وفاءاً لـ الحسين (فيديو+صور)
راصد الإخباري -
عمان - ايمن المجالي - في إطار الاحتفاء بالإرث الأردني الأصيل، نظّمت مبادرة إرث وحضارة بالتعاون مع مطعم وكافيه حكاية إرث - دابوق، وبرعاية كريمة من الشريفة بدور بنت عبدالإله، احتفالاً مميزاً بمناسبة يوم الوفاء للحسين. تضمّن الحدث بازاراً وطنياً وعرض أزياء تراثياً أردنياً قدّم لوحات تحاكي الأصالة والهوية، إلى جانب كلمات مؤثرة وأغاني وطنية أضفت على المكان أجواءً مفعمة بالفخر والانتماء. الفعالية، التي حظيت بحضور لافت، جسّدت رسالة الوفاء لجلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، وأكدت استمرار الأردنيين في صون إرثهم والاحتفاء بقصص مجدهم عبر الأجيال.
هذا وقد شهدت المملكة الأردنية الهاشمية مؤخراً سلسلة من الفعاليات والأنشطة احتفاءً بذكرى يوم الوفاء للملك الحسين بن طلال، حيث تستذكر الأسر الأردنية في مثل هذه الأيام مسيرة القائد الإنسان الذي لم يكن مجرد ملك، بل كان أباً وقلباً نابضاً بالإنسانية، ورمزاً للبساطة والقرب من شعبه، فهو ذلك القائد الذي عاش لأجل الأردن وبنى في قلوب أردنييه محبة لا تنطفئ، ومكانة لا تزول مع الزمن. وتأتي هذه الفعاليات في وقتٍ يجدد فيه الأردنيون مشاعر الحب والولاء في قلوبهم كباراً وصغاراً، ويقفون أمام إرث خالد من القيم والمبادئ التي غرسها الحسين في أرض الوطن وقلوب أبنائه.
ويستحضر الأردنيون في هذه المناسبة إرث الحسين العظيم ومسيرته الخالدة في بناء الأردن الحديث، حيث كان الحسين الباني رمزاً للعطاء والوفاء، وقائداً ألهم الأجيال بقيمه ومبادئه الراسخة. ففي الوقت الذي تُوج فيه الحسين ملكاً، كانت الأردن لا تزال دولة فتية، ونتيجة لحرب عام 1948، فقد كانت الأردن ملاذاً لأعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين الفارين من الحرب. وقد حكم الحسين الأردن ذي النظام الملكي الدستوري لأطول مدة بين أفراد أسرته.
ومن أبرز محطات مسيرة الراحل الملك حسين، قرار فك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية في 31 يوليو 1988 تحقيقاً لقرار قمة الرباط 1974، وتنازلاً عن السلطة الرسمية والشرعية فيها لصالح منظمة التتحرير الفلسطينية، بالإضافة إلى توقيعه معاهدة سلام مع الكيان الإسرائيلي عام 1994، والتي اشتهرت باسم معاهدة وادي عربة.
ولا يغيب عن الذاكرة ذلك الموقف الرمزي الذي يجسد رؤية الملك الحسين، حين غرس بيديه الكريمتين شجرة صغيرة عام 1947 في باحة مدرسة المطران، وهو الطالب اليافع، التي أصبحت اليوم شجرة باسقة تعانق السماء، شاهدة على رحلة بناء ووطن، ونمو يوازي نمو الأردن عبر العقود. وعندما عاد جلالته إلى مدرسته في الأول من حزيران عام 1996، وقف متأملاً ما أنبتته يداه، وقال مبتسماً لطلابه ومرافقيه: "اغرسوا الأشجار، فإن الغرس مبارك، حتى يصبح الأردن أخضر إن شاء الله". لقد كانت هذه العبارة أكثر من دعوة للغرس؛ كانت وصية للأجيال، رسالة محبة من قائد رأى في كل شجرة حياة، وفي كل طالب مستقبل وطن.
وتستمر مسيرة العطاء والتطوير في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، مستندة إلى الإرث الهاشمي العريق، مع تعزيز التحديث في مختلف القطاعات. وقد أكدت الرؤى الملكية والمبادرات السامية على ضرورة تحسين مستوى معيشة المواطنين، من خلال التطوير السياسي والاقتصادي والإداري، في ظل التحديات الإقليمية والدولية. وعلى خطى الحسين، واصل جلالة الملك جهوده في القضايا العربية، ودعم القضية الفلسطينية والقدس، مسخراً لذلك جميع الإمكانيات والعلاقات الدولية.
إن فعاليات الوفاء التي تتزامن مع الذكرى السادسة والعشرين لرحيل المغفور له الملك الحسين بن طلال، والتي تتضمن أيضاً الأسواق الوطنية والعروض التراثية، ليست مجرد احتفالات عابرة، بل هي تجسيد حي لعهد الوفاء الذي التزم به الأردنيون، وهم يواصلون العهد تحت قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، ليظل الأردن وطناً عزيزاً شامخاً، يزداد قوةً ومنعةً جيلاً بعد جيل.







