الطفيلة - من عبدالله الحميدي
في الامآسي الثمينة. يندحر الليل، وتتوارى العتمات، ويهتف الشعر دون قلق، منحازا للاوطان، وللقضايا.
وفي الحوارات التي نبتت على صفحات منصة السلع، كتب الادباء عليها تقاسيم للقيادة واخرى للثقافة
فقد استهل مشرف الملتقى الوزير السابق والاكاديمي. د. فيصل الرفوع. المتواجد في كندا، الفعاليات بتحية لسيد البلاد. جلالة الملك عبدالله، وتهنئة من ملتقى السلع، ابتهاجا بعيد ميلاده الميمون.
وحيا البيت الهاشمي. واشراقات الثورة التي ظلت تكتب في الامة وفاء وسعيا للوحدة. ودعاء ان يعز الله الامة ويحفظ الوطن
وفي الاثناء خط الشاعر بكر المزايده ابياتا تغنت بقيادة الوطن، هذا نصها
في حبّ هذا الحمى في صاحب التاجِ
يعرّبِدُ العشقُ في شريانيَ التاجي
وإن تضيقُ شــراييني و أوردتــي
عضتْ على الحب أصداغي و أوداجي
كتبتُ وجدكَ فوق الروحِ بسملةً
يتلـو الفـؤادُ بها في كلِّ معراجِ
وإن تجفَّ فُصولُ العمر ِ يا وطني
سيزهرُ العمرُ من اكسيركِ الناجي
ونُوقذُ الشمسَ إن تغفو محاجِرُها
نزهو ونعلو معاً في دوحكِ العاجي
ونقطفُ المجد من نخلِ العلا درراً
نرقى صواري الرَّدى من غيرِ ادراجِ
وتكتب الاديبة الأكاديمية والمؤرخة د. فيفيان شويري، فاتحة حوارا عما يدفع الشاعر للكتابة، فقالت "لست أدري في أي كتاب فرنسي قرأتُ أن موسيقيٍّاً استمع لموسيقي آخر وهو يوقع على البيانو، استمعَ له ساعة أو ساعتين، ثم قال له: "حسبك، فقد عرفت الآن صوت نفسك، يريد أنه عرف موسيقاه وأسرارها وخواصها وما بينها وبين نفسه من صلة." (طه حسين، حديث الأربعاء، فصل 16)
فهل للشعراء موسيقى ونغمات يتعارفون من خلالها على صوت أنفسهم وصوت نفس الشعراء الأخرين؟
ويجيبها الناقد والاديب الاكاديمي في الطفيلة التقنية، د. ابراهيم الياسين، قائلا دكتورتنا العزيزة بنت الأرز الشامخة ملاحظتك قيمة نعم للشاعر نغمات وموسيقا خاصة به وقد لا يعرفها إلا هو ومن سبر روحه وغوره ومن يفهمه من الشعراء
وترى الاديبة التونسية ثريا التليلي، ان ما كتبته د. فيفيان هو من جميل العبارات ...والأجمل سؤالها...هل للشعراء موسيقى ونغمات....طبعا...هو كذلك...الشعراء يبثون ما بأنفسهم...تنطلق النغمات...يتعرفون على اصواتهم من ساعة تفجر الالهام...الى حد وصول كل " قطعة" الى المتلقي...و قد تتلاقح الأصوات...ان كانوا على نفس الوتيرة...نفس النغمة....يتعرفون على بعض...بالتعود...يألفون الصوت...يتعرفون على أصل النغمة...هذا فيما بينهم...المتلقي كذلك يعي و يتلذذ بما يصله لنقل عملية ..اخذ و رد..
ويؤكد د. الياسين ان أجمل شيء هو أن يفهم الأديب أديبا مثله وإن أدرك أنه أقوى منه فعليه أن يقر له بذلك وقد كانت هذه الفكرة رائجة في النقد العربي القديم ايهما أشعر فلان ام فلان؟ ويتحاكم الشعراء فيما بينهم ويكون للنقاد عندها رأي
والدكتورة شويري ترى ان هذا ما لفتها وهي تتابع بشغف كبير الحوارية الرائعة التي دارت بين الجهابذة من شعراء ملتقى السلع، وقدرتهم على الارتجال وما يتمتعون به من سرعة البديهة، بعيدا عن الصناعة والشعر المفتعل...
ولعل الاديبة التليلي، ترى ان اجمل ما يكون بين الأدباء...تقدير " مساحة" كل طرف للآخر...مهما كان مستوى التباعد،،شكلا او مضمونا...هذا ما يجعل لكل بصمته...و يحفزه على التفرد...ويخلق التنوع...يستفيد الجميع...
وفي مداخلة اخرى يرى د. الياسين ان الشاعر يكتب لنفسه بمعنى أنه يفرغ عما بداخله باعتبار أن الكتابة أداة تفريغ وبحث عن استقرار نفسي بعد ان تتأحج المشاعر وتضطرب فالشاعر يمتب لنفسه معبرا عما بداخله والقارئ يعيش اللحظة معه فيصله الإحساس نفسه سواء أكان فرحا او حزنا او ندبا
وها هو الشاعر ايمن الرواشدة، يفيض في المسألة فيقول، الشاعر يعبّر بما يكتب عن نفسه وما يتعلّق بها من مواقف عاطفية ويُسلّي روحَه وما يختصُّ بها من جموحٍ وجمود..
قد يتوافق ما يكتبه الشاعر مع مواقف مشابهة لآخرين ،وهكذا يمكن تقييد المغزى الذي يقصده الشاعر بالحالة النفسية للمتلقّي.
وهذا ما ذهب إليه المتنبي :
" أنامُ ملْءَ جفوني عن شواردِها
ويسهرُ الخلْقُ جرّاها ويختصمُ
و الاديبة د. شويري قالت لكن التناغم الذي لمسناه عند شعرائنا جعلنا ندخل عالمهم وحتى حرك فينا حوافز للمشاركة وان كانت تعوزنا ملكتهم والهامهم ولم نبق غير متفاعلين....
اظن ان عميد الادب العربي لديه ثمة تناقض، ووقع في الذاتية، لانه كان بمعرض النقد وليس الابداع...
ويحسب د. كامل الطراونه، الاكاديمي الشاعر فاءن الشعر حالة وجد تمتلك من يتذوق تفاصيلها فتاسره ضمن موسيقا تتناسب وحالة الوجد . فيمضي الشعر في ركابه نابضا بالمباهج والاحزان واللوعة. وتترى الصور ويهزج الخيال كل ذلك في وحدة الشكل والمصمون. وهي الوحدة التي تحقق للعمل الادبي الخلود والحياة.
وفي ذات السياق قال الشاعر بكر المزايده، يؤلمنا فنكتبه، وقد يفسر المعنى بأكثر من طريقة ولكن لن يوصف الحالة التي كان بها الشاعر عند الكتابة. وهذا ما أكده المتنبي في قوله انام ملء جفوني... وقصة ابو نواس مع معلم الصبيان عندما وقف على شرح احد ابياته وقال ابو نُواس والله ما قصدت أياً مما ذكرتكم.
ويضيف د. الطراونه معقبا ان الشعر احساس ولوعة يفيض ليسقي العطاش، وانا لا اقصد ان الشاعر يكتب لنفسه، بل الشاعر يعيش متواصلا مع بني جنسه يفيض القا وجمالا وحسا نابضا يذكي المواقف ، وعلى المتلقي اعادة التجربة وتذوقها .
وثمنت الاديبة فيفيان، ما تكتبه صحيفة راصد الاخبارية لحراكات منبر السلع وقالت عن آخر تقرير انه مفعم بذكريات قريبة العهد، تعبّر عن الحنين الى لحظات ظنناها عابرة ولحظات عبث ولهو، واذ يخلدها النص لتبقي الوجدان متقدا الان ولسنين قادمة... الف تحية لجهود صحيفة راصد..
وثريا التليلي تقول ان كان شعرا او نثرا...رواية او لوحة...أي ابداع هو من روح المقدم ...ولااااا اعتقد ولا يمكن ان يكون ما كتبه ،،،لذاته،،والا ما كان ليرى النور،،،يبقى على رفوف مكاتبهم...وما كان ابن رشد عانى ما عاناه غي نسخ و نقل ما كتبه...وما كانت لنا حرقة لحد الآن عند هتك واتلاف اي ابداع ( مكتبة القيراون مثلا)...وما كان للمعارض من قيمة ولا لأي لقاءات ادبية من معنى....ينسجون اما خيالا....او يجسدون واقعا معاشا ليس حتما ان يكون احدهم قد مر به...فهم اولا وآخرا...يمثلون..يعبرون عن غيرهم...لذلك يرى الآخر،نفسه فيما يتلقاه....
وفي ذلك قال الناقد الاديب. د.الياسين. ان كل رسام يرسم الوجه الأنثوي من وجه نظره ومن تجربته الذاتية مع الأنثى فقد يرسم أحدهم وجها جميلا كوجه الموناليزا باعتبار انه يرسم أمه او محبوبته التي يراها مثالا في الجمال... وقد يرسم آخر وجها قبيحا لأنه قد صدم من أنثى معينة.. ويرسم ثالث وجه بنصفين أسود وابيض ليعير عن موقفه من أنثى لها تجربة معه وكذا الرابع والخامس...
وفي الحوارات حول دوافع الشعر قالت الشاعرة الاردنية نبيله حمد أنا أعتقد أن الشاعر يكتب لامرأة بالمطلق
بمعنى هو يرسم وجه امرأة اخترعها ولو طلبنا من أربعة رسامين رسم وجه معين ، سيرسم كل منهم الانثى كما يراها هو بإحساسه لا بحقيقة ما يراه ، وهكذا الشعراء أيضا ، يصفون ما يريدونه هم في الأنثى لا ما تمثله حقيقتها.
ويطرب د. الطراونه، لما كتبه د. الياسين، فيقول يا للجمال نثرك دكتورنا ابراهيم.. ويا لروعة تاء التانيث الام والاخت والجدة والخالة والعمة والاخت والمعلمة..... وهي رقة وامانة ورسالة وعطف ..ويضيف. يا لجمال روعة الحس الجميل في رسم اللوحة التي تحمل المضمون الرائع واللون القشيب بخطوطها و تصميمها والعلاقات بين اللون ودرجاته
وفي الإطار اشار عميد الاداب في الطفيلة التقنية، د. سلامه ابو غريب الى ان مي زيادة كتبت للعقاد لماذا تكتب لي أنتي وليس أنتِ فأجابها يعزّ علينا أن نكسرك حتى في الكتابة
دام بوحك أبا ليث
ولفت د. ابو غريب، الى انه كان موردا عذبا لكثير من الأدباء كالعقاد وجبران الذي تبادل معها الرسائل الكثيرة ونتج عن هذه المساجلات والرسائل أدب خالد تذوقنا طعمه أفاويق في سني الدراسة في المناهج الدراسية في المراحل الإعدادية والثانوية
ويرى د. ابو غريب روعة ما كتبه الشاعر المزايدة وقال سلم يراعك أيها الشاعر العاشق
عاشق الوطن...
ما أجملَ العيشَ والأوطانُ آمنةٌ وينهضُ الفجرُ بعد ليلِهِ الداجي
فصول عمر نمت أزهار بهجتها حتى ارتشفنا زمانا عشقها الشاجي
واثنى الشاعر الرائع النائب السابق ا. محمد الشروش على ما نظمه الشاعر بكر المزايده وقال أبدعتَ أبا آدم كما أنت دائماً .
بيننا كل خير وبعض الحزن أحيانًا.
ذكًرتني بالمرحوم حبيب الزيود .
البحر البسيط والقافية المشتركة،
من سنوات قليلة خلت كتبتُ لحبيب ونشرتُ ماكتبتُ وسأعيد النشر على هذه المنصّة الرائقة والراقية إحتفاءً بما كتبتَه ونسجتَه من إبداع
والله شعرك في عمان اذكره..
غضا طريا فقد اسرجت اسراجا...
كانت ابيات الشاعر خليل الخوالده. اذ زاد، مساؤك شهد وورد.. شاعرنا الفذ الاستاذ محمد الشروش...
لطالما انشدتنا في الجامعة الاردنية من فرقد بنات شفتك...
كل الحب والتقدير.. قصيدتك هذه وطنية بامتياز... كما هي روحك التي تذوب بحب الوطن...
وتختم الاديبة المغربية امينه الجمجومي هذه الحوارات، بالقول ان للشعراء وظيفة. وهم يدافعون عن كرامة وشرف الامة. فهم اهل رسالة، ليس من محيد عنها، على مر الازمان،.
لكنها ترى ان كثيرا منهم تنكب طريق الامة. وابتعد الى حيث الهوى والملذات، والا لما عزز الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام حسان ابن ثابت. ورآه سيفا مشرعا في وجه العناد والكفر