أجرت جمعية الشؤون الدولية يوم الثلاثاء الماضي، حواراً دار حول ( ملامح النظام السياسي لسوريا الجديدة) وكان ضيف هذا الحوار الأستاذ حسن أبو هنية الخبير والمختص في الحركات الأسلامية بحضور أصحاب المعالي والعطوفة والمهتمين والضيوف الكرام.
حيث أفاد الخبير في الحركات الأسلامية حسن أبو هنية أن هذا التغيير الكبير في المشهد السوري حتى هذه اللحظة بهدوء , في ظل فرحة وحذر , لأن الحرية كقيمة إنسانية منشودة في العالم العربي , ولها خصومها أن كان على مستوى الأنظمة اللاديمقراطية أو المستبدة.
وتابع أبو هنية أن نجاح الثورة في إسقاط النظام ومن ثم نجاحها لاحقاً في ترتيب الأوضاع الداخلية والنهوض بها , ربما لايلقى قبولاً لدى بعض الأنظمة القائمة على التحكم في الشعوب ومقدراتها, وفي خطً مواز الأحتلال الأسرائيلي هو الآخر قلق من مالآت الثورة السورية , فالحرية لأي شعب عربي ليست في صالح اسرائيل , علاوة على أن تل أبيب تخشى من الثوار الجدد بصبغتهم الأسلامية, ولن تكون مسرورة من التغيير الذي يقود سوريا الى الحرية والأستقلال والنهوض .
واضاف أبو هنية ان قرار القيادة السورية الجديدة في حل ودمج الفصائل العسكرية هو خطوة لبناء سوريا الجديدة , بدون الإحتكار وا لعنف واستخدام السلاح, وهي خطوة لابد منها للوصول الى الأستقرار والأمن , من خلال جمع السلاح من هذه الفصائل ومن ثم دمجها في هيكلية الجيش السوري الجديد بعيداً عن الفصائلية.
وأشار أبو هنية الى أن هذا الدمج لغاية الآن مقتصر على حلفاء هيئة تحرير الشام ,وهم من كانوا في إدارة عملية ردع العدوان الأخيرة ,وهم مجموعتان الأولى تتكون من الفصائل الموجودة مع الهيئة التي كانت في غرفة الفتح المبين, وجزء من أحرار الشام وجزء من جيش العزة وجزء من أنصار الدين , والمجموعة الأخرى المرتبطة بالجيش الوطني الموجودة تحت الرعاية التركية وتتكون من فصائل عديدة , أكثر من 41 فصيل , وهؤلاء شاركوا في الأجتماع مع القيادة الجديدة أيضاً ,ولم تحضر جميع الفصائل العسكرية المتواجدة في سوريا الأجتماع مثل فصائل الجبهة الجنوبية التي كانت في مرحلة ما مسيطرة على أماكن كبيرة في الجنوب السوري.
واكد أبو هنية , هذه الفصائل لازال موقفها غير واضح, بالأضافة لبعض المجموعات المرتبطة بالولايات المتحدة الأمريكية والموجودة في شمال شرق سوريا وهي تابعة لقوات قسد, وهذه جميعها لغاية الآن خارج هذه الأجتماعات ولم تشارك بها , وبالتالي ليس لها دور واضح , ومن الممكن أن الولايات المتحدة سيكون لها دور حاسم في توجهات هذه الفصائل, وخاصةً بعد مجيء ترامب .
وبين أبو هنية أن هناك صعوبات تساهم في حل هذه الفصائل متعلقة بالتنوع العرقي, وسيكون صعباُ إدماج البعض في هذا الجيش , وهي عملية طويلة وليست سهلة , ولكن إن لم تتوحد , ستخلق مشاكل كبيرة وندخل في مرحلة من الصدام والفوضى, بالأضافة الى أن هيئة تحرير الشام بالنسبة للغرب لاتتمتع بالقبول ولاتبشر ببناء حكومة وطنية تستوعب التنوع الديني والعرقي والسياسي في سوريا , وسوف تبقى تحت العقوبات والمساومة والضغوطات, فالولايات المتحدة ومعها الغرب لن تتخلى عن حلفائها الأكراد, فالسيناريو المفضل هو وجود كيان متفتت ومنقسم , ينطوي على كيانات هشة وضعيفة تقوم على أسس عرقية ومذهبية , وهي الطريقة الوحيدة التي تجعل من اسرائيل دولة طبيعية آمنة في المنطقة.
وفي نهاية الحوار طرحت المداخلات والتساؤلات وكان منها , أنه من التحديات التي تواجه الأدارة الجديدة هي عملية دمج الفصائل التي قاتل معظمها لتحقيق هدف واحد وهو إسقاط نظام الأسد , ولكن الآن ومع تحقيق هدف هيئة تحرير الشام , هل ستتمكن من تشكيل جيش حقيقي بعيد عن الولاءات الفصائلية؟ وماذا عن الجيش الوطني المكون من عدة فصائل مدعومة من تركيا؟ هل ستنضم للجيش السوري الجديد؟ أم سيكون أنضمامها شكلياً؟ وكم ستستغرق عودة اللاجئين والأعمار؟
فأجب أبو هنية أن بعض الاسئلة ليس لها أجابة حتى الآن ونفس الكلام سينطبق على قوات سوريا قسد التي تهيمن عليها وحدات حماية الشعب الكردية, فالقيادة السورية الجديدة في دمشق كررت نفس الكلام أن قسد ستنضم الى الجيش السوري الجديد, ويبدو ان العنوان يبقى غامضاً حتى الآن بدون تفاصيل, وهو مرتبط بشكل كبير بالحل النهائي للملف الكردي ومنطقة شمال شرق سوريا ويرتبط أيضاً بالقوتيين الرئيسيتين وهما الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا.
وأما بالنسبة لعودة اللاجئين , فسوف تستغرق مسألة عودتهم سنوات على الأرجح لأنها مرتبطة بشكل كبير بالأستقرار الأمني والأقتصادي وأعادة الأعمار.
وفي الختام يتضح أن مستقبل سوريا معلق بتوافق وطني شامل ينهي حالة الصراع والأنقسام, ويؤسس لنظام سياسي جديد يحقق الأستقرار والوحدة الوطنية, وهذا يتطلب من جميع الأطراف السورية تغليب مصلحة الوطن على المصالح الفئوية والضيقة والعمل لبناء مستقبل أفضل لسوريا وشعبها, كما يتطلب من المجتمع الدولي دعم هذه الجهود, وهذا كله من مصلحة معظم الدول الأقليمية .