قراءة في قصيدة "عودي ناقصٌ وترا". كانت محور نقاشات على منصة السلع، للدكتور ابراهيم الياسين
وفي الندوة السابعة لملتقى السلع، كان الراحل الشاعر حبيب الزيودي، محور الندوة، لكنه في الورقة الثانية يراوح بين
(لحظة الانتظار او الانتحار)
وتاليا نص الورقة،
تحاول هذه الدراسة الوقوف عند هذه القصيدة، وهي ضمن ديوان الزيودي الأخير الموسوم بـ" غيمٌ على العالوك"؛ لنتبيّن طبيعتها، وأبعادها المضمونية والفنية.
النص عالم مغلق أو كون متعدد الأضلاع والأبواب على حد تعبير جان كوهن، لذا فإنّ القارئ بحاجة ماسة لوجود نوافذ تدخله إليه، وما العنوان إلاّ الباب الأوحد لذلك؛ باعتباره وسيلة الاتصال الأولى بين المبدع والقارئ؛ ولذا يجب الوقوف عنده، ومحاولة تفكيكه لما لذلك من دور بارز في الوصول إلى المضامين. فالعنوان" تحديد لاتجاه القراءة، ورسم لاحتمالات المعنى وقد سعى الشاعر الحديث، في أكثر الأحيان إلى أن يكون عنوان القصيدة تفسيرياً: يجسد معنى القصيدة أو يختصر حكمتها"، وهو "ذو محمولات دلالية، وعلامات إيحائية شديدة التنوع والثراء، مثله مثل النص، بل هو نص موازٍ، كما عند جرار جنت. وإذا كان النص نظاماً دلالياً وليس معاني مبلّغة، فإنّ العنوان كذلك نظام دلالي رامز له بنيته السطحية ومستواه العميق مثله مثل النص تماماً"،
فعنوان القصيدة "عودي ناقص وترا" يحمل علامة سيميائية سالبة؛ إذ إنّ العود وهو رمز للأنيس، والجليس، ومفرّج الكرب، والفرح قد نقص وتراً، وهذا النقص فيه يكرّس منذ مفتتح النص حالة الفقدان والخسارة، أي أنّ الشاعر يريد البوح بأنّه فقد أحد جلسائه وندمائه ومؤنسيه، فما حالته بعد هذه الخسارة؟ وكيف سيتحمّلها؟ ومن فقد؟ وما قيمة المفقود عنده؟
لقد بدأ حبيب القصيدة بمقطع استهلالي تكرر ست مرات على شكل لازمة شعرية تفصل بين مقاطع القصيدة كلّها من مفتتحها إلى منتهاها، حيث يقول: أنا ابنُ الأرضِ،
وابنُ الغيم
نايي زائدٌ ثقباً
وعودي ناقصٌ وترا
وهذا التكرار له دلالة إيحائية يريد الشاعر أن يؤكّدها لدى القارئ، ويقصد من تكرارها إلى بيان أهميتها في بنية القصيدة وعلاقاتها المتشابكة؛ لأنّها تُشكّل محوراً تعبيرياً بارزاً فيها.
والتكرار الاستهلالي كما يقول محمد صابر عبيد "يستهدف في المقام الأول الضغط على حالة لغوية واحدة، فينتج عنه بعدان منسجمان: أحدهما صوتي إيقاعي/شكلي، والآخر دلالي معنوي/مضموني". وهذا التكرار المقطعي الذي جعله الشاعر فاصلة بين مقاطع النص إنّما يأتي لتكملة المضمون، ولرسم الصورة؛ لإثارة القارئ وتوجيه ذهنه نحو الصورة المستحضرة لخلق ما يسمى بلحظة التكثيف الشعري بين المبدع والمتلقي. فالشاعر ينقل أحاسيسه ومشاعره عبر مؤثرات تنبئ بحدث محدد.
إن ناي الشاعر قد زاد ثقباً، والناي آلة نفخ شرقية حزينة، ويرتبط غالباً بالليل والقرية، إنّه غاب مثقوب، وصوته شجيّ، فهذا الناي الذي يعود للأنا قد زاد ثقباً، فأحدث في الذات الحزينة شجناً ممتداً، ولوعة متصلة، كما أنّ عوده قد نقص وتراً، والعود رفيق الإنسان العربي منذ القدم، وجليسه، ومؤنس وحدته؛ لتجاوبه مع طبيعته ومزاجه، فهذا العود الحبيبي رمز الأنيس والجليس قد نقص وتراً، فأحدث جرحاً غائراً في أعماقه، فهو لا يتوقف عند تجسيد مشاعر الحزن والألم والشجن المصاحبة لصوت الناي فحسب، بل إنّه يضيف لذلك رنة الندب والالتياع، التي تبرز حزنه العميق، وألمه الموجع في أنّات النحيب والحرقة على الراحل.
لقد عبّر الشاعر من خلال تكرار اللازمة عن موقفه بتضافر مجموعة من الأصوات والدوال المتداخلة، التي تعبّر عن وجعه، وحزنه، وألمه، وهذا يتبدى في قوله: "نايي زائدٌ ثقبا، وعودي ناقص وترا"؛ إذ إنّ الزيادة والنقصان هنا تتحدان للتعبير عن عمق الفاجعة. وللتكرار هنا دلالة نفسية "حيث يفرّغ الشاعر حاجاته ومشاعره المكتوية ليعيد التوازن إلى حالته الطبيعية".
وقد شكّل تكرار هذه اللازمة في نهاية كل مقطع شعري صراعاً عميقاً على مستوى بنيته الداخلية بين الحضور والغياب/والفرح والحزن/والأنس والوحدة.
ومن هنا جاء محملاً بطاقة دلالية وإيقاعية معاً؛ لأنّ الإيقاع كما يقول جان كوهن "يجيء من تردد زمني يمتّع الأذن برنينه، ولا يسمى البناء بناء إيقاعياً إلاّ إذا اشتمل على تردد ولو بقوة". وإنّ التضاد بين زيادة الثقب في الناي/ رمز الحزن والألم ونقصان الوتر في العود/ رمز الفرح والأنس والسعادة، يعمّق الإحساس بمرارة الفقد، والشعور بهول الفاجعة، فزيادة ثقب الناي فاجعة، ونقصان وتر العود فاجعة أكبر وحزن أشد.
لقد كان حبيب مسكوناً بعشق الوطن، ومنصهراً روحاً وجسداً بذرات ترابه، وكان محباً لأهله، وحاملاً لهمومهم وأحزانهم وأوجاعهم، ومنتمياً لأمته العربية. كيف لا وهو ابن الأرض، الذي يعرف تضاريسها كاملة بسهولها وجبالها وتلالها وأوديتها، وهو ابن الغيم، الذي يعرف مواعيد المطر وأماكن الماء، إنّه الراعي عازف الناي، الذي غازل الأرض، والشجر، والحجر، والإنسان، وراح يزرع الأرض قمحاً، ويعزفها مطراً؛ ليبثها الحياة والخصب والنماء، كي تبقى خضرة ندية معطاءة. حيث يقول:
حملتُ سفوحها في السنديان
نزفتها لحناً على الوديان
ثم عزفتها مطراً
وألّفتُ القصائد
لا كلام ولا هيام
وإنّما ألّفتُها قمحاً يفيض على السيول
ووضعتها سفحاً يغيض على الوعول
وعندما يرى الشاعر وحشة المكان وقسوته ممثلاً بسدوم تلك القرية، التي خُسفت بأهلها بسبب تغيّر عاداتهم الاجتماعية، وانتشار الفساد والظلم والطغيان؛ يزداد إصراراً على التعلّق به، والانتماء له، والسهر على خدمته، ومحاولة التغيير نحو الأفضل، حيث يقول:
أنا ابن الأرض
علّمني الغمام دروسه في الشعر
وهو ينقّحُ النعناع
وهو يزحزح الإيقاع
وهو يوضِّحُ الأوجاع
حين يسيل منهمرا
أُسطّر دفتري بمزاج حرّاثِ
يسطّرُ أرضه في الفجر أثلاماً فَيُطْلِعُ دفتري حكماً ويُطْلِعُ حرثه ثمرا
لقد علّمه الغمام دروساً في الإحياء والبعث للأرض؛ لأنّه أبنها البار، وذلك من خلال الإبداع الشعري وتأليف القصائد، التي تدعو للخير، والتغيير الإيجابي، وقد شبّه عمله هذا بعمل الحرّاث النشيط، الذي يُسطّر أرضه مع الفجر أثلاماً، ويغرسها بالشجر؛ لتخرج ثماراً نديّة يجنيها في السلال، وهو أيضاً يسطّر أوراقه بمزاج ذلك الحراث، المحبّ لأرضه، المتعلّق بها؛ لتخرج حكماً في حب الوطن، وعشق ترابه، والدفاع عنه.
وقد جاء النص ممتلئاً بالدّوال المنتمية لعالم الخصب والنماء والبعث: (الأرض، والغيم، والمطر، والقمح، والسنديان، والسهول، والغمام، والنبع، والثمر، والحديقة، والعشب) كما جاء ممتلئاً بأفعال ترتبط بفعل الإحياء، وتنبض بالحياة والحركة الفاعلة (حملتُ سفوحها، ونزفتها لحناً، وعزفتها مطراً، وألفت القصائد قمحاً، يفيض على السيول، وصنعتها سفحاً، وهو ينقّح النعناع، ويزحزح الإيقاع، ويوضّح الأوجاع، وأسطّر دفتري، ويسطّر أرضه، ويطلع ثمرا، وحمل السلال، وأكسو عري الأرض). فهو يؤكّد مدى ارتباطه بالأرض، وانتمائه للوطن، الذي رمز إليه بالسنديان رمز الأصالة، والقوة، والصلابة، والشموخ.
ثم يقيم الشاعر بعد ذلك حواراً بينه وبين تيسير السبول جعل زمنه وقت الفجر بعد الصلاة، ليكون الكلام مشهوداً:
أذانَ الفجرِ أَكملتُ القصيدةَ والصلاةَ
أطلَّ تيسيرُ السبول وقال:
كيفَ تطيقُ هذا الليل؟
خذها بغتةً في الرأس
قلتُ: طلعتُ رغمَ جحوده قمرا
وأنتَ اخترتَ باباً للحقيقةِ غيرَ بابي حينما واجهتَ نزفَ الحبرِ منتحرا
ولكنِّي ذهبتُ إلى الحديقةِ إذ وجدتُ الأرضَ عاريةً لأكسوَ عريها شجرا
لماذا لم تمت كالصقر؟
قلتُ له رويدكَ أنت صقرٌ وابنُ عائلةٍ
ولكنِّي سليلُ القمحِ سوفَ أموتُ حينَ يجِفُّ عشبَ الحقلِ تحتَ
الشمس
حينَ أصوغ هذا النايَ
من فوضاي
تنزيلاً على البيداء أو صوراً
ونايي زائدٌ ثقباً
وقلبي ناقصٌ وترا
تبسّمَ لي بوجه طيب
فغرقتُ في الإيقاع
وهو يعودُ للمجهول منبهرا
يجسّد حوار الشاعر مع تيسير صورة الإنسان الباحث عن الأمل، ونشره في كل موجودات المكان للتخلص من حالة اليأس والحزن، التي قد تقوده في النهاية إلى الموت أو الانتحار، وهو حوار هادئ هادف يوحي بصورة التكامل الإنسانية وهي تواجه الزمن وقسوته، وتواجه الظروف الحالكة، التي تعصف بأمته وشعبه ووطنه، وقد رمز إليها الشاعر هنا بالليل "كيف تطيق هذا الليل؟"
لقد أسهم الحوار في تكريس فكرة المواجهة، والتحدي، والعمل، ومحاولة التغيير ببعث الأمل والحياة، التي غطت مساحة القصيدة:
أطلَّ تيسيرُ السبول وقال:
كيفَ تطيقُ هذا الليل؟
خذها بغتةً في الرأس
قلتُ: طلعتُ رغمَ جحوده قمرا
وأنتَ اخترتَ باباً للحقيقةِ غيرَ بابي حينما واجهتَ نزفَ الحبرِ منتحرا
ولكنِّي ذهبتُ إلى الحديقةِ إذ وجدتُ الأرضَ عاريةً لأكسوَ عريها شجرا
نعم إنّها إرادة الشاعر القوية، وتصميمه الأكيد على الثبات والتحدي والمواجهة، إنّه لا يعرف لغة الانهزام، ولا مفردات الضعف والهوان: (طلعتُ رغمَ جحوده قمرا، وسوف أموتُ حينَ يجِفُّ عشبَ الحقلِ تحتَ الشمس، وأصوغ هذا الناي من فوضاي تنزيلاً على البيداء أو صوراً، في حين أن تيسراً اختار طريقة مغايرة له، ووقف عاجزاً أمام ظروفه وظروف وطنه وأمته، ورحل مبكراً "إذ واجه نزف الحبر منتحرا".
فكلّ واحد من الشاعرين عاين أوضاع شعبه ووطنه، وكان مسكوناً بهموم أمّته العربية، رافضاً لواقعها المؤلم؛ لما أصابها من هزائم وانكسارات، إلاّ أنّ كلَ واحد منهما اختار طريقة للتعبير عن هذا الرفض، إذ قرر تيسير الانهزام والاستسلام منتحراً، "كيفَ تطيقُ هذا الليل؟ خذها بغتةً في الرأس"، في حين قرّر حبيب التحدي والثبات، والإصرار على التغيير، وزرع الأمل، والدعوة إلى حب الوطن والتشبث بالأرض "قلتُ: طلعتُ رغمَ جحوده قمرا". وهذا يعني أنّ النص يتوزع بين لحظتين: لحظة الانتظار كما أراد حبيب أو لحظة الانتحار كما اختار تيسير.
ونلحظ في هذا المقطع ثراءً موسيقياً داخلياً تساهم في إبرازه عناصر كثيرة منها: التكرار، والتماثل، والتوازي بين أجزاء الأسطر الشعرية، والاهتمام بالتقسيم المقطعي، والمساواة بين الأبنية الإيقاعية فمن ذلك:
أ-وهو ب-ينقّحُ ج-النعناع
أ-وهو ب-يزحزحُ ج-الإيقاع
أ-وهو ب-يوضّحُ ج-الأوجاع
فثمة تماثل إيقاعي واضح بين المقاطع الثلاثة (أ=أ=أ، ب=ب=ب، ج=ج=ج)، وثمة قوافٍ داخلية تتحد بين المقاطع فتثري الموسيقى الداخلية، وثمة تماثل وتكافؤ في الأبنية حيث تتشابه الأسطر في تركيبها حيث إنّها جمل إسمية مكونة من (ضمير منفصل +فعل مضارع+مفعول به). كما يقوم الجناس بدور بارز في إثراء الإيقاع.
تتكئ القصيدة على معطيات الخطاب الديني، إذ يتناص الخطاب الشعري مع قصة إبراهيم وموسى ولوط، كما يتقاطع مع معطيات الخطاب الأدبي ممثلاً باستحضار بيت المتنبي:
السيف أصدق أنباء من الكتب..... ولعلّ من أعظم أسباب الطمأنينة وسكينة القلب الأنس بمناجاة الله تعالى إذا هدأت العيون، وهجعت النفوس، واسودّت ظلمة الليل؛ لذا راح حبيب يناجى ربّه كما فعل موسى عليه السلام؛ ليعطيه النور والهداية له ولقومه وأبناء شعبه وأمّته فخرّ مغشياً عليه على تراب وطنه يسكب العبرات خوفاً ورهبة.
وخلاصة القول إنّ ناي حبيب لا يحكي ألم الفراق، ومرارة الفقد فحسب، بل إنّه ينتحب ويئن، وتتفجر نغماته ناراً حارقة تنفث الأحزان والأوجاع؛ كي تتلقفها آذان الحزانى في شمال الوطن وجنوبه، وتتفاعل معها . فظلّ صوت الناي كما يقول زياد الزعبي "تعبيراً أثيرياً مطلقاً عن الروح الإنساني الساكن في الكون" ونقص عود الإبداع الشعري الأردني وتراً قوياً مؤثراً طالما تغنى بالوطن وقائده وأمته
وفي التعليقات، كان عميد كلية الاداب د. سلامة ابو غريب فاعلا في الترتيب للندوة، وفي متابعة التعليقات. وقال ان الأستاذ الدكتور إبراهيم الياسين أحد سدنة البحث العلمي في جامعتنا الحبيبة وهو غني عن التعريف في هذا المجال فقد نشر عددا من البحوث في أشهر المجلات العلمية العربيةالمحكمة وشهادتنا فيه مجروحة والزميل الفاضل دأب على دراسة النص التراثي وفق النظريات النقدية الحديثة كما أنه أبحر في دراسة النصوص والظواهر الأدبية الحديثة ...
وفي ما يخص هذه الندوة فقد سارع في ان يكون من ربانها الاوائل فقدم هذه الدراسة المعمقة حول الشاعر حبيب الزيودي فقد درس العنوان ووشائجه كما ربط بين حبيب وتيسير السبول في عقد لؤلؤي جميل بدت فيه مظاهر الحسن معنويا ولغويا ..
بارك الله فيك صديقا وزميلا وعالما جليلا
وحين علق مدير ثقافة الطفيلة، د. سالم الفقير، قال انها قراءة جميلة للدكتور إبراهيم الياسين، ولا سيما تناول عتبة العنوان من خلال نموذج من قصائد الراحل حبيب الزيودي.
هناك العديد من الجماليات التي يجب التوقف عندها، أيضا هناك تحولات الرؤى، وأجزم أن تلك التحولات كانت واضحة لدى حبيب الزيودي. .
قرأة دقيقة الوجدان فائضة الأشجان، هكذا وصفها الشاعر محمد العجارمة، وقال انها براعة طبيب جراح في تقطيب هذا الجسد المريض بهموم وطنه وأحبابه ورموزه العالية، هنا يخيط الدكتور إبراهيم بجدية الناقد الثاقب دهاليز هذا الجرح النص ليكمل الوتر الناقص او يمد وترا جديدا يغني عما لا يراه القارئ او الشاعر ليكون البديل عما يعمقه النص من نقص وفقد وحرمان، بسطور قيمة عالية اللغة والمعنى رافعة الروح المعنوية الباحث عنها الشاعر والمتلقي على حد سواء فعظيم الشكر والتقدير للدكتور ابراهيم الياسين على هذه العملية الناجحة لهذا النص الادبي الشجي
وتواصل مع المنصة، د. حسام الطراونة من خارج الاردن ليقول ان الورقة تمثل دراسه قيمه قليله الكلمات جليله المعاني ،،، ابدع الدكتور في حديثه ،،،
والهوى قدر وبيئة الشعر تهوي نحو الأفئدة طربا وعشقًا
،،،،
واذا سمعت نشيد الشعر على لسان صاحب النص فانك
تتيه في بحر الخزامي
وفيروزيات الجبل وغنائيا الدحنون المترنح ع جبال
الطفيله ،،،
ابلى دكتورنا العزيز
بلاءً حسنا ،،،
وعلقتم تعليقات جميله من ثناء وملاحظات اثراء
،،،، الخ
رحم الله شاعرنا
وأمد الله في أعماركم جميعًا
ويصف التربوي محمد التميمي ما تناولته قصيدة "عودي ناقص " للشاعر حبيب الزيودي. انها ورقة مكتملة العناصر صاغها بمهارة فنان لغويا وأدبيا ...
ولفت الى ان الدكتور قام بتحليل اللازمة الشعرية :انا ابن الأرض ... وابن الغيم... ناي زائد ثقبا... وعودي ناقص
....ابدع الدكتور في تحليلات بحور الشعر ولطائف اللغة والإعراب.
اما الاعلامي الاديب. د. عبدالمهدي القطامين، فيراها ورقة علمية قيمة وليس من السهل علينا نحن غير المختصين ان ندرك مراميها وتحليلها اللغوي العميق لكن وفي المجمل فأن النص ابدع في تحليل بعض قصائد ...حبيب... حبيب الذي انطلق شعره مدويا منذورا للوطن وللفقراء وللمهمشين ...كان شاعرا صعلوكا جوابا للآفاق ...يرود القمم ويعرض عن السهول ..مفردته اردنية بحتة لغته واضحة لكنها محملة بالدلالات ...مسكونا بالقلق والاسئلة الوجودية ...
وقال ان العالوك كانت سيدة امكنته الاثيرة .. كان يرى عمان القديمة ...عمان الادراج والنعنع البري والحمام الذي يحط على سقف السيل ...رحمك الله يا حبيب فقد نفخت في رماد الشعر حتى عاد ايقونة من جديد .
وفي تعليقه قال الشاعر مشهور المزايده، ان القصيدة جميلة جدا ولكن هذه القراءة وهذا التحليل جاء مليئا بالجمال والإبداع فقد تعمق الأستاذ الدكتور ابراهيم الياسين في الغوص داخل القصيدة واستخرج دررها ونفائسها وصاغها عقودا زينت جيد هذا الملتقى الغني بأصحاب الخبرات والنابض بحب الناس عبر تكامل ببن الشعراء والنقاد والكتاب والأساتذة.
والشكر للأستاذ غازي العمريين
وتناول الادباء والشعراء الورقة الثانية للعمل ضمن الندوة السابعة التي رعاها د. محمد الحوراني رئيس جامعة الطفيلة التقنية، في حوارات قيمة، قال خلالها الشاعر هشام القواسمه، ان ما تضمنته الورقة، يعد قراءة جميلة وقيمة جالت في حديقة الشعر وفي قصيدة من أجمل قصائد حبيب.. زدتها جمالا دكتور ابراهيم في هذا التحليل الجميل الذي فتح مغاليقها وزاد مقاصدها
أحسنت دكتور وشكرا كبيرة على هذا الجهد
ورقة عمل حصيفة، رآها الاديب هاني البداينه، الذي راى كذلك انها أبانت فيما فعلت، مشهد القصيدة ولحظتها الفارقة عند الراحل حبيب.... وكما أشار الزملاء الكرام، فقد جادت الورقة المحكمة، بعناصر النقد الأدبي الشاملة، ومنحتنا مساحة لمقاربة هذه العناصر وفق نموذجها الكامل، فعرضت لعناصر النقد الأدبي في الرؤية حيث المعنى والعاطفة وفي التشكيل حيث الخيال والأسلوب.....
كل الاحترام للورقة الجامعة، ولصاحبها القامة الأدبية الباسقة......
وقدم د. غازي المرايات رئيس مجلس ادارة مؤسسة اعمار الطفيلة، مداخلة ناقدة، اعتذر في بدايتها لعدم مواكبة
فيض أدبكم وجميل قولكم منذ البدايه... لقد أبدعتم كل من موقعه ولكم جميعا مكانه رفيعه
في قلبي... لقد زاد عطاؤكم المميز ملتقانا
شرفا ورفعه وألقا.....
لقد شدني في ورقة أخينا
د. إبراهيم تعرضه للمرحوم شاعرنا الكبير
تيسير السبول باوصاف ليست فيه وليس لها مكان ملائم في معرض
التحليل لقصيدة حبيب
فقد ذكر ما قاله تيسير لحبيب :
كيف تطيق هذا الليل؟
خذها بغته في الرأس
لماذا لم تمت كالصقر؟
وختم دكتورنا العزيز
بالاستنتاج بأن حبيب
غير مستسلم أو مهزوم
بينما تيسير مستسلما ومهزوما.. وهذا في حدود معرفتي بتيسير على الأقل غير صحيح
البته... ابن حارتي وهو
يكبرني بعدة سنوات رحمه الله وكان القلق
ظاهرا عليه عندما كان
يتحدر علينا في ساحة
المدرسه من عل ويقف
على قمة تلة صغيره مطله... فقد جلب انتباهي
وأنا في الصف الرابع حيث كان يشبه شارل شبليه في مشيته وخطواته السريعه المتقاربه وكان يقف فجأة فوق التله الصغيره
محدقا إلى الأعلى ومتجها نحو الغرب... يمكث قليلا ثم يغادر
... سألت من يكون هذا
فقالوا لي : تيسير بن رزق..... تكرر المشهد وما
تزال الصوره في ذهني إلى اليوم....
تيسير كان القلق يساوره
منذ الصغر.... وهو ابن لبيئه مختلفه عن حبيب
تساوى عنده الموت مع
الحياه الحره الكريمه لم
يكن جبانا كما أسر لي
صديقه الحميم الاديب المرحوم
فايز محمود صاحب كتاب أحزان صحراويه
... فقد كان يرى وجوده
حرا كريما في موته فهو
عندما أقدم على الانتحار
أقدم محتجا متطهرا من
رجس القبول بالهزيمه
القوميه في حزيران بداية وهو بذلك أبدى
شجاعة في مواجهه مع
القلق الغامر الذي تفاقم
بعد الهزيمه... لم يكن مستسلما مهزوما كما وصفه الدكتور ابراهيم
تيسير يا عزيزي تربى على قيم الفرسان العرب
اللذين ينحنون على السيف عندما يحاصرهم
الخصوم في ساح الوغى
يؤثرون الموت على الفرار
ويموتون بشرف وبذلك
يتساوى عندهم الموت مع
الحياة.
تيسير ترعرع في بيئة
أبرز ما يميزها ثقافة الفروسية... وقد كان غريب الملامح في بيئة
المدينه التي رضخت للهزيمه والذل... ولذلك
انحنى على السيف... و لكلمته خذها بغته في الرأس مقاربه للتحدي ورفعة الشرف..
أقول قولي هذا ليس دفاعا عن ابن قومي ولكن
انصافا للحقيقه واحساسا
بقسوة جبال الشراه التي
أحاطت بتيسير وجبلت
مزاجه بحدية الطباع
ونبل الفرسان.
ولعل د. محمد السعودي، رئيس مجمع اللغة العربية في الاردن. يراها قراءة عميقة فككت النص وكشفت قدرة المبدع حبيب على بناء نصوصه وتفرّده في نظم معانيه، واستحداث توازن خاص به في ذلك، كان سببا رئيسا في إظهار صوته الشعري في وقت قياسي، وتشكيل صورة حبيب الشاعر. شكرا د.إبراهيم الياسين على هذا التميّز.
وتعدها مديرة التربية في المحافظة د. لبنى الحجاج، ورقة ذات كثافة في النقد وحضور نابض بالحياة، وتناغم بين عزف العود رغم نقص الوتر وذاك الناي.. نسج الأستاذ الدكتور إبراهيم أسطورة نقدية عميقة، وجعل الكلمات طوع فكره العريق.
وثمن الاديب احمد الحليسي للدكتور إبراهيم هذه الورقة الشاملة والمتميزة عن الشاعر الراحل، ابرزت في الورقة تأثير نفسية الشاعر على قصيدته وإنتاجه الشعري، وارتباطه بالأرض والانسان والتاريخ، ابرزت في القصيدة الصوت واللون والحركة، ورقة يستفيد منها طلاب اللغة العربية في الجامعات،
وعبر د. خليل الرفوع، الكاتب والشاعر والاكاديمي، عن سعادته بما كتبه الأستاذ الدكتور إبراهيم الياسين، وقال أحسب أنها قراءة مختصرة موجزة لكنها عميقة في النقد.
وله ملحوظتان، أولهما مثلما ذكر الدكتور، إن البيت الأول أو المطلع مهم، وفي رأيي ليس مفتاحا للقصيدة وحسب، بل هو الدفقة الشعرية الأولى التي تلخص القصيدة وكل ما بعده تفسير أو شرح لها، فالبيت الأول أو المطلع هو الفكرة الوجدانية التي بقيت في فكر الشاعر تتخمر حتى قطفها في ومضة ما، بعد زمن ما.
والثانية : لم ينتحر تيسير السبول عجزا بل كان انتحاره رفضا أو قل تمردا أو ثورة على هزائم العرب وبخاصة هزيمة أكتوبر أو تشرين وهي في الأصل حرب رمضان، نعم تيسير كان سبيله للخلاص من الواقع الانتحار لكن حبيبا كان مقبلا على الحياة غير ملتفت إلى حال الأمة، أي أن تيسيرا كان محملا بهموم الأمة فتطهر بالموت، أي أنهما عاشا حياة متضادة يسيران على قطبين متنافرين لكنهما مبدعان وهما ابنان شرعيان لعرار حتى وإن اختلفت بهما الطرق.
ولفت د الرفوع الى ان تيسير السبول الذي أُهديت له القصيدة كان حزينا حزنا حقيقيا، وأما حبيب الزيودي فكان حزنه وجوديًّا كأي شاعر آخر ؛ لذا كان عوده هو ناقصا وترا وكان نايه هو زائدا ثقبا. والعود رمز للطرب والفرح، والناي رمز للحزن والشجى، وبوجودهما في غير حالتيهما الطبيعيتين كان الفرح ناقصا والحزن زائدا.
وللشاعر بكر المزايده راي فيما قرا اذ يقول انها دراسة مستفيضة في قصيدة الشاعر حبيب الزيودي"عودي ناقصا وترا" وتجربته الشعرية بوصفه واحداً من
الشعراء الأردنيين الشباب الذين شكّلوا جزءاًً من ملامح المشهد الثقافي الأدبي الأردني
ورقة مكتملة العناصر، رآها د. راتب السعود، البرلماني والاكاديمي الاردني، فيما راه الباحث محمد النعانعه أجاد قراءة ووصفا وتحليلا لحالة من ابداعات ذلك الشاعر الوطني المفعم بحب الارض والانسان وقيادته الحكيمة وكيف لا وانت الاديب والناقد والمختص بذلك
ويشاركه القول بان الزيود رحمه الله هو ذاته الانسان الاردني المهووس بحب الارض وما عليها وهو صفحة شاعرية مليئة بالصور البلاغية الحماسية الجميلة والجلية التي تتغزل بحب الوطن وغيرته عليه وعشق الاردن وشعبه وقيادته حيث تغنى ونتغنى وقال:
هذي بلدنا ما نخون عهودها
ونجود لكن جودنا من جودها
وحدودها ما تنرسم على الورق
على قلوبنا حنا رسمنا حدودها
نعم انه كغيره من افذاذ هذا الوطن الحريصين عليه
يضعون أقلامهم في خدمته والدفاع عنه بالغالي والنفيس ان استطاعوا وما تيسير و وصفي وحابس و ...و... إلا رجالا ولدوا من رحم المعاناة أفنوا عمرهم في حبه والدفاع عنه للامة والانسانية
وعده الشاعر محمد الشروش أبدع كلّ الإبداع فيما كتبت فهو من مخزون معرفي نقديٍّ مبدع متجدد عن المرحوم الشاعر حبيب الزيادي
وكان د. عاطف العيايده مسرورا بما كتب صديقه العزيز د. إبراهيم الياسين، صاحب الفكر النقدي، والرؤية التحليلية المنفتحة على آفاق عالية، ولق ما اكد، وإنه لاختيار موفق لشاعر أردني فذ رحمه الله تعالى، وهو حبيب الزيودي.