آخر الأخبار
راصد الإخباري :
أعتقد أن الدولة العميقة في وطني الحبيب وأصحاب القرار يعرفون أكثر من غيرهم أن (مظاهرات الرابية)، أو احتجاجات (الكالوتي)، أو الوقفات الاحتجاجية في محيط سفارة العدو الصهيوني لا زالت حتى الآن لا تشكل خطرًا، ولم يتجاوز المنضمون الخطوط الحمراء، وأتمنى أن تبقى هكذا فالمتظاهرون يعبرون عن وقوفهم مع الأهل في غزة ويعبرون كذلك عن سخطهم للموقف العربي والدولي تجاه ما يجري، وأعتقد أن هذا مشروع فحق التظاهر مكفول للجميع كما ينص الدستور الأردني المتقدم، وأغلب المتظاهرون يعرفون أن المس بالأمن الوطني مرفوض، حتى من يجمع ويقوم على تنظيم بعض هذه التظاهرات وطنيون يحبون وطنهم وبدافعون عنهم بما يملكون حتى وأن اختلف بعضهم مع بعض القرارات هنا، وهناك، وأغلبهم يدرك أن النظام الوطني الشرعي والقيادة الوطنية هي التي تحميهم، وهي ضمانة لهم حتى وإن كان سقف التظاهر عالي الغالبية من المتظاهرين يؤمنون بالوحدة الوطنية ويدركون أنها خط أحمر، ولكن هناك فئة ربما تحاول تخريب المشهد الوطني والحراك الديمقراطي، ربما هذه الفئة من الداخل، لا يعجبها الحراك ولا التنظيم ولا الطريقة التي يتعامل فيها رجل الأمن الوطني الراقي مع المتظاهرين فتحاول أن تغلق الباب وتكليل الاتهامات، هنا أو هناك لا أتهم أحدًا، ولا أقف مع أحد فأنا أقف مع الوطن في كل حالاته، ولكن أجزم أن أصحاب القرار يعرفون من الذي يوجج الشارع، ومن الذي يحاول أن يخرب المشهد فالبعض أصبح يكيل، بمكاييل مختلفة خصوصًا عندما يتعلق الأمر في الأردن والقرارات التي يتخذها في سبيل المحافظة على الأمن الوطني، والسلم المجتمعي تجاه كل الذي يحدث سواء هنا في الداخل أو هناك خارج حدود الوطن.
أن الذين يتربصون بالوطن كثيرون، ولهم أجندتهم الخاصة، بعضها ظاهر، والكثير من هذه الأجندة مخفية باطنية، وأنا هنا لا أجزم ولكن أقول ربما.
أولاً: أن الكثير من الدول (الشقيقة) أو الصديقة، يزعجها الموقف الاردني تجاه ما يحدث في غزة العزة والرجولة والموقف الأردني المتناغم مع المبادئ والقيم والثوابت الأردنية عبر عشرات السنين، والذي يتلاحم فيه موقف القيادة والحكومة، والشعب يومًا بعد يوم، وقرار بعد قرار، ليس تنظيرًا ولكن تلاحم على أرض الواقع، وخصوصًا بعد الانزالات الجوية للغذاء والدواء على غزة والتي أشرف عليها جلالة الملك مباشرة، وهذه سابقة ربما لم تكن بالحسبان عند الكثيرين ويزعجها هذا الموقف الديمقراطي سواء في البرلمان أو في ساحات التظاهر من أن الجميع كان على قدر عالٍ من المسؤولية تجاه البوصلة الوطنية وهذا الانزعاج ربما يذكرنا بالحالة الديمقراطية التي كانت في بعد انتخابات 1989م والتي أفرزت ديمقراطية فاخرنا بها العالم، عندما أشرف عليها المرحوم الملك الحسين، والتي عبر عنها المرحوم مضر بدران عندما أشار إليها في مذكرات حياته (القرار) عندما أشار إلى أن الانفتاح الديمقراطي الأردني أزعج الكثير من الدول / لا بل أن زعيم عربي عرض عليه المبالغ المالية من أجل إيقاف هذه التجربة التي أزعجت دول ودول المنطقة لكن التجربة بقيت وتجذرت واعتقد أننا لسنا بعيدين عن ذاك الموقف.
ثانيًا: أعتقد أن إسرائيل هذه الدولة التي لا تحب الخير لأحد لها يد في الذي نسمع عبر الكثير من قنوات التواصل الاجتماعي والاعلامي عبر الفضاء فأعتقد أن إسرائيل جندت الكثير من أجل التشويش على الموقف الأردني الواضح والناجح تجاه أحدث غزة عبر تجنيد الكثير من كتاب التدخل السريع ربما في داخل الوطن وخارج الوطن، واستخدمت منصات التواصل من أجل بث الفرقة، وإطلاق الاشاعات المغرضة، والتي بات المواطن الأردني الواعي يعرف الكثير عنها فإسرائيل لا ترغب في موقف أردني قوي ولا ترعب في تلاحم شعبي قوي مع ذاك الموقف، فهي دائماً تميل إلى التشكيك.
ثالثًا: ربما هناك الكثير من التراشق الكلامي بين مختلف القوى الأردنية سواء الحزبية أو قوى المجتمع المحلي ونحن على أعتاب مرحلة مهمة من عمر المجلس النيابي، والاستعداد لإجراء انتخابات نيابية، وأتمنى أن أكون مخطأً في ذلك بعض الأحزاب ولا أقول كلها تحاول التشكيك بالأحزاب الأخرى ومواقفها، وتحشد الرأي العام ضدها وأن تلصق التهمة وترسل الاشاعات وتحاول جاهدة أن تجد لها على أرض الواقع نصيب في الاصغاء الشخصي أو في نفوس المواطنين مع أن الكثيرين من ابناء الوطن يعرفون كيف نشأت هذه الأحزاب، ومن يمولها ومن يحركها ومن يكتب لها، وكيف أن المال الأسود والأحمر يتسلل رويدًا رويدًا لها.
رابعًا: اتمنى من الله أن أكون مخطئاً في كل الذي قلته بخصوص أحداث الكالوني، مع أنني لست خائفًا أن تنزلق الأحداث، وأجزم أن من يراقب المشهد من أصحاب القرار سواء الأجهزة الأمنية أو السياسية يراقبونه بحذر وتفهم شديد للتلاحم الوطني والشخصي مع الجميع ضد الجميع مطلوب، والوعي الوطني يدًا، بيد الجميع مطلوب وعلى الجميع أن يخفف من حجم التظاهرات والهتافات، والاحتجاجات.
وأن لا يحمل الوطن أكبر وأكثر من طاقته فهو تحمل وعبر سنوات مضت الكثير الكثير في سبيل فلسطين والقضية أكبر وأكثر من دول ذات قوة أكبر وأكثر.
وبعد...
في هذه الأيام المباركة، أدعو الله أن يحفظ الأردن، قيادته ووطناً وشعبًا من كل شر، ومن كل حاقد، سواء في الداخل أو في الخارج، وأن نفوت عليهم كل فرصة للنيل من هذا الوطن الغالي العزيز الذي هو ملاذ لكل أحرار الأمة وعاشت فلسطين والمجد والخلود لكل شهداء الأمة.
وكل عامٍ والجميع بخير
الدكتور: سلطان محمود عارف الشياب
