الطفيلة - كتب عبدالله الحميدي
شهدت ورقة العمل الخامسة لندوة ايقاعات المكان، في ثنايا الادب عصفا ذهنيا.
واشادت الورقة براعية الندوة الاميرة سميه الحسن، اذ قال الشاعر صاحب الورقة ايمن الرواشده، أنفاسٌ تشابه فوحَ الياسمين..
وحكايا من جُعبة المجد..
وخمائل تمتدُّ من الجدِّ الذي أُطفِئتْ ليلةَ مولده نيرانُ المجوس إلى الجدِّ الشهيد..
من هنالك حيث الشُّرُفات مفتوحةٌ على القدس إلى هضاب الجنوب وبَضْعةِ روحهِ اليافعة..
وما بينهما جاءت رسالة صاحبة السمو أنموذجاً للكلمات التي لا تشيخ..
كجَونَة عطّارٍ في رحاب مجلس الأدباء والمفكرين..
الافتتاحية الهاشمية والملتقى الطيب والأنفاس التي تُذكيه توليفةٌ زادت المكان شرفاً والزمان ألقا..
وهي أولى إطلالات شرف المكان على المكان ..
الشاعر بكر المزايده، الذي يدير الحوارات والتعليقات، قال ان الورقة تضمنت تصنيفا للامكنة، اذ لم يكن المكان في أشعار العرب قديمهم وحديثم إلا استجابةً لواحدةٍ من ثلاث بؤرٍ جغرافية : المكان الانتمائي، وهو الذي يتغزل به الشاعر لكونه مسقط رأسه وملعب صباه ومهد ترعرعه ونشأته..
وجاء في الورقة ان المكان الوجداني ذلك الذي يرتبط بالمحبوبة ويتغير بتغير مكان سكانها وتنقلها فيتتبع الشاعر كل مكان نزلته المحبوبة فيطيل فيه مدحاً ولثماً ووقوفاً ..
والمكان الجغرافي ذلك الذي يحدّهُ ويؤثرُ في حياته عملاً ومبادئاً ،فيتشرّب عاداته ويحذو حذو أهله..
ولفت الشاعر الرواشدة ان ليس أدل على المكان بجمالياته وروائعه مما ورد على لسان مصطفى وهبي التل ( عرار )..
حيث عجَّ ديوانه بالمكان الوجداني والجغرافي والانتمائي
حتى أن ديوانه حمل اسم المكان ( عشيات وادي اليابس )
وظهر فيه المكان بكل تفاصيله الجميلة فمن شيحان وجلعاد ورم وماحص والثنية والسلط وعمان إلى المكان الوجداني في قصائده ( قدود مأدبية ، وعيون عجرمية ، وظبيات وادي السير ، وغزلان السلط ، وظباء وادي الشتا )..
والمكان كما قال الرواشده، ألصق ما يكون بقلب الشاعر لأنه يحمل هويته وعشقه وانتمائه وفلسفة حياته...
وقف عليه امرئ القيس :
قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ
بسقط اللوى بين الدخولِ فحوملِ.
ووقف عليه عرار :
ألا ليت الوقوفَ بوادي السيرِ إجباري
وليتَ جارَكَ يا وادي الشتا جاري..
والتزمه المجنون :
ولقد أمرُّ على الديارِ ديارِ ليلى
أقبّلُ ذا الجدارَ وذا الجدارا
وما حبُّ الديارِ شغفنَ قلبي
ولكن حبُّ من سكنَ الديارا..
وتغزل به حيدر محمود..
أرخت عمان جدائلها فوق الكتفين
فاهتزَّ المجدُ وقبّلها بين العينين..
ويظل المكان يحمل شغف الشاعر وهويته ولسان إبداعه..
وليس أدلَّ على ذلك من قولهم : ( الشعر ديوان العرب )..
يحفظ المكانَ والزمان ويعيد للتاريخ مجدَه وزهوه..
.
وفي تجواله في الورقة استنتج الكاتب د. غازي المرايات ان ما فعله الشاعر الرواشده هو استنطاق رائع للأمكنه على ألسنة الشعراء المبدعين.. وقال فعلا الشعر ديوان العرب..
واما اديبنا الرائع، احمد الحليسي، فقال ان للمكان وجفرافيته تأثير كبير على نفسية الشاعر وإنتاجه ونفسية الأديب وعمله الأدبي
وعدها الاديب مدير الثقافة في الطفيلة د. سالم الفقير، وررقة بحثية جميلة من شاعر يدرك أهمية المكان، ولا سيما أنه من الشعراء الذين تغنوا بالمكان، ويدركون رمزيته...
واضاف انها قراءة موجزة تنم عن رؤية ثاقبة للمكان.
واعتبرها الباحث محمد النعانعه. سانحة للفرح ان كانت اجمل اللحظات هذه التي تمر ونحن نقرأ تسامر وعذب القصائد وجميل الاستنطاق لقلوب محبيكم وعيونهم وانتم تقرأوون في عيون عشاق كلماتكم ردة افعالهم كيف لا وانتم تحركون الاحاسيس والمشاعر المكانية بعفوية المحب وصدق التعبير وجمال النص
ووصف الورقة بالمميزة، وقال ان ربطكم الماضي بالحاضر مكانيا وزمانيا والذي هو استجابة لاحد مقاصد الشعر(الانتمائي، اوالوجداني، اوالجغرافي
ولفت الاكاديمي الشاعر د. صقر الصقور، الى ان الاديب الشاعر ايمن الرواشدة صاغ علاقة الادب بالمكان .. والشعر بالاطلال .. فجاءت كلماته موجزة محكمة .. وامثلتها يسيرة .. الا انها كانت جامعة مانعة ..
ووصف انحاز الورقة، الاديب هاني البداينه، بالتميز وقال ان الشاعر الرواشدد أجمل في ورقة العمل الرائقة، تفاصيل العلاقة الأزلية بين المكان والنص، وقدمت أمثلة ناضجة لذلك، لكن الأميز في ذلك، هي لغة الشعر الجميلة التي دوما تغلف بها مداخلاتك، فتخرج، حسناء بديعة، وما ذاك سوى من شأن الشاعر المرهف فيك وشأن شخصك الخَلُوق الدَمِث السَمِح الكَيِّس اللَبِق.
ولفت الشاعر محمد العجارمه الى الورقة وقال انها نقطة جميلة تتأنق بتصنيف المكان وتقسيمه في النص الأدبي الى المكان الجغرافي والوجداني وهو الأعمق والأكثر قربا ورقة جديرة بالألق والأهمية كيف لا وصاحبها شاعر لا ينطق الا بكل أنيق ومهم
واعتبرها الشاعر الجنوبي، عدنان السعودي، جهد رائع للشاعر الرواشدة يستحق القراءة والإشادة ...
وفي تعليق الشاعر مشرف الورقة، بكر المزايده، قال انها كلمات طيبة كشجرةٍ طيبةٍ وفرعها في السماء شقّتْ جيوب الصخرِ فانبجستْ منه عيون اللطافة والتمكّن من شخصكم الفذ في رسم لوحة خلابة احتوت في إطارها نسيجا طُرّزَ فيها الإيقاع المكاني بأبهى صوره.
واشار الى ما تضمنته الورقة وقال لقد استهللتَ البدء بالوقوف على الأطلال. فوقفت على أطلال الوطن وأسريتَ بنا الى شرفات القدس وعطرتنا من ياسمين الشهداء وممدتَ جسرا من المحبة بينها وبين الجنوبْ واختزلتَ المسافات بين الأمكنة.
فقد كان توظيفك للمكان في هذه الورقة ماتعا ومختصراً، وتفصيله من حيث الإنتماء والجغرافيا والوجداني من أهم
الجذوع الراسخة الدالة على علاقة المكان بالأدب والشعر
وضربت لما أمثلةً رائعة ولم تنسى أجملها وأفضلها.
ويعتقدُ جازماً مما سبق ومما كَتبَ الأخوة ُ الزملاء في هذا الملتقى البهي عن المكان وما أوردوا من تعليقات وآراء
و تحليلات وقراءات بأن المكان في الأدب والشعر تحديداً يتجلى لنا عمق التداخل بين الميثولوجيا والأدب الذي يحاكي
الاساطير والخيال.
فكل الشكر والتقدير على هذه اللوحة الجميلة ووصفه الشاعر د. عاطف العيايده بصاحب التجليات. لما يتحف دائما من رؤى ابداعية ساحرة، وخاطبه قائلا "رتقت ما انفل من عقد الكلام، ووازنت بين أطراف المعادلة، وسجلت حضورا نقديا من فيض كلماتك الوضاءة" .
وتتغنى الاديبة د. حنان الخريسات، بالورقة وتويدها وتقول فعلا الشعر ديوان العرب يحفظ المكان والزمان ويعيد للتاريخ مجده وزهوه وابجديات العلاقة ليرسمها كل من يرغب العودة الى التاريخ والأدب ...
ويعتقد النقابي الاديب المهندس علي المصري، ان الشاعر الرواشدة واستدلال جميل وموفق بأهمية المكان عند جهابذة الشعراء ما جعل كتاباتك غاية الروعة والجمال
قال "نعم صدقت" إنَّ المكان في الأدب يتجاوز كونه مجرد شيء صامت أو خلفية تقع عليها أحداث النص المكتوب، فهو كما تراه المثقفة عروبه الشمايله. عنصرا يمثل محورا أساسيا
لذا فهي ترى إنّ العمل الأدبي حين يفتقد المكانية, فهو يفقد خصوصيته وبالتالي أصالته وإبداعه.
وقال شاعر الطفيلة المحامي محمد الشروش، ان الشاعرَ الرواشده الأنيق المتألّقَ في كلِّ محفَلٍ وكلِّ لقاءٍ وكلّ إطلالةٍ في الشّعرِ والنّثرِ وكلّ صنوفِ الأدبِ .
أبدع وتفرّد مع هذه اللّغةِ الشّعريّة الرائعةِ ، ومع التحليلِ الأدبيِّ المنطقي الشّاملِ الجامعِ المانعِ الماتعِ
ويعتقد الشاعر والتربوي، د. هشام القواسمه، ان عرار يبدو انه من أهم شعراء القرن العشرين الذين اهتموا بالمكان فكان علامة فارقة في شعره.. حتى أنه أضفى عليه قداسة.. فأقسم به قسما بماحص والفحيص وبالطفيلة والثنية.
ورفض الجنة لأنه أراد أن يكون خازن الجنة أردنيا فقال:
يقول عبود جنات النعيم على
أبوابها حارس يدعون رضوانا
من ماء راحوب لم يشرب وليس له
ربع بجلعاد أو حي بشيحانا
ولا تفيأ في عجلون وارفة
ولا حدا بهضاب السلط قطعانا
ولا أصاخ إلى أطيارنا سحراً
بالغور تملأه شدواً وألحانا
ولا بوادي الشتا تامته جؤذرة
ولا رعى بسهول الحصن غزلانا
ولا تأردنه يوماً بمحتمل
ولا لتقديسه الأردن إمكانا
وكتب التربوي صالح الحجاج تعليقا قال فيه. ان مقدمة الورقة كانت راقية وسريعة وأجمل شيء فيها انك متفائل في ذكر الياسمين بلونه ورائحته والتغني في مجد الإسلام ومقارعة المجوس ويظهر التغني في الأماكن الرمز فذكرت القدس وهضاب الجنوب.
ان الأدب ارتبط بالمكان منذ العهد الجاهلي ولا اجمل عندما اتسع لديك خيال الشاعر فذكرت انواع للاماكن وتالقت في ربط هذه الانواع كل بشيء معين.
وقال انه عرض الموضوع بصورة جميلة ورائعة ومعبره وكان الطرح حسب الأهمية من وجهة نظرك لا حسب التسلسل التاريخي فذكرت عرار قبل أن تذكر امرؤ القيس ، وما أجمل الأمثلة الشعرية والاماكن التي ذكرتها