ناجي، مكانا قصيا، وهو يكتب في ورقته، عن معالجات الرصافي للمرأة والدين،
فالنظرة العليا عند الرصافي للمخلوق الإنساني رجل وامرأة انهما يشكلان كونا رائعا متكامل، وتاليا النص
المرأة والدين
في شعر الرصافي
إذا كان أحمد أمين في القرن التاسع عشر أهم مناصر للمرأة نثرا فإن معروف الرصافي لا يقل عنه أهمية في مناصرته للمرأة شعرا، وإذا كان أحمد أمين قد أخذ حظه من الاهتمام والبحث والدراسة والانتشار داخل وخارج حدود مصر فإن الرصافي قد حُرم من كل ذلك وبقي صوتا محركا فاعلا في المجتمع العراقي فقط، وفي حين وجد أحمد أمين من يناصره ويدافع عنه أمام معارضيه فإن الرصافي كان وحده في الميدان ومع ذلك لم ييأس ولم يتوقف وبقي حتى وفاته عام 1945م مدافعا عن المرأة في كل مناحي الحياة.
القارئ لديوان الرصافي بجزأيه الأول والثاني يجد أن موضوع المرأة والسياسة يطغى على كل قصائده، بل ويجد أن ما كتبه الرصافي في الاجتماعيات والمراثي والوصف مزدحم بموضوع المرأة والسياسة وكأن الشاعر في شعره يوظف ما يقول لهذا الموضوع وحده، وهو حيت يتحدث في السياسة فإنما ينشد حريته هو والمرأة معا وحين يتحدث عن المرأة فهو ينشد حريتها المرتبطة أيضا بحريته، من هنا كانت المزاوجة عنده بين المرأة والسياسة.
المرأة والرجل عند الرصافي مخلوق إنساني واحد يسعى لحريته والإعلان عن وجوده وهو كامل الحقوق والواجبات يعي ما له وما عليه، من هنا نراه عندما يناصر المرأة لا يعادي الرجل بل يحاول أن يعيده إلى صوابه وإلى إنسانيته التي فقدها بسبب مفاهيم اجتماعية أو معتقدات دينية أو سياسية. وهو يرى أن قيد الرجل هو نفسه قيد المرأة لذلك فإن ما يحرره يحرر المرأة أيضا ،فيكف يستطيع الرجل المقيد والمسلوب الحرية إن يمنح المرأة حريتها، فالعبد لا يمنح حرية للآخرين، يجب أن يكون حرا حتى يستطيع أن يعطي ما يملكه للمرأة. من هنا نجد أن الرصافي يبيّن لنا في قصائده أن الرجل عبد للعادة وعبد للمعتقد الديني الخاطئ وعبد للسياسة المضللّة لذلك فهو لا يعطي المرأة إلاّ العبودية ، يقول الرصافي (1) :
أيسعدُ محيّاكم بغير نسائكموهل سعدت أرض بغير سماء
هذه هي النظرة العليا عند الرصافي للمخلوق الإنساني رجل وامرأة فهما مها يشكلان كونا رائعا متكاملا وتصحّر أحدهما يعني تصحّر الآخر وخصبه يعني خصبه واخضراره، يقول الرصافي (2):
فالشرق ليس بناهض إلاّ إذاأدنى النساء من الرجال وقرّبا
على أساس متين يبني الرصافي موقفه من المرأة وهذا الأساس هو أن المرأة نصف مكمّل لنصف الرجل وهما معا يعمّران كونا واحدا أرضا وسماء وهو يرى أن لا نهضة إنسانية دون جهد الاثنين معا، وهذا الجهد يجب أن يكون بتكافؤ الفرص وحرية العمل معا جنبا إلى جنب.
الرصافي تتبع في شعره حركة المجتمع تجاه المرأة ورصد هذه الحركة وحاول تصويبها إذا رأى في ذلك ضرورة ولأن قضايا المرأة التي طرحها في شعره كثيرة فإنني رأيت أن أبوّب لهذه القضايا حتى أتمكن من دراستها والوصول إلى ما أراد الشاعر.
إن النظرة الدونية للمرأة قد حرمتها كثيرا من حقوقها واستقلالها، وأهم هذه الحقوق، العلم ، فقد منعت المرأة في زمن الرصافي من التعليم مخافة الانحراف ، فيتصدى لهم الرصافي :
وقالوا الجاهلات أعف نفساعن الفحشاء من المتعلمات
فرى جهل الفتاة لها عفافاكأن الجهل حصن للفتاة
لقد كذبوا على الإسلام كذباتزول الشمّ منه فزلزلات
أليس العلم في الإسلام فرضاعلى أبنائه وعلى البنات
ولم يتوقف حرمان المرأة على العلم بل حرمت الميراث وحرية العمل وحرية اختيار الزوج وفي ذلك يقول الرصافي:
منقوصة حتى بميراثهامحجوبة حتى عن المكرمه
عاب عليها قومها ضلّةأن تكسب القوت وأن تطعمه
وكيف وقد رأوا في سعيهافي طلب الرزق من الملأمه
وكم فتاة فقدت بعلهامن بعد ما قد ولدت توأمه
فانقطعت في العيش أسبابهاوأصبحت للبؤس مستسلمه
ما هكذا يا قوم ما هكذايأمرنا الإسلام بالمسلمه
ويقول حين يرى ظاهرة زواج المسنين بفتيات صغيرات السن إكراها وإجبارا :
ظلموك أيتها الفتاة بجهلهمإذ أكرهوك على الزواج بأشيبا
طمعوا بوفر المال منه فأخجلوا بفضول هايتك المطامع أشبعا
أتباع أفئدة النساء كأنهابعض متاع وهن في عهد الصبا
إذا كنا لا نستطيع فصل الدين عن المجتمع فإننا نرى أن هناك أمورا مختلطة يتنازعها الدين والمجتمع معا ويتفقان في طرحها وتقديمها ثم ممارستها وهناك أمورا في اتجاهين مختلفين، من هنا وضعت بابا للمجتمع وآخر للدين.
تفشت في عصر الرصافي بالعراق عادات اجتماعية وتقاليد وأعراف نسبت جميعها إلى الدين مما أثار حفيظة هذا الشاعر الذي يرى ان الخطأ الكبير في كل هذه الممارسات الخاطئة لا تمت الى الدين بصلة ولكنه يرى أن أشخاصا موتورين نسبوا كل سلوك مناف للحقيقة التي يفهمها الرصافي وغيره إلى الدين،بمعنى أن ما يمارسونه هو من صلب الدين ومن يعترض عليه لإنه يعترض على تعاليم الدين، من هنا كانت هجمة الرصافي عليهم قاسية وشديدة وصرخة حاولت إيقاظ المسلمين الحقيقيين من سباتهم ليقفوا إلى جانبه مناصرين وداعمين مواقفه وأفكاره التحررية.
الرصافي يرى أن ما يحل بالأمة العربية الإسلامية من ويلات ومآس سببه التقاليد والعادات الفاسدة والتي ألصقها مدّعوها بالدين زورا وبهتانا
ألا ما لأهل الشرق في برجاءيعيشون في ذل به وشقاء
لقد حكّموا العادات حتى غدت لهمبمنزلة الأقياد للأسراء
وأقبح جهل في بني الشرق أنهميسمّون أهل الجهل بالعلماء
لقد مزّقوا أحكام كل ديانةوخاطوا لهم منها ثوب رياء
وما جعلوا الأديان إلا ذريعةإلى كل شغب بينهم وعداء
إن الفهم الخاطئ لتعاليم الدين السمحة عند بعض الأشخاص دعا الرصافي للوقوف إلى جانب مبادئ الدين، صارخا بوجههم، أن ما يفعلونه يسئ للدين ولا يخدم إلاّ مصلحة المتعطشين للنيل من هذا
فليس بدين كل ما يفعلونهولكنه جهل وسوء فهم
لئن ملأوا الأرض الفضاء جرائمافهم أجرموا والدين ليس مجرم
ووفق قراءته المكثفة، الحصيفة، فقد رآها الكاتب والشاعر الاردني د. محمد ناجي عمايرة دراسة رصينة كافية شافية موضوعا ونهجا واسلوبا ومعالجة..ولغة رشيقة موضوعية..
شكرا جزيلا للأستاذ حسن ناجي..بالتوفيق والسداد
وللاكاديمي د. احمد القرارعة قراءته، اذ قال لقد استمعت لهذا العرض والتحليل الرصين في المقارنة بين أديبين في تناولهما لموضوع المرأة ، ابدعت استاذ حسن ، دمتم بخير
فيما وجدها الشاعر ايمن الرواشده دراسة مختصة وبحث عالي السبر ..
واختيار لطيف المقصد .
دمتَ بعافة
وهي ورقة مُحكمة وفق ما رآها الاديب هاني البداينه، قال انه أزاح فيها الاستاذ الأديب ستائر حجبت مواقف مشهودة للرصافي في نصرة المرأة، وبيّن كيف كان قويا في الدفاع عنها وقتما كانت نظرة المجتمع للمرأة موغلة في الإسفاف....
وبين الاديب التربوي محمد التميمي، ان الأديب والمثقف الأستاذ ناجي وكعادته كما يتحفنا صباحا بلوحة جميلة مع فنجان قهوة هو اليوم في ورقته المرأة في ظلال القوافي أحسن الوصف والتمازج بين أحمد أمين نصير المرأة كتابة ونثرا وبين معروف الرصافي موسيقى وشعرا ... وغمرنا بأسلوب الرصافي وتناوله للمرأة في جل اشعاره كيف والرصافي في بلد الجمال والرقة دجلة والفرات... *فالشرق ليس بناهض الا إذا أدنى النساء من الرجال وقربا
لعل اصعب الدراسات الادبية اطلاقا، وفق الباحثة فيفيان شويري المحاضرة في الجامعة اللبنانية، هي الدراسات المقارنة ،لما تحتاج من قراءات متأنية ومقاربات ودقة في سبر ابعاد النص او القصيدة، اضافة الى معرفة شخصية المؤلف وبالتالي نظيره المقارن معه.
في هذه الورقة ذات الأسلوب العلمي الدقيق، يأخذنا الاستاذ حسن ناجي المكرم الى افاق تخرج عن مألوف الطرح الذي قرأناه الى حد الان، بوضعه الاصبع على الجرح، مع شاعر كان همه وشغله الشاغل المرأة وما لها من حق على مجتمعها ان يعيد لها ما منحها الدين الحنيف من مكانة ودور وتقدير، منطلقا في حججه من براهين الشرع نفسه، مرتكزا على اساس متين لا يقبل الجدل من ان المرأة انسان كامل البنية ولها ما لها من حقوق وعليها ما عليها من واجبات...
فالمرأة في ظل قوافي الرصافي، حالة اجتماعية مستفحلة في زمنه وكان لا بد من الاشارة الى وضعها ، لذا جعلها الشاعر تمطي جواد الحرية التي تستحقها ولو شعرا.
مقاربة موفقة بين الرصافي احمد امين اتحد فيها اللونان الشعري والنثري مناصرة للمرأة العربية والتي ما زالت تبحث عن ريشة تنصفها لكي تصبح في الواجهة وتخرج من المواجهة.
اتحفنا نصك ذي الرؤية الجديدة ، استاذ حسن ناجي المكرم، ونجدد التحية لسادن الملتقى الاستاذ غازي العمريين الفاضل وتحيا جهوده دائما وابدا، ولراعي الندوة الدكتور الكريم فيصل الرفوع لاهتمامه الادبي المميز، وللزملاء الافاضل جميعكم
وباعتقاد الاديب د. احمد الحليسي، فاءن الكاتب أحسن في تناول الموضوع استاذ حسن، المرأة تعرضت إلى الظلم في مجتمعاتنا باسم الدين والدين براء من هذه الترهلات، بل ان الدين أنصف المرأة، أو باسم العادات والتقاليد التي يوظفها البعض كما يريد، وتناول الشعراء و الأدباء لهذه الظواهر نبه الناس ووقف بجانب المرأة لتنال حقوقها، حفظك الله ورعاك استاذ حسن ناجي
اما الشاعر والأكاديمي د. كامل الطراونه، فوجده عرض شائق في عطائه زاهر في لغته.متسامي في رؤاه، استعرض فيه اديبنا موضوعه باسلوب رائع جميل اسرنا في القراءة لجمال عرضه وتسلسل فقراته الثرة بالمعاني ، ولا يسعني الا ان اقدم شكري فقد وفق زميلنا في البناء المحكم لموضوعه واستعرض باسلوب جاذب يستحق الاعجاب والشكر ادام الله استاذنا والى مزيد من العطاء الثر الجميل .
مساء طيب نقي بنقاء حديثكم العبق... أ.حسن ناجي،، هو ما بدأت به القاصة الأردنية مريم العنانزه تعليقها. اذ قالت كل التحية لحرفكم الوارف، لورقة دسمة، معالجة للنهج والموضوع.... لنسافر مع الموضوع بكلمات المقارنة، لنقترب من النص ونرتقب حرفكم الأنيق ببحث لطيف شيق، محكم اللغة بمواقف مشهودة لنصرة المرأة، مرتكزا على أن المرأة في ظلال الرصافي لها ما لها من حقوق، بأسلوب شيق برؤى سامية واستعراض سلس بتسلسل الفقرات وغزاة المعنى....جهود مشكورة ومميزة تستحق منا التأمل والقراءة والتمعن...
دمت فياضا مليئا بالمعنى
ومن اليمن الغالي فالأديب والشاعر زين العابدين الضبيبي وجدها قراءة بديعة تتحدث عن تجربة فريدة وتنتصر لقيم الوسطية والمساواة والإنصاف للمرأة كجزء فاعل في المجتمع وشريك في البناء والحياة وهي رسالة سامية لا ينتهجها إلا الكبار والرصافي في مقدمتهم. شكراً للأستاذ حسن ناجي ولإدارة ملتقانا الوارف بقيادة الأستاذ غازي على نشر مثل هذه الموضوعات الثرية
ومن منظور الشاعر د. هشام القواسمه فهي دراسة ماتعة عرضا وتحليلا وإحاطة... أبدعت استاذ حسن.. لك محبتي واحترامي