ليث الدويكات
راصد الإخباري -
ليث الدويكات ليس مجرد اسم، بل حالة إنسانية تُقرأ بعين التميز والإنتاجية. منذ أن عرفته صغيرًا في دابوق، لم يكن ليتوقّع أحد أن ذلك الشاب الهادئ، الذي يمشي بخطى واثقة لكنها متأنية، سيصبح نموذجًا حيًا للإرادة والوعي والتأثير. لكن ليث، منذ البداية، كان يحمل في نظرته بُعدًا مختلفًا — نظرة لا ترى فقط ما هو موجود، بل ما يمكن أن يكون.
رجلٌ أدركي بامتياز، لا يُسرف في الكلام، لكن كل كلمة ينطقها تحمل وزنًا من التفكير العميق. واقعيٌ لا يهرب من التحديات، بل يواجهها بعقل مُحلّل وقلب مُحب. لا يُبالغ في التفاؤل، لكنه لا يستسلم للتشاؤم. يُدرك تعقيدات الحياة، لكنه يختار دائمًا أن يكون جزءًا من الحل، لا من المشكلة. في عالم يُسرع نحو السطحية، يبقى ليث مُتمسكًا بالجذور، بالمعنى، بالقيمة.
ما يميّزه ليس إنجازه وحده، بل الطريقة التي يُنجز بها. لا يسعى للضوء، لكن الضوء يجد طريقه إليه تلقائيًا، لأن الإنتاجية الحقيقية لا تُخفى. كل مشروع يخوضه يحمل بصمته: دقة، التزام، رؤية. لا يُحبّذ التملق، ولا يبحث عن التصفيق، لكنه يُقدّس العمل الصادق، والجهد المخلص. في عصر يُقدّر السرعة على العمق، يُثبت ليث أن التميز لا يُبنى بالعجلة، بل بالاستمرارية والوعي.
حضوره لا يُفرض، بل يُشعرك به. حين يدخل غرفة، لا يُعلن عن نفسه بصوتٍ عالٍ، لكنك تشعر بثقل المعنى في هدوئه. يُنظر إليك بنظرة تُدركك، لا تقيّسك. يُحب الخير، لا كشعار، بل كممارسة يومية. يُشجّع، يُرشد، يُساعد — ليس لأنه مطلوب منه، بل لأنه ببساطة "هكذا يكون الإنسان".
أبوه، رجلٌ من زمن القيم، غرس فيه ما لا يُباع: الكرامة، الصدق، الصبر. وليث، بفطرته ووعيه، حوّل تلك القيم إلى منهج حياة. لم يُهدر إرثه، بل طوّره.
ليث الدويكات يستحق الكثير. ليس لأنه طموح فقط، بل لأنه إنسانٌ كامل: عقله يُنتج، وقلبه يُحب، وروحه تُلهم. في عالم يُهرم بسرعة، يبقى هو شابًا في روحه، ناضجًا في عقله، عميقًا في إنسانيته.
يوسف العامري







