الأردن في قلب البادية السورية .. قراءة في الاستراتيجية الهاشمية للأمن الاستباقي
راصد الإخباري -
بقلم: نجوى صالح الشناق/ ماجستير صحافة وإعلام
كاتبة وباحثة في الشؤون السياسية والإعلامية
في ظل التحديات الأمنية المتجددة والتهديدات الإرهابية العابرة للحدود في المنطقة، اختارت الأردن أن تتحرك بحكمة سياسية وعسكرية متقدمة لتؤكد أن أمنها الوطني ليس مجرد شعار يُرفع، بل قرار سيادي يُنفذ بحسم ودقة. وهذا ما جسدته عملية فجر الجمعة، حيث نفّذ سلاح الجو الملكي الأردني، بالتنسيق مع قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، ضربات جوية دقيقة على مواقع تنظيم داعش الإرهابي داخل الأراضي السورية. جاءت العملية ضمن استراتيجية شاملة تهدف إلى مواجهة التهديدات قبل أن تتحول إلى خطر فعلي، حماية الأمن الوطني، وتعزيز الاستقرار الإقليمي، لتجسد بذلك مفهوم الأمن الاستباقي الذي تتبناه الرؤية الهاشمية.
قرار أمني في سياق استراتيجي
تأتي العملية في ظل نشاط متجدد للتنظيمات الإرهابية في مناطق البادية السورية، ومحاولات داعش إعادة التموضع عبر خلايا متنقلة، ما يشكل تهديدًا مباشرًا للأردن والدول المجاورة.
و تندرج المشاركة الأردنية ضمن مبدأ الدفاع المتقدم، أي مواجهة مصادر الخطر قبل أن تتحول إلى تهديد داخلي، وهو نهج ثابت في العقيدة الأمنية الأردنية التي توازن بين الحزم العسكري والتقدير السياسي.
دلالات التعاون مع التحالف الدولي
تُظهر العملية نموذجًا متقدمًا للشراكة الأمنية، يشمل التنسيق الاستخباري، وتبادل المعلومات، والتخطيط العملياتي المشترك. التعاون مع التحالف الدولي يعكس الثقة الدولية بكفاءة القوات المسلحة الأردنية، ويؤكد مكانة الأردن كشريك فاعل وموثوق في جهود مكافحة الإرهاب على المستويين الإقليمي والدولي.
الرؤية الهاشمية العسكرية
تعتمد الرؤية الهاشمية، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني القائد الأعلى للقوات المسلحة، على الأمن الوقائي، الاحتراف والانضباط العسكري، والتكامل بين القرارين العسكري والسياسي. وهي رؤية ترى في القوة أداة استقرار وليست هدفًا، وفي الاستباق حماية للمملكة والإقليم، بعيدًا عن الاستعراض أو المغامرة.
الأردن، من خلال مشاركته في هذه العملية، يعكس التزامه الثابت بأن أمن المملكة خط أحمر، وأن أي تساهل مع التنظيمات الإرهابية أو الفراغات الأمنية غير مقبول. كما تؤكد هذه المشاركة استمرار دوره كدولة توازن وعقلانية، تدير قوتها بحكمة، وتوظف تحالفاتها لحماية أمنها الوطني والإقليمي.
ما جرى فجر الجمعة ليس مجرد عملية عسكرية، بل تجسيد عملي لعقيدة عسكرية هاشمية ترى في الأمن قرارًا واعيًا لا شعارًا، وفي الاستباق ضرورة استراتيجية، وفي التعاون أداة سيادية لحماية الوطن. ويعكس هذا الإنجاز جهود سلاح الجو الملكي الأردني وكافة عناصر القوات المسلحة التي أثبتت احترافية عالية والتزامًا واضحًا في حماية أمن المملكة واستقرار المنطقة، وهو إنجاز يستحق التقدير والاعتراف بكل من ساهم في هذه العملية الحاسمة.







