آخر الأخبار

غيم على العالوك قراءات وحوارات لملتقى السلع في الورقة الرابعة

راصد الإخباري :  

الطفيلة - من عبدالله الحميدي


حملت الورقة الرابعة قراءة في قصيدة " إن الحياة جميلة " قدمها د. خالد البداينة من جامعة الطفيلة التقنية على منصة السلع. 

وفتحت الورقة بابا للحوار. تناول فيه اعضاء الملتقى، ما جاء فيها، بالنقد والتحليل، ونالت الجانب الاكبر من الثناء

وتاليا نص الورقة التي اعدها د. البداينه، والدكتور احمد الحراحشه من جامعة آل البيت
 من ديوان الشاعر حبيب الزيود غيم على العالوك
إن الحياة جميلة
لنا فيها بيوت 
والبيوت بها نوافذ
والحياة جميلة حتى لو كانت نوافذها الوسيعة
لا تطل على أحد
    انطلاقا من العنوان وشعريته الذي جاء جملة  مؤكدة بحرف التوكيد" إن " تعقبه جملة اسمية  مرتكزها الحياة التي وصفها بالجميلة رغم كل المحن ورحلة الهم التي رافقت حبيب الزيودي 
تعكس هذه الجملة حب الشاعر للحياة والوطن ، أننا أمام  قصيدة تعكس روح الشاعر المنكسرة  من كثرة حاسديه  الذين غالبا ما يرافقون الشعراء المبدعين .
      إن مضمون القصيدة ينحصر في تجسيد الشاعر لحالته النفسية وإحساسه بالموت  ذاك المصير الذي أقلقه ، وكذلك نظرته للحياة التي يعكر صفوها  أولئك المنافقين المتزلفين وهي آخر قصيدة قالها قبل موته  .
لقد اختار تفعيلات البحر الكامل لتناسب حالته الشعورية لما في هذا البحر من تناسب للحزن     
وراح الشاعر يكرر اللازمة الشعرية(  إن الحياة جميلة ) مستحضرا لازمة أبي ذؤيب الهذلي (والدهر لا يبقى على حدثانه)  في عينيته  المشهورة التي مطلعها :
أمن المنون وريبها تتوجع        والدهر ليس بمعتب من يجزع  
لقد كرر لازمة ( ان الحياة جميلة) ست مرات ليعبر عن بهجته في قريته في العالوك التي يراها جنة الله في الارض  لكن الدهر لا يبقى على حدثانه فسرعان ما تأتيه صحوة ما قبل سكرات  الموت" وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد" سورة ق 19
لقد اضفى تكرار هذه اللازمة جرسا موسيقيا على جو القصيدة الحزين الذي ينبئ باقتراب الأجل الذي يشعر به الشاعر وكذلك جاء تكرار حرف الدال موحيا بقلق المصير الذي يقلق الشاعر فهو حرف من حروف القلقلة رغم انه يظهر تماسكا وتجلدا ليغيض به الأعداء يقول :
لا بد من يوم  يجيء
ولن تراني غاضبا متبرما 
عشت الحياة كما يليق بمرها وبمرها 
وكما يمر السهم من جسد الغزال مررت
وحدي كنت في برية الدنيا
 ولكن الرماة بلا عدد
ما زالت قضية المصير تسكنه راضيا بالموت متقبلا لفكرته ، فهو يرى أن الموت خير من الحياة المريرة التي عاشها دون أن يذوق طعما لحلاوتها فاليتم والغربة والاغتراب ومقارعة الخطوب وتحمل الأذى من الخصوم الذين حاربوه حتى في لقمة عيشه صور جميلة رسمها بريشة فنان مبدع ؛ فسرعة الموت لم تمهله طويلا والرماة يطلقون سهامهم صوب مقتله.     ورغم هذا كله يحاول ان يقنع قلبه بأن الحياة جميلة حتى لو ألقتك في مهاوي الردى وفي مرمى سهام العدا ، فقد شاب قبل أوان الشيب والشيب نذير الموت ورغوة الشباب في معترك الحياة وقد جاء الشعر طوع يديه ولم يعانده ذات يوم ثم يظهر حزنه على موت أمّه نبع الحنان يقول :
ما كانت الأيام عاقلة  لأنشأ عاقلا 
ولا أمّا  لأسكن سرّها وأشم أيامي 
     إنه اليتم رمز الضياع ، والقمح خصب ونماء حين كان مع الحراثين والحصادين والأم رمز للوطن الذي يحمل عشقه رغم جوعه ،الذي حمله على بيع شِعر بخبز فأهل الأدب يعضهم الدهر بنابه ويكويهم بحرارة جوعه الملهبة.
 ومن الصور الجميلة قوله"
إن الحياة جميلة 
حتى ولو كانت الأربعون تمد لسانها
    وجميلة حتى لو الجمر ابترد
 وجميلة حتى ولو كثرت خساراتي 
ولو لم تعطني امواجها الا الزبد وجميلة اذ اشتري فيها الضلالة بالرشد
    مات الشاعر في ربيع العمر فالصورة تعبر عن العمر الذي خالطه الشقاء، فالسنون كأفعى تمد لسانها ، وتطل برأسها على هذا الشاعر الذي يستحضر الموت كمالك بن الريب  حين رثى نفسه قبل موته ، وهذ يدلل على وهن الشاعر وضعفه أمام المصير الذي باغته ولم يمهله رغم رجائه الموت بأن يمهله ؛ لأن في روحه وفي وجدانه فيض خواطر تجاه الحياة والوطن. 

   أرجوك لا تأت غدا  أو بعد غد
لي اصدقاء لم اقل يوما  لهم
لموا ابتسامات الزجاج
أفقت من وهمي   ولم يعرف دمي أحد
ولم أعرف أحد 
أرجوك لا تأت غدا أو بعد غد
 ولو تعمقنا  في معاني هذه القصيدة لوجدنا معنى  محتجبا في  قلب الشاعر لوجدناه متألما حد فيض الدمع  على الوطن  الذي تغزوه الذئاب  لتنهش جسده  المتعب ، فالشاعر  مجروح الفؤاد في محبة الوطن ، ومسقط الراس العالوك جنة الله على الأرض كما يحلو له القول ، إنه ألم الوعي وألم الحب وألم الفراق الذي يشعر به وكأنه قارئ كف . 

في الأبيات السابقة يهادن الموت لعله يمهله لوداع أصحابه  لكن هيهات هيهات .
كن راضياً يا قلب
إن الرحلة اقتربت
فلا تجزع على أحد
فقد عشت الحياة جميلة
فيها بيوت
والبيوت بلا نوافذ
   إن اختتام القصيدة سمة اسلوبية  تختلف من شاعر إلى آخر، فحبيب كان موفقا في خاتمة قصيدته إذ يصور  ذاته  في القصيدة متلهفة  مشتاقة نحو حياة خالية من الأحزان والأشجان ويهدئ روع قلبه من القدر المحتوم ، فلم يعد هناك من يأسف عليهم فهو يودع الحياة راضيا قلبه غير نادم على حياته التي أغلق نوافذها المشرعة ليموت غريبا  وما أمر موتة الغريب.

هذه وقفة مع شاعر الأردن   كانت أشبه بقبسة العجلان 

وحيا الاديب احمد الحليسي د. البداينه على هذه الورقة عن الراحل حبيب الزيودي وانعكاس حالته النفسية على شعره، وذكره للموت وتعلقه بالحياة، ذكرتني بابي القاسم الشابي والذي مات شابا، وهو يخاطب الموت.. ياموت قد مزقت صدري. وقسمت بالارزاء ظهري، واكاد اقول ان من همه الوطن من الشعراء لا يعيش طويلا، مثل حبيب والشابي والسياب وتيسير السبول،  
وعدها رئيس الملتقى معالجة رائعة لنص شعري، لمن عارك الحياة.
ولم تهدا له نار
بل كما في الورقة. ظل حبيب مشحونا. بالامل.
ثم بامعان الى مصير
يقترب مع المشيب
لكنها روعة الشاعر حين يختار الارض
 والانسان هدفا
تغزل دون ملل،
وقبل الهوية
دون انحياز. 

واثنى الشاعر محمد الشروش على  القراءة العميقة لقصيدة شكلتها الصورة والإيقاع واللوازم اللفظية، عمق في التحليل. بورك صنيعيكما.

 وكتب الشاعر محمد الشروش تقديره للملتقى وقال، كان من حسن الأداء وروعته  لقائد هذه المجموعة ومؤسسها ورائدها وصاحب فكرتها وراعيها بقدرة واقتدار ومهنية صحفية وأدبية أن رفد هذا الملتقى بالأساتذة الأجواء أصحاب الأقلام المضيئة من أهل البلاغة والنقد والدراية.
شكرا لهم جميعا على أوراقهم الجميلة
وأدبهم الجميل
فيما تساءل الساعر د. عاطف العيايده. كم هي جميلة التفاتة الدكتور خالد لرائعة من روائع حبيب، تحليل حصيف، ومنهجية قويمة تنم عن ذائقة أدبية رفيعة المستوى...

ووجدها الاديب هاني البداينه قراءة وافية أحاطت بقصيدة الشاعر من زوايا التحليل، وأبرزت في ثنايا الولوج إلى مرامي القصيدة وغاياتها، نفس الشاعر التي تأبى سوى حب الحياة. 

كما اضاف انها أشارت إلى الرمزية التي أوغلت فيها القصيدة حيث ( اليتم رمز الضياع ، والقمح خصب ونماء حين كان مع الحراثين والحصادين والأم رمز للوطن الذي يحمل عشقه رغم جوعه ،الذي حمله على بيع شِعر بخبز فأهل الأدب يعضهم الدهر بنابه ويكويهم بحرارة جوعه الملهبة.).... 

ووصفها بالقراءة النقدية الحصيفة لمعلمنا واستاذنا الدكتور خالد البداينة، وقد جاد علينا برؤيته الثاقبة وتحليله العميق..

وفي قراءته للنص قال الاكاديمي عميد الاداب في الطفيلة التقنية د. سلامه ابو غريب، إن دراسة الأعمال الأدبية وفق المنهج النفسي يمنحها روحا وكيانا يجعل المتلقي يعيش تجربة الشاعر أو الأديب وهذه الورقة أجاد مبدعاها في رسم حدود الموت واليأس كما اتقنا فن التماهي في أثر النفس البشرية في تلوين النصوص الأدبية بتموجات التجربة  النفسية الإنسانية التي ترى في كل ما حولها خطرا على وجودها بل تحولت الأشياء إلى مصادر خطرة تهدد كيانها...

ولفت الى انها  إنها آخر أعمال الراحل فقد شمّ فيها رائحة الموت والرحيل رغم تمسكه بجمال العالوك وعليل هوائه ...
وحيا  للمبدعين الرائعين في هذه القراءة المعبرة عن نفسية الشاعر الراحل من خلال هذه القصيدة التي ختم بها مشواره الأدبي. 

و بدا  الشاعر ايمن الرواشده، ألاعتذار عما وصفه بالتقصير وانشغاله في هذه الأيام التي تشبه الأيام الأخيرة من حياة الراحل ( حبيب ).. فهي مرهقة مقلقة متعبة..  يكثر فيها الجلوس مع النفس  لاستقصاء الدروس..

وقال، لا يفوتني أن أشكر لراعي الندوة عطوفة رئيس جامعة الطفيلة التقنية الأستاذ الدكتور محمد خير الحوراني على فتح نوافذ جامعته وأبوابها للمتألقين.. 

والشكر قال لعميد الملتقى الأستاذ غازي العمريين..  والشكر الموصول لأستاذي الدكتور خالد البداينة على هذه الورقة البحثية والتحليلية التي سبرت أعماق القصيدة واقتنصت الدرر اللفظية والمعاني الجميلة بعيدة الأثر والرؤى والتطلعات التي كانت تعانق شوق الحياة في مرثية حبيب .. فلسفة جميلة تربط الإنسان بالمكان وتُعِدُّهُ لعبور بوابة الخلود  التي يرى فيها الشاعر راحته وغاية مقصده..  كل التقدير والإجلال لك أستاذي المبجل دكتور خالد.. 

وفي تعليقه اشار التربوي محمد التميمي الى ان د. البداينه قدم عنوان لورقته "غيم على العالوك " وذكر فيها اننا أمام روح الشاعر المنكسرة من النقاد والحاسدين قام الدكتور أبو قيس بتحليل القصيدة أدبيا  واجتماعيا ونفسيا لحالة كان يعيشها الشاعر
بوركت دكتور على هذه الاطلالة  مع تقديري واحترامي لك
وقال الشاعر بكر المزايده، اجدتَ د. خالد في هذه الورقة والتي غصت من خلالها الى اعماق قصيدة المرحوم حبيب الزيودي"ان الحياة جميلة" واستخراج مكنونات ما خبّأ الشاعر فيها من درر أضاءت سماء القوافي والكلمات. حفظكم الله، وأعتذر عن عدم الرد لانشغالي اليومين الماضين. وكل الشكر لأبي أيمن الذي اضاف الى الملتقى قامات أدبية متمرسة في الأدب واللغة والنقد،لنهل من معين علمها.                          
د. حسام الطراونه قال انه  تحليل رائع بكلمات قليله جلية المعاني 
كل الفائده وجدت 
بطريقه قريبه للقلب 
والعقل،،،
كل الشكر والثناء للدكتور خالد 
والشكر الموصول 
للأستاذ ابو ايمن
والتوفيق والنجاح للجميع

 وفي مداخلته قال راعي الندوة، ان لم تسعفني معرفتي الادبية و النقدية بالتعليق على الأوراق التي قدمها ارباب اللغة و الادب فارجو ان تسمحو لي   باطلالة خجولة لاحييكم  و ابارك جهودكم و أشد على أيديكم.
بارك الله هذا الجهد الأدبي و الثقافي و  الفكري الرائع و دائما الى الامام باذن الله.

وافتتح الاعلامي د. عبدالمهدي القطامين تعليقه بالقول ان الحياة جميلة ....كأن حبيب اراد ان يقول غير ذلك فمن عرفه في سنواته الاخيرة كان يدرك كم يعاني مم مواجهات خاسرة ...وطنية وشخصية ..

واستطرد قائلا كأنه ادرك حقيقة الموت المقترب مع رغبة عارمة في الحياة ...

وقال ان د. خالد البداينه ورفيقه ابدعا  في ابراز ملامح القلق تلك في نص حبيب عبر مقاربة لغوية دقيقة لخصت قلق الدال في تراث الشعر الشعري على الرغم من اتكاء شعراء كثر على حرف الدال كقافية صابية متصابية كما في ...ليت هند انجزتنا ما تعد ....تبترد ...الخ 

في المجمل قال انه سعيد جدا بالنقلة النوعية التي برزت في هذا الملتقى بعد ان حل فيه ضيوف اعزاء معتبرين لهم وافر الحضور نقدا وتحليلا .

 تحليل عميق وكأنك تعيش حالة الراحل وشعورة حين تكتب ود احمد حراحشة  مع تميز في اسلوب الكتابة يدفعك لاتمام السطر الذي يليه ..


                                                وفي تعليقه قال التربوي صالح الحجاج. ان الكاتب أبدع في اختيار القصيدة الأخيرة ولم يكن الاختيار عبثيا وانما لتسليط الضوء على مرحلة صعبة من حياة الشاعر الزيودي والتي عكست الحياة النفسية للشاعر  من عنوانها التفاؤل"إن الحياة جميلة"ولكنها داخلها الألم والاحساس بدنو الاجل، ورغم ذلك لم يتنازل عن حبه لوطنه "العالوك".                                                                                                                                                              والخلاصة كما ىقال، فقد أجادا في استعراض هذا الموضوع وذكر تفاصيل مؤلمة ومؤثرة في حياة الشاعر الزيودي باسلوب مختصر رائع وكلمات جزلة استطعت من خلالها إيصال الواقع بصورة واضحة ودقيقة. 
                                                                                                        واتقدم بجزيل الشكر للأخ عميد الصحافة والاعلام في محافظة الطفيلة الأستاذ غازي العمريين  وهو صاحب فكرة الندوة عن الشاعر حبيب الزيودي كما اشكره على جهوده الكبيره والمتميزة .                                                              
حقا ان الحياة جميلة، وفق الباحث محمد النعانعه. وان اجمل مافيها الانسان الخير المعطاء والذي نجده يتكرر في شعار المرحوم حبيب بعدة صور فتارة هو القائد الرائد والجندي والمعلم والطبيب والحراث والراعي والاكاديمي والبطل وتارة اخرى هوالانسان الحاسد الواشي المتملق الانتهازي الرويبضة  الناكر للمعروف والحاقد على المجتمع

 لقد تعب شاعرنا تعب ابناء الحراثين ممن ابدعوا  وهو الحال الذي عاشه  حبيب الزيودي في العالوك، مثلما  تغزل بالوطن وقيادته الحكيمة وشعبه الابي

وشكر مدير ثقافة الطفيلة د. سالم الفقير للدكتور البداينة على ما تفضل به ووقف عليه من تجربة الشاعر حبيب...

 وقال ربما اختيار قصيدة "إن الحياة جميلة" يعكس حالة الشاعر إذا ما كانت الدراسة تحذو حذو المنهج النفسي، وهنا يمكن للمتلقي أن يجد بين مفردات القصيدة ما هو أكبر من ذلك...

 العالوك وعمان وكل مناطق الوطن كانت تعني لحبيب أشياء كبيرة، وربما جعل منها رمزا للمحبوبة والمعشوقة وغيرها...

ولفت الى ان وقوف د. البداينة عند العنوان والموت والحالة النفسية للشاعر يضع المتلقي أمام الإطار العام لجزئية من جزئيات حياة حبيب الزيودي.

وكتب الاديب والناقد د. ابراهيم الياسين قائلا "بوحك يدمي الفؤاد، وأنين كلماتك موجع كناي حبيب، وحزن خاطرتك ينساب بروحي كنسياب قوافي الزيودي وإيقاعاته" 

وقال إنه رحيل مبكر وسريع لقامة شعرية نقية السريرة، مرحة الحضور، عذبة العشرة، لكنه والله رحيل قسري، وليس بأيدينا أن نرحل بلا عودة؛ لأنه قدر الله الذي نؤمن به ونستسلم له طائعين...

 وختم بالقول" سلام عليك أيها السموءل، وسلام على وطن تنازعنا عشق ترابه"...