الواسطة… سرطان يلتهم العدالة: لماذا يجب أن يُغلق المسؤولون أبوابهم أمامها؟
الواسطة… سرطان يلتهم العدالة: لماذا يجب أن يُغلق المسؤولون أبوابهم أمامها؟
في وقت يتطلع فيه الأردنيون إلى دولة مؤسسات وقانون، ما تزال الواسطة والمحسوبية تقف كأكبر عقبة أمام ثقة المواطن في مؤسساته. فحين يصبح الهاتف أهم من القانون، والقرابة أقوى من الحق، يفقد الناس إيمانهم بعدالة الدولة ويتسع الشرخ بين المجتمع والمسؤول.
اليوم، بات واضحًا أن محاربة الواسطة لا تتحقق بالشعارات ولا بالاستنكار الموسمي، بل بقرارات حقيقية تبدأ من رأس الهرم الإداري: على كل مسؤول أن يرفض استقبال أي واسطة من أي جهة كانت، وبشكل مطلق. فالواسطات ليست "خدمات اجتماعية" ولا "فزعات عشائرية"، بل ممارسات تقوّض مبدأ تكافؤ الفرص، وتخلق مجتمعًا منقسمًا بين مواطن له ظهر… وآخر ليس له سوى القانون.
الأخطر من ذلك أن قبول الواسطة – حتى في أبسط صورها – يشكّل نوعًا من الفساد الإداري، ويستوجب تدخّلًا مباشرًا من هيئة النزاهة ومكافحة الفساد. فالجهة الرقابية مطالَبة اليوم بتفعيل أدواتها لملاحقة كل من يمارس الواسطة، سواء كان طالبًا لها أو مستجيبًا لها، لأن هذه الظاهرة لا تقل خطورة عن أي ملف فساد مالي.
إن ترسيخ العدالة والشفافية ليس ترفًا، بل ضرورة لحماية استقرار المجتمع وثقة الناس. فلا إصلاح سياسي أو إداري يمكن أن يُبنى في ظل منظومة تتجاوز القانون لأجل "الاتصال المناسب” أو "المعرف المناسب”.
المطلوب اليوم إرادة رسمية تترجم إلى إجراءات واضحة:
إغلاق أبواب الواسطة… فتح أبواب العدالة… وتفعيل رقابة حقيقية لا تستثني أحدًا.
فعندما يشعر المواطن بأن حقه يُؤخذ بصفته مواطنًا لا بصفته "مدعومًا”، عندها فقط نستطيع القول إننا بدأنا نخطو نحو دولة القانون.







