قال الشاعر بكر المزايده إن جدلية المكان في الشعر توقف عندها الكثير من الدارسين والباحثين
واضاف في الورقة التاسعة، ضمن اعمال ندوة ملتقى السلع الثقافي الرابعة، برعاية سمو الاميرة سميه الحسن، ان ذلك أصبح مرتكزا لعنصر أساسي في نسيج النص الشعري وهمزة وصل بين ذات الشاعر والنص.
ولفت في الورقة التي اشرف عليها مديرة السياحة في المحافظة. خلود الجرابعة. ان احتضان الشعراء للمكان في نصوصهم دليل على البصمات النفسية و الدلالية و المعرفية التي تعبّر عن أحاسيس الحبّ والوفاء والولاء للمكان بوصفه جزءا من هوية القبيلة أو الأمة والتي تركها في مخيلتهم , فهو المكان العائلي الذي بدأ بأيام الطفولة والصِّبا وهو المكان العاطفي للحبيبة والأطلال لذلك فإن المكان لم يكن مجرد مساحات وفراغات او أبعاد هندسية.
و نتج عن ذلك أن اكتسب المكان دلالة رمزية - بحسب الشاعر المزايده - ولذلك أنْسَنّ الشعراء المكان وكافة الموجودات فأصبح حضور المكان ليس حضورا مجرّدا وإنما هو حضور لقيم أخرى تتعلق بالإنسان والحيوان والحياة والموت.
فقد أنتجتْ مخيلة الشعراء القدماء، صورا عن المكان تفصح عن الطبيعة العقلية والروحية للعرب في ذلك الوقت حيث تزدحم فيه العواطف والذكريات ويحضر فيه الشخوص والأحداث كما لو أنها تتحرك أمام ناظري الشاعر والذي ظهر جليا في معظم الكتابات الأدبية وخاصة الشعرية منها وكان ذلك واضحا في الشعر الجاهلي وخاصة المعلقات والامثلة على ذلك كثيرة منها معلقة أمرؤ القيس والتي ابتدأها بذكر المكان والأطلال حينما قال:
قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل
بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْمل
فتوضح فالمقراة لم يَعفُ رسمها
لما نسجتْها من جَنُوب وَشَمْأَلِ
فالأماكن التي ذكرها الشاعر مثل ( الدخول , حومل والمقراة) هي أسماء أماكن كان لها مدلولات في نفس الشاعر.
وأيضا ما قاله الشاعر زهير بن ابي سلمى:
أمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَـةٌ لَمْ تَكَلَّـمِ ** بِحَـوْمَانَةِ الـدُّرَّاجِ فَالمُتَثَلَّـم
وَدَارٌ لَهَـا بِالرَّقْمَتَيْـنِ كَأَنَّهَـا **مَرَاجِيْعُ وَشْمٍ فِي نَوَاشِرِ مِعْصَـم
بِهَا العِيْنُ وَالأَرْآمُ يَمْشِينَ خِلْفَـةً *وَأَطْلاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَم
و الأمثلة على ذلك كثيرة في الشعر العربي وخاصة الشعر الجاهلي الذي يُعد ديوان العرب.
ويؤكد ان المكان بقي مدلولا واضحا في الشعر وحتى العصر الحديث له المدلولات النفسية والمعرفية التي تعبر عن أحاسيس الشاعر ففي قصيدة الشاعرِ الراحل حبيب الزيودي - رحمه الله - عندما قال :
وأنتَ أجملُ من غنيتُ ياوطني
ومن سقانا الهوى صرفا فأروانا
لم تدر"حوران" أني كلما سألوا
عن ربّة الشعرِ عندي قلت "حورانا"
حبي القديم الذي ما انفك يلهمني
جمر الكلام وما استلهمتُ شيطانا
وقال ان علاقة الشاعر بإيقاعات المكان ستبقى علاقة تلاحمية متجذرة في وجدانه لأنه يصبح هنا - أي المكان - هوية تاريخية ووطنية ونفسية.
ورقة عمل مميزة ، تنبي عن عقل راجح ووحدة للفكرة وتوصيف وثيق للعلاقة الهامة بين القصيدة والمكان على اختلاف أوجاعه.....قال عنها الاديب هاني البداينه، وقال انها ركزت على الشعر والشعراء، وهذا ما يروق لشاعر مثلك، للمكان أثر بارز في شعره.
ورقة الشاعر الأديب بكر المزايدة.. علق عليها الشاعر ايمن الرواشده، وقال ازها جاءت كثالثة الأثافي لتضيف إلى المكان أبّهته الجميلة..
حيث أصبح المكان من وجهة نظر الزميل لُحمةً مشوقة. تُذكي وجدان الشاعر وتلهبُ قريحته..
الشاعر الراقي أبو آدم قدّمَ فأقدم.. وجمّل فأجمل..
ورآها الشاعر والاكاديمي د. صقر الصقور، ورقة قيمة .. و حضور متميز ..
و من جميل ما فيها تذكيرنا بأنسنة المكان ..
ولان الشاعر منقسم الى ثلاثة : حنين للمكان .. و حنين للزمان .. وحنين للانسان .. فان الكمال يتشكل من انسنة المكان والزمان .. ليندمج الثلاثة في الانسان .. قيما .. واخلاقا ..
و قال ان من جميل المصادفات ان كانت رسالته للدكتوراه تحت عنوان "أنسنة العمارة"
وشكر مدير الثقافة، د. سابم الفقير الكاتب الشاعر بكر المزايدة على هذه الورقة
ولا سيما أنه قدم من خلالها الحديث حول جدلية المكان وأنسنته، وهذا ربما شكل بعضا من تجربة الشاعر بكر المزايدة.
أما الدلالة النفسية فقال انها انعكاسات الحالة التي تجعل المتلقي يحمل المكان معه في حله وترحاله،مدركا حجم الدلالة التي حمَّلها الكاتب للمكان.
وخاطب الباحث محمد النعانعه الشاعر قائلا لقد اجدت في جمال اللغة كما اجدت في جعل المكان ينطق بصورة فنيه غنية بالاحاسيس والمشاعر التي تجعل منه يحاكي نبض الشاعر ووجدانه فيخرج شعرا عذبا سلسا بليغا يصل للقلب متحديا جغرافية المكان المادية
وقال ان احساس الشاعر المرهف وعلمه الوافر يساعده في اختيار مفردات النص وتلاحمه مع وقع المكان
ويسفها النقابي المهندس علي المصري بانها ورقة بحثية رائعة للشاعر بكر المزايدة وهو شاعر مبدع فهو خير من يكتب عن ايقاعات المكان في الأدب وكان تدرج جميل للحديث عن شعراء العصر الجاهلي وأهمية المكان في قلب الشاعر والاديب ثم العصور المتلاحقة وحتى عصرنا الحديث كان المكان حاضر دائماً نتيجة العلاقة الحميمية المتجذرة في نفوس الشعراء
ويثمن رئيس الملتقى الصحفي غازي العمريين ما كتبه الشاعر المزايدة في الورقة وقال انه ازداد ثقة. ان الثقافة في الوطن بخير، وان ثقافة الالفية الاولى ما ماتت، ولن تشيخ
اما الشاعر والاديب د. عاطف العيايده، فيرى انها الكلمات الرنانة في الورقة اثارته وهي تتكلم عن الأمكنة العالقة في الذكريات، وصفت وأجدت في ترسيخ الذاكرة المكانية.
ويجدها التربوي محمد التميمي، تتحدث عن جدلية المكان
في الشعر التي توقف عندها الكثيرون من الشعراء والأدباء
قال فابالمكان تزدحم العواطف والذكريات واستذكر امرئ القيس ... في قفا نبك.... زهير بن أبى سلمى... واطلال ..امن أم اوفى .. وحبيب الزيودي ومحبة الأردن وعمان
تعابير جميلة وصورها بلاغية سكبها شاعرنا الفذ بكر المزايدة استذكرت معها عرار حينما قال: قالوا تدمشق قولوا مايزال على علاته اربدي اللون حوراني.
واستطاب د. غازي المرايات. رئيس مؤسسة اعمار الطفيلة، الاستشهاد بتمازج المكان مع مفردات الشعراء، فردد ما قاله الراحل شقيقه عارف المرايات. رحمه الله
رقة الكلمات
وعذوبة ماء العبر
وحلاوة العنب في جنيين
لم تبارح المكان
مذ أنشد المرحوم عارف المرايات
وعنب الدوح في جنين
شراب الدن للساقي
كأن طيوره سكرى نشاوى
حين تستاقي...
كلما مررت بالمكان
استطعم المذاق الرفيع
الذي ينساب ما بين
الكلمات..
د. حنان الخريسات قالت يكفي ان بكر شاعر وكتب في طيات نصه او ما سماه لفتات ان المكان جزء من هوية القبيلة أو الأمة ومكان العائلة الذي بدأ بأيام الطفولة والصِّبا وهو المكان العاطفي للحبيبة والأطلال واعجبني انه المكان الذي تزدحم فيه العواطف والذكريات والشخوص والاحداث فتتقلب المواجع او الافراح حين نصل اليه