آخر الأخبار

أبو رمان وأبو هنية يتتبعان تطور مشروع القاعدة في منطقة المشرق العربي

راصد الإخباري :  



إشهار كتاب "تنظيم حراس الدين" في مكتبة الأرشيف
- أقيم حفل إشهار كتاب "تنظيم حراس الدين: صعود القاعدة وأفولها في المشرق العربي”، بحضور نخبة من المختصين والمهتمين والقرّاء.
وتخلل حفل الإشهار ندوة فكرية تناقش تطور مشروع القاعدة في منطقة المشرق العربي، وبروز تنظيم حراس الدين كصيغة تختزل ما آل إليه هذا المشروع، ومعادلة إدلب في إطار السياسات الدولية والإقليمية.
أدار الإعلامي حسام غرايبة، الندوة التي دعا إليها معهد السياسة والمجتمع في عمان، وأقيمت في مكتبة الأرشيف في جبل عمان، وشارك فيها المؤلفان محمد أبو رمان وحسن أبو هنية وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية، د. بدر ماضي.
ووفقاً للكتاب الصادر عن مؤسسة فريدريش ايبرت؛ فإنّ تنظيم "حراس الدين” في سورية الذي أُعلن عن تأسيسه في 27 شباط (فبراير) 2018، النسخة الأحدث لمشروع القاعدة في المشرق العربي عموماً وفي بلاد الشام خصوصاً، فمنذ اندلاع الحركة الاحتجاجية السلمية في سورية منصف آذار (مارس) 2011، ثم تحول الاحتجاجات إلى حالة عسكرية مسلحة؛ دخل تنظيم "القاعدة” في فترة مبكرة إلى الساحة السورية لتنفيذ مشروعه الواسع الخاص في المشرق العربي، فعملت "القاعدة” على استثمار حالة الفراغ والفوضى وعجز النظام السوري عن فرض سيطرته على أراضيه، بإنشاء هياكل تنظيمية جهادية متعددة وملاذات مكانيّة آمنة.
يتتبع الكتاب مسار ظهور مشروع القاعدة وأفوله في المشرق العربي عموماً وبلاد الشام خصوصاً، ويركّز على ما حدث في سورية، تحديداً، لأنّ التطورات المهمة التي يركز عليها حدث أغلبها منذ بداية تراجع تنظيم الدولة الإسلامية، وبروز الانشقاقات بين النصرة والقاعدة، وفي أوساط النصرة نفسها، ولأنّ الحالة السورية تختلف، أيضاً، في كثير من الجوانب عن الحالة العراقية، من زاوية الاعتبارات الجيواستراتيجية، والمجتمعية، والسياسات الدولية والإقليمية، ثم خصوصية حالة "إدلب” والتوزانات الداخلية والخارجية التي شكّلتها في سورية، منذ بدء جولات الحوار التركي- الروسي في آستانا وسوتشي.
ويتناول الكتاب في فصوله الأخيرة الاجابة على سؤال، لماذا تنظيم حراس الدين؟، ويبين أنّه تنظيم بمقاييس القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية والنصرة صغير، محدود الحجم، يعاني من أزمات كبرى منذ البداية. وتبرز أهمية الاجابة في عدم ارتباطها بالتنظيم نفسه، بل بما وصلت إليه القاعدة في المشرق، بعد أن انفصل الأبناء عن الأمّ، ويعكسون المثل الذي يقول القطة التي تأكل أبناءها. فالكتاب هو رحلة في التضاريس الأيديولوجية والتنظيمية والحركية لمشروع القاعدة في بلاد المشرق العربي، منذ الجذور الأولى وصولاً إلى "الحرّاس”، وهي تضاريس تتشكّل من التحول بداية من الجهاد المحلي نحو "عولمة الجهاد”، ثم مشروع الزرقاوي في العراق، فالحالة السورية، وبروز النصرة، وما رافق ذلك كلّه من خلافات أيديولوجية ومراجعات قامت بها القاعدة المركزية ونقاشات فكرية وظروف سياسية وسياسات خارجية ساهمت في صعود التنظيمات القاعدية وفي تراجعها، وفي انشقاق هيئة تحرير الشام عن القاعدة المركزية، وصولاً إلى حراس الدين صعوداً وتراجعاً.
يتضمن الكتاب ثمانية فصول رئيسة، تبدأ منذ البدايات وتحولات الأيديولوجيا الجهادية، مروراً بمحطات رئيسة، وصولاً إلى احتلال العراق، ثم الربيع العربي، ثم الانشقاقات المتتالية، وأخيراً تنظيم حراس الدين وأيديولوجيته وبنيته التنظيمية.
ففي الفصل الأول يتناول الكتاب التدرج في مشروع الجهادية العالمية من الجماعات المحلية (التي تأسست على أفكار الحاكمية والجهاد)، مروراً بالجهاد التضامني منذ أفغانستان وحتى منتصف التسعينيات، وصولاً إلى إعلان الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين (1998)، والانتقال من مشروع قتال الأنظمة العربية إلى قتال الولايات المتحدة الأميركية مشروع القاعدة، والتطور التاريخي لوجود القاعدة في المنطقة، وصولاً إلى مرحلة الربيع العربي، وذلك بتتبع مسارات القاعدة منذ النشأة والتأسيس إلى مرحلة الإعلان عن تأسيس الجبهة العالمية الإسلامية 1998، وأحداث 11 سبتمبر 2001، وتشكّل فرع القاعدة في العراق بعد الاحتلال الأميركي.
وفي الفصل الثاني يراجع الكتاب أبرز معالم طريق القاعدة إلى المشرق العربي، بداية من دور المؤسس الفعلي له في هذه المنطقة، أبو مصعب الزرقاوي، مروراً بمحاولته التمدد من العراق إلى الشام، ثم الربيع العربي الذي تزامن وساعد على قيام القاعدة بمراجعات فكرية واستراتيجية وصولاً إلى التمدد والانتشار في العراق وسورية.
أما الفصل الثالث فيتوقف قليلاً، مبتعداً عن متابعة هذا المسار التاريخي ليراجع مكانة سورية وفلسطين الاستراتيجية في أدبيات القاعدة ويسلط الضوء على أدبيات الجهاد الأولى التي كانت تركز على العدو القريب، أي الأنظمة العربية، ثم التحول الذي حدث مع عولمة الجهاد، والقفزة التي حدثت في خطاب بن لادن والزرقاوي لتصبح فلسطين على رأس دعاية القاعدة وخطابها الفكري والسياسي.
أما الفصل الرابع فيختص بتأسيس جبهة النصرة بوصفها وجه القاعدة الجديد في المشرق العربي، بعد أن دفعت المراجعات نحو تغييرات في التكتيك والخطاب، بما في ذلك التحول نحو ما يسمى جماعات أنصار الشريعة، ومحاولة الاندماج في المجتمعات المحلية، ثم الخلافات التي قفزت إلى السطح بين منهجي الزرقاوي والظواهري، ودور السياسات الدولية ولعبة الجيوبوليتيك التي رسمت اعتبارات مختلفة للمشهد السوري عن العراقي، مما انعكس على أولويات كل من تنظيم الدولة الإسلامية والنصرة.
وفي الفصل الخامس نتوقف في الرحلة مرّة أخرى لنفكك طبيعة الخلافات التي أدت إلى انشطار القاعدة والاتجاهات الأيديولوجية المتنافسة، وبروز منهجين في البداية متباينين، ثم انشقاق النصرة وبروز منهج أيديولوجي وفكري ثالث.
يخصص الفصل السادس لعملية الانفصال التي حدثت وحيثياتها بين جبهة النصرة، التي تحولت إلى جبهة فتح الشام، ثم هيئة تحرير الشام، وموقف القاعدة والحرب الإعلامية المتبادلة بين الطرفين، ثم تشكيل "لجنة حطين” من كبار قيادات القاعدة، التي تولت مسؤولية إدارة الملف السوري، في ظل اختفاء الظواهري لثلاثة أعوام تقريباً، بسبب الرقابة الأمنية العالمية. ويحلل الفصل – كذلك- الاختلافات والصراعات التي حدثت في أوساط الهيئة بين الجناح المعولم (ومجموعة خراسان) من جهة وزعيم التنظيم أبو محمد الجولاني، والتفريخات التي حدثت في أوساط الرافضين لعملية فك الارتباط بالقاعدة، ثم نحلل تأثير السياسات الدولية والإقليمية على عملية الانفصال وموقف الإدارات الأميركية من هيئة تحرير الشام.
يصل الفصل السابع إلى تنظيم "حراس الدين”، ويتناول البنية التنظيمية والعمليات العسكرية والجغرافيا الحركية له، والتحالفات التي عقدها مع الفصائل المختلفة في إدلب، والنزيف المستمر لقياداته بين سندان الطيران الأميركي ومطرقة هيئة تحرير الشام التي أرادت السيطرة على كامل إدلب وإعادة تأهيل دورها إقليمياً وعالمياً.
أمّا الفصل الثامن فيحلل أيديولوجيا حراس الدين والخلافات الفكرية والأزمة التنظيمية والرؤية الاستراتيجية وتكتيك التنظيم الجديد، ثم خاتمة الفصل التي تتناول تراجع التنظيم وضعف قدراته وتدهور الرهان الأخير للقاعدة في الشام.
وأخيراً تقدّم خاتمة الكتاب إطاراً تحليلياً لأبرز معالم التحول الأيديولوجي والأسباب التي أدت إلى صعود مشروع القاعدة وأفوله في العراق وبلاد الشام.