المسيحية الصهيونية .. .لِماذا لا نَفهم ؟

{title}
راصد الإخباري -


يبقى السؤال حاضرًا: لماذا تقدم الولايات المتحدة دعمًا غير محدود لإسرائيل ؟ حتى وهي ترتكب جرائم إبادة في غزة !! التفسير لا يقف عند حدود المصالح السياسية واللوبيات ، بل يمتد إلى بُعد ديني–عقائدي يعرف باسم المسيحية الصهيونية .
هذا التيار وُلد داخل الطوائف الإنجيلية البروتستانتية ، ويؤمن أن عودة المسيح في آخر الزمان مشروطة بعودة اليهود إلى "أرض الميعاد" وإقامة دولة إسرائيل ، وبذلك يصبح المشروع الصهيوني واجبًا دينيًا، لا مجرد قضية سياسية .

ورغم العداء التاريخي بين اليهودية والمسيحية حول شخصية المسيح !! حيث ينكر اليهود أن يكون عيسى هو المسيح المنتظر أو أنهُ قَد وُلِدَ حتّى ، بينما يجعله المسيحيون محور عقيدتهم ، إلّا أنّ مصالح الطرفين قَدْ التقت : اليهود ينتظرون "مسيحهم القومي" ألذي لَمْ يولد بَعد ، والمسيحيون الصهاينة ينتظرون المجيء الثاني لعيسى عليه السلام ونقطة الالتقاء كانت فلسطين وإقامة دولة إسرائيل وتهيئة المسرح لقدوم المسيح عيسى .

لذلك يقال "مسيحية صهيونية" وليس "مسيحية يهودية"، فالمسألة ليست اندماجًا دينيًا، بل تبنٍ مسيحي لمشروع صهيوني سياسي .

هذا التيار اكتسب قوة في الولايات المتحدة ، حيث شكّل قاعدة انتخابية ضاغطة ، رؤساء مثل رونالد ريغان و دونالد ترامب ترجموا هذه الرؤية عمليًا : ريغان فتح الأبواب لزعماء الإنجيل وترامب نقل السفارة إلى القدس ووقّع "اتفاقيات إبراهيم"، ونائبه مايك بنس كان صوتًا صريحًا للمسيحية الصهيونية داخل الإدارة .

من هنا نفهم الموقف الأمريكي : دعم إسرائيل ليس فقط صفقة مصالح بل رؤية لاهوتية ترى أن قيام دولة فلسطينية حقيقية يتناقض مع "الخطة الإلهية" ، لذلك يبقى حل الدولتين شعارًا أكثر منه مشروعًا قابلاً للتحقق .

الإسلام بدوره يرفض هذا التوظيف للدين، ويؤكد أن عودة عيسى عليه السلام ستكون لإقامة العدل وإنصاف المظلومين ، لا لتكريس الاحتلال والظلم .

إن المسيحية الصهيونية تمثل إذن البعد المسكوت عنه في الانحياز الأمريكي لإسرائيل ، وتجعل من الصراع على فلسطين قضية عقيدة وليست قضية أرض وحقوق . 

فمتى سيفهم ألعرب هذهِ الحقيقة ؟ ومتى سَيَكفّ بعض البسطاء عَنْ طرح السؤال : لماذا تدعم أمريكا إسرائيل ؟ ولماذا هذا الانحياز ؟ متى سنفهم ؟ . 

          المحامي فضيل العبادي