في حضرة الغياب.. خالد البشر حيٌ لا يُنسى

{title}
راصد الإخباري -






لم تكن شمس يوم ....... ............ عادية قبل عامين..
أشرقت بثقل، وكأنها تعلم أن الأرض على موعد مع فقدٍ جلل، وأن الأردن سيفتقد أحد أعمدته، أحد رجاله الذين لم يكونوا رجال قبيلة فقط، بل رجال وطن.
خالد البشر.. ذلك الاسم الذي لا يُذكر إلا وتتبعه كلمات الهيبة، الحكمة، والكرامة.

في الذكرى الثانية لرحيلك، أيها المختار، أيها الصادق في قولك، الشجاع في قراراتك، ما زالت صورتك حيّة في العيون، ونداؤك في المجالس يرن في الآذان، ومواقفك محفورة في القلوب.

لم تكن مجرد مختار، بل كنت "مختار الأردن" بحق.
كنت الوجه الذي تُفتح له الأبواب، والكلمة التي تُصلح ما بين الناس، واليد التي تُربّت على اليتيم، وتُكرم الغريب، وتَعدل بين الخصمين كأنك قاضٍ من زمن النقاء.

يا من كنت تدخل مجالس الصلح فتسكن النفوس، وتُطفأ النيران، وتعود البيوت آمنة ببركة حضورك.

يا من حملت همّ الناس على كتفيك، ومشيت في طرقاتهم كما يمشي الأب في بيت أبنائه، تعرف الكبير والصغير، وتسأل عن المريض والغائب، وتفرح بنجاح الأبناء كما لو كانوا من صلبك.

خالد البشر، رجلٌ لم يكن عابرًا في زمانه، بل كان الزمان يستدل به.

كان حضوره يسبق صوته، وهيبته لا تحتاج إلى منصب. رجل لا يتكلف، ولكنك حين تجالسه، تشعر أنك أمام رجل دولة. رجل إذا وعد أوفى، وإذا تدخل أصلح، وإذا غضب لا يظلم.

في زمنٍ شحّ فيه الرجال، كان خالد البشر سندًا وملجأً، وكان الظل الذي احتمى به كل من ضاقت به الدنيا.

حين نادتك السماء، بكَت القبائل، وصمتت المجالس، وسقطت الدموع من أعين لم تعرف البكاء إلا في رحيلك.
كانت الجنازة موكبًا من الحزن الوطني، لم تُشيّع فيه جثة فقط، بل شُيّع معه تاريخ من الكرم والمواقف والشهامة.

وها نحن بعد عامين على فراقك، لا نزال نذكرك كل صباح، ونتذكّر صبرك وعدلك وسلام يديك.

أيها الراحل جسدًا، الباقي أثرًا، لن تنساك البوادي ولا المدن، ولا كبار السن الذين كانوا يأتونك بالشكاوى، ولا الشباب الذين علمتهم معنى الرجولة، ولا النساء اللواتي وجدن فيك نصيرًا وغطاء.

خالد البشر..
اسمك سيبقى يُروى كما تُروى بطولات الأوائل، وستظل ذكراك درسًا في القيادة الاجتماعية والنخوة الأصيلة.

نم قرير العين أيها المختار، فقد أديت الأمانة، وخلفت سيرة لا تشيخ.

لك الرحمة من الله، ولنا الصبر على فُقدك.
وسيبقى الأردن يتذكرك، كما تتذكّر الأرض المطر، وكما تتذكّر القبيلة فارسها.

بقلم : بنت البادية