وجد مدير ثقافة الطفيلة د. سالم الفقير، ان من بين ما شغل الشاعر محمد الشروش، تعدد الاتجاهات، ما ضيع بوصلة الوطن
وقال في ورقته لقراءة اشعار الشروش، ان رمزية حية، كانت تخالج بعض وقفات الشاعر، وهو يكتب للجنوب
وتاليا نص الورقة،،
معالي الأخ الأستاذ الدكتور فيصل الرفوع المكرم، راعي هذا اللقاء الأدبي الماتع.
سعادة الأستاذ الشاعر محمد الشروش المكرم، مناط البحث والدرس.
سعادة الأستاذ غازي العمريين المكرم، رئيس ملتقى السلع الثقافي.
أصحاب المعالي والسعادة والعطوفة من الزملاء والزميلات،
فمن حسن الطالع أن أضع بين أيديكم قراءتي حول شاعر من شعراء الوطن، كان له جواد السبق في أن ترك للجنوب بصمة في قلوب القراء قبل عقولهم.
لا أريد الإطالة، لكنها عادة مستملحة أن يكون بين ظهرانينا من هم أهل للبحث والدرس.
ملتمسا العذر لمن يقرأ ولم يبد الرأي، فأنا أدرك معنى أن يكون الوقت سيفا، لكنني أستمتع كثيرا بما أقرأ، وربما نلتقي أو نفترق في وجهات النظر، لكن ذلك لا يفسد الود ولا المحبة.
دعاء بالموفقية وأملا باطراد السداد.
(الشاعر محمد الشروش كما لم يظهر من قبل!)
لا يخفى على متلق للأدب أن طيفا خفيا هو ما يضع شاعرا في المقدمة دون آخر، وأن هذا التميز يجمع بين جنباته الرموز والصور والأخيلة، إضافة إلى أن فكرة تبني الموضوعات الوطنية والقومية هي أيضا طريق المتلقي إلى ميدان الشاعر.
ومن جانب آخر فإن الموضوعات التي يقف عليها الشعراء في أشعارهم تتوزع بين الغزل والمدح والرثاء... إلخ، لكن الشاعر أكثر ما يكون صدقا وقربا في الرثاء والغزل؛ ربما لأنهما يصدران عن القلب، من وجهة نظري، وهذا ما ألفناه عند العديد من الشعراء ابتداء من العصر الجاهلي، حتى شعراء عصرنا الحديث.
الشاعر محمد الشروش واحد من الشعراء الذين برعوا في كتابة القصيدة العمودية، والتفعيلة أيضا، ولعل الجنوب هو أكثر شيء جعل جمهور الشاعر الشروش يرددون على مسامعه "من الجنوب" بل إن شهرة القصيدة وانتشارها جعلت منها هوية خاصة بالشاعر؛ فما من جنوبي يؤرقه الحب والجوع والفقر والألم؛ إلا تجده واقفا يردد:
من الجنوب وهل تدرين ما الوجع
وهل تبقَّى إلى الأحزان متَّسع؟!
وعلى الرغم من العديد من قصائد الشروش التي جمع خلالها رؤيته الوطنية والعربية، إلا أن "من الجنوب" كان لها نصيب الأسد، وربما هذه طبيعة في تلقي الشعر، أن تُشكِّل قصيدة واحدة ديدن الشاعر دون أن يكون له دور في ذلك، فالأمر منوط بالمتلقي.
الشاعر الشروش يرفض فكرة أن يكون له إصدار شعري يجمع فيه قصائده الشعرية، فهو يكتب لذاته أولا، ولبعض أصدقائه، وللعامة عندما يريد هو ذلك...! لذا، فإن الحصول على على ديوان شعري للشاعر الشروش هو أمر أوقف العديد من النقاد ممن يرون في الشروش حالة فريدة جديرة بالدراسة والبحث، عن المضي قدما في البحث والدرس لشاعر ملك معرفة خلفية شكلت في مجملها انطلاقته الشعرية منذ نعومة أظفاره. وهنا بقي المتلقي لشعر محمد الشروش يتحين الفرص ليجمع بين الفينة والأخرى ما كتبه الشروش؛ ليشكل من خلاله مادة تغطي جانبا كبيرا من البحث؛ حتى لا تكون الدراسة مشوبة بالنقص في مجملها.
من هنا، وبعد قراءتي _مرارا_ للقصائد التي وقعت بين يدي للشاعر، لم أتوقع أن هذه الهالة المليئة بالفقد والحزن، وعدم الرضى _في كثير من الأحيان_ قد تشكلت حول الشاعر، بالرغم من علاقتي الوطيدة به، وقربي إليه، غير أن المادة الشعرية تختلف اختلافنا جذريا تجعلني أذهب _غير متردد_ إلى قضية موت المؤلف..!
حاولت _في كل مرة قرأت فيها القصائد_ أن أذهب بعيدا عن الحزن والألم، وترددت كثيرا في الكتابة، لكنني أجد نفسي في كل مرة أمام محطة مليئة بالفقد... بالحزن... بالرثاء، فالشاعر أراد لنا ذلك، بل قادنا إليه، ولا سيما أنه هو من اختار لنا تلك المجموعة؛ لتكون بيئة خصبة للدرس، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، قدَّم لنا الشاعر محمد الشروش نفسه من خلالها على أنه مجموعة من تراكمات الألم؛ التي جاء بها فقد الأحبة، بدءا من تيسير السبول كرمز عروبي وطني، ومرورا بمروان الرفوع، وحبيب الزيودي وغيرهم الكثير، وجاءت بها أحداث العروبة، على رأسها القدس، وما تحمله من هموم القضية الفلسطينية.
في مرثيته التي كتبها الشاعر لتيسير السبول، جعل من ضانا وحد الدقيق أطلالا كأطلال الجاهلية، فهو يقف ويبكي:
"قفا نبكي ضانا وحد الدقيق
ونذرف دمعا توجس دهرا
وأطفأ حزنك وهج البريق..."
وربما كان الشروش يدرك تماما معنى أن يقدِّم السبول نفسه للموت؛ ساخطا وناقما على عروبة هزلت حتى بان طحالها!! وفي القصيدة يكرر الشروش مفردة "الصديق" وهي ذاتها المفردة التي وردت عند تيسير السبول في أحزانه الصحراوية، وكأنما أراد الشروش للقارئ القول: إن حالتي لا تقل وطأة عن حالة السبول؛ فكلانا غير راض، وكلانا يبحث عن الخلاص، فلا فرق بيننا:
"أنا يا صديق وأنت الصديق"
وقد تكرر المقطع لأكثر من مرة؛ تأكيد على التماهي ما بينه وبين تيسير السبول، خاصة أن كلا منهما ينتمي إلى بلد الجبال، الطفيلة.
وتبقى وطأة الموت هي الأشد فتكا، والأقوى بأسا عند الشاعر الشروش، ففي قصيدة عنونها ب "قل يا حبيب" كان قد نزفها في رثاء الشاعر حبيب الزيودي، يرى أن الأمكنة تلتحف بالموت، لفقد الشاعر، ولا سيما إذا كان الشاعر كحبيب، فهو والشروش من الذين أوجدوا حالة شعرية في الدولة الأردنية آنذاك، ولا نخطئ القول إن قلنا: إن تلك الحالة قد غابت في مجملها في وقتنا الحاضر، بل إن الوسط الأدبي أشد ما يكون اشتياقا لمثل تلك الحالات:
"سلم على قمم بالموت تلتحف
واقرأ سلامي على القامات إذ تقف"
وإلى جانب الموت يستذكر الشاعر _ في ذات القصيدة _ الشهيد وصفي، وحابس المجالي، وعرارا، وتيسير السبول، ونمر بن عدوان:
"واسرج لوصفي على أنغام قافية
من شعر نمر وقد طافت به الغُرف
واغرس لحابس في الأردن سامقة
من وحي وجد به الأرواح تأتلف
وابلغ عرارا بأن الزط ما ظلموا
وأن هبرك يا ابن العم يختلف
تيسير جارك فاكشف سر غربته
فالروح للروح بالأسرار تعترف"
فهو يرى أن هذا الواقع خلا من سياسييه، وقاداته، وشعرائه، وخلا من تلك القمم؛ ليبقى مليئا بالحزن:
" وذي قباب على الأسوار باكية
تشرين جرَّحها والسرو يرتجف"
إن الصورة التي ألبسها الشاعر الشروش قصيدته في حبيب لم تنفك عن ذكر الحزن والألم، وعدم الرضا، حتى عندما أراد أن يترك لحبيب الزيودي شيئا، جدد له التأكيد على القول كما في عنوان القصيدة:
"حتى عيونك للأسعار نائحة
جفَّت مدامعها والصبر يعترف
قل يا حبيب وقل عن سوأة كُشفت
وعن وجوه على السؤال تنكشف"
وفي قصيدته "مثقوب به كبدي" كان الشروش أكثر ألما وحزنا، ويكفي للقارئ أن يدرك ويقرأ القصيدة من العنوان، فالثقب في الكبد ليس بحاجة إلى وصف ووقوف عليه:
" أدريه جرحا ونزفا فوق ما وصفوا
فقد الأحبة والأقدار لا تقف
وكل حزن سرى في الروح اتعبها إلا رحيلك يا ابن الروح يختلف"
هكذا كان ينظر الشاعر محمد الشروش إلى الفقد والألم، وهكذا كان يصنع به!! ولم يكن الحزن والفقد متعلقا بالأشخاص، إنما بالعروبة وما تمر به من انهزامات وويلات لم تترك لأبنائها موطئ قدم، ففي قصيدته" الحذاء"
بدت الرمزية واضحة بصورة جلية، ولا سيما أنه يرى أن تعدد الاتجاهات أضاع بوصلة الوطن:
"والجالس خلف الكرسي وحيدا
يدعى الإسكافي
وأنا وحدي كنت الحافي
يسأل ماذا؟
أصلح هذا أم هذا؟
والأسبق في لبس حذائي
كان يساريا مبغوضا من كل يمين..."
على هذه الطريق وجد الشاعر محمد الشروش نفسه دون أن تكون له تحولات في الرؤى، على الرغم من دخوله معترك السياسة عندما أصبح نائبا في البرلمان الأردني، الأمر الذي مهَّد له الطريق ليكون على طريق جديدة، غير الألم، والسخط على تجدد الهزائم العربية بين الفينة والأخرى.
ورغم ما تقدَّم من تناول أخذ وجه العمومية على بعض قصائد الشاعر محمد الشروش، إلا أن القارئ الناقد لا زال بانتظار أن تكون تلك القصائد ضمن ديوان شعري؛ ليتسنى للمتلقي محاكمة الشاعر وفق منهج نقدي يمتلك زمام أدواته، ويبقى الشاعر الشروش من الشعراء الذين يقتربون كثيرا من ملامسة القلوب؛ لواقعية الطرح، وثبات الرؤيا
وفي تداول للورقة. وما كتبته من قراءآت على يد فنان في التعاطي من القصة والرواية والمقال، قال اديبنا د. احمد الحليسي ان نظرت نظرة ثاقبة في تناولك لقصائد الشاعر محمد الشروش وابرزت من خلال ذلك الحس الوطني الذي يسكن الشاعر، واشرت إلى نبرة الحزن والألم في قصائدة وتنبع من تفاعل إنساني في كل مايحيط بالشاعر، وتمني أن تجمي الشاعر هذه القصائد في ديوان شعري، وجميعنا نتمنى ذلك
ولدهشتها قالت الباحثة د. فيفيان الشويري، "هنا اراني امام نابغة في الأدب، ولا يسعني الا التعبير عن اعجابي بهذا الأسلوب البليغ وهذه اللغة الرفيعة المستوى وهذا التحليل الادبي الدقيق والمتين والراقي اسلوبا ومضمونا والمثقل
معالجة وإصابة" .
قالت نرفع القبعة لكم، دكتور سالم الفقير المحترم ، وانتم من يثري اللغة العربية بتعبيركم المنثور والسامي.
اما ما لفتني، فقالت ان يتمنّع شاعرنا المكرم محمد الشروش عن اصدار ديوان يحوي اعماله ويجنبها الضياع، فاسمح لنفسي تقديم النصيحة بأن يفعل وعلى جناح السرعة، لا بل ينبغي ان يفعل، وهو حاضر معنا ويسمعني، لان الابداع لا يعود ملكا لصاحبه وحق الاجيال على المبدع ان يتحفها ويغني تراثنا الادبي والشعري المعاصر بما فاض بوحه الجميل، في زمن ندرة الجمال.
اشكرك، د الفقير، ايضا وايضا وقد مر زمن لم اقرأ بلاغة مشابهة لنصك الذي عاد بنا الى الزمن الجميل وللريشة الفائقة الاناقة.
ورقة بحثية محكمة ومجوَّدة قال عنها الشاعر ايمن الرواشده، وانها تليق بباحثٍ أديبٍ اعتاد الوقوف على الأطلال واعتلى صهوة هضاب بصيرا واستشرف آفاقها واستلَّ سيف كلماته من أغماد الحروف فأضحك وأبكى وأمال وأهوى ..
وقال ان الدكتور الأديب سالم الفقير غنيٌّ بقدرته العجيبة على لَيِّ أعناقوالحروف يوظّفها كيف يشاء ويصنع منها صورةً حيّةً حييّةَ كالعذارى في خدورها تزداد جمالاً كلما عاينتَ بدائعَ سِحرها ..
وفي قراءة استاذ الادب العربي في مؤته، د. خليل الرفوع قال أحسبك قارئا قد أوتيت حظا وافرا من النقد ، فقد أتيت على شيء غير قليل من مضامين شعر الشروش ، وكما تعلم أن النص الأدبي سابق للنقد منذ العصر الجاهلي،وللأسف أن الدراسات النقدية تابعة ،
وقال د. الرفوع كما تعلم أن أكثر الشعراء القدماء لم يجمعوا هم دواوينهم ، وقيمة الشاعر بجودة شعره وليس بكثرة الدواوين ، وكما ذكرت فإن شعر الشروش يمتاز بأنة الوجع والوفاء والوطنية، ولا ننسى أن الشعر مرتبط بالتمرد والرفض والصعلكة الشبابية ، وكلما اتزن الشاعر وقارا قلّ شعره.
لك محبتي
وللشاعر خليل الخوالده رؤية كذلك قال فيها انها قراءة مطولة ودقيقة وممتعة لشعر راقٍ.....وقفت على كل قصيدة ثم امعنت وانعمت النظر في كل بيت _مما ذكرته انت_....
اسبغت نِعَمَ الفصحى التي حباك الله على... قريضٍ يفيض بالجمال والإبداع... فازداد بتناولك لمفاصله جمالا وحسنا..
مساؤك سعيد
وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال والطاعات..
اخوك خليل الخوالدة
في رؤيته للنص قال د. صقر الصقور، الاكاديمي والشاعر، ابدعت
و جمعت مجامع الكلام .. و لم تترك ركنا حصينا من اشعار الشاعر الحبيب محمد الشروش الا فتحته فتح الداعية .. وولجته ولوج الحبيب ..
واستخدم الشاعر بكر المزايده، آية من الكهف اجمل استخدامأبدعتَ و أحطتَ بما لم نُحط به خبرا..
فقد تجولتَ في بساتين قصائد زميلنا
الأستاذ محمد الشروش وأهديتنا جونةً
من العطر ما انفك طيبها يعطر أهداب
الجمال،ويدق على نوافذ البهاء….
أبدعت ناقدا فذاً ،وقارئا حصيفا…
وأبدع الشاعر محمد الشروش..
ولعروبة الشمايله مديرة الثقافة في محافظة الكرك. راي في الورقة قالت فيه ان هذا قول بديع.. وتحليل متميز.. وحالة فريدة لشاعر فريد أراد قول ما أراد بحالة شعرية متميزة قدم لنا نفسه من خلالها واوصل الحديث عن غيره بطريقة فريدة.. نشتاقها اليوم وغدا
و قد صدقت، لم يكن الحزن متعلقا بالأشخاص إنّما ب العروبة وما مر به
في تعليقه قال الباحث محمد النعانعه ان تناول د. الفقير لقصائد الشاعر محمد الشروش بهذالاسلوب التحليلي الرفيع المستوى مبينا أماكن القوة ومتانة النص ورقة الكلمات وموسيقاها العذب
وقال ان ميل الشاعر للغزل والرثاء لهو تعبير عن نبض احاسيسه ومشاعره تجاه المكان والانسان والزمن في ظل ظروف عايشها الشاعر وتفاعل معها
وواصل قائلا لقد احطتم ايها المكرم الصور البلاغية والابداعية في شعر الاستاذ محمد جمالا على جمالها برمزية مرهفة
ولفت التربوي محمد التميمي الى دور مدير الثقافة د. سالم الفقير في تعزيز ثقافة مجتمعية مكينة وقال لقد تناول الورقة بطريقة أدبية ونقدية يبحث بين الكلمات والنصوص ينسج الدكتور الكلمات الرقيقة من صميم القلب وتشعر وكأنه يشاركه الوجع والألم في نبض القلب ويطوف بين الاشعار يقطف زهرة من هناء ووردة من هناك ليضع لنا الكلمات جاهزة على مائدة الشعر والأدب
كل الإحترام والتقدير أخي الكريم دكتور سالم الفقير الغني بكرم أخلاقه
ويبدو انها سنة لدى القاصة النبيلة مريم العنانزة، ان تختم برؤيتها وجليل حرفها، هذه الورقة فتقول، تحية تقدير واحترام لحرفكم الوارف، الكاشف عن المجهول بأسلوب رشيق ولغة مائزة بالجمال، لتحليل أدبي متين، بأسلوب سلس مضمن مصيب بنظرة ثاقبة...
لا أظن أنني قد أبالغ في هذه الورقة البحثية، فها هي تنسج خيوطها المتينة بجودة وإتقان، وتوظف حروفها التوظيف اللائق، ليزداد جمال الشعر جمالا وبهاء،
وقالت وما لنا نحن المتلقين إلا أن نقف وقفة إجلال لهذه المعاني المعتقة الألقة، التي بنيت على قوة ورقي النص ومتانته... طبتم وطابت نفحاتكم طيبة ندية...