آخر الأخبار

مجمع اللغة العربية يختتم مؤتمره السنوي بالتوصيات(فيديو)

راصد الإخباري :  
 



اختتم مجمع اللغة العربية الأردني صباح اليوم الثلاثاء الثامن والعشرين من كانون الأول، مؤتمره السنوي "أقسام اللغة العربية في الجامعات العربية: الواقع والآفاق المستقبلية"، المنعقد هذا العام ضمن احتفالاته بمئوية الدولة، بحضور رئيس المجمع الأستاذ الدكتور خالد الكركي، والأمين العام الأستاذ الدكتور محمد السعودي، والأعضاء العاملين، وجمهور من اللغويين والمهتمين، مراعين لشروط ومعايير الصحة والسلامة العامة التزاماً بقوانين الدفاع، وبثّت الفعالية عبر منصات المجمع الإلكترونية المتعددة. 

وبحسب بيان صحفي صادر عن المجمع، تضمنت الجلسة الختامية محورين، الأول حول واقع البحث العلمي في أقسام اللغة العربية، وترأس الجلسة عضو المجمع الأستاذ الدكتور محمد حوّر، وحاضر فيها الأستاذ الدكتور امحمد مستغانمي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة، في بحثه الموسوم بــ "البحث العلمي الواقع والآفاق: قسم اللغة العربية في جامعة الشارقة أنموذجاً"، والأستاذ الدكتور عبدالفتاح الحموز، عضو مجمع اللغة العربية الأردني، في بحثه الموسوم بــ "الرسائل الجامعية نحواً وصرفاً واقِعاً وطموحاً"، والأستاذ الدكتور محمد الدروبي، من جامعة آل البيت، في بحثه الموسوم بــ" الدراسات العليا وإحياء التراث في أقسام اللغة العربية في الأردن: الواقع والمأمول"، والأستاذ الدكتور محمود الديكي، من جامعة آل البيت، في بحثه الموسوم بــ" برامج الدراسات العليا في اللغة العربية: الواقع وما يجب أن يكون عليه الحال". 


أما المحور الثاني حول أساليب تدريس اللغة العربية، وترأس الجلسة الأستاذ الدكتور سمير الدروبي، عضو المجمع، وشارك فيها الأستاذ الدكتور عقيل مرعي، عضو شرف مجمع اللغة العربية الأردني، من إيطاليا، في بحثه الموسوم بــ" تدريس اللغة العربية في إيطاليا من الإجازة إلى الدكتوراه"، والأستاذ الدكتور وافي الحاج ماجد، من الجامعة العالمية في بيروت، في بحثه الموسوم بــ "اعتماد المنظومة الخماسية للجودة في تدريس مقررات اللغة العربية في التعليم العالي"، والأستاذ الدكتور زياد الزعبي، من جامعة اليرموك، في بحثه الموسوم بــ"الخطة النمط والخطة الغائبة: قراءة في الخطط الدراسية في أقسام اللغة العربية وآدابها"، والأستاذ الدكتور محمد العاني، من جامعة كربلاء في العراق، في بحثه الموسوم بــ" اتجاهات الدرس الصرفي في المستوى الجامعي. 



وقدم الدكتور مستغانمي ملحوظات متعلقة باطلاعه على البحث العلمي في مراحل الماجستير والدكتوراه من الطلبة، وأسدى بعض المقترحات، بعد تصفحه ٥٠ رسالة علمية، منها ١٣ بحثاً في الأدب، وثمانين دراسة قرآنية لغوية، وأربعة بحوث في الدراسات اللغوية العامة، وفي الأدب في الخليج أحد عشر بحثاً، وأربعة بحوث في علوم اللسان الحديثة، وعشرة بحوث في الدراسات النحوية. وأكد مستغانمي أن البحث العلمي هو عصب الازدهار، وسلم التطور الحضاري، ومعيار تقدم الأمم، وتوقف عند بعض المعلومات عن الواقع وبعض الحلول المقترحة، أهمها: في البحوث الأدبية تتعدد زاوية النظر اللغوي، والتحليل الأدبي في الأدب عامة، وتسليط الضوء في بعض الدراسات على المستويات الأسلوبية، والتركيبية، والبلاغية، وغير ذلك. 

وبيّن الدكتور الحموز أَهَمّ العوامل التي تسْهِمُ في تَدَنِّيْ مُسْتَوَى هذِهِ الرَّسائِلِ العِلْمِيِّ وتَرْقِيَتِهِ وتتمثل في: الطَّالِبُ مُعِدَّ الرِّسالَةِ، وقِسْمُ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ أَعْضاءَ هَيْئَةِ التَّدْرِيْس، ولَجْنَةُ الدِراساتِ العُلْيا في عَمادَةِ البَحْثِ العِلْمِيِّ والدِّراساتِ العُلْيا، والمُشْرِفُ على الطَّالِبِ، ولَجْنَةُ مُناقَشَةِ الطَّالِبِ في رِسالَتِهِ، الجُمْهُوْرُ الَّذِيْنَ يُشاهِدُوْنَ المُناقَشَةِ مِنْ ذَوِيْ الطَّالِبِ وغَيْرِهِمْ. وعززّ ما مَرَّ بِمَلْحُوْظاتِه على رِسالَةِ إِحْدَى الطَّالَباتِ في جامِعَةِ الزِّهْراءِ في طَهْرانَ (أَعْظَم كاظِمِيّ) لِنَيْلِ دِرَجَةِ الدُّكْتُوْراه الَّتِي اَشْرَف على رِسالَتِها المَوْسُوْمَةِ بـ(الوِحْدَةُ المَوْضُوْعَيّْةُ في سُوْرَتِيْ الإِسْراءِ ومَرْيَمِ) بَعْدَ أَنْ أَعَدَّتْها (تَشرِيْنِ الثّانِيْ /2021م).

وأوضح الدكتور محمد الدروبي، أن الموروث العربي يشكل رافعة متينة من روافع المعرفة العلمية التي تتكئ عليها أقسام اللغة العربية، وأكد أن التراث مستمكن في تلك الأقسام، حاضر بقوة في رؤاها وأهدافها وتوجهاتها وأنظارها، وبرامجها وخططها ومساقاتها، ولا يتصور أن تنسلخ هذه الأقسام عن المرجعية التراثية، وقد لاحظ الدارس أن المشروعات العلمية القائمة على بعث التراث تناثرت في بعض أقسام اللغة العربية في الجامعات الأردنية، واستبان الدارس أن بواعث مشتركة تقف خلف ضعف حركة تحقيق التراث التي أفرزتها برامج الدراسات العليا أبرزها: ما يكتنف عملية التحقيق نفسها من عوائق بدءاً من اختيار ما هو جديد ومناسب للتحقيق، ومروراً بتحصيل النسخ الخطية وفحصها، وانتهاء بمجريات التحقيق ذاته، وضعف مكنة الطلاب من التعاطي مع علم التحقيق، وقلة بضاعتهم بصنعته، وعدم امتلاك كثير منهم الأدوات المعرفية الكافية التي تسنح بالتعامل مع المخطوط. 


ونظر الدكتور الديكي في مدى كفاية برامج الدراسات العليا المقدمة في الجامعات الأردنية لتحقيق الأهداف التي نصت عليها اللجان التي تخطط للغة العربية وعلومها في الديباجة التي تقدم بها لهذه البرامج عند طرحها وطلب الاعتماد والتصريح بمباشرة التدريس فيها في هذه الجامعات. وانطلق من فرضية تقول إن البرامج المطروحة على مستوى درجتي الماجستير والدكتوراه ليست قادرة على تحقيق الأهداف التي وضعت من أجلها أو الأهداف التي يجب أن تكون، وحاول إثبات هذه الفرضية أو نفيها، مع تحديد الأسباب والنتائج المترتبة على ذلك.

وأشار الدكتور مرعي إلى تنوع أقسام تدريس اللغة العربية في إيطاليا خصوصا وفي أوربة عموما بين أقسام متخصصة في اللغة العربية وآدابها (وهذا نادر ويزداد ندرة)، وبين أقسام دراسات الشرق الأوسط والعلاقات الدولية التي يتوجه إليها الراغبون في العمل الدبلوماسي والسياسي، والوسائط الثقافية التي تهدف إلى دمج المهاجرين وتسهيل التواصل معهم. ويمتاز تدريس اللغة العربية خارج الوطن العربي عموما، ونحن نتحدث ههنا عن إيطاليا نموذجا، بأن معظم الطلبة المسجلين ليست لديهم معرفة مسبقة لا بالعربية ولا بالإسلام، لهذا تكون المقاربة مختلفة عن مقاربات التعليم في الدول العربية، ولكن بالرغم من هذه الشروط تستطيع بعض الجامعات الوصول بالطلبة إلى مستوى جيد، وأحيانا متقدم مقارنة بزملائهم في الجامعات العربية، في بعض المهارات، وفي بعض المواد المتعلقة بالدرس اللغوي والنحوي والفيلولوجي والتاريخي.

وتناول مرعي مفصلا محاور متعددة أهمها: مناهج تدريس النحو والصرف بعد تبويبه وتصنيفه وفقال لنحو اللاتيني والإغريقي، والمواد الموازية للمواد اللغوية والأدبية: اللغات السامية، واللغات الأجنبية، والتاريخ الإسلامي، واستعرض المواد التي يتم التركيز عليها في الماجستير، وأهم الحقول المعرفية التي يهتم بها طلبة الدكتوراه، وقدم مقترحات لتطوير مناهج تدريس اللغة العربية في الجامعات الإيطالية والعربية.

وأشار الدكتور وافي الحاج  إلى أنه وبالرغم من استقرار المعايير الدولية لضمان الجودة والاعتماد الأكاديمي في التعليم العالي، التي أقرتها منظمة اليونسكو عام 2009، فقد بقي تدريس اختصاص اللغة العربية وآدابها في التعليم العالي على مستوى المقررات والمساقات مجردًا من أية معايير عالمية معتمدة دوليًّا لضمان الجودة فيه، بما أحدث فجوة كبرى في منظومة جودة التعليم العالي العربية، فاستدعى ذلك تداركها وسدها باعتماد معايير أكاديمية ترقى إلى مستوى المعايير العالمية للجودة. فاقترح البحث اعتماد منظومة الجودة الخماسية المرتكزة على تطبيق مبدأ دورة ديمينغ للجودة، عبر إحداث تطوير نوعي في مفهوم كل من: ملف المادة، ومساق المادة، وملف الامتحان؛ وعمود هذه المفاهيم الثلاثة هو مساق المادة أو الخطة الدراسية، وذلك في عملية متكاملة تمثل تطبيقًا مباشرًا لمعايير الآيزو العالمية التي ترتكز على تحديد معطيات واضحة ودقيقة قابلة للقياس.

وهدف الدكتور الزعبي في ورقته البحثية إلى قراءة الخطط الدراسية في أقسام اللغة العربية وآدابها قصد الوقوف على مفرداتها والأسس المنهجية التي وضعت وسوغت على أساسها، والبحث في أسباب ثباتها واستمرارها والنظر إليها بوصفها الخطة النموذج التي امتلكت وتمتلك صفة الثبات أو التغير ضمن أطرها النمطية المغلقة.  وفي المقابل محاولة تقديم تصور مغاير للصورة النمطية القارة والبحث عن مداخل جديدة تتفق وتاريخ الثقافة العربية بوصفها إحدى الثقافات الكونية الكبرى، وتأمل حضور العربية لغة وأدبا في آداب العالم تأثرا وتأثيرا في سياقات تفتح آفاقا للوقوف على ما يغيب عن الخطط النمطية، وما ينبغي أن يكون فيها. 

ورصد الدكتور العاني في بحثه سيرورة علم الصرف وما ينبغي أن يكون عليه، وتضمن ثلاثة مباحث: الاتجاه التعليمي، و الاتجاه الصوتي، والاتجاه الوصفي. وخلص إلى أهمية التمكين لمنهج التيسير الصرفي في الجامعات العربية، وتوجيه طلبة الدراسات العليا للاستكشاف الحقيقي للتيسير الصرفي، والتركيز في أبحاثنا الصرفية على قرارات المجامع اللغوية العربية المتصلة بعلاقة علم الصرف بالتقانة العصرية. 

وفي نهاية الجلسة تلا الأستاذ الدكتور سمير الدروبي البيان الختامي والتوصيات، جاءت على النحو الآتي: أن تَحُدَّ الجامعات من موجة الرسائل التي تقوم على تحقيق النصوص التراثية، وألّا يعهد بهذه الرسائل إلّا للطلاب المبرزين من طلاب مرحلة الدكتوراه المنتظمين، الذين عهدتهم الكليات فدرسوا فيها وتميزوا بالشغف العلمي، وأن تعمل الجامعات من خلال اتحاد الجامعات العربية أو المؤسسات ذات العمل العربي المشترك على إنشاء قاعدتي معلومات إحداها لببليوجرافيا الرسائل العلمية في الجامعات العربية والثانية تحفظ فيها أصول هذه الرسائل مع إتاحتها للباحثين، وإن التجديد في محتوى الخطة يقتضي التحقق من فائدة المساقات المقترحة وموافقتها لفلسفة البرامج لا أن تكون مبنية على الملاحظة السريعة أو تجربة المعايشة مع خطط أخرى في جامعات أخرى قضى فيها بعض الوقت.


وتضمنت أيضاً ضرورة مراجعة الخطط الدراسية للجامعات العربية من حيث الكم والنوع، وينبغي ألا يقل عدد ساعات التخصص عن الـ 80 ساعة، في التخصص المفرد، وزيادة نسبة مساقات اللغة والنحو لتصل إلى ما نسبته 40% من مجموع الساعات، ودعوة المؤسسات الحكومية والأهلية والباحثين والمسؤولين والمشرعين والقانونيين للاستفادة من "وثيقة بيروت" الصادرة عن المؤتمر الدولي للغة العربية،  ومن "قانون اللغة العربية" المعتمد من اتحاد المحامين العرب ومن مؤتمر وزراء الثقافة في التخطيط وسن الأنظمة والتشريعات والسياسات اللغوية.

وأوصى المشاركون بضرورة أن يتبنى مجمع اللغة العربية الأردني الدعوة لعقد ورشات علمية متتالية للوصول إلى خطة دراسية موحدة لبرنامج البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها في المملكة الأردنية الهاشمية؛ على أن تضم هذه اللقاءات ممثلين عن هيئة الاعتماد وهي الجهة المسؤولة عن اعتماد البرامج والتخصصات العلمية في المملكة، وممثلين عن أقسام اللغة العربية في الجامعات كلها الرسمية والخاصة، بحضور خبرات وازنة في التخطيط اللغوي وحقول العربية المختلفة من المجمع وخارجه، لوضع خطة دراسية موحدة تدرس في الجامعات جميعها تشتمل على الكفايات والنتاجات المطلوبة وتترجمها في أسماء المواد وتوصيفها واستراتيجيات تعليمها وأساليب تدريسها وطرق تقويمها، والإفادة من الآفاق الرحيبة التي تتيحها ثورة التعليم الإلكتروني حالياً. وضرورة رسم سياسات واضحة للبحث اللغوي في أقسام اللغة العربية، وتوجيه الباحثين في الماجستير والدكتوراه إلى دراسة الظواهر اللغوية والأدبية البارزة في الإنتاج الأدبي المعاصر.