غلبونا الكركية
راصد الإخباري -
في كل شتوة محملة بالثلوج نتبارز فيها مع اخواننا الكركية ونتصدر المشهد العام حتى نصل الى " الترند " على مواقع التواصل الاجتماعي ونفوز عليهم، نظرا لطبيعة الطفيلة جغرافياً لارتفاعها عن سطح البحر خاصة في منطقة القادسية التي تصل الى اكثر من (١٦٠٠) متر.
ولم تكن تلك المبارزة او إن صح التعبير بالمناظرة بين الطفيلة والكرك وليدة السنوات الثلاث او الأربعة الماضية، لكنها مغروسة فينا شئنا أم أبينا منذ قرابة ١٩٨٦ حينما أصبحت الطفيلة محافظة بعد ان كانت قضاء نتبع من خلاله اداريا وماليا لمحافظة الكرك.
ومن الأمثال الشعبية التي أصبحت على لسان كل طفيلي وانا أولهم، ونستخدمه شبه يومي في حياتنا العملية وعند لقاء المسؤولين وحتى الأسرية، المثل القائل " ولا يوخذوها الكركية " وهو من باب المداعبة، فمثلا عندما تطبخ والدتي طنجرة مقلوبة وتصر عليها رغم أنني طلبت منها ان تعمل سدر منسف فيكون جوابي مع اصرارها " يلا مقلوبة ولا يوخذوها الكركية، او مثلا عندما تطرح الحكومة مشروعا للطفيلة يكون أول ردٍ لابناء المحافظة على ذلك المشروع " يلا كويس ولا يوخذوها الكركية ".
لكنهم اليوم غلبونا، نعم غلبونا الكركية، وهذا لسان حالي وحال الغالبية الصامتة من أبناء الطفيلة بأنهم غلبونا.
تابعت عن كثب كل لقاءات قائد الوطن سيدي أبا الحسين، لكن لقاءه بالكرك كان غير عن كل اللقاءات، رجالات دولة بامتياز، وحديث من القلب الى القلب، شيوخ لهم هيبتهم ووقارهم، ومسؤولين على قدر المسؤولية، وشباب ترى في وجوههم العنفوان، والأهم من ذلك أنهم جميعا كانوا على قلب رجل واحد، همهم الكرك، وعبروا عنها أجمل تعبير وأوصلو صورة حقيقية للملك بأن الكرك كانت ولا زالت تلك المدينة التي إذا دخلتها شعرت أن القلوب فيها حصون، والكرامة سيوف، والناس طيبون كما ترابها الطاهر، شامخة بقلعتها، وعزيزة بأهلها، هي اجمل ام تضم أبناءها هي التي تشعرك بالأمان.
لم أشاهد فيهم من يتلهف الى تناول وليمة الغداء، لأنهم اجمعوا على ان وجودهم في حضرة الملك كانت عشقا وليس حبا، فكما قال أحد المتحدثين والذي نفذ وصية زوجته بأن يقبل رأس الملك، انه العشق الذي يعتبر اعلى بدرجات من الحب، ولم أشاهد فيهم من يخرج من جيبه استدعاء يطلب فيه مبلغاً من المال او وظيفة خاصة به او لأهل بيته، دخلو جميعا الى موقع اللقاء مرفوعين الرأس وخرجوا كذلك، همهم كان الكرك والكرك فقط.
غلبونا الكركية لأن عيونهم ترى جميع الإتجاهات و تضع في حسبانها كل التوقعات و تتشاور لإختيار أنسب الطرق و أقربها للضوء للنور و للحياة، لا يحقدون ولا يحسدون ويقفون مع أبنائهم فكل مسؤول فيهم يسخر نفسه وعلاقاته لخدمة أهله، على النقيض في الطفيلة فكل مسؤول منا يصل موقع المسؤولية يعمل جاهدا على تكسير مجاديف كل من يحاول الوصول.
هي دعوة لأهلنا في الطفيلة أن نكون "على قلب رجل واحد" لأن كل شيءٍ عندها سيهون سنحمل من الحزن بعضه و ليس كله لأن من حولنا سيشاركوننا حمل العبء و تخفيف الثقل سنبكي قليلا وليس كثيرا لأننا سنجد أكثر من يد تمسح الدمع و أيادي أخرى ترسم على وجوهنا المكلومة ابتسامات بكل الألوان.
سنواجه يأسنا بقوة أكبر لأن هناك أيادي عدة ممدودة نحونا لتجعلنا واقفين صامدين في وجه كل الصعوبات و تدفعنا إلى الأمام و ربما تحملنا على أكتافها لتصل بنا إلى بر الأمان و السعادة عندما تخوننا أقدامنا و تعصانا عزائما
سنرى الشمس المختفية وراء الغيوم و الأمل المختبئ وراء ظلام اليأس مهما تأخر مهما اختفى.
أن نكون "على قلب رجل واحد" يعني أننا على قيد الحياة و أننا بإذن الله سنحقق الرفعة والشأن للطفيلة.
والله من وراء القصد
أنس العمريين
٢٠٢٥/١١/٤







