الورقة جاءت في سياق الندوة (١٢) التي رعاها د. معن القطامين، وركزت على "ظاهرة التكرار" وتاليا نص الورقة
اجتمعت في بناء القران الكريم كل مواصفات الكمال و الجمال، سواء في اختيار مفرداته أو ترتيب ألفاظه أو تراكيبه النحوية أو صيغه البلاغية؛ بحيث تؤدي أسمى الدرجات في: دقة التعبير عن المعاني المركبة والأحاسيس المتداخلة.
ومن مظاهر اعجاز القران الكريم : إعجاز النظم ، ولإعجاز النظم عدة مظاهر ، منها المظهر المتعلقة بالأسلوب ، وسوف يتم التركيز على ظاهرة التكرار.
والتكرار: اعادة الكلمة او اللفظة أوالمعنى أكثر من مرة في سياق واحد اما للتوكيد او لزيادة التنبيه او التهويل او التعظيم ، وهو قسمان: احدهما يوجد في اللفظ والمعنى والاخر في المعنى دون اللفظ، والتكرار لايقوم فقط على مجرد تكرار اللفظة في السياق، وانما ما تتركه هذه اللفظة من اثر انفعالي في نفس المتلقي، وبذلك يعكس جانبا من الموقف النفسي والانفعالي.
وفي القرآن الكريم من هذه الظاهرة نوعان : الأول: تكرار بعض الألفاظ او الجمل، والثاني: تكرار بعض المعاني كالقصص، والأخبار.
فالنوع الأول :يأتي على وجه التوكيد، ثم ينطوي بعد ذلك على نكت بلاغية، كالتهويل، والإنذار، التجسيم و التصوير و للتكرار أثر بالغ في تحقيق هذه الأغراض البلاغية في الكلام، و من أمثلته في القرآن الكريم قوله تعالى :" الحاقة ما الحاقة، و ما أدراك ما الحاقة، كذبت ثمود و عاد بالقارعة " و قوله تعالى :" سأصليه سقر، و ما أدراك ما سقر، لا تبقي و لا تذر " و قوله تعالى :أولئك الذين كفروا بربهم، و أولئك الأغلال في أعناقهم، وأولئك أصحاب النار " و قوله تعالى :" و ما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم، و ما أنت بمسمع من في القبور ".
والنوع الثاني : وهو تكرار بعض القصص و الأخبار يأتي لتحقيق غرضين هامين :
الأول : تكرار حقائق في صور و أشكال مختلفة من التعبير و الأسلوب، ولقد أشار القرآن إلى هذا الغرض بقوله :" و لقد صرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا" [سورة طه ١١٣]، الثاني :إخراج المعنى الواحد في قوالب مختلفة من الألفاظ و العبارة، و بأساليب مختلفة تفصيلاً و إجمالاً، ومن هنا كان من المحال أن تعثر في القرآن كله على معنى يتكرر في أسلوب واحد من اللفظ، و يدور ضمن قالب واحد من التعبير، بل لابد أن تجده في كل مرة يلبس ثوباً جديداً من الأسلوب، و طريقة التصوير و العرض، بل لابد أن تجد التركيز في كل مرة منها على جانب معين من جوانب المعنى او القصة و لنضرب لك مثالاً على هذا الذي نقول :بقصة موسى عليه السلام إذ أنها أكثر القصص في القرآن تكراراً، فهي من هذه الوجهة تعطى فكرة كاملة على هذا التكرار، وردت هذه القصة في حوالي ثلاثين موضعاً، ولكنها في كل موضع تلبس أسلوباً جديداً و تخرج أخراجاً جديدا يناسب السياق الذي وردت فيه، و تهدف إلى هدف خاص لم يذكر في مكان آخر، حتى لكأننا أمام قصة جديدة لم نسمع بها من قبل.
وللادب هاني البداينه رؤيته اذ قال، ربما كانت هذه إحدى الأوراق التي جاءت في إطار عنوان الندوة، الإعجاز البياني، ذاك أن إعجاز القرآن البياني كان اعجازا بيّنا واضحا...
ولقد تناولت ورقة الدكتور أحمد هذا الوجه، بإحاطة كاملة ووافية
وطالعها الشاعر ايمن الرواشدة الذي قال انها ورقة بحثية أجملت الحديث عن وجه مختص من وجوه الإعجاز وهو التكرار في القرآن الكريم ومعانيه ومقاصده البلاغية وأثره على النفس .. مدعِّماً الدكتور الفاضل أحمد القرارعة بحثه بضروبٍ مختلفة من الأمثلة والدلائل .
مثمّناً لأستاذي الجليل جهده في إخراج هذا البحث ومتمنّياً له العافية والسداد والنفع وراحة البال
والشاعر خليل الخوالده قال انها ورقة مختصرة ركزت على نوع من الإعجاز البياني... و معلوم ان الهدف من التكرار وبخاصة تكرار القصص هو تنميط الإنسان بحيث هدف القرآن لخلق انسان صالح مصلح في المجتمع وانسان ينفع الناس ويطيع الله ورسوله ويتأتى هذا من ايراد قصص الأنبياء والمرسلين والصالحين بحيث يكونون نمطا يقلده القارئ لكتاب الله..
اما التكرار اللفظي فعدفه الأعمق هو ترسيخ المعنى وتثبيته وكما أورد د أحمد بحيث يؤدي هذا التكرار للتاثير على نفسية وسلوك وأخلاق وقيم القاريء للقرآن الكريم..
حفظك الله ورعاك وزادك من فضله.
وترى اللبنانية د. فيفيان شويري، ان سبق الكلام عن السجع والنغم والايقاع والان عن التكرار في ورقة الدكتور المحترم احمد القرارعة،وقد اتحفنا بما خرج به من تحليل مدعم بالامثلة الواضحة والتي تعكس وضوح البيان،ومن دون تكرار.
اتحفتنا دكتور، وفق ما قال، وزدت على معارفنا الموسيقية معرفة ولكأن القرآن الكريم اختصر القواعد المتعلقة بالنغم كلها. وما التكرار الا النغم وهو الاجمل يشابه اللازمة في الاغنية والتي تتكرر بعد المطلع وحتى بعد النهاية فتعيد الى السمع اللحن الاول والى الذهن الكلام الاول ليكون الوقع محببا ومؤثرا على النفس، فما بالك اذا كان هذا التكرار من فحوى القرآن الكريم نفسه؟
أستاذ الأدب العربي في مؤته د. خليل الرفوع قال انه مقال معبر.
لكنه يرى أنه لا يوجد تكرار في القرآن الكريم أكان لفظا أم معنى .
كل لفظ أو عبارة يظن ظان أنها مكررة هي في الحقيقة تحمل معنى مختلفا يفهم وفق سياق الآية .
ولعل بعض العلماء قد ذهبوا إلى ذلك .على الرغم من أنني أقدر أن التكرار يفيد مُلَحا بلاغية كالتوكيد ، ولكن من يقرأ القرآن قراءة بيانية تأويلية وقد أوتي أسرار النقد واللسان سيلحظ ذلك، وأنت منهم طبعا .
وزاد بالقول انه
لا يسميه تكرارا حتى لا تتساوى ألفاظ القرآن الكريم مع ألفاظ البشر ، ولا يلتبس على غير أهل الفكر ، ولكلٍ شركة ومنهاج.
وإن اصطلح على تسميته بالتكرار فلكل لفظ معنى مختلف ، وأما تنوع قصص موسى مثلا فلا يوجد تكرار فمن مجموع القصص تتشكل قصة متكاملة.
فمعاذ الله أن يكرر الله المعنى ليفهم منه الزيادة بلا دلالة .
وقال بوركت أيها الحبيب دكتور أحمد على هذه الاضاءات المتعلقة بظاهرة التكرار بأنماطه المختلفة في القرآن الكريم ، التي تدرس حديثا تحت عنوان (التوازي بأنواعه المختلفة ) و التكرار جزء منه، وهو ظاهرة أسلوبية بارزة، وملح واضح من ملامح الخطاب الإلهي؛ لما له من غايات نفعية دلالية وايقاعية معا؛ ولعل سورة الناس تعد مثالا على الظاهرة على مستوى تكرار الحرف كحرف السين الصفيري وعلاقته بفعل الوسوسة، وتكرار كلمة الناس خمس مرات وما في ذلك من قيمة دلالية وايقاعية.
ويظن أن جميع الأمثلة التي ذكرها الدكتور أحمد من حيث الألفاظ أو المعاني لا تتضمن تكرارا ألبتة ، نعم هناك تكرار آيات بعينها مثل "فبأي آلا ربكما تكذبان" وهذا له تأويل بياني لأن كل آية ترتبط بما قبلها ضمن سياق دلالي خاص تنفي التكرار بالمعنى نفسه...
ويؤكد د. ابراهيم الياسين، مشرف الملتقى، ان هذا تكرار لفظي له غايتان نفعيتان الأولى دلالية والأخرى ايقاعية فتكرار الحاقة فيه لفت لانتباه القارئ أو السامع للفظة ودلالاتها العظيمة، وتجعله ممعنا أكثر بكل حواسه في الاستماع لتفاصيل الحاقة وكذا الأمر في تكرار لفظة القارعة. أما على المستوى الإيقاع فتكرار اللفظة يحدث نغما موسيقيا يلفت انتباه القارى، ويؤكد المعنى ويقرره في قلوب أولئك المنكرين لهذا اليوم.
[3/7 4:35 م] Khalil Rfko: ذكرتُ أنه اصطلح على تسميته بذلك ، تكرار كلمة الحاقة أو القارعة جاءاتا بمعان مختلفة، لا علاقة للثانية بالأولى معنى وصوتا وإيقاعا ،ولا أريد أن أدخل في الإيقاع الصوتي للكلمات ، وإن كان ولا بد فيمكن تسميته بتكرار اللفظ بمعان مختلفة .
لا أحد ينفي من حيث الشكل تكرار الألفاظ في القرآن أو في غيره، لكن يستوجب ذلك أمرين.
أولهما .النص على اسم تكرار اللفظ بدوال مختلفة.
ثانيهما .انه لا تكرار للمعنى بتكرار اللفظ أو عدمه ،أكان في القرآن أم غيره من فنون القول العربي.
طبت يا صديقي باحثا ومفكرا
وفي الاثناء كان للاديب د. احمد الحليسي مداخلة قال فيها انها إضاءة جميلة على الإعجاز البياني للقرآن الكريم من حيث اسلوب التكرار في بعض الآيات الكريمة والأسلوب القصصي في مواقع متعددة وكل قصة لها في النفس وقع على الرغم من ورودها في سور متعددة، أحسنت دكتور احمد
وفي نظرته الفاحصة كالعادة، قال د. صقر الصقور، ان الدكتور الفاضل احمد القرارعة .. اوجز فأحاط .. واسهب فاحسن ..
ويقيني ان لكل تكرار لفظي في كتاب الله استقلال .. وانما كلام الله بنيان محكم .. لا يحتمل ادنى زيادة او تكرار .. كما لا يعتوره نقص ..
د. السقرات خلصت للقول الحمد لله أننا عشقنا القرآن فطرة ، فكيف و نحن نتفكر فيما فيه من بيان و إعجاز ، سلم قلمك أستاذي العزيز و نتعلم دوما منكم و فعلا هي إضاءة جميلة لم ألحظها سابقا و أتمعن فيها بهذه الطريقة
اما التربوي محمد التميمي، فقال اتشرف بقراءة ورقة زميل وتربوي واذاعي
ظاهرة التكرار وهي كما قال اعادة اللفظة او الكلمة او المعنى وقد اجاد الدكتور في البحث والبيان على وجه التوكيد او التهويل لما يأت او اخراج المعنى في قوالب مختلفة
الدكتورة حنان الخريسات التي ختمت التعليقات، قالت إن سورة الرحمن والآية :" فبأي الآء ربكما تكذبان " التي تكررت إحدى وثلاثين مرة تستوقفها، لتكرار وجه من وجوه الإعجاز في القرْآن؛ حيث العجز عن الإتيان بمثل آية من آياته ولا تشعر بملل او ضجر حين تقرأ هذا التكرار وهو اسلوب من اساليب اظهار بلاغة القرآن ...
مقال مهم سلط الضوء بخطوط عريضة على اهمية واعجاز القرآن في مسألة التكرار .. كل التوفيق د. احمد القرارعة .