه ذكّر كلاب بأن الطلب على الإصلاح السياسي، والأحزاب، والنقابات إبان الأحكام العرفية كان أكثر من الوقت الراهن، مبينًا أنه لا مبرر للتخويف من الانخراط في الأحزاب والعمل الحزبي، الأمر الذي يبدد نظرية "الرعب" من العمل الحزبي.
وقال كلاب إن الحديث عن أحزاب برامجية يعتبر مأزقًا، فالأحزاب لا بد أن تكون سياسية لتكون قادرة على الاشتباك مع الواقع وهموم الناس. مضيفًا أن عقل الدولة الرسمي لا يسكن إلى الأحزاب السياسية لسببين؛ وجود ذوات يخشون من إنتاج نخب سياسية جديدة، بالإضافة إلى أن المجتمع الأردني ليس جاهزًا لتجربة حزبية حقيقية.
وهذا ما يؤكد عليه الرنتاوي، إذ يرى أن الحزب يجب أن يكون سياسيًا يمتلك خططًا لكل القطاعات، مبينًا ذلك بقوله "الحزب يجب أن يكون سياسيًا وذو خلفية فكرية، وهوية اجتماعية، يشتق من كل ما سبق خططه لكل القطاعات".
وأضاف الرنتاوي أن الحديث عن الأحزاب البرامجية أضاع السياسة، وأن الأحزاب التي ليس لديها مشروع لن تستمر.
وقال البراري إنه لم يرَ أردنيًا ضد الإصلاح السياسي متفقًا مع رؤية جلالة الملك في الأوراق النقاشية، مضيفًا "نسمع خطابًا تقدميًا من الملك، لكن القوانين التي وضعت بناءً على مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية تعرضت للتقزيم بفعل التعديلات الحكومية".
واستدرك البراري بقوله "إذا كان الإصلاح المطلوب وجود ملكية دستورية، ووجود حكومات برلمانية منتخبة، فالأردن بعيد جدًا عن ذلك، على الرغم من المسار الإصلاحي الذي تم تدشينه".
وعاد الرنتاوي ليؤكد على أن الحراك السياسي الحالي أفضل بكثير مما كان عليه قبل عامين، مشيرًا إلى وجود تنافس ومزاحمة ورغبة عند الشباب للانخراط في الأحزاب.
واتفق الرنتاوي مع البراري في أن الحديث عن الذهاب لملكية دستورية أمر مبالغ فيه وغير وارد، آملا في الوصول لتجربة السياسية المغربية على أقل تقدير.
ويرى الرنتاوي خلال حديثه في المنتدى الإعلامي أن الإصلاح ينتزع انتزاعًا وأنه ثمرة توازنات لقوى سياسية ومجتمعية، مشيرًا في الوقت نفسه إلى عدم وجود روافع سياسية واجتماعية وحزبية للإصلاح.
وهاجم الرنتاوي المجتمع الدولي واصفًا إياه بـ"النفاق"، مفسرًا ذلك بعدم رغبة المجتمع الدولي بالإصلاح في المنطقة برمتها، وأن ما يهمه الاستقرار والأمن، والعلاقات الأمنية والاستراتيجية.
بدوره يرى البراري أن المصالح الأمريكية طويلة الأمد في المنطقة والمتعلقة في الإصلاح والديمقراطية مؤجلة، وأن تركيزها ينصب على الاستقرار ضمن رؤية قصيرة الأمد.
وتحدث البراري عن وجود فجوة ثقة أفقية، فالناس لا يثقون بالحكومة، ولا في البرلمان، ولا في الأحزاب، مؤكدًا معاناة الأحزاب من ضعف بنيوي ومالي، عدا حزب جبهة العمل الإسلامي والذي برأيه هو الوحيد الذي تنطبق عليه مواصفات الحزب.
أما كلاب فيشير إلى معيقات أخرى أمام الأحزاب منها غياب المعلومة اللازمة لبناء البرامج والرؤى، وعدم نضج المجتمع تجاه الأحزاب.
وعاد البراري مرة أخرى ليؤكد على وجود معيقات أمام الأحزاب منها التضييق الأمني على الانتساب لأحد تلك الأحزاب، وشاطره الرأي الرنتاوي بقوله إن "الصورة خدشت بسبب ما حصل مع حزب الشراكة والإنقاذ"، داعيًا الدولة بكل مؤسساتها إلى الوقوف على مسافة واحدة من الأحزاب.
وفيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية القادمة، قال الرنتاوي أن المنافسة على المقاعد المخصصة للأحزاب ستكون صعبةً، وأن أحزاب "ميثاق"، و"إرادة" و"جبهة العمل" و"تقدم" ستكون لها حصص في البرلمان، وأن الكتلة الرئيسية في البرلمان ستكون من الدوائر المحلية.
أما كلاب فتوقع أن تحصد أحزاب مقاعدَ أعلى من المتوقع في الانتخابات مبينًا أنه لا خيار سوى في الحياة الحزبية.
وأكد كلاب على أهمية سخاء التمويل للأحزاب بعد نتائج الانتخابات، وهذا أيضًا ما دعا له الرنتاوي.
من جهته توقع البراري أن يكون رئيس الحكومة المقبل عضوًا في أحد الأحزاب، موضحًا أنها ستكون رسالة تطمين من الدولة لاستعادة ثقة المواطن وتشجيعه على المشاركة السياسية.
لكن الرنتاوي ليس متفائلًا بأن تكون هناك حكومة برلمانية في الانتخابات القادمة، مستدركًا أنه إذا كان هناك نمطً معين من الشخصيات والأحزاب الناجحة في الانتخابات فقد تكون هناك حكومات حزبية.
فيما يستبعد كلاب تشكيل حكومة حزبية معبرًا عن خشيته على الأحزاب من الخلاف في اليوم الأول من إعلان القوائم الانتخابية.