الطفيلة - من عبدالله الحميدي
رفع الاديب الاردني، احمد الحليسي، من وتيرة التحاور، في ثامن اوراق العمل. على منصة السلع،
وقال مشرف الورقة الشاعر هشام القواسمه، ان خطابا جامعا، زين مراحل الورقة، التي طافت على ايقاعات المكان، في اعطاف الادب
ولفت الى ان الكاتب اشار في الورقة الى الغوص عميقا في النفس العربية، ما يؤكد اللتصاقها بالمكان التصاقا حميما , فالمكان يثير مكنونات النفس البشرية في الحنين والوصف والبكاء على الأطلال وتحريك النفس ليبرز الحب والهيام والوجدان .
وقال ان العودة إلى الشعر الجاهلي وإلى المعلقات بالذات تؤكد كذلك أن جميع هذه المعلقات أبرزت المكان بصورة جلية , وسمت الأماكن بأسمائها ودلالاتها . فهذا امرؤ القيس يقول :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ........ بسقط اللوى بين الدخول وحومل
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها ........ بما نسجتها من جنوب وشمأل
أبرز امرؤ القيس في هذين البيتين أسماء الأماكن مثل : سقط اللوى , الدخول , حومل , توضح , المقراة وهذه الأسماء أثارت في الشاعر مكنونات نفسية فيها الحب والحنين .
وزاد ان طرفة بن العبد يقول :
لخولة أطلال ببرقة ثهمد ........ تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
هنا ربط اسم محبوبته بالمكان .
وعنترة بن شداد يقول :
يا دار عبلة بالجواء تكلمي ........ وعمي صباحا دار عبلة واسلم
وتحل عبلة بالجواء وأهلنا ........ بالحزن فالصمان فالمتثلم
هنا الشاعر عكس حالته النفسية على المكان , فوصف مكان أهل عبلة بالاتساع والجمال , ومكانه وأهله بأرض سوداء حجارتها جارحة , لأن نفسية العبد والسواد كانت مسيطرة على نفسية الشاعر.
ويقول زهير بن أبي سلمى :
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم ........ بحومانة الدراج فالمتثلم
ويقول النابغة الذبياني :
يا دار مية بالعلياء فالسند ........ أقوت وطال عليها سالف الأبد
واكد ان استعرض جميع شعراء المعلقات والشعراء المخضرمين وشعراء صدر الاسلام والدولة الأموية يعزز من دور المكان في إثارة النفس لإنتاج أدب متميز وجميل .
وللمكان في أدبنا المحلي إن كان نثرا أو شعرا فصيحا أو شعرا نبطيا - وفق الحليسي- دور في إثارة النفس وإخراج مكنوناتها بأدب جميل , فيذكر الشاعر اسم المكان ومكان بيت الشعر والأثافي- وهي الحجارة التي يوضع عليها القدر - و " مشاقة الرأس " والنبات والحيوان .
واستشهد بشاعرنا مصطفى وهبي التل الذي تغنى بمعظم الأماكن في الأردن , يقول الشاعر :
قالوا: تدمشق , قولوا: ما يزال على ........ علاته إربدي اللون حوراني
ويقول :
يا أخت " رم " كيف " رم " ........ وكيف حال " بني عطية "
ويقول:
ظبيات وادي السير هل نفرت ........ من سربكن الظبية السمرا
وأقسم بأماكن في الأردن :
قسما بماحص والفحيص ........ والطفيلة والثنية
وفي محافظتنا الأبية الطفيلة كثير من الأدباء , تغنوا بالطفيلة وزيتونها , وضانا وجبالها وجمالها , وبصيرا و آدوميتها وإطلالتها , والسلع و قلعتها وموقعها وجمالها , والعين البيضاء والعيص و حداثتهما وروعتهما .
وللأخوة الشعراء والأدباء في ملتقى السلع الثقافي دور في إبراز هذه الأماكن وجمالها وروعتها وروعة إنسانها ونباتها ومياهها وأرضها وسمائها .
وقال ان لنكبة فلسطين في عصرنا الحديث الأثر الكبير في إنتاج أدب متميز في الشعر والنثر ( مقالات , قصص , روايات ) وكان للمكان وإيقاعه دور في إظهار هذا الأدب , فلم تبق قرية أو مدينة في فلسطين إلا ذكرت في الشعر والنثر وبرز عندنا شعراء كبار لارتباطهم بالمكان والجغرافيا والتاريخ والإنسان .
يقول عبدالكريم الكرمي الملقب بـ"أبي سلمى" :
فلسطين الحبيبة كيف أحيا ........ بعيدا عن سهولك والهضاب
تناديني مدائنك اليتامى ........ تناديني قراك مع القباب
ومحمود درويش في حنينه إلى بيته وقريته وهو في السجن يقول:
أحن إلى خبز أمي
و قهوة أمي
وهناك شعراء وأدباء كثر من فلسطين والبلاد العربية والبلاد الإسلامية ارتبطوا بالقضية الفلسطينية وبأرضها وبتاريخها وجغرافيتها وإنسانها .
واشر على تاثير الأدب الشعبي الفلسطيني وارتباطه بالمكان وما له من تأثير بارز من خلال المواويل والأهازيج والزجل الشعبي الفلسطيني , حتى أن بعضها يرددها كثير من الناس داخل فلسطين وخارجها مثل (يا ظريف الطول ):
يا ظريف الطول وقف تاقلك ........ رايح عالغربة وبلادك أحسنلك
واشار المشرف القواسمه الى التعليقات التي قال انها دعمت ما توصلت له الورقة، اذ لفت شاعر الوطن محمد العجارمه، الى انها ورقة رائعة ورائدة بسعة اطلاع ناسجها وبراعة تطرقه لحيثيات المكان عندما يذكر بغالبية الشعر العربي وذكره للمكان وإبرازه كمعادل موضوعي كما يقول ت. س. إليوت لقضايا الشعراء والأدباء على وجه العموم.
اما د. سالم الفقير، مدير ثقافة الطفيلة، فثمن للحليسي وقوفه على المكان، والمرور الجميل على الشعر الجاهلي في أهمية المكان، ولا سيما الوقوف على الطلل، وتجاوز ذلك أيضا إلى العصور التي تلت العصر الجاهلي؛ لتظهر أهمية المكان مقرونة بالإنسان أينما حل وارتحل.
الشاعر بكر المزايده اسعده طرح الموضوع والإشارة الى فلسطين العربية في الإيقاع المكاني والطفيلة وشعراءها وأدباءها الذين تغنوا بجبالها وزيتونها وسهوبها. لذلك سيبقى المكان في الأدب والشعر نسيجا جميلا في كل نص سردي او شعري.
اما التربوي محمد التميمي فقال ان ذكر الامكنة في ورقة الاديب الحليسي. والتطرق لمعلقات الشعر الجاهلي : أمرؤ القيس. وطرفة بن العبد وزهير بن أبي سلمى... كلها تضع هذا المكان في صميم الاشعار
وأجمل ما أوردت الورقة عن شعر مصطفى وهبي التل ... (يا اخت رم)
وارسلها ايمن الرواشده تحية معطرة بالياسمين للأستاذ الجليل الحليسي.. وللدكتور المشرف على ورقة العمل هشام القواسمة .. مؤشرا على ربطها بشكلٍ جليٍّ بين الأديب والمكان وانعكاس نفسية الأديب على المكان من حيث الرحابة والجمال والضيق والاتساع.. وضرب الكثير من الشواهد الشعرية التي ضجّت بالمكان لمختلف عصور الأدب ..
وربط الأدب المعاصر بالقضية الأبرز على الساحة الدينية والقومية في فلسطين المحتلة...
ورقة عمل ثرية بالمعاني والتحليل العميق.. .
د. حنان الخريسات قالت ان ارتباط الأدباء بالمكان وتأثرهِم بهِ" هي الصلة التي كانت دائمًا القصبة الهوائية التي كانوا يتنفسون منها...والادب الفلسطيني أعطى أهمية كبيرة للمكان الذي عزز الارتباط بين حياة الأنسان وتاريخه بالمكان.
واكدت ان النكبة، كانت وراء هذا الابداع والتغيير ثم اصبح المكان نفسيا وشاعريا له رموزه وجمالياته الخاصة في الكتابة الشعرية او الروائية، رغم ظروف التغيير الصعبة ..كما ابدعوا فيما يسمى بأدب السجون والسجن مكان ارتبط بتأثيرات نفسية اسقط فيها الكاتب احاديثه عن المكان ...
ومرة أخرى، يقدم الاديب الحليسي، ورقة عمل جديدة يلخص فيها رؤية ناضجة لإيقاع المكان في النص وأثره، وفق ما اسار اليه الاديب هاني البداينه. الذي واصل بالقول انه َيمعن في التاريخ، قديمه وجديده، ويأتي لنا بنماذج مهمة في ذلك من فحول الشعراء والأدباء، فيمر على شعراء الطلل وعلى أبي سلمى وعرار ودرويش.
ويكتب المشرف القواسمه نصا نبيلا اذ يقول ان آلة الزمن تدور ويبقى المكان في الذاكرة وإن اختلفت معالمه ..
وقال انه يفخر ان بدأ معاينة ابجديته على يديه أحمد الحليسي.. وان حروفا ما زالت تنسج من أديم آدوم وبصراها وقلعة السلع وشموخها والطفيلة وسموها وعيمة واحضان جبالها والحسا ورمالها.. تنسجها من مزيج هذا الجمال بتنوعه..
كما يعدها التربوي صالح الحجاج، اطلالة رائعة وراقية بألفاظ جزلة وكلمات رقيقة، كانت البداية موفقة عن الشعر الجاهلي وربط المعلقات في المكان وذكر الأمثلة من واقع المكان بابيات شعرية ووصف الحالة النفسية للشعراء والكتاب في تلك الفترة.
وقال انها ذكرت الشعراء في الوقت الحاضر عرار ومحمود درويش وركزت على التفاعل مع الأحداث على أرض الواقع في فلسطين وبانواع وألوان من الأدب.
وقدر للكاتب تغطية المادة العلمية بطريقة يشعر فيها القارئ وكانها قطعة نثرية واحدة تعالج فترة زمنية محددة ولا يشعر فيها بالتنقل بين العصور التاريخية.
ويعدها الاديب الاردني، د. محمد سليمان السعودي، رئيس مجمع اللغة العربية. إطلالة جميلة وتجوّل لطيف، وشكر للأستاذ الكبير أحمد..وللعزيز أبي أيمن هذا الفضاء الجامع للطيبين
وفي تعليقه بين النقابي، المهندس علي المصري، انها ورقة عمل رائعة وقال ان هذا ليس بغريب على الأديب ألحليسي، فهو أديب من الجيل الذهبي.
وقال ان ورقته البحثية تدرجت من الحديث عن العصر الجاهلي وأهمية المكان في قلب الشعراء واهميته في القصيدة حيث غالباً ما تبدأ المعلقات بالوقوف على الطلل ثم عرج على عصور ما بعد العصر الجاهلي ثم الطفيلة وكيف كان للامكنة مكان في كتابات وأشعار أدباء الملتقى وكذلك ظهرت أهمية المكان في شعراء الوطن وفلسطين الحبيبة كل ذلك يوضح أهمية المكان في الأدب وفي نفوس الأدباء
وابدى تقديره للأستاذ الفاضل هذا البحث القيم، وقال ان الشكر موصول للمشرف الشاعر الدكتور القواسمة ولمدير الملتقى الرائع الصحفي العمريين
وعدها الاكاديمي الشاعر، د. صقر الصقور جميلة، و محيطة .. ووافية هذه الكلمات ..
وقال نعم جاءت الورقة لتستعرض تاريخ الادب العربي ابتداءا من شعراء الجاهلية .. مرورا بكل تاريخ الامة .. وانتهاء بشعراء ملتقى السلع .. شخصيا .. استمتعت بقراءتها . ..
وفي تعليقه قال الكاتب والباحث محمد النعانعه، ان الورقة النقاشية تدرجت في ابراز العلاقة المكانية بين الاديب والمكان وهما متلاصقان ان اراد الاديب اضفاء الجمال الى النص زمانيا ومكانيا
واكد ان الاديب الحليسي كان مو فقا في ابراز تلك العلاقة عند استعراضه تأريخ الادب من العصر الجاهلي حتى الوقت الحاضر
كما ثمن لمشرف الورقة الشاعر القواسمه والاستاذ غازي العمريين والى جميع اعضاء الملتقى جهودهم في البحث والتمحيص عن الافضل والمفيد في هذه التظاهرة الادبية عن بعد في زمن كرونا المستجد
من جانبه. قدر الناطق الاعلامي باسم المجموعة. د. راتب السعود. الجهود البهية وثمين هذه الاوراق البحثية.
وقال ان سمو الاميرة سميه الحسن، التي اختارت رعاية هذه الندوة، ومتابعنها لليوم، ليؤكد الطبع الهاشمي الشامخ. في الانحياز للانجاز، والابداعات على مساحة امتداد الامة.