آخر الأخبار

الورقة الخامسة لملتقى السلع تصف شهادة الزيودي على الشعر

راصد الإخباري :  

الطفيلة - كتب عبدالله الحميدي
اكدت الورقة الخامسة ان الزيودي نثر حروف القصيدة على فضاءآت اللغة. 
واشار الكاتب الاديب هاني البداينه، الى ان ادب الراحل حملته اياد منها ملتقى السلع، ليظل نابضا بين الاحيال. 

وتاليا تص ابورقة 
"حبيب، 
شاهدٌ على الشعر" 
في منتصف الثمانيات من القرن العشرين، دلفت باب الجامعة الأردنية، منتشيا بالمرتبة الأولى في امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة، على مستوى "لواء" الطفيلة آنذاك، وقد فَضَّلَتُها على الدراسة التي أتاحتها لي منحة الحكومة في روسيا وفي العراق .
لم أكن في ذلك الوقت، سوى فتى غض الإهاب تَسَرَّبَ من الازقة والحواري في الطفيلة ونواحيها إلى الــــــــ  MilkBar  والـــــــــSQUARE ، وهي مناطق خاصة لا يقترب منها من حمل كتبه في حقيبة صوف ولم يُحِطْ عنقه بطوق ذهب ولامعصميه بأساور، أمّا أولئك الذين كانوا قد نفضوا غبار الحصائد عن كواهلهم، فموطنهم ممرات الآداب والدوار الذي أنشأت الجامعة عليه برجا للساعة في سنوات الدراسة الأخيرة.

أتاح لي الفضاء الجديد، فرصة تحرير المردة المربّطين في ثنايا النفس، فصرت في عامي الجامعي الأول محرراً لدورية أنباء الجامعة، ورئيسا لجمعية اللغة العربية وقد اتخذتْ الجمعيات الطلابية الشكل القديم للاتحادات، ثم عضوا في نادي الخط العربي وجمعية الخدمة العامة، لكن الوصف الأحب لقلبي، أنني كنت تلميذا للأستاذ الدكتور خالد الكركي، وقد درست على يديه الأدب الحديث، وسمعت من سحره وبلاغة قوله في كل المساءات الجميلة، وذهبت إلى باب المعظم معه في المعلم ليوسف الصائغ، واعترتنا من الزهو رعدة، وهو يشدو، هي سبّورةٌ عرضُها العمرُ تمتدُّ دوني..وصفٌّ صغيرٌ بمدرسةٍ عندَ (باب المعظّمِ) والوقتُ بين الصباحِ وبين الضّحى، ثم أتاح لي التحفيز المضطرد، امتطاء منبر القاعة ذات مساء متحدثا عن روّاد النهضة الحديثة لمارون عبود، معية نخبة من الزميلات والزملاء.
في كل هذه الطرق، كان حبيب الزيودي، أيقونة الآداب. لقد شكّل مع مفلح النمر الفايز وعطالله الحجايا وعلي يعقوب سلامة وطارق مكّاوي، فريق اللهو في الكفتيريا، وقد شهدت طاولاتها في الشتاءات الباردة، أصبوحات ومساجلات، فيما كان مدرج الخليل بن أحمد في الآداب،  منصته العالية، ومرقاته المتقدمة.
كثيرا ما حدّثنا عن حبيبته في العالوك، عن حياته في تلالها والسهول، وقد ألمح إلى خيبته المبكرة حينما ألقى الأسى في أول دواوينه، الشيخ يحلم بالمطر، معذبتي كبرنا، والمواعيد الكثيرة بيينا انطفأت، ظننتك عندما كان الموج يمضغ قاربي مرفأ، فقلت أضمها أروي جفاف القلب ألثمها، ثم انتهى إلى أنها لم تأت، لأن الحب في العالوك، كالإلحاد في مكة.

 كانت اشعاره قد تجاوزت حدود الوطن، ونثرت حروفها الذهبية على ضفاف اللغة ومرافىء البلاغة، وكان أحد أربعة أو خمسة، كنتُ منهم، يجتمعون في مكتب الدكتور خالد الكركي كل ثلاثاء، وعلى طاولة النقاش، مقاله في الرأي في اليوم التالي..
قرأ لنا حبيب عن حمدان الهواري صديقه الراحل، شعرا كأنه الدمع بل هو الدمع، فقال، «ولا شيء أجمل من شارع السلط تسكب عمان فتنتھا في المساء
فتملؤنا أنجماً ونساءا
وحمدان مبتسماً یتجَّول
لكنَّني كنت ألمح خلف ابتسامته وجعاً غامضاً وبكاءا
وأقرأ في وجھه  ما یحیل الغناء عناءا» 
وقرأ علينا في الرأي العزيزة، في حضرة خالد المحادين وأحمد المصلح، المؤابي لخالد الكركي، ما زلت أسعى والشموع خوابي، وأشد للصبح البهي ركابي….. أنا يا مؤاب على يمينك عاشقٌ، فترّفقي بالعاشق الجوّاب، كحّلت من هذا التراب قصائدي، وعجنت من طين الجنوب ربابي، لُمّي شتات قصائدي فلربما، أضحى صباح المدلجين مؤابي، وقرأ فيما قرأ  مرثية فراس وقصيدة وصفي وأنشودة صايل الشهوان،  ولحابس قال : 
إلك  كانت يا عذب الطول طلات
علامك غبت والدنيا تشارين
إلك كانت مع الايام ثارات
يشيب هولها روس السلاطين
الك كانت على الفرسان صولات
ترج بعصفها أركان الميادين
وإلك كانت يابو الشومات شومات
عليها زغردت مريوشة العين
إلك من قدر ورفيفان عادات
تساهر نارها دلال وفناجين
توارثتوا المكارم ذات عن ذات
وتقاسمت المفاخر يالعزيزين
أخو خضرا وفا وملفى معازيم
وبيتك عالندى والجود عمران
عقيد محجله تلعب مع الريح
سنابكها شرر في كل ميدان
وسيبقى حبيب، شاعر اللغة والحب والوطن، الذي يمسك بهامة المفردة ويجرها عنوة لتخرج، قصائد مغنّاة ومشاهد حزينة لمفتتح الكلام في الحب وفي الوطن

واذكت الحوارات تفاعلات حيال الزيودي، قال فيها الاديب احمد الحليسي انها مقدمة سردية جميلة عن جيل المعاناة والتعب، الورقة لغتها جميلة وذكريات متميرة مع فطاحل الشعر والأدب، وشعر جميل وذكر لشاعرنا الراحل حبيب الزيودي.

وكان في اللثناء ذكر لقرية السلع التي يحمل الملتقى اسمها، قال فيها الشاعر محمد الشروش، 
للسّلعِ من نبض ِالحروفِ سلامي
    والطّيبُ يُغني عن عبيرِ كلامي 
الطيبونَ المسْرجونَ خيولَهمْ 
   كانوا هنا مع رقّةِ الأنغامِ  
تأتيكَ من كلِّ الجهاتِ وترْتقي 
     ريحُ الخزامى 

واستكمل قائلا سلمتَ أخي هاني بك وأنت تعيدنا إلى هذه الذكريات الجميلة. وتذكرنا ، ونحن لاننسى بكوكبة الزملاء الأصدقاء الشعراء فرسان الآداب وفرسان الجامعة وأمسياتها ونشاطها وألقها وما تركت من أثر .

وفي عجالة قال الاعلامي الاديب د. عبدالمهدي القطامين "سلم البوح ابا احمد ...وصف دقيق لمن لوحتهم شمس الحصاد حتى ولجوا بوابات الجامعات...وحبيب الحبيب الذي ارهقه الشعر حتى اسلم الروح ...ذكريات جميلة ...مرة...مالحة لكنها لن  تعود رغم الحنين اليها

وللناقد الاديب والشاعر والاكاديني د. خليل الرفوع ما يقول، اذ يرى إن الشجى يبعث الشجى، وقال ذكرتني بالأصدقاء مفلح الفايز وعطالله الحجايا وطارق مكاوي هم ما زالوا فتية الصعلكة وذؤبان الصحراء ومردة الأمسيات. 

واشار الى ان   كلمات الكاتب كانت شهبا ريانة النور، تتماهى مع شعر ألقى في الوطن غيثه، لم يتكلف حبيب  الكلمة ولم يتصنع القصيدة ولعلي أقول إن القصيدة تكتبه كما تكتب شاعرا تلامس قامته قامة حبيب وهو محمد الشروش، فحبيب الزيودي  ومحمد الشروش يعزفان معا على وترين فيهما ملح الأرض ورقة الكلام وعفوية النغم.

ويستهل الشاعر بكر المزايده تعقيبه على الورقة شعرا فيقول
الشعرُ  يسكبُ  حزناً  من  مآقيهِ
"لا كنت يا شعرُ لي أن لم تكن فيه" 
هذا  حبيبٌ  قوافي  الشعر  تعرفهُ
والمفرداتُ   نسيجٌ   في   أياديهِ
والحرف ُ ذاب على  أوتارهِ  نغماً
وانْصبُّ في مسمع  الدنيا  قوافيهٌ

وقال ان الكاتب ابدع في تجسيد هذه الذكريات 
الجميلة بصورة مشوقة أعادتنا إلى ذكريات
الجامعة بحلوها ومرها، ورحم الله حبيب 
الزيودي. وأدام عليكم جلابيب العافية. 

ويراها د. راتب السعود، الاكاديمي والبرلماني، كلام جميل وذكريات رائعة
وقال رحم الله حبيب 
وسلمت يمينك على ما خطته في هذه الورقة الرائعة

ويرى الاديب البداينه في خضم الخوارات، إفراد مساحة على هذا الفضاء لعرض تجربة الشعراء والادباء  الشعرية المميزة، ذلك ما سيتوجه له الملتقى قريبا. 

 وحيا الشاعر ايمن الرواشده الكاتب وقال تحية لسيد الكلمات وناظم أطواقها .. وعاقدِ ما بين حاجبيها.. 
تحية للذي يكتب والمعاني وراءه كفرط الجمان ..
تحية للذي ألّف ما بين الشعر والنثر في مُذهّبةٍ كان مدادها ( حبيب ) وكاتبها حبيب.. 
مثل هذا وإلا فلا.. 
طبتَ أبا أحمد كاتباً و أديباً ومرهفاً ولبيباً ..
وطاب الأمسيّات بك وبروح الراحل الذي ما انفكّ يحضر معنا  ويحتفل بنا قبل أن نحتفل به.. 
ولن يموتَ أديبٌ بعدما رحلا.. 

ويتغنى الشاعر هشام القواسمة، بلغة الكاتب ويقول ما أجمل لغتك يا صديقي هذه اللغة التي تنحاز إلى الشعر بجمالها وعذوبيتها ورقتها. لحبيب الرحمة والذاكرة التي لا يطالها النسيان..

وللدكتور ابراهيم الياسين، الاديب والاكاديمي رؤيته للمادة، فيقول ما أجمل هذا الصوغ المعتق بذاكرة الحنين وحنين الذاكرة! المتشكل في عبق مكان الحب وحب المكان حيث يجتمع الإنسان والمكان والزمان في أنشودة مضمونها الألفة والتلاقي والتثاقف وعزفها الأثير عشق الوطن والانتماء لأهله وقيادته ... ما أروع الذكريات العذبة بصحبة الأحبة في حضرة الأدب والنقد! سلم بوحك أيها الوفي

وهي في عيون التربوي محمد التميمي، من خلال عنوانها "شاهد على الشعر "تتحدث عن أولويات دخوله الجامعة الأردنية  ولقاء الاحبة في "ميلك بار" وتجمع الثقافات والمجتمعات يحملون القليل من الكتب ودفاتر المحاضرات لكن معهم الكثير من الرجولة والانتماء 
التقى مع الشاعر في تلك الأجواء الجديدة الجميلة لكل من عاشهاوكيف انه اصبح محررا لدورية "انباء الجامعة"  سيما وانه كان تلميذا للدكتور خالد الكركي كل هذه جعلته محبا وعاشقا للادب والشعر والشعراء والمثقفين 

ويصف مدير الثقافة د. سالم الفثير، متعته بالورقة ويقول أمتعتني جدا بما أجدت، ولا سيما أنك ممن تمرَّس الكتابة وشاب عليها... كلما قرأت لك وجدت نفسي قريبا جدا من بوحك...
رحم الله حبيب الزيودي؛ فقد ترك لنا مساحة من المحبة والقراءة.
أبدعت أيما إبداع.
ويعلق الباحث محمد النعانعه قائلا  ان شعر حبيب شاهد على انه ابن الارض ومحورها وان شعره شاهد عليه بأنه عاشق الارض ومحب القيادة والمتفاني في صنع المستقبل الافضل الذي يريد رغم حسد الحاسدين وعبث العابثين والعوز والحاجة  والتقليل من الشأن واغتيال الشخصية كباقي اقرانه من قرى الاردن العزيز البعيدة عن العاصمة