آخر الأخبار

منصة السلع تكتب لعرجون والرواشدة وزعرور والبرغوثي

راصد الإخباري :  


الاردن - من عبدالله الحميدي


يواصل الكتاب والشعراء تتويج منصةالسلع الثقافية بانجازاتهم، وجديد افكارهم

وهنا نجد ان للشاعر ايمن الرواشدة، قصة جديدة، مثلما هي مقالة الشاعر د.فواز زعرور من لبنان، الى جانب مقال الكاتبة الجزائرية مريم عرجون، وقصيدة للشاعرة العربية ريما البرغوثي


 أشواقي مشدودة إلى رتل من انتظار، مقال للكاتبة والروائية العربية
مريم عرجون تقول فيه

في النبض همهمة، رثاها الحرف، والضاد والمداد، واستطاب زخرفها في الصحيفة، والكتاب، ومهما تطاول الحرف في قامته، ومهما كان بالغا، سيبدوا واهنا، ولن يصل إلى قامة همهمة الحب، فمهلا أيتها النبضة على روحي، وقلبي إذا قاتلتني، مهلا فإني مسالما مهلا إذا أمهلتني، في هذا السكون الذي يحيط بي، إن نفسي تصارع نفسها في جسدي حتى تغرقني في سكون قاصل، فتتهاوى الأشواق كمارد ملثم، يبتسم في صمت، وترهق بسماه قلبي المتيم، تارة تجعلني اغرق في مسبحه الخفي، وبطشه الوحشي، وتارة أخرى أستتب أمامه، وأعاند طوفان الحب الذي يعتلي دون رادع، أو مانع داخلي، ثم يهوى، ثم يسقط، ثم يهدم مني كل فظاظة حتى يحضن قبلة البدن المهترىء، ليستحدث عناق متبوع، وتابع من كل صوب، و يؤنسه النظر الهاجع، الذي آل بسببه الوجود، مكهربا بنشوة غامضة، مثل السحاب يفيض شغفا، وحبا، ووحدي واقفة، وهائمة أنا هناك، أحاول شق العجيج المتخثر حولي، فيسحبني، ويشدني العمر لعمار الديار، و النبض، والقلب، وأنا مهزومة الأشواق بسبب عينيه الآنية، التي صارت موطني القديم في الزمن العقيم، وكلما ناظرتها يهوى الحب عليا على مهل، ليرتطم على صدري بعيناه العنيفة في الحب، والمدهونة بالمجازفات، التي عصرت العشق على جدائلي، وطوقت وجهي بكفيه، وإذ بسحابة حبه تقطر خمرا على تضاريسي المتشققة، وطهر الشفاه برضاب الشفاه، ودون ميثاق العشق لأصونه جيدا، حينها هزمني بقسوة، وهمس للقلب، وردد اللاوعي بين الفينة والأخرى كلمة واحدة، ابتسمت، واحمر وجهي خجلا، لأدرك انني غارقة في الحب، وطوق النجاة ما إلا ضمة المحبوب، فالجمرة التي تركها في ضمته الأخيرة، لازالت ملتهبة داخلي لا تخمد الا عند اللقاء، فيا نصف حاظر، ويا معشوقي اللدود، ضمني اليك، اريد منك ضلعا، وعطرا، وكثيرا من الحب، وخذني لك أينما كنت أود لو أستريح قليلا، وأعيد ملامح القلب الممزق، فأنا امرأة يؤلمها واقعها، وتضعفها عيناك.
لذة الحب يا قاتلي، عادت لتخيم كالليل على أنفاسي الحبيسة، أقلب صفحات العشق الواهم، فلا أجد فيها سوى غيابك، كجرح يستنزف مشاعري، وجسدي، وصدقي، وإيماني، ويقيني، اقف غارقة في سكون متشنجا بلا أنفاس تخرج او تدخل، مختنقة بشرنقة حبه، وأحلام بنتها مخيلتي كلها أمور أحادية، أحاول استحضاره فيها فيأبى الظهور حقيقة فيها حتى لو لدقائق، فتجتمع مشاعر عميقة بمخزون الشوق الذي لا يستهلك كل مرة أشتاق فيها لعينيه، ويشكو القلب المتضارب من ساكنه، وأشكوه له دون أن يسمع الشكوى، وتبقى شكواي شعور يسرد قصة بحوار داخلي، بعدم ارتياح، وضيق صدر لأشياء ليست لي، ما نفعه قلبي أنا لا أريده في حياة لن يكون فيها، وانا التي ابتليت به بلاءا جميلا، فحار القلب بين المكوث وبين الخلاص، وكأنه في أعماق ذاكرتي منتصب كمقام حب، ممنوع من نسيانه، ومعصوم من تجاهله، والحضور الخاطف، والغياب الطويل له ما إلا عذاب يتسبب في احتراق أوصالي، حينها ارتدي التفكير به، وأعيش الوقت أرقا حالما بعينيه، حتى أجد عيناي يتيمة من شح النظرات.
يا أسطورة من جوى، لقد إلتقينا مرات ومرات، ومرة التقينا تحت المطر، فسار عطرك بالأنفاس قاتل خطر، ثم هام القلب في خيام الجمر، ينادي، كمنادي الذي مال على المنبر، يدعوا للعبادة فمال القلب بشطر، واستقام بشطر، وانت الذي كنت لي كفرض صلاة لا نقاش فيها، واليوم من منبر التوق أنادي، إني اشتاقك جدا، واحتياجات الشوق في تزايد خاطف للروح، وأنا هناك في وحشة الأركان باقية كعاشق مجنون ابكي، ومغلوقة إليك كل آفاقية، أعاني من حريق الشوق بسكوت، وسكون جميل، وجميل هو الحب لأنه أنت، فاني أريدك أن تأتي في هذا الليل الساكن، واقتحم خلوتي في دجورها التي أضناها طور الانتظار، و أحتاجك أنيسا في هاته العتمة التي تشبهني، والتي تثقل أكتافي بالحنين إليك، وفي لحظة الشوق الخارق، وفي كل دقيقة لك أريد دقيقة أخرى منك، فهذا الظلام حولي يخيفني، والشوق إليك يطويني ككتاب حزن مبهم، وعابر أنا وموعدي مع عينيك مستحيل، والمستحيل أنه حتى لو فقدت يوما ذاكرتي، كلي ثقة أن إحساسا ما سيعلمني حبك من جديد،
فيا عميق الحب الذي يثور في قلبي، أريد أن أملأ الكون بنسلي ونسلك، ولكن لست أدري كيف افتعله.

 والدكتور فواز زعرور من لبنان، يورد قصة لاسير صليبي، قال الحقيقة بعد اطلاق سراحه

أخذ "لويس التاسع" يفكر في الأسر في دار ابن لقمان في مدينة المنصورة عقب فشل الحملة الصليبية السابعةفي سجنه ويتدبر حتى خرج من أسره عام ١٢٥٠م وكتب توصيات إلى العالم الصليبي جاء فيها : 
(أنه لا سبيل إلى السيطرة على المسلمين عن طريق الحرب، أو القوة ذلك لأن في دينهم عاملاً حاسماً هو عامل المواجهة والمقاومة والجهاد وبذل النفس والدم الرخيص في سبيل حماية العرض والأرض. وأنه مع وجود هذا المعنى عند المسلمين فمن المستحيل السيطرة عليهم لأنهم قادرون دوماًـ انطلاقاً من عقيدتهم ـ على المقاومة ودحر الغزو الذي يقتحم بلادهم ، وأنه لابد من إيجاد سبيل آخر من شأنه أن يزيف هذا المفهوم عند المسلمين، حتى يصبح مفهوماً أدبياً ووجدانياً فقط، مما يسقط خطورته واندفاعه وأن ذلك لا يتم إلا بتركيز واسع على الفكر الإسلامي وتحويله عن منطلقاته وأهدافه حتى يستسلم المسلمون أمام بقاء القوة الغربية وتروض أنفسهم على تقبلها على نحو من اتجاه الأهواء والصداقة والتعاون) ..

 جدتي والذئب، قصة للشاعر الاردني ايمن الرواشدة، تاليا نصها   

   حين غصَّتِ الجدّةُ بالذكريات وامتلأت مآقيها بالدمع فاضت، وكانت من قبلُ تَغَصُّ بالوُرَّاد، ِحين كان فناءُ بيتِها يفيضُ خبزاً وعسلاً ومواعينُها تطفحُ سمناً ولبنا ..
كان أبناؤها يتحلّقونَ من حولها يستدفئونَ تارةً بأحاديثها المُغرِقةِ في المجدِ والفخار، وتارةً أخرى بعبائتها الدافئة حين يقرصهم بردُ الشتاء..
ظلوا كذلك عقوداً إلى أن تسللَ التعبُ إلى مفاصلِها وسرتْ في جسدها رِعْدةُ الجوعِ والمرض.. انقطعت عنها أرْجُلُ الزائرين.. وقلَّ طُرّاقُ ليلِها، ونُدماءُ حكاياتها.. صارت أقداحُ الشفقةِ تأتيها على هيئة مُعلّباتٍ لم تندرج في سجلِّ مطبخِها الأنيق، الذي لم يكد يخلو من اللبن والغبيب والسمن والتمر والحلاوة والزيت والزعتر.. أما أحبتُها المُقرَّبون فقد استبدلتهم مع الأيام بحيطان منزلها التليد تتكئ عليها حين تقومُ وتسندها حين تميل.
جفَّ ضَرْعُ الزمان حين انبهرتْ الأجيالُ بالهواتف الذكية التي زادتْهم غباءً ونُكرانا. ففقدوا رابط الصلة بماضيهم المجيد، وحاصرهم الفناءُ من كل مكان..
     في كوخها الخشبيِّ على شاطئ البحر ركنتْ الجدةُ إلى ظِلال آخر سنديانةٍ احتفظ بها الحقلُ ونجتْ من فؤوسِ الحطّابين.. كانت الجدةُ تتلو على نفسها قصصَ الأمس حين كان عنترةُ يفُلَّ بسيفه طموحَ الغُزاةِ العابثينَ بحدود القبيلة.. وأشعار الزير حين شتمَ بها العارَ بعد مقتل أخيه كُليب غدراً.. ومع كل حكايةٍ كانت بئرُ الدموع تمتَحُ ما تبقّى في محاجرِها من الألم.. فلا تستفيقُ إلا على أقدامِ ليلى المتعثّرةِ تأتيها حاملةً على ظهرها سلةَ كعكٍ لا تكاد أسنانُها تنالُ من يُبوستِها.. تُلقيها في حِجْرِها ثم تمضي غيرَ آبهةٍ بنداء الجدةِ: تريّثي يا بُنيَّتي.. اجلسي معيَ قليلا أُحدّثكِ عن الحياة والحب والكرامة..
 تلوّحُ ليلى بمنديلها الأحمرِ صارخةً: كفى يا جدتي.. أرهقتِني بأحاديث الأمس الغابرِ وتُرّهاتِ امرئ القيس وصَبَواتِ المُهلهِل وغباء السَّموأل.. نحنُ جيل (الفيس).. لا يعنينا ماضيكم الخَرِف..
ثم تختفي في الظِّلالِ البعيدة.. قافلةً من حيثُ أتتْ..
ضاقتْ ليلى مع الأيام بمهام تزويدِ جدّتها بالكعكِ المُتحجّر. وفي عَشيَّةِ ليلةٍ أعدّتْ الأمُّ سلةَ الكعك، وقالت لابنتها: تعالي يا بنيتي وخذي هذا الكعك  لجدتكِ، عسى أن نرتاحَ منها عما قريب. تأفّفتْ ليلى، وقالت : إلى متى يا أمي نرعى هذه العجوز؟!
قالت الأم : اصبري يا بنيتي، واللهِ لولا عتبُ القبائل المجاورة لما وَصلْتُها.. ولكن ماذا عسايَ أن أفعل. أنا أكثرُ منك ضجراً بها..
ارتدتْ ليلى وشاحَها الأحمرَ وأخذت السلةَ ومضتْ في طريقها.. ولما كان الطريقُ طويلاً والسلةُ ثقيلةً، كانت ليلى تُلقي بين كل فينةٍ وأخرى بعضاً من الكعك حتى كادتْ السلةُ أن تفرغَ.. وعند أول مَفازةٍ، التقتْ ليلى حبيبَها أوس الذي كانت تربطهُ بها صداقةٌ حميمة.. وأوسُ شابٌ يافعٌ تفيضُ عيناهُ خُبثاً وذكاءً، لطالما حدّثَ ليلى عما يجولُ في خاطره تُجاهها من الوُدِّ والحب، وليلى غارقةٌ في هواه حتى حاجبيها المُرقَّقينِ .. قال لها في لحظةِ انتشاءٍ: ما الذي يُجبركِ يا ليلى على خدمة هذه العجوزِ الشمطاء في الطرف القَصِيِّ من القبيلة؟! لِمَ لا تدعيها تموت وتنتهي من عذاباتها؟!
قالت ليلى: يا ليت يا أوس..
أخشى أن يُقال تركناها وحيدةً ونسينا تاريخها الحافلَ بالقصص والذكريات.. 
    وظلَّ أوسُ يزيّنُ لها تركَها حتى ابتسمتْ ليلى لخُبثهِ، وطأطأت أُذنيها لمعسولِ وعوده.. فاتفقا على أن يرتديَ أوسُ ثوبَ ذئبٍ فيعدوَ عليها فيقتلها في أرضها، فيخلو له وجهُ ليلى وقلبُها.. ثم يأتيانِ في المساء على جلبابِها بدمٍ كَذِبٍ ويقولان لأمها أن الذئب أكلها ونحنُ عنها غافلان.. 
استطاعت ليلى بكل براعةٍ أن تُقنعَ الذئب ليأكل جدتَها، وعادت لأمها بسلة الكعك..  
      أقامت القبيلةُ عزاءً كبيراً يليق بالمرحومة.. تناولوا فيه الكعكَ المُحلَّى.. ثم خطبَ أوسُ ليلى إلى أمها..الذي كان لا يستطيع أن يُخفيَ عنها إعجابَهُ ببيت ليلى المُنيف وبُستان أهلها الممتلئ بالخيرات.. وافقت الأمُّ واعتُبِرَتْ موافقةُ الأبِ تحصيلَ حاصلٍ..
 فأقيمت الاحتفالاتُ والمهرجاناتُ وأُزيلت الحدودُ المزعومةُ بين القبائل وعمَّ الفرحُ والسرور والفسادُ والانفتاح.. وامتلأتْ الأرضُ بالشياطين الجميلة.. 
وانتهت الحكاية الأصيلة .....


وللشاعرة ريما البرغوثي، قصيدة جديدة، عنوانها  ثورة الشعر ، تقول فيها

في فيّ يزدحم القصيد فأمنع
وتغص بالحرف الجفون فتدمع

فترى اللآلئ فوق وجنات الكرى
نثر الجمان لدى ظلامي يسطع

والخد مكلوم بفيض حارق
والقلب من خلف الأضالع يُنزع

فأعاتب الشعر الذي خنق الكرى
 يأتي بأنات الحروف ويرجِع

والفكر مشتعل الأوار مشوش
وعلى الهوامش خربشات تخدع

وسنابل الحب التي نبتت على
شط البراءة بالخيانة تُقلَع

والنرجسات الهاربات من الصقيـ
ـع أضاعت النشر الذي يتضوع

مَن خط في جدر البكاء حكاية
صفحاتها من وجدها تتمزع

أقلامها ألم وسيل مدادها
يقتات من نزف الدما ...  يترعرع

وقصورها الأشلاء حين تراكمت
من غير أعمدة بدت تتصدع

وموائد الجوعى تخون مذاقها الـ
أفواه لما بالمرارة تُترع

هذي شوارعها التي انتصبت بها
أحجار موت باهتات بلقع

خطت لأرصفة الدروب رسالة
في دجنة الليل البهيم ستلمع

ونوافذ الهم التي ألواحها
سقطت على عتم الطريق تُروَّع

نفضت غبار الذل وانتفضت على
جرح الكرامة كالرماح تُشرّع

هذا الظلام ومن أتى بسواده
لا بد يوما بالمذلة يُصفع

فالظلم يا هذا عواقب صنعه
رزء وخيم ثِقله لا يُدفع

ورجعت للأشعار أطرق بابها
فإذا بها عن شرفتي تترفع

وتصيح في وجهي كفاكم ذلة
والشعر ليس بقول حق يصدع

حتام تهرق للقصيد كرامة
والحرف إن نطق الحقيقة يُقمع

وإلام تصلب للمعاني أنفس
زهراء في حرم القصائد خشَّع

وإلى متى يُلقي اليراع مداده
فوق الرصيف بصمته يتلفع

وعلام تطمس للحرائر أوجه
والقبعات لمومسات ترفع

إن القصائد أقسمت أن تنطوي
وبقلب قرطاس التناسي تقبع

خلوا سبيل الشعر يرجع راشدا
بالمجد والشرف الرفيع يُوَقَّع