افتتح رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة صباح اليوم الاحد في دار رئاسة الوزراء، اللقاء التفاعلي حول البرنامج التنفيذي لـ "رؤية التحديث الاقتصادي.. بين عامين" بمشاركة وزراء ومسؤولين ونواب وأعيان وممثلين عن القطاع الخاص وجميع القطاعات الاقتصادية.
واكد رئيس الوزراء ان هذا اللقاء التفاعلي اليوم يأتي من قبيل الالتزام بما وعدنا، ومواصلة النهج التشاركي ووضع من ساهموا في رؤية التحديث الاقتصادي في صورة آخر المستجدات حول تنفيذها.
وقال، "نقف اليوم بين عامين؛ عام مضى على تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، وحققنا فيه نسبة إنجاز تجاوزت 82 %، وعام جديد نبني فيه على ما تحقق من إنجازات للوصول إلى المستهدفات التي جاءت بها هذه الرؤية.
ولفت الى ان الحكومة عملت في السنة الأولى من البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي، على وضع جميع الممكنات الإدارية والتشريعية والاقتصادية والقطاعية التي توفر الإطار المناسب لضمان التنفيذ والإنجاز، وتحفيز النشاط الاقتصادي، لتشكل حجر الأساس لتحقيق مستهدفات الرؤية حتى عام 2033م.
واشار الى انه وفي سياق الممكنات الإدارية، فقد وضعنا الأساسات للسنوات العشر المقبلة من خلال تطوير آليات لمتابعة الأداء والإنجاز؛ حيث تم إنشاء وحدات لمتابعة الأداء والإنجاز في رئاسة الوزراء و20 وزارة، وتأسيس نظام إلكتروني متاح للجميع؛ بهدف الاطلاع على تقدم سير العمل والإنجاز.
اما على صعيد الممكنات التشريعية، فقد أقرت الحكومة، بالشراكة مع مجلسي الاعيان والنواب، عددا من القوانين والتشريعات المهمة في العام الماضي، والتي تهدف إلى تحسين البيئة الاستثمارية وتطويرها، مثل: قانون البيئة الاستثمارية، وقانــون مشــروعات الشراكة بيــن القطاعيــن العــام والخــاص، والقانون المعدل لقانون الشركات، وقانون المنافسة، وقانون العمل، وقانون الضمان الاجتماعي المعدل، وقانون حماية البيانات الشخصية وقانون الملكية العقارية وغيرها.
وبشأن الممكنات الاقتصادية، اوضح الخصاونة ان الحكومة تبنت عددا من الإصلاحات والبرامج للتعافي الاقتصادي، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الأردني، والمساهمة في تخفيض كلف الإنتاج على القطاعات الاقتصادية، لافتا الى ان الحكومة قامت بإعادة هيكلة التعرفة الجمركية لإخضاع جميع مدخلات الإنتاج، بما فيها المدخلات ذات الاستخدام المزدوج لتعرفة جمركية صفرية، وإعادة هيكلة التعرفة الكهربائية لتخفيض كلف الطاقة على مختلف القطاعات الاقتصادية بدعم بلغ قرابة 50 مليون دينار.
واكد رئيس الوزراء ان الحكومة تبنت عددا من البرامج لتوفير الدعم المباشر للقطاعات الاقتصادية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، من أهمها؛ صندوق دعم الصناعة، وبرنامج التشغيل الوطني، والتوسع في البرامج التمويلية، وذلك بهدف المساهمة في تعزيز التنافسية وزيادة القدرات التصديرية واستحداث فرص عمل جديدة.
واضاف، ان الحكومة قامت بتبني عدد من الممكنات القطاعية لتحفيز الاستثمار والنشاط الاقتصادي في مختلف القطاعات الاقتصادية، مثل: الاستراتيجية الوطنية للتعدين، واستراتيجية التجارة الإلكترونية، والاستراتيجية الوطنية للتصدير، والاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي، واستراتيجية قطاع النقل، والاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه، وغيرها من الاستراتيجيات التي تساهم في توليد الفرص الاستثمارية وتوجيه الموارد واستثمارها بالشكل الأمثل.
ولفت الى ان كل ما ذكر في هذا السياق من ممكنات كان له انعكاس مباشر على الاستمرار في مسار التعافي الاقتصادي من جهة، وتحسين مؤشراتنا الاقتصادية والمالية والنقدية من جهة أخرى.
وتابع، ففي مؤشرات الأداء الاقتصادي، حققنا نسب نمو حقيقية بلغت 2.7 % للربع الثالث من عام 2023م، مقارنة بـ 2.4 % لعام 2022م، و1.8 % لعام 2019م كما تم جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 673 مليون دينار حتى نهاية شهر أيلول من عام 2023م، في حين بلغت 889 مليون دينار عن كامل عام 2022م، و518 مليون دينار عن عام 2019م.
واضاف الخصاونة، ان قيمة الصادرات الكلية بلغت 8.9 مليار دينار خلال عام 2023م؛ لتسجل انخفاضا بنسبة 1.5 % عن عام 2022م، والذي بلغت فيه 9.1 مليار دينار عام 2022م، في حين بلغت 5.2 مليار دينار عن عام 2019م مشيرا الى ان هذا الانخفاض الطفيف الذي شهدناه في الصادرات يعود إلى انخفاض قيمة صادراتنا من خام البوتاس بنسبة تجاوزت 38%، ومن الفوسفات بنسبة 21 %، وذلك بسبب انخفاض أسعارها في الأسواق العالمية.
واكد اننا حققنا انخفاضا في عجز الميزان التجاري بنسبة 10 %، ليصل إلى 9.3 مليار دينار لعام 2023م، في حين بلغت 10.4 مليار دينار في عام 2022م، و7.7 مليار دينار في عام 2019م.
وقال، أما بالنسبة للأداء المالي، فنحن مستمرون في المحافظة على استقرارنا المالي، حيث تراجع العجز الأولي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2023م ليصل إلى 2.6 % من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنحو 2.7 % لعام 2022م.
كما نمت الإيرادات المحلية بنحو 600 مليون دينار لتصبح 8.7 مليار دينار في عام 2023م، بينما كانت 8.1 مليار دينار في عام 2022م، و6.9 مليار دينار في عام 2019م.
ولفت الى اننا أكملنا 7 مراجعات لبرنامج التمويل الممتد مع صندوق النقد الدولي بنجاح، ووقعنا برنامجا جديدا للأعوام 2024-2028م مثلما تم تثبيت التصنيف الائتماني للأردن رغم انخفاض هذا التصنيف في عدد من دول المنطقة، ما يؤكد على منعة الاقتصاد الأردني وقدرته على الاستجابة بمرونة وفعالية عالية مع التحديات والمستجدات.
وبخصوص مؤشرات الاستقرار النقدي، اكد الخصاونة ان السياسة النقدية اثبتت نجاعتها في المحافظة على استقرارنا النقدي؛ بما في ذلك سعر صرف الدينار، وجاذبية الودائع بالدينار الأردني، ونؤكد في هذا الصدد التزام الحكومة بعدم المساس باستقلالية قرارات البنك المركزي الأردني التي تحافظ على الاستقرار النقدي وتعزز منعة اقتصادنا.
كما اكد رئيس الوزراء اننا نحتفظ باحتياطات قياسية وتاريخية من العملات الأجنبية، وصلت إلى مستويات غير مسبوقة بلغت ما يزيد على 18 مليار دولار للعام الماضي، وتغطي مستورداتنا لأكثر من ثمانية شهور، بينما كانت قرابة 17 مليار دولار عام 2022م، و14.4 مليار دولار عام 2019م.
كما تمكنا من كبح الضغوطات التضخمية إلى 2.1 % في عام 2023م، وبأقل مما كان مستهدفا (3.8 %)، فيما كانت 4.2 % عام 2022م، و0.8 % عام 2019م.
وبلغت حوالات الاردنيين العاملين في الخارج 2.25 مليار دينار حتى شهر تشرين الأول من عام 2023م، لتحقق ارتفاعا نسبته 1.4% للفترة ذاتها عن عام 2022م.
ولفت الى ان المؤشرات الرئيسة للبنوك لإجمالي الودائع عام 2023م تبلغ قرابة 44 مليار دينار، فيما كانت 42 مليار دينار عام 2022م، و35 مليار دينار عام 2019م وكذلك الأمر في مؤشرات التسهيلات الائتمانية، إذ بلغت 33.4 مليار دينار العام الماضي، لتسجل ارتفاعا طفيفا عن عام 2022م الذي وصلت فيه إلى 32.6 مليار دينار، في الوقت الذي كانت فيه 27 مليار دينار عام 2019م.
واكد اهمية الدور الذي قام به كل من البنك المركزي ووازرة المالية والقطاع الخاص في خروج الأردن من القائمة الرمادية في تسهيل العمليات المصرفية الخارجية وتعزيز سلامة بيئنا الاستثمارية.
ولفت الى ان الاقتصاد شهد نموا في عدد من المؤشرات القطاعية، من أهمها: ارتفاع عدد الشركات الأردنية المسجلة بنسبة 3% عن عام 2022م، و20% عن عام 2019م.
كما حقق الدخل السياحي نموا بنسبة 27 % عام 2023م، مقارنة بعام 2022م؛ إذ بلغت قيمته 5.2 مليار دينار عام 2023م، مقارنة بـ 4.12 مليار دينار عام 2022م، و4.1 مليار دينار عام 2019 والتي تعد السنة الذهبية للسياحة وسنة الأساس.
واكد رئيس الوزراء ان مؤشرات وأرقام الاقتصاد الاردني ، كانت في مجملها إيجابية حتى نهاية الربع الثالث من العام الماضي، إلا أننا وبكل أسف، شهدنا خلال الربع الأخير عدوانا غاشما على أهلنا في قطاع غزة؛ والذي ما يزال مستمرا حتى الآن وما تبعها من تطورات في البحر الأحمر وباب المندب؛ ألقت بظلالها على الاقتصاد الوطني، وعلى قطاعات حيوية من بينها النقل وسلاسل التووريد، والسياحة، والنمو الاقتصادي.
ولفت رئيس الوزراء الى ان حجم الشحن البحري الذي يمر عبر مضيق باب المندب إلى ميناء العقبة يشكل ما يزيد على 50 % من وارداتنا، علما بأن حجم التجارة الدولية التي تمر عبر البحر الأحمر تشكل نحو 15 %، الأمر الذي تسبب بإعاقات وتأخيرات في حركة الشحن بسبب لجوء الكثير من الشركات إلى الذهاب باتجاه رأس الرجاء الصالح، بالإضافة إلى ارتفاع ملحوظ في كلف الشحن ورسوم التأمين بسنب تصل الى نحو 200 بالمئة للتجارة القادمة من جنوب شرق آسيا وبين 60 الى 100 بالمئة للتجارة الواردة من اوروبا واميركا، مضيفا "نحن لا نطلب من القطاع الخاص والتاجر ان يخسر ولكننا نسعى الى ضبط هذه الضغوط التضخمية".
واشار الى الأثر المباشر على القطاع السياحي، إذ وصلت نسبة الإلغاء في الحجوزات المخطط لها خلال الربع الأخير من العام الماضي ما لا يقل عن 65 %، ورغم ذلك، فإن دخلنا السياحي في العام الماضي حقق أرقاما قياسية بلغت 5.2 مليار دينار.
وبشأن أثر الحرب على أهلنا في قطاع غزة على النمو الاقتصادي، اشار الخصاونة الى ان تقديراتنا الأولية لأداء الربع الرابع من عام 2023م، قد تؤدي إلى انخفاض معدل النمو السنوي (نقطة مئوية واحدة) 0.1 %، (لتنخفض من 2.7% إلى 2.6%). بينما في عام 2024م، وضعنا مستهدفا واقعيا لنسب النمو يبلغ 2.6 %، لكننا ندرك بإن إمكانية تحقيق ذلك يرتبط بسيناريوهات مدة الحرب واتساع رقعتها.
وقال رئيس الوزراء، "في هذا اللقاء، لست بصدد تفصيل موقفنا السياسي مما يحدث من عدوان إسرائيلي غاشم على أهلنا في قطاع غزة، أو ما قمنا ونقوم به لدعم صمودهم والتخفيف عنهم، فموقفنا واضح وثابت، وحراكنا السياسي الدبلوماسي مستمر" .
واكد الخصاونة ان موقف الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني تجاه العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة لا يحتاج إلى توضيح "لأن النهار لا يحتاج إلى دليل".
وشدد على انه لا توجد دولة في العالم قدمت للقضية الفلسطينية مثلما قدم الأردن بقيادة جلالة الملك الذي يقود جهودا سياسية ودبلوماسية حثيثة لوقف العدوان الغاشم وإيصال المساعدات الإنسانية بشكل مستدام.
ولفت الى ان هناك توريات وقصصا من وحي الخيال تتحدث عن وجود جسر بري، وقال ل"ا يوجد جسر بري او غيره وأؤكد أن ترتيبات النقل من الأردن والى الاردن وعبره لم تتغير منذ 25 عاما".
وقال، "وصمة عار على من يشكك بالموقف الأردني الذي يتماهى فيه الموقف الرسمي لجلالة الملك وجلالة الملكة وسمو ولي العهد والحكومة والموقف الشعبي، ودفعنا أثمانا بسبب استمساكنا بثوابتنا".
واكد انه لا يوجد دولة في العالم ساهم رأس الدولة فيها شخصيا بجهد انزال مساعدات انسانية وطبية لأهلنا وكوادرنا الطبية العاملة هناك من فوق منطقة تشهد عمليات حربية شرسة وما ترتب على هذا الامر من مخاطر.
وأضاف: لا توجد دولة أدامت جسرا من التواصل والدعم الإنساني عبر المساعدات الإنسانية المستمرة عبر الشاحنات وطائرات سلاح الجو الملكي الأردني وأمدت قطاع المستشفيات الأردنية في غزة وغيرها بشريان الحياة والمساعدات الإنسانية أكثر من المملكة الأردنية الهاشمية.
وزاد الخصاونة لا توجد دولة امتزجت دماء كوادرها الطبية مع أبناء قطاع غزة الا دماء كوادر المستشفى الميداني الاردني في تل الهوى وفي خان يونس اثر الاعتداء على المستشفيين. ولا توجد دولة تقوم مختلف أجهزتها بتوفير الظروف الآمنة والمناسبة ليعبر شعبها بمختلف أطيافه عن تضامنهم مع القضية الفلسطينية وأشقائنا الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية إزاء آلة الإجرام والتقتيل التي تمارسها إسرائيل ضدهم المخالفة للقانون الدولي والقيم والقواعد الأخلاقية والإنسانية.
وشدد رئيس الوزراء على أن انتظام سيرورة الحياة في الأردن أمر أساسي وحيوي لن نفرط فيه من أجل تعزيز منعتنا، مؤكدا ان الأردن القوي هو الأقدر على دعم أشقائنا في فلسطين.
وقال، لا بد ان تنتظم سيرورة الحياة الطبيعية وعدم الانسياق وراء شعبويات تتعلق بالاستجابة لاضرابات وتعطيل سيرورة الحياة التي لا تخدم اهلنا في غزة والضفة الغربية .
ولفت الى ان الاضرابات كما هو معروف هي فعل سياسي للتأثير على قرارات وسياسات الدولة، وفي حالتنا الاردنية هناك اتساق في الموقفين الرسمي والشعبي تجاه العدوان الغاشم على اهلنا في قطاع غزة وتجاه عنف وتصعيد المستوطنين في الضفة الغربية .
واكد ان الدعم والاسناد الحقيقي للاشقاء في فلسطين لا يتأتي الا من خلال وجود اردن قوي ومستقر قادر على تحقيق مؤشرات اقتصادية والتخفيف من نسب البطالة والفقر، مضيفا اننا ندرك بأن إمكانية تحقيق مستهدفات النمو يرتبط بسيناريوهات وتطورات الأوضاع في المنطقة.
ولفت رئيس الوزراء الى انه تم استحداث أربعة خطوط بحرية للتغذية (في جبل علي، وجدة، ودمياط، وبورسعيد) لضمان وصول البضائع بانتظام إلى ميناء العقبة.
واكد ان الحكومة وضعت سقوفا لأسعار الحاويات لغايات تخمين واحتساب الرسوم الجمركية، والإبقاء عليها على ما كانت عليه قبل تاريخ 6/10/2023م، وحتى نهاية شهر رمضان المبارك.
ولفت الى ان قطاعاتنا الاقتصادية كانت دائما على قدر كبير من المسؤولية، وارتضت بأن تكون هوامش ربحها معقولة، ونحييها على ذلك دائما.
وقال، خصصنا مبلغا من بند النفقات الطارئة لدعم أسعار بيع السلع في الأسواق التابعة للمؤسستين الاستهلاكيتين المدنية والعسكرية، وتثبيت أسعارها حتى نهاية شهر رمضان المبارك.
واضاف، شددنا الأدوات الرقابية في الأسواق خصوصا قبيل شهر رمضان المبارك، للرقابة على الأسعار والمحافظة على مستوياتها الطبيعية، مؤكدا ان لدينا مخزونا كافيا من السلع الاستراتيجية، وحرصنا وبالتعاون مع القطاع الخاص على المزيد من التحوط في مخزون السلع الاستراتيجية والأساسية، ومستمرون في العمل على زيادة السعة التخزينية للسلع الاستراتيجية.
ولفت الى ان الانطباع أمر أساسي في الاقتصاد والنمو الاستثمار، والحياة في الأردن منتظمة وآمنة وأمينة وطبيعية ولن نفرط بها.
واكد رئيس الوزراء أننا مستمرون في متابعة المخاطر الناجمة عن الحرب وتداعياتها على اقتصادنا الوطني، ووضعنا الخطط البديلة والمناسبة للتعامل مع السيناريوهات المحتملة جميعها، ضمن إمكاناتنا المتاحة معربا عن ثقته بأننا سنتجاوز التحديات كما تجاوزناها سابقا.--(بترا)